«صالحي» يكشف تفاصيل جديدة عن التفاوض السري بين طهران وواشنطن في سلطنة عمان

الأربعاء 30 ديسمبر 2015 08:12 ص

وفقا لما تم الكشف عنه في وقت سابق، فقد بدأت المفاوضات الأمريكية الإيرانية حول البرنامج النووي في عامي 2011 و 2012، عندما شارك «بونيت تالوار»، مدير مجلس الأمن القومي لشئون منطقة الخليج في ذلك الوقت، و«جيك سوليفان»، نائب وزيرة الخارجية الأمريكية «هيلاري كلينتون»، في المستوى الأدنى، من اجتماعات «تحضيرية» مع الإيرانيين، بتسهيل من العمانيين. وفي وقت لاحق، عقدت مثل هذه المحادثات بشكل أرفع في مارس/أذار 2013، قبل ثلاثة أشهر من انتخاب الرئيس الإيراني «حسن روحاني» في يونيو/ حزيران.

في مقاله بصحيفة «المونيتور»، يشير «محمد على شعباني» إلى مقتطفات مما نشرته مجلة السياسة الخارجية الإيرانية «ديبلومات» حول نص مقابلة امتدت لمدة ثلاث ساعات مع «علي أكبر صالحي»، الذي شغل منصب وزير الخارجية الإيراني في الفترة من ديسمبر/كانون الأول 2010 حتى أغسطس/آب 2013. وتجدر الإشارة أن «صالحي» يحمل حاليا لقب نائب الرئيس ويرأس مؤسسة الطاقة الذرية. وقد لعب تعلمه للفيزياء النووية دورا رئيسيا في تأمين الاتفاق على الخطة الشاملة المشتركة في 14 يوليو/تموز فيما يتعلق بالمسار التقني مع نظيره الأمريكي «إرنست مونيز».

ووفقا لـ«صالحي»، فقد أدركت إيران بوضوح الرغبة الأمريكية للتواصل الثنائي مع أواخر صيف عام 2011. وقال إن «حسن قشقاوي»، نائب وزير الخارجية للشؤون القنصلية والبرلمانية حاليا، وهو المسؤول عن متابعة حالات الإيرانيين المسجونين في الخارج، قام بزيارة إلى «سلطنة عمان» مشيرا بالتحديد إلى حالة السفير الإيراني السابق «نصرت الله طاجيك»، الذي كان قد اعتقل في بريطانيا في عام 2006. وأشار «صالحي»، «أنه من خلال الدعم والتعاون من حكومة سلطنة عمان، وخصوصا السلطان، فقد كنا قادرين على تحرير هؤلاء السجناء». وذكر أيضا أن الإفراج عن اثنين من السياح الأمريكيين، الذين اعتقلوا في إيران في عام 2009 قد تم عن طريق الوساطة العمانية، في 21 سبتمبر/أيلول 2011.

وفي هذا السياق، نقلت «المونيتور» عن «صالحي»، «إن شخصا عمانيا عرف نفسه باسم السيد سالم قال لأحد أعضاء وفد قشقاوي بأن الأمريكيين يرغبون في إجراء مفاوضات ثنائية بشأن القضية النووية. وقد أعد هذا المدير مذكرة لي بالنسبة لهذا الشأن». لكن «السيد سالم»، الذي وصفته مجلة الدبلوماسي بأنه مستشار لسلطان عمان «قابوس بن سعيد»، كان قد نقل الاقتراح شفويا. وأضاف «صالحي»: «كانت السيدة كلينتون وزيرة للخارجية وكان السيد كيري رئيس لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ، ولكن في ذلك الوقت، وكان ذلك في نهاية فترة ولاية السيد «أوباما» الأولى، ونحن لم نأخذ هذه الرسالة على محمل الجد». قائلا إنه «من غير الواضح ما إذا كانت الرسالة جاءت من البيت الأبيض أو وزارة الخارجية».

وقال «صالحي»: «العمانيون قالوا أن الرسالة قد جاءت من الأمريكين». مؤكدا: «نحن لم نأخذ الرسالة على محمل الجد». أحد أسباب ذلك أن المفاوضات مع الأمريكيين في ذلك الوقت لم تكن فعلا معقولا. وأوضح كذلك بالقول: «نحن الإيرانيين لم نكن نعرف من بيننا يمكن أن يذهب للتفاوض مع الولايات المتحدة، كما لم نكن نعرف ما إذا كانت الرسالة قد جاءت حقا من حكومة الولايات المتحدة أو ما إذا كانت محاولة من العمانيين أو ما إذا كان الشخص العماني، السيد سالم، هو من جاء بالرسالة من تلقاء نفسه».

في تطور آخر، أشار «صالحي» إلى دور لعبه مسؤول إيراني كبير في الأعمال في المساعدة على إنشاء القناة مرة أخرى. «في وقت لاحق بعد بضعة أسابيع، كان السيد محمد الصوري، العضو المنتدب لشركة الناقلات الإيرانية الوطنية في ذلك الوقت، قد سافر بين إيران وسلطنة عمان لاتفاق التجارة. في ذلك الوقت، حصل اتصال بين السيد سالم والسيد سوري وقال أن الأمريكيين مهتمين، فلماذا لا تستجيب إيران. نقل السيد سوري أن السيد سالم أعلن أنه إذا كنا على استعداد، فإن عمان على استعداد لتكون الوسيط في هذا التواصل». وأكد «صالحي» أنه في هذه اللحظة، فقد أيقنت إيران أن مسألة الطلب الأمريكي جادة فعلا.

ويضيف «صالحي» أنه قد قام في أعقاب ذلك بتعيين أربعة شروط لهذه العملية. كان الأول هو الاعتراف بحق إيران في تخصيب اليورانيوم، في حين أن المطالب الثلاثة الأخرى مثلت خطوات لرفع العقوبات وغيرها من الأمور على هذا المنوال، وتتصل جميعها بالقضية النووية. كما أكد الإيرانيون أنهم يريدون من الولايات المتحدة الاستعداد للتعبير رسميا عن الأمر، وليس في شكل ملاحظات سرية شفوية أو مكتوبة.

ووفقا لـ«صالحي»، فإنه بعد أن طلب المزيد حول الاقتراح الأمريكي، فقد كتب سلطان عمان رسالة موجهة إلى المرشد الأعلى «آية الله علي خامنئي» أكد خلالها على رغبة الأمريكيين في الدخول في حوار جاد. ويؤكد «صالحي» أنه بعد معرفته بهذا الأمر فقد اتصل مكتب المرشد الأعلى، للتأكد من حقيقة الرسالة التي لم يخبر بها أحد حتى ذلك التوقيت بمن في ذلك الرئيس الإيراني آنذاك «محمود أحمدي نجاد».

إقناع «خامنئي»

ويؤكد «صالحي»، وفقا للمونيتور، أنه «في ذلك الوقت، لم يكن قد أعطي تفويض للتفاوض مع الأمريكيين إلا ضمن إطار مجموعة 5+1 والتي تضمنت وجود ممثل للولايات المتحدة، ، ولكن ليس في إطار ثنائي».

ومع ذلك، فقد أشار إلى أن سبق حدوث تواصل مباشر حول مسألة إقليمية واحدة في عام 2007 حين طلب المسؤولون العراقيون من إيران التفاوض مع الأمريكيين، ما تطلب منح تصريح خاص من «خامنئي» للسفير الإيراني في بغداد الذي خاض مفاوضات لم تسفر عن شيء في النهاية.

ويتحدث «صالحي» عن سعيه لإقناع المرشد الأعلى بأن يأذن في فتح قناة مباشرة مع الأمريكيين قائلا: «قلت للزعيم الاعلى، بالنظر إلى أنه لعدة سنوات، كنا نتفاوض من خلال إطار مجموعة 5+1 وفي واقع الأمر فإننا لم نتوصل إلى نتيجة»، منوها إلى أن عمان قد أعلنت أيضا عن استعدادها للتوسط، وقد أظهرت التجارب أن عمان هي وسيط جدير بالثقة. وردا على ذلك فقد أكد المرشد الأعلى أن خبرات الماضي مع الأمريكيين تشير إلى أن الولايات المتحدة ليست جديرة بالثقة.

ويشير «صالحي» أنه عند هذه النقطة فقد جادل «خامنئي» بالقول: «إذا توصلنا إلى استنتاج، أنه ثمة لا شيء، فإننا سوف لن نخسر شيئا وسنعرف أننا اتخذنا جميع التدابير اللازمة لحل الأمور سلميا. كما سيعرف العالم أيضا أن إيران كانت مستعدة للمفاوضات، وأن الأمريكيين هم الذين رفضوا». وبعد هذا الخط من التفكير، أجاب «خامنئي» بأنه لا يعارض المفاوضات الثنائية مع الأمريكيين، ولكنه مع هذا لم يفضل منح تفويض مطلق.

وفقا لـ«صالحي» فإن المرشد الأعلى قد وضع أربعة شروط للتعامل المباشر مع الولايات المتحدة: «أولا، أن المفاوضات ينبغي أن تعقد على مستوى أدنى من وزراء الخارجية وأن وزراء خارجية البلدين يجب أن لا يجتمعا. أيضا، لا ينبغي للمفاوضات أن تعقد من أجل المفاوضات، وكما يجب أن تكون المفاوضات تتركز فقط حول القضية النووية. وأما النقطة الرابعة فقد كانت تتعلق بطريقة إدارة هذه المفاوضات.

ويشير «صالحي» إلى أن نائب وزير الخارجية الإيراني وقتها «علي أصغر خاجي»، هو من ترأس الوفد الإيراني الذي سافر إلى عمان. وقد شمل الوفد أيضا «رضا زبيب»، الذي يشغل حاليا منصب سفير قبرص، وغيرهم.

ونقل «صالحي» أنه خلال الاجتماع الأول مع الأمريكيين، فإن الجانب الأمريكي لم يقتنع كثيرا بجدية الطرف الإيراني. وقد عقد الاجتماع الأول في 7 يوليو/تموز 2012 ا في عمان. ووفقا لهذا الجدول الزمني، فإن المرشد الأعلى الإيراني قد أذن رسميا في محادثات ثنائية مع الولايات المتحدة في أوائل عام 2012، أي قبل نحو 18 شهرا من انتخاب «روحاني».

 

  كلمات مفتاحية

إيران الولايات المتحدة الاتفاق النووي خامنئي مفاوضات سرية

«صالحي»: إيران ستفي بالجدول الزمني لـ«روحاني» بشأن إنهاء العقوبات

«شفرة دافنشي» العمانية: دور الوسيط الإقليمي الصاعد

«بيزنس إنسايدر»: واشنطن اختارت «الوهم» و«خامنئي» اختار «البنادق»

«بوليتيكو»: «خامنئي» أكثر المتشبثين بالاتفاق النووي رغم تصريحاته المتشددة

«أوباما»: عقوبات إيران ستخفف حتى لو رفضنا الاتفاق النووي

إيران تنفي إطلاق صواريخ قرب حاملة طائرات أمريكية في الخليج

إيران تعلق مفاوضات الاتفاق النووي لحين إلغاء عقوباتها