طموحات وتحديات أمام القمة العربية المقبلة في الجزائر

الجمعة 28 أكتوبر 2022 07:18 ص

من المقرر انطلاق القمة الـ31 لجامعة الدول العربية في الجزائر في أوائل نوفمبر/تشرين الثاني.

وبالطبع تتصدر أجندة القمة قضايا تتعلق بالمصالحة بين عدد من الدول العربية وتوحيدها في مواجهة التهديدات الخارجية، إلا أن وسائل الإعلام العربية وحتى السياسيين العرب يقولون أنه لا يمكن توقع أي اختراقات من القمة، حيث خسرت جامعة الدول العربية في السنوات الأخيرة النفوذ الذي كان لديها من قبل.

وأرادت الحكومة الجزائرية أن تجري القمة في ذكرى اندلاع الثورة الجزائرية عام 1954، والتي أدت إلى استقلال الجزائر عن فرنسا في يوليو/تموز 1962.

وتأتي القمة في ظل توتر علاقات الجزائر مع بعض الدول العربية، وخلافات حول اختيار سياسة وإقليمية مشتركة، وصدام مصالح في ليبيا وفي قضايا أخرى في شمال وشرق إفريقيا، بما في ذلك الوضع في الصحراء الغربية والموقف بشأن سد النهضة الإثيوبي.

وتعد سوريا قضية صعبة أخرى بالنظر إلى تصميم الجزائر على إعادة ضمها إلى جامعة الدول العربية بعد طردها عام 2011 على خلفية العنف المروع الذي مارسه "بشار الأسد" ضد شعبه.

قمة تحيطها ظروف مختلفة

يختلف العالم الآن عما كان عليه في عام 2019 عندما عقدت القمة العربية الأخيرة. ولا يعود ذلك فقط لجائحة "كوفيد-19"، وإنما أيضًا لمجموعة من الأحداث العربية والشرق أوسطية والدولية الأخرى، التي غيرت السياق العام الذي ستجري فيه قمة الجزائر.

ومن المتوقع أن تؤثر 3 تطورات دولية رئيسية على المناقشات في القمة العربية.

الأول، وفق الترتيب الزمني، هو تغير الإدارة في الولايات المتحدة؛ فبعد 4 سنوات من السياسة الخارجية الانعزالية التي تبناها الرئيس الأمريكي السابق "دونالد ترامب"، عاد الرئيس الأمريكي الحالي "جو بايدن" إلى سياسة خارجية أمريكية تدخلية تقوم على تشكيل تحالفات عسكرية جديدة مع تعزيز تلك القائمة مثل الناتو.

أما الحدث الرئيسي الثاني، فهو الحرب في أوكرانيا التي دخلت شهرها التاسع دون مؤشرات على نهاية قريبة. فيما يتعلق الحدث الثالث بالتوترات الأمريكية الصينية المتصاعدة بشأن عدة قضايا على رأسها تايوان.

وكان لهذه الأحداث الثلاثة تأثيرات مباشرة ومستمرة على العالم العربي، ومن الواضح أنها لم تكن في صالح المنطقة العربية عموما حيث تسببت في تهديدات بشأن الأمن الغذائي وارتفاع أسعار الطاقة الذي يؤثر على الدول العربية غير المنتجة للنفط مثل مصر والأردن وتونس والمغرب وبعض الدول الأخرى.

تحول ديناميكيات العلاقات

من منظور إقليمي، كانت هناك أيضًا تغييرات أساسية في علاقات البلاد العربية مع إسرائيل وتركيا وإيران، والتي ستؤثر بلا شك على عمل ونتائج القمة العربية.

وعلى سبيل المثال، أدت دبلوماسية "ترامب" إلى توقيع إسرائيل على ما يسمى بـ"اتفاقيات أبراهام" مع 4 دول عربية في النصف الثاني من عام 2020.

وتحدثت إدارة "ترامب" عن عملية التطبيع العربي الإسرائيلي باعتبارها منفصلة عن القضية الفلسطينية.

وفي حين أن إدارة "بايدن" دعت إلى حل الدولتين منذ اليوم الأول، إلا أنها امتنعت عن استخدام نفوذها على الإسرائيليين لاستئناف محادثات السلام المتوقفة مع الفلسطينيين.

وبينما انسحب "ترامب" في مايو/أيار 2018 من الاتفاق النووي مع إيران واتبع استراتيجية "أقصى ضغط"، عملت إدارة "بايدن" بجد للانضمام إلى الاتفاقية النووية.

وأثار ذلك قلق دول الخليج - خاصة السعودية - بشأن لمليارات الدولارات التي ستتدفق إلى إيران مع استئناف مبيعات النفط. فهل ستنفق طهران الأموال على تطوير الاقتصاد الإيراني، أم على تمويل الشبكات التابعة لها في العالم العربي؟ وإذا تحقق الاحتمال الآخر، فكيف سترد الولايات المتحدة وتكون قادرة على الاصطفاف إلى جانب السعوديين؟

وستكون تركيا موضوعا للنقاش في القمة في الوقت الذي يرى فيه العديد من العرب تطورات إيجابية في العلاقات التركية العربية مع إعادة تموضع السياسة التركية تجاه العالم العربي.

لكن ربما تكون هناك معارضة سعودية وخليجية مجددا لتركيا بالنظر إلى سياسة "أردوغان" التصالحية مع إيران.

وتأتي قمة الجزائر أيضًا بعد إنهاء حصار قطر من قبل مصر والسعودية والإمارات والبحرين واستئناف العلاقات الدبلوماسية بين هذه الدول. وتجلى أحد أكثر النتائج الإيجابية لهذه المصالحة في الزيارات الرسمية المتبادلة بين قادة مصر وقطر.

من الواضح أن هذه المصالحة سيكون لها تأثير إيجابي على نقاشات القمة العربية من الناحية السياسية والاقتصادية. وفي الوقت نفسه، يأخذ العرب في اعتبارهم احتياطيات الغاز الضخمة في قطر وقدرتها على تصدير الغاز إلى الدول العربية.

قضايا على أجندة القمة

بالإضافة إلى ذلك، سيتم إيلاء اهتمام خاص للوضع في لبنان والعراق وليبيا والسودان وتونس، مع اهتمام العالم العربي بمساعدة هذه الدول على إدارة أزماتها.

وستكون الأزمة المالية واحدة من الموضوعات الرئيسية للقمة، وستوفر هذه القمة لولي العهد السعودي "محمد بن سلمان" فرصة ممتازة لتعزيز وتوسيع نفوذه في جامعة الدول العربية وجميع أنحاء العالم العربي.

أما بالنسبة للوضع في ليبيا، فمن المتوقع أن يدعو الزعماء العرب الفصائل السياسية الليبية إلى حل الأزمة المستمرة في بلادهم من خلال إجراء انتخابات حرة ونزيهة. ويحذر الخبراء من أن هذا يجب أن يحدث في أقرب وقت لمنع ليبيا من العودة إلى دوامة العنف التي مزقت البلاد قبل 3 سنوات.

ويجب أن تظهر القمة أن العالم العربي متحد ويسعى لحلول حقيقية للمشاكل التي يعاني منها، ويتطلب ذلك أن يتحدث الزعماء العرب بصوت واحد. فهل يحدث ذلك، أم تستمر الخلافات العلنية؟ هذا ما ستكشف عنه الأيام المقبلة.

المصدر | فيكتور ميخين/ نيو إيسترن أوتلوك - ترجمة وتحرير الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

القمة العربية جامعة الدول العربية الجزائر سوريا الصحراء الغربية حرب أوكرانيا اتفاقيات أبراهام

رسميا.. الرئيس الجزائري يدعو العاهل المغربي لحضور القمة العربية

قمة الجزائر.. المحطة الـ49 عربيا والـ31 على مستوى القادة في 76 عاما

فلسطين وتدخلات إيران تتصدران أجندة القمة العربية بالجزائر

 وزير خارجية الجزائر: المنطقة العربية تحولت لساحة صراع بين قوى أجنبية

توافق عربي خلال اجتماع وزراء الخارجية قبل قمة الجزائر

الغذاء وفلسطين وليبيا ولم الشمل.. هل تنجح قمة الجزائر بعمل شئ؟