اغتيال نتنياهو.. الآثار الجانبية لصعود اليمين

الضغوط الأمريكية والإقليمية بدأت قبل إطلاق نتنياهومفاوضاته مع الحريديم.

تحالف موسع للحد من تأثير اليمين الديني مثل شاس ويهوديت هتوارة، والكهانين وسموتريتش وبن غفير لمنع عزل الكيان وتنامي العداء له بأمريكا وأوروبا.

يواجه نتنياهو ضغوطاً خارجية لا تقل عن الداخلية، ما يجعل تشكيل حكومة مستحيلا دون خسائر جانبية تصل حد اغتيال سياسي يطاله شخصيا أو حلفاءه المرتقبين.

ضغوط خارجية لتشكيل حكومة موسعة تضم غانتس زعيم "المعسكر الرسمي" لأن "حكومة ضيقة مع بن غفير وسموتريتش تهدد العلاقات بين الولايات المتحدة وإسرائيل".

*   *   *

سارع نتنياهو منذ اللحظات الاولى لإعلان النتائج الاولية لانتخابات الكنيست، إلى التواصل مع زعماء الحريديم في حزبي يهوديت هتوراة المتدينين الغربيين الذي حاز على سبعة مقاعد، وحزب شاس للمتدينين الشرقيين الذي حاز على 11 مقعداً، أملا في تحسين شروطه التفاوضية مع كل من بتسلئيل سموتريتش زعيم حزب الصهيونية الدينية، وايتماربن غفير زعيم حزب قوة اليهود، المتحالفين في قائمة حازت 14 مقعداً.

إطلاق المفاوضات في وقت مبكر، ومطالبة الحريديم بإسقاط قانون الكوشير (الطعام اليهودي) في المستشفيات، وعدد من الضرائب التي تمس مجتمعهم، وسط هتافات تهاجم وزير المالية الأسبق افيغدور ليبرمان العدو اللدود للحريديم؛ ذهب إلى حد مطالبتهم بوزارة المالية و(الدفاع)؛ ليسارع قادة حزب الليكود للتأكيد على أن حزبهم لن يتخلى عن وزارتي المالية والدفاع التي عادة ما يتولاها بنيامين نتنياهو.

محاولات نتنياهو لهندسة الحكومة بالتعاون مع الحريديم، وعقد المساومات المبكرة؛ جاءت لمواجهة تحالف سموتريتش وبن غفير الذي طالب بدوره بوزارة الأمن الداخلي، التي ستمكنه من رسم ملامح الاستراتيجية الامنية في الضفة الغربية وأراضي الـ48، بما ينسجم و مخططاته في القدس والمستوطنات، الأمر الذي دفع مسؤولين في الخارجية الأمريكية لإعلان رفضهم التعاون مع الوزارة في حال تولي بن غفير مقعدها، في حين حذر وزير الخارجية الاماراتي عبدالله بن زايد، زعيم حزب الليكود نتنياهو في وقت سابق من الشهر الماضي، من تولي بن غفير للمناصب الوزارية، وتأثير ذلك على العلاقة مع بلاده.

الضغوط الأمريكية والإقليمية بدأت في وقت أبكر بكثير من إطلاق نتنياهو لمفاوضاته مع الحريديم، فمعهد واشنطن لدراسات الشرق الأدنى قدم تقديراً كشف عنه الباحث في المعهد (ديفيد ماكوفسكي) بتشكيل حكومة موسعة بالاستعانة ببيني غانتس زعيم ما يسمى بـ(المعسكر الوطني)، وهو توجه عاد وأكد عليه دينس روس - المبعوث الامريكي الخاص في عهد الرئيس الاسبق باراك أوباما - بعيد الإعلان عن نتائج الكنيست بساعات في مقال تحليلي شارك فيه (ديفيد ماكوفسكي) على موقع المعهد بعنوان (حكومة ضيقة مع بن غفير وسموتريتش تهدد العلاقات بين الولايات المتحدة وإسرائيل)، تحالف يراد منه الحد من تأثير اليمين المتدين ممثلاً بشاس ويهودوت هتوارة، والكهانين ممثلين بسموتريتش وبن غفير، ومنع عزل الكيان وتنامي العداء له في أمريكا وأوروبا.

نتنياهو بهذا المعنى يواجه ضغوطاً خارجية لا تقل ثقلا وأهمية عن الضغوط الداخلية، ما يجعل من هندسة الحكومة عملية شبه مستحيلة، دون خسائر جانبية قد تصل الى حد إنعاش ظاهرة الاغتيال السياسي التي قد تطال شخصه أو حلفاءه المرتقبين في الائتلاف الحاكم، وعلى رأسهم (بيني غانتس، ووزير الأركان الاسبق غادي ازيكنوت، وخصمه في الليكود غدغون ساعر)، بل ومنصور عباس رئيس القائمة الموحدة؛ في حال انضمامه لحكومة فضفاضة جداً.

أسماء مرشحة إلى جانب بن غفير وسموتريتش لعمليات اغتيال سياسية متبادلة داخل الساحة الاسرائيلية الفاقدة للانسجام والتجانس، فإقصاء نتنياهو لسموترتيش وبن غفير من حكومته سيرفع من مستوى التوتر والعنف السياسي، ويزيد من عنف المستوطنين فيما بينهم، فضلا عن انتهاكاتهم وجرائمهم ضد الفلسطينيين؛ توتر سرعان ما سيعبّر عن نفسه بمزيد من الانقسام والعنف السياسي بإنعاش الاغتيالات السياسية المتبادلة في صفوف النخبة السياسية الاسرائيلية المتصارعة، مذكّراً بحادثة اغتيال مائير كاهانا في نيويورك، وإسحاق رابين في (تل أبيب)؛ سيناريو بات متوقعا إلى حد كبير، تؤكده عمليات البناء وإعادة الهدم المتوقعة للحكومة خلال الأشهر المقبلة، في ديناميكية متكررة ومتوقعة لحكومة نتنياهو؛ المصنف أقصى يسار يمين بن غفير وسموتيرتش.

*حازم عياد كاتب وباحث في العلاقات الدولية