إيكونوميست: لإنقاذ الاقتصاد المصري.. أخرجوا الجيش منه

السبت 28 يناير 2023 10:02 م

"لإنقاذ الاقتصاد المصري، أخرجوا الجيش منه"، بهذا العنوان نشرت صحيفة "إيكونوميست" البريطانية تقريرا عن الأزمة الاقتصادية الطاحنة التي تضرب مصر حاليا، قائلة إن أحد أسبابها هو "القبضة الخانقة على الاقتصاد التي يمارسها أصحاب البدلات العسكرية الكاكية"، على حد تعبيرها.

وقال التقرير، الذي ترجمه "الخليج الجديد"، إن الاقتصاد المصري ينزلق بخطوات سريعة ليكون أثرا من آثار مصر، حيث فقد الجنيه المصري نصف قيمته خلال العام الماضي وكان أسوأ العملات أداءً في العالم في عام 2023، وشهد خفضا ثالثا لقيمته في أقل من عام في الخامس من يناير/كانون الثاني الجاري.

وأضاف: "يذهب ما يقرب من نصف إيرادات الدولة لخدمة ديونها، والتي تصل إلى 90% من الناتج المحلي الإجمالي، وبلغ معدل التضخم رسمياً 21%، وباتت أسعار المواد الغذائية ترتفع بشكل أسرع، لكن الأرقام الرسمية لم تواكب التدهور الاقتصادي في مصر، لذا فمن شبه المؤكد أن الواقع أسوأ.

وتمضي الصحيفة قائلة: "لقد جلب هذا البؤس للشعب المصري، حيث يعيش حوالي ثلثهم على أقل من دولارين في اليوم، وثلث آخر على وشك الانضمام إليهم، وهم يشعرون بالمعاناة بسبب المسؤولين الذين وضعوا مصالحهم الخاصة فوق مصالح مواطنيهم".

ولفت التقرير إلى أزمات خارجية زادت من جراح الاقتصاد المصري، مثل الحرب الروسية الأوكرانية والتي أضرت القاهرة بشدة كونها أكبر مستورد للقمح في العالم، حيث باتت منظومة رغيف الخبز المدعوم للفقراء في خطر، ما يهدد بتبعات اجتماعية، إضافة إلى تراجع كبير في حركة السياحة التي كانت تعتمد على الروس والأوكرانيين.

لكن المشكلة الأساسية في البلاد، كما يقول التقرير، هي القبضة الخانقة على الاقتصاد التي تمارسها الدولة، وتحديداً الجيش.

وتعتبر الصحيفة أن الإحصائيين الرسميين يترددون بشكل غريب في تقديم مقياس لهذا التوغل العسكري، حيث تقول الحكومة إن الجيش يسيطر على 1.5-2% فقط من الاقتصاد.

لكن المدى الحقيقي لتأثير هذا التدخل، المباشر وغير المباشر، أكبر بكثير. وتحت حكم الرئيس "عبدالفتاح السيسي"، والذي كان وزيرا للدفاع والقائد العام للقوات المسلحة توسعت الأمور كثيرا.

وتقول "إيكونوميست": "تضم إمبراطورية الجيش الآن كل شيء من محطات الوقود إلى شركات تعبئة المياه المعدنية والزيتون، وسيطرت أيضا على سوق تربية الأسماك وسوق صناعة السيارات".

اشترت الأجهزة الأمنية أيضا أجزاء كبيرة من وسائل الإعلام المصرية، وقام الجيش ببناء مصنع أسمنت جديد ضخم، مما تسبب في حدوث تخمة في الإمدادات دمرت الشركات الخاصة.

ويمضى التقرير بالقول: "في الصناعة تلو الأخرى، يضغط الجيش والأجهزة الأمنية على المنافسين أو يخيفونهم، مما يردع الاستثمار الخاص، حيث لا يمكن لأي شركة عادية أن تتنافس مع هيئة لا تدفع ضرائب أو رسوم جمركية ويمكن أن تلقي بمنافسيها في السجن".

وبالنسبة لعامة المصريين، فإن سحق الجيش للمنافسة يعني نموا أبطأ وأسعارا أعلى وفرصا أقل، بحسب الصحيفة.

وطالبت الصحيفة صندوق النقد الدولي أن يضع هذا في الاعتبار، حيث تأتي مصر لطرق بابه للمرة الرابعة خلال 6 سنوات تتوسل حزمة إنقاذ، وهي الآن أكبر مدين للصندوق بعد الأرجنتين.

وفي الماضي، كما تقول الصحيفة، وافق نظام "السيسي" على إجراء إصلاحات مقابل أموال صندوق النقد الدولي، بموجب شروط اتفاقية بقيمة 12 مليار دولار أبرمت في عام 2016، حيث خفضت قيمة العملة وتم تقليص الدعم، لكن من الواضح أن "السيسي" فشل في الوفاء بوعوده بتقليص القبضة الاقتصادية للجيش.

وبموجب أحدث اتفاق لها مع صندوق النقد، أبرم في ديسمبر/كانون الأول الماضي، تعهدت الحكومة مرة أخرى بسحب الدولة والقوات المسلحة من القطاعات "غير الاستراتيجية"، لكن الرجال الذين يرتدون الزي العسكري (أو الذين خلعوه مؤخرًا) والذين يهيمنون على الاقتصاد ليس لديهم حافز كبير للقيام بذلك. 

ففي بلد له تاريخ من الانقلابات، لن يجرؤ سوى القليل على تحدي امتيازات الجيش.

وترى "إيكونوميست" أن المانحين يواصلون العمل لإنقاذ مصر لأنهم مرعوبون من أنها قد تنهار إذا لم يفعلوا ذلك، فهي الدولة الأكثر اكتظاظًا بالسكان في الشرق الأوسط وحليف رئيسي للغرب، وقد يؤدي أي انفجار داخلي إلى إرسال أساطيل من اللاجئين عبر البحر الأبيض المتوسط.

لكن التقرير يرى أن هذه المخاوف، ورغم تمتعها ببعض المنطق، إلا أن "دعم نظام يؤدي رفضه للإصلاح إلى جعل مصر أكثر فقرًا بشكل مطرد وشعبه أكثر غضبًا لا يمثل وصفة للاستقرار على المدى الطويل".

وتختتم الصحيفة تقريرها بالقول: "حلفاء مصر الخليجيون المحبطون أصبحوا أقل سخاء. يجب على صندوق النقد الدولي الآن أن يُلزم الحكومة بالتزاماتها. يجب أن تبدأ مصر في فصل السلاح عن الاقتصاد، أو أن تتوقع مساعدات أقل".

المصدر | ذا إيكونوميست / ترجمة وتحرير الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

الاقتصاد المصري الجيش المصري السيسي سيطرة الجيش على الاقتصاد

هل يمهد السيسي لإعلان إفلاس مصر وطلب جدولة ديونها؟

مع تصاعد التضخم.. هل سيرفع الجيش المصري يده عن اقتصاد البلاد؟

معهد واشنطن: اقتصاد مصر المتدهور فرصة أمريكا لإجبار السيسي على تقديم تنازلات

حكم السيسي يهدد جمهورية الضباط.. لماذا تحتاج مصر إلى الديمقراطية لإصلاح اقتصادها؟

وول ستريت جورنال: السيسي لن يخفف قبضة الجيش على الاقتصاد

أعداء المنافسة.. الجيش والحكومة يقوضان خطط الخصخصة في مصر

إيكونوميست: لماذا يجب على العالم إنقاذ مصر من أزمتها؟