الجغرافيا السياسية تمنح الغاز المسال لسلطنة عمان شريان الحياة

الخميس 2 مارس 2023 07:42 م

قال خبير في السياسة الخارجية والجغرافيا السياسية للطاقة، إن الغزو الروسي لأوكرانيا، منح صناعة الغاز الطبيعي في سلطنة عمان، والتي عانت بسبب الاحتياطيات المتواضعة نسبيًا والتكاليف المرتفعة، فرصة جديدة.

جاء ذلك في تحليل للخبير "أومود شكري" نشره في منتدى الخليج الدولي، رأى فيه أن أزمة الطاقة العالمية الناجمة عن الغزو الروسي لأوكرانيا، أكدت على مركزية الغاز الطبيعي المسال في أمن الطاقة في أوروبا.

ومنذ ذلك الحين، اشتدت المنافسة على الغاز الطبيعي حيث قام كبار منتجي الغاز الطبيعي المسال مثل قطر والولايات المتحدة وأستراليا بصياغة خطط لتوسيع الإنتاج.

ومن بين هؤلاء اللاعبين المعروفين، دخل مصدّر ناشئ للغاز الطبيعي المسال إلى سوق الغاز العالمي وهي سلطنة عُمان، التي تعد صاحبة احتياطيات متواضعة نسبياً، حيث تصل إلى 24 تريليون متر مكعب وفقاً لمصادر محلية.

وتم اكتشاف حقل الغاز البحري في خزان عام 2000، باحتياطي يبلغ 10.5 تريليون قدم مكعب، والذي أعطى أملا في أن يصبح البلد مصدراً رئيسياً للغاز الطبيعي، لكن تكوين الخزان والحاجة إلى تقنيات استخراج متقدمة للوصول إلى الغاز قلل من هذا الحماس.

ومع تحول عمان نحو إنتاج الطاقة المتجددة، سيتم العمل على تقليل اعتماد البلاد تدريجياً على الغاز، وتحرير الإمدادات المحلية للتصدير إلى السوق العالمية. وإلى جانب التزام المنتجين بإزالة الكربون، فإن مثل هذه التخفيضات في استهلاك الغاز ستسمح أيضًا بتوجيه الموارد إلى الغاز الطبيعي المسال.

ولهذا، يتوقع التحليل أن تكتسب هذه الخطوة زخمًا بعد عام 2023، مع زيادة إنتاج عمان من الطاقة المتجددة.

تجدر الإشارة إلى أنه حتى في السنوات الأخيرة، كان مستقبل الغاز الطبيعي المسال في عمان غير مؤكد حيث انخفض الإنتاج في البلاد بشكل مطرد، حتى مع استمرار الطلب في الزيادة.

ومع ذلك، تحسنت آفاق الغاز الطبيعي المسال في البلاد بعد الغزو الروسي لأوكرانيا بشكل كبير، حيث فرضت الولايات المتحدة وحلفاؤها الأوروبيون عقوبات شديدة على موسكو، وخفضت واردات النفط والغاز من روسيا في هذه العملية، وهكذا، اتجهت عدة دول أوروبية إلى دول الخليج وأفريقيا كبديل للغاز الطبيعي الروسي.

وعلى سبيل المثال في مايو/أيار الماضي، بدأت جمهورية التشيك مفاوضات لتأمين شحنات الغاز الطبيعي المسال من عمان. وأعلن أن إنتاج الدولة السنوي من الغاز الطبيعي المسال ارتفع بنسبة 4% عام 2022 إلى مستوى قياسي بلغ 10.6 مليون طن، وأنه سيرتفع إلى 11 مليون طن بنهاية العام.

ووفقا التحليل، وفرت صناعة الغاز الطبيعي المسال في العام الماضي حوالي 2.87 مليار دولار من العائدات للسلطنة. ومن المتوقع أن يزداد إنتاج الغاز الطبيعي المسال في عمان بشكل أكبر بحلول عام 2023 من خلال تقليل الاختناقات في مصنع تسييل الغاز جنوب مسقط حيث يستهدف المصنع الجديد، بلوك 61 ، 10.5 تريليون قدم مكعب من موارد الغاز و 400 مليون برميل من المكثفات.

ويمكن للغاز من بلوك 61 أن يلبي 35% من الطلب المحلي للسلطنة، بينما يضيف أيضًا إلى إمدادات تصدير الغاز الطبيعي المسال في البلاد.

ويستشهد التحليل بمصدر آخر حيث قالت صحيفة "شبيبة" الإلكترونية التي تتخذ من عمان مقراً لها، فإن الأرقام الصادرة عن منظمة البلدان العربية المصدرة للبترول (أوابك) توقعت صادرات غاز طبيعي مسال قياسية تزيد عن 11 مليون طن بحلول نهاية عام 2022. ووفقًا "لشبيبة"، فإن معدل النمو السنوي - المقدر بـ 9% لعام 2022 - هو ثاني أعلى معدل نمو بين دول المنطقة.

ومن زاوية أخرى، يأتي جزء كبير من نمو صناعة الغاز من زيادة الاتفاقيات التجارية مع الدول التي كانت أقل تأثراً بالأحداث الجيوسياسية في أوروبا الشرقية.

ففي ديسمبر/كانون الأول 2022، وافقت عُمان على إمداد شركتي "ميتسوي" واليابانية "إيتوشو كورب"، وكذلك شركة الكهرباء "جيرا"، بـ 2.35 مليون طن من الغاز الطبيعي المسال سنويًا.

في الوقت نفسه، أعلنت شركة "إنبكس كورب" المصدرة للنفط والغاز عن اتفاقية بقيمة مليون طن سنويًا مع الولايات المتحدة، من المقرر أن تستمر لمدة 20 عامًا.

ووقعت "يونبيك" الصينية أول اتفاقية في البلاد للغاز الطبيعي المسال العماني - وهي صفقة غاز طبيعي مسال مدتها 4 سنوات تصل إلى مليون طن إجمالاً. من المقرر أن تبدأ الصادرات العمانية إلى الصين في عام 2025.

ومع تحول الدول الأوروبية التي تعرض أمن الطاقة فيها للخطر بسبب الغزو الروسي لأوكرانيا إلى عمان، وقعت عُمان اتفاقية مدتها 10 سنوات مع شركة "توتال" الفرنسية والتي ستشهد استيراد إجمالي 800 ألف طن من الغاز الطبيعي المسال العماني سنويًا اعتبارًا من عام 2025.

كما دخلت ألمانيا في مناقشات مع عمان من أجل صفقة مماثلة لمدة 10 سنوات.  وتقوم الدولة حاليا ببناء مصنع تسييل في الدقم بالشراكة مع شركة "شل" حيث ستحول المحطة الغاز الطبيعي إلى ديزل وبنزين ووقود طائرات وستكون المحطة الثالثة من نوعها في المنطقة.

المصدر | أومود شكري / منتدى الخليج الجديد - ترجمة وتحرير الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

عمان الغاز الدقم أوكرانيا

عمان تمنح امتيازا للتنقيب عن الغاز إلى توتال وشركة تايلاندية

صادرات عُمان من الغاز المسال تسجل أعلى مستوى في تاريخها