معارضون مصريون يتحدثون لـ"الخليج الجديد".. كيف رأوا زيارة سامح شكري إلى تركيا؟

الجمعة 3 مارس 2023 01:32 م

نواف السعيدي - الخليج الجديد

أحيت الزيارة "الاستثنائية" التي قام بها وزير الخارجية المصري، سامح شكري، قبل أيام، إلى تركيا، أحاديث "التقارب المتعثر" بين القاهرة وأنقرة، وسط ترقب لما ستؤول إليه الأوضاع بين الجانبين خلال الفترة المقبلة، وتأثير ذلك على مستقبل المعارضة المصرية المتواجدة في تركيا منذ عام 2013.

ورغم أن تلك الزيارة اكتست بالطابع "الإنساني"، تضامنا مع ضحايا الزلزال المُدمّر الذي ضرب تركيا وسوريا، لكن طبيعتها الاستثنائية، وتصريحات شكري، بالإضافة إلى تصريحات نظيره التركي مولود جاويش أوغلو، تشير إلى أنها تحمل ما هو أبعد من "الهدف الإنساني".

من جانبه، قال وزير الخارجية التركي، إن تطور العلاقات بين بلاده ومصر يصب بمصلحتهما وينعكس إيجابا على استقرار ورخاء المنطقة، مضيفا: "نفتح صفحات جديدة في علاقاتنا مع مصر، واللقاء الذي جمع الرئيس رجب طيب أردوغان بنظيره المصري عبدالفتاح السيسي في الدوحة (على هامش افتتاح مونديال قطر في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي) كان مُثمرا للغاية، وقد تناولت مع الوزير شكري الخطوات الواجب الإقدام عليها لتعزيز العلاقات".

على الجانب الآخر، لفت شكري إلى أن العلاقات بين البلدين سترتقي لأفضل مستوى، مشيرا إلى إمكانية عقد قمة بين أردوغان والسيسي، وقال: "بالتأكيد، ستكون هناك اتصالات في الوقت المناسب وفقا لرؤية الرئيسين".

وتعد هذه أول زيارة لوزير خارجية مصري إلى تركيا منذ التوتر الكبير في العلاقات بين البلدين، على خلفية الانقلاب العسكري الذي وقع في مصر صيف 2013، حيث كانت الزيارة الأخيرة هي تلك التي قام بها وزير الخارجية الأسبق محمد كامل عمرو إلى أنقرة في نوفمبر/تشرين الثاني 2012.

تطورات إيجابية

تعليقا على هذه التطورات، قال أيمن نور رئيس اتحاد القوى الوطنية المصرية (يضم قوى معارضة عديدة): "لا شك أن عودة العلاقات الطبيعية بين مصر وتركيا هي أحد المؤشرات المهمة على التغير الإيجابي في شكل العلاقات البينية داخل منطقة الشرق الأوسط، خاصة أن القاهرة وأنقرة ضلعان رئيسيان في مربع العلاقات الاستراتيجية داخل الأمة العربية والإسلامية".

وحول رؤية المعارضة المصرية لتلك التطورات، أكد نور في تصريحات خاصة لـ"الخليج الجديد": "نحن ننظر لأي تقارب إيجابي بين الشعوب العربية والإسلامية بوصفه تطورا إيجابيا يجب أن يُرصد ويُدعم سواء من قِبل المعارضة أو الموالاة للأنظمة في هذه المنطقة".

وأشار نور إلى أن "التقارب المصري التركي -إذا صلحت نوايا كل الأطراف- سيكون مفيدا للشعوب والمنطقة وأمنها واستقرارها، والجميع بحاجة ماسة لذلك"، بحسب قوله.

وتشهد العلاقات المصرية التركية دفعة كبيرة منذ الزلزال المدمر الذي ضرب جنوبي تركيا وشمالي سوريا في 6 فبراير/شباط الماضي، حيث أجرى السيسي اتصالا غير مسبوق بأردوغان لتقديم تعازيه، كما أرسلت القاهرة 5 طائرات عسكرية على الأقل محملة بمساعدة طبية، انتشرت في 11 محافظة تركية متضررة، بخلاف إرسال سفينة تابعة للبحرية المصرية محملة بالمساعدات إلى ميناء مرسين التركي.

وبسؤال نور عن مدى انعكاس هذا التقارب على الأزمة المصرية (بين النظام والمعارضة)، أجاب قائلا: "الأزمة المصرية بحاجة إلى وسيط نزيه يتدخل من أجل تقريب وجهات النظر، وطرح الحلول والمقترحات الممكنة لحلحلة تلك الأزمة، أو على الأقل حلحلة جوانب منها، وأتصور أن تركيا قادرة على أن تلعب هذا الدور المأمول، واللحظة الراهنة تحتاج كثيرا لهذا الدور".

وأردف: "نتمنى أن تكون النوايا طيبة وصادقة وخالصة من كل الأطراف، كي تتمكن تركيا من لعب هذا الدور المهم للغاية، ليس فقط في الأزمة المصرية، بل على صعيد الأزمة الليبية والسورية أيضا، فضلا عن العديد من الأزمات والملفات الأخرى".

وواصل المرشح الرئاسي الأسبق حديثه، قائلا: "هناك ضرورة تقتضي النظر بشكل مختلف للعلاقات البينية في المنطقة، وأعتقد أن الأيام المقبلة ستحمل الجديد سواء في إطار العلاقات المصرية التركية التي ظلت في حالة توتر قرابة 10 سنوات، أو بالنسبة للعلاقات الإيرانية السعودية المتوترة بشكل دائم".

وختم نور تصريحاته بالقول: "استعادة العلاقات الطبيعية بين أضلاع هذا المربع (مصر وتركيا والسعودية وإيران)، تدعم كثيرا الاستقرار في المنطقة، وتعطي آمالا واسعة في تقوية المنطقة في مواجهة العدو الحقيقي لنا جميعا، وهو الكيان الصهيوني".

رصيد لصالح المعارضة

بدوره، يتفق طارق الزمر، مدير مركز حريات للدراسات السياسية والاستراتيجية، المعارض المصري المقيم في تركيا، مع نور في رؤيته، مشيرا إلى أن "التقارب المصري التركي يصب بلا شك في صالح الدولتين والمنطقة؛ فهما دولتان من الوزن الثقيل وتوافقهما -ولو بالحد الأدنى- يصب في صالح المنطقة واستقرارها، كما يمكن أن يسهم في تنميتها".

وفي تصريحات خاصة لـ"الخليج الجديد"، أكد الزمر أن النجاح في دفع العلاقات الثنائية بين مصر وتركيا "سيكون رصيدا لصالح المعارضة، وليس كما يعتقد البعض بأن هذه العلاقات لن تكون إلا على حساب المعارضة المصرية"، بحسب رأيه.

كانت وسائل إعلام قد أشارت إلى أن التقارب الناشئ بين مصر وتركيا يثير التساؤلات في صفوف المعارضة التي تخشى أن يكون هذا التقارب على حسابها.

في هذا السياق، أشارت مجلة "أتالايار" الإسبانية إلى أن التقارب بين القاهرة وأنقرة يشكل مصدر قلق للمعارضة المصرية، خاصة لجماعة الإخوان المسلمين التي تترقب التداعيات المحتملة.

ونقلت المجلة عن المحللين إميلي ميليكين وجورجيو كافاييرو من مؤسسة الديمقراطية الآن للعالم العربي قولهما إن أردوغان (الرئيس التركي) لم يعد يقدم نفسه أو حكومته بصفة الراعي المطلق للجماعات الإسلامية السنية في جميع أنحاء العالم العربي، وذلك بالنظر إلى التحولات الجارية في المنطقة من سوريا إلى ليبيا، والانتكاسات التي أصابت الحكومات ذات التوجهات الإسلامية بعد الربيع العربي.

وأشار المحللان إلى أن فقدان جماعة الإخوان المسلمين النفوذ على المستوى الإقليمي يسهل على أردوغان إجراء عمليات تحول في التحالفات، وهو ما يضع جماعة الإخوان التي يقيم العديد من أعضائها وقياداتها في تركيا على مفترق طرق.

"وهم الدعم اللامحدود"

هذا القلق يعكسه معارضون مصريون آخرون يخشون من احتمالية قيام تركيا بتكرار بعض الخطوات التي أعقبت انتهاء ما عُرف بـ"أزمة سحب السفراء" بين دول خليجية وقطر عام 2014.

وفي مارس/آذار 2014، سحبت دول السعودية والبحرين والإمارات سفراءها لدى الدوحة لمدة 9 أشهر، وذلك على خلفية تباين وجهات النظر إبان أحداث إقليمية أبرزها الموقف من إطاحة الجيش بأول رئيس مدني منتخب في تاريخ مصر، محمد مرسي.

لكن تلك الأزمة طُويت صفحاتها خلال شهر نوفمبر/تشرين الثاني 2014، بعدما قامت الدوحة بإبعاد عدد من قيادات جماعة الإخوان المسلمين، وإغلاق قناة "الجزيرة مباشر مصر".

على هذا الجانب، أوضح البرلماني المصري السابق، عادل راشد، أن "المعارضة المُطاردة من قِبل النظام المصري على سبيل القطع تنظر إلى جميع تصرفاته بعين الريبة وعدم الثقة على الأقل فيما يخصها"، موضحا أن "تلك نتيجة طبيعية لمقدمات لم تتغير حيالها"، بحسب وصفه.

ويستدرك راشد قائلا: "لكن ما تراه تركيا من مصلحة الدولتين في التقارب وتعتقد أنه لصالح الجميع هو حقها الأصيل في تقدير المصلحة، وهي مَن تقرر ذلك".

وانتقد راشد "غرق المعارضة المصرية في وهم الدعم اللامحدود واللا مشروط" من قبل حلفائها وفي مقدمتهم تركيا، موضحا أنها (المعارضة) يجب أن تضع استراتيجيتها وفق متغيرات السياسة التي لا تعرف المستحيل.

إعلام المعارضة في مرمى التقارب

وفي مارس/آذار 2021، اتخذت قنوات مصرية معارضة تبث من تركيا، قرارات بوقف برامج مذيعين لديها، وتأكيد الالتزام بمواثيق الشرف الإعلامية، في إشارة إلى تخفيف حدة خطابها تجاه النظام في القاهرة، وهي خُطوة يُعتقد أنها اتخذت بتوجيه من السلطات التركية.

في 29 أبريل/نيسان 2022، قررت إدارة قناة مكملين المصرية الفضائية (خاصة)، والتي كانت تبث من تركيا، نقل بثها واستديوهاتها وكافة أعمالها إلى خارج تركيا، لتدشن "انطلاقة جديدة من كل ميادين العالم"، وفق بيان سابق للقناة.

وكان المفوض السابق للعلاقات الدولية بجماعة الإخوان المسلمين، يوسف ندا، قد وجَّه، خلال شهر ديسمبر/ كانون الأول 2021، رسالة إلى الرئيس التركي أردوغان، أكد فيها أن جماعة الإخوان تسعى وتدعم أي محاولة للتقارب بين تركيا وبين مصر "أيّا كان مَن يحكمها".

وفي الوقت الذي أشاد فيه ندا بالسياسات التركية تجاه "المضطهدين في العالم"، قال: "نحن نتمسك بحقنا الشرعي على إخواننا في العقيدة لمَن تركوا موطنهم بسبب البطش والديكتاتورية، (وألا يَظلِمه ولا يُسْلِمه لعدوه)"، وذلك في إشارة ضمنية لمخاوف من احتمالية إقدام تركيا على تسليم بعض المعارضين.

ويُعتقد على نطاق واسع أن ملف المعارضين المصريين المقيمين في تركيا سوف يكون في مقدمة الملفات المطروحة على طاولة التفاوض من أجل تطبيع العلاقات بين القاهرة وأنقرة، حيث ستطالب السلطات المصرية بتسليم المعارضين المطلوبين لها، وفي مقدمتهم قيادات جماعات المسلمين، في حين ستسعى أنقرة لاستغلال علاقاتها المحسنة مع النظام في التوسط من أجل حل سياسي للأزمة.

إشارات إيجابية

وخلال العامين الماضيين، تواترت الإشارات الإيجابية بشأن العلاقات بين القاهرة وأنقرة، وكان لافتا حرص الجانب التركي على تطبيع علاقاته مع السلطات المصرية التي بدت "متمنعة" على الانفتاح والمضي قدما في هذا المسار دون تقديم أنقرة "تنازلات كبيرة" لها خاصة في ملف المعارضين المقيمين في تركيا، ومنافذهم الإعلامية.

وأجرى البلدان جولتين من المحادثات الاستكشافية خلال عام 2021 في القاهرة وأنقرة، لمحاولة الوصول إلى صيغ مشتركة للمصالحة بين البلدين.

وكان من المفترض عقد جولة محادثات استكشافية ثالثة بين الجانبين، لكنها لم تُعقد حتى الآن.

لكن المتحدث باسم الخارجية المصرية، أحمد أبوزيد، قال في تصريحات إعلامية، مؤخرا، إنه سيتم تدشين مسار تشاوري مع تركيا يهدف لاستعادة علاقات البلدين، "وهذا المسار سيكون هو الحكم في سرعة استعادة العلاقات وحيويتها"، دون تحديد موعد لإتمام ذلك.

المصدر | الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

السيسي أردوغان سامح شكري أيمن نور يوسف ندا زلزال تركيا العلاقات المصرية التركية

هل تفتح مصافحة السيسي وأردوغان حقبة جديدة من العلاقات المصرية التركية؟

رايتس ووتش توثق حرمان المعارضين المصريين في الخارج من إصدار أوراقهم الثبوتية

للمرة الأولى منذ 10 سنوات .. وزير الخارجية التركي يزور مصر السبت

الزيارة الأولى منذ 11 عاما.. وزير الخارجية التركي في القاهرة

بعد إعلان رغبتيهما بتطبيع العلاقات.. ما هي عقبات المصالحة المصرية التركية؟

أيمن نور لـ"الخليج الجديد": المعارضة تدرس الدفع بمرشح توافقي أمام السيسي في انتخابات 2024

مصر وتركيا.. من خلاف متصاعد إلى تبادل مرتقب للسفيرين (تسلسل زمني)

عبر تويتر.. حملة تعاطف مع وجدي غنيم ورد على الشامتين

مصر وتركيا.. من قطيعة دبلوماسية إلى تبادل للسفراء (تسلسل زمني)