مقتل جوليبي رانارا.. غضب واسع بالفلبين ومطالب بإلغاء نظام الكفالة في الكويت

الأحد 5 مارس 2023 08:34 ص

سلطت صحيفة "التايمز" الضوء على ما وصفته بـ"إرسال الفلبين عمالتها المنزلية للعبودية في دول الخليج"، مشيرة إلى أزمة مقتل العاملة المنزلية الفلبينية جوليبي رانارا التي عثر على جثتها في 21 يناير/كانون الثاني الماضي محترقة على جانب طريق صحراوي بمنطقة السالمية في الكويت، واتهم ابن رب الأسرة التي كانت تعمل لديهم، البالغ من العمر 17 عاما، بقتلها بعد اغتصابها.

وعلقت الصحيفة، في تقرير ترجمه "الخليج الجديد"، على تعهدات الرئيس الفلبيني فرديناند ماركوس، خلال جنازة رانارا حينما قال: "سنعمل على ألا يحدث ذلك مجددا لأي شخص من أبناء وطننا"، قائلة إن الفلبينيين سئموا من سماع تلك التطمينات من قادتهم وهم لا يزالون على دراية بأن أعدادًا كبيرة من أصدقائهم وأقاربهم من المحتمل أن يكونوا معرضين للخطر مثل جوليبي.

وجوليبي رانارا، هي رابع حالة قتل تتعرض لها عاملات المنازل الفلبينيات على يد صاحب عمل في الكويت منذ 2018، كما يقول التقرير.

وتم إطلاق مخطط عقود عمل الفلبينيات بالخارج تحت إشراف الحكومة منذ السبعينات، وأصبح أحد أعمدة الاقتصاد الوطني، حيث شكلت تدفقات التحويلات ما يقرب من 10% من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد البالغ 350 مليار جنيه إسترليني.

ومن أصل 114 مليون نسمة، يعيش ويعمل ما يقدر بـ10 ملايين فلبيني في الخارج، جزء كبير منهم يعمل في قطاع التوظيف المنزلي، وهو نظام يمثل مصدرا أساسيا لدخل الأسر الفقيرة في الفلبين، لكنه أيضًا مصدر إحباط؛ لأن الاقتصاد لا يستطيع توفير فرص عمل لأولئك الذين يجبرون على السفر إلى الخارج، والذين غالبًا ما يتعرضون للاستغلال وسوء المعاملة، للعثور على عمل.

وكانت الضحية جوليبي رانارا قد انتقلت للعمل في  الكويت لأنها أرادت شراء منزل جديد لوالديها وأطفالها الأربعة. وفي مكالمة هاتفية مع أسرتها في 19 يناير/كانون الثاني الماضي، روت خوفها من ابن صاحب عملها البالغ من العمر 17 عامًا، واختفت.

بعد ذلك بيومين، وفي 21 يناير/كانون الثاني، عُثر على جثتها المتفحمة ومهشمة وملقاة بجانب طريق في الصحراء، حيث بدا أنه تم دهسها بعد حرقها. وكشف تشريح الجثة عن مزيد من التفاصيل، حيث كانت جوليبي حاملاً.

ألقي القبض على كويتي يبلغ من العمر 17 عاما للاشتباه في ارتكابه جريمة الاغتصاب والقتل. وأثارت وفاة رانارا دعوات لإصلاح نظام عقود العمال بالخارج وقواعد الحماية التي نادرا ما يتم تنفيذها.

ودعا ناشطو حقوق العمال وبعض السياسيين المؤثرين إلى إنهاء نظام "الاستعباد" (الكفالة) الذي يعمل في العديد من دول الخليج، والذي يمنح المواطنين والشركات سيطرة شبه كاملة على حياة العمال المهاجرين.

وقال جينجوي إسترادا، رئيس لجنة العمل في مجلس الشيوخ الفلبيني، في خطاب إلى الغرفة: "حان الوقت لتعزيز الدعوة لإلغاء هذا النظام".

وبموجب نظام الكفالة، يحتاج العمال إلى إذن كفيلهم لتغيير الوظائف وإنهاء التوظيف ودخول البلد أو مغادرته، ويجب عليهم تسليم جوازات سفرهم، وغالبًا ما تكون هواتفهم أيضًا، كشرط لتوظيفهم.

وتغلب مئات من عاملات المنازل على هذه القواعد للعودة إلى الفلبين منذ مقتل جوليبي، لكن لا يزال 420 آخرين محاصرين في ملجأ ضيّق تديره سفارة بلادهم في الكويت، غير قادرين على الدفع لإنهاء عقودهم أو الحصول على إذن بالخروج.

ومن المعروف أن كثيرات منهم عالقات في منازل أصحاب العمل.

تجربة أخرى

ومن بين أولئك الذين تمكنوا من مغادرة الكويت، تروي "التايمز" قصة آيفي، 29 عامًا، والتي عادت الآن من الكويت للعمل مع زوجها، ورعاية طفليها، في كوخ من الخيزران والخشب في جزيرة مينداناو الجنوبية.

وقالت: "سمعت عن جرائم القتل السابقة للفلبينيات هناك، لكنني شعرت أنني بحاجة للذهاب لكسب المال لعائلتي".

وأردفت: "اعتقدت أنه ربما لن يكون بهذا السوء. لكن عندما كنت هناك، أدركت أن أي شيء يمكن أن يحدث".

ومضت بالقول: "في الوقت الذي عملت فيه لثلاث عائلات مختلفة، أُجبرت على العمل 7 أيام في الأسبوع، ولم يسمح لي بالنوم إلا لبضع ساعات، وأصبحت هدفًا للاعتداء اللفظي والجسدي".

وتؤكد آيفي أن الأسرة الأولى رفضت إمدادها بالطعام أو الصابون أو الشامبو، ما أجبرها على تصفية القمامة لتتناول باقي الطعام والمنظفات لتغتسل.

الأسرة الثانية حبستها في المطبخ ليلا، حيث قالت: "كنت أرتعش من الجوع والتعب".

لكن الأمور ساءت أكثر مع صاحب عملها الثالث، المرتبط بالعائلة المالكة، حيث اتهموها في البداية بالسرقة، ثم ضربها طفل العائلة البالغ من العمر 7 سنوات على ظهرها بجيتار بينما كانت تطعم طفلها الصغير. ضرب الأب الصبي كعقاب، ما أدى إلى خلق مناخ من العنف الذي ترك آيفي تخشى على سلامتها.

قالت: "كنت خائفة من أن أواجه نفس مصير جوليبي، خائفة من أنني قد لا أعود إلى المنزل أبدًا".

وأضافت: "أنصح أي فلبيني يذهب إلى الكويت بأن يتوخى الحذر الشديد، لأنك لا تعرف ما إذا كنت ستعود إلى الوطن حيا أم لا. هذا يعتمد على الحظ، أي نوع من العائلة تنتهي بها".

كان من المفترض أن تكسب آيفي 325 جنيهًا إسترلينيًا شهريًا، وهو الراتب الأساسي لخدم المنازل المتعاقدين في الكويت، لكنها قالت إنها لم تتلق المبلغ المتفق عليه.

وحتى بعد أن سمح لها أصحاب العمل على مضض بالمغادرة، طالبتها وكالة التوظيف برسوم إعادتها إلى الوطن بقيمة 1800 جنيه إسترليني، قبل أن تتركها ترحل دون دفع المبلغ، لكنها أعادت لها جواز سفرها بشرط عدم تقديم شكوى (ومن ثم لم يتم تحديد اسمها بالكامل).

وتؤكد آيفي أنها تعرف العديد من عاملات المنازل الأخريات اللائي يرغبن بشدة في المغادرة، لكن تقطعت بهن السبل في الخليج.

ويعمل ما يقرب من 270 ألف فلبيني في الكويت، وتم رفع أكثر من 240 ألف حالة انتهاك وإساءة من قبل الفلبينيين في الكويت العام الماضي، وفقًا لبيانات وزارة العمال المهاجرين الفلبينية.

منذ مقتل جوليبي، أعلنت إدارة ماركوس عن مراجعة اتفاقيات العمل مع الكويت، وفرضت حظراً مؤقتاً على توظيف العمال الجدد هناك وعلقت عمل وكالة التوظيف الخاصة بها.

لكن هذا ما يحدث عادة، حيث تعلق الحكومة الفلبينية إرسال العمالة، ثم تسمح بإعادتها مقابل وعود كويتية بتحسين المعاملة.

وتؤكد منظمة "ميجرانت" الدولية، وهي المنظمة الرئيسية التي تمثل هؤلاء العمال، أن شيئًا لم يتغير، مؤكدة أن أدراجها مكتظة بشكاوى من العمال المنكوبين في الكويت منذ وفاة جوليبي.

وقالت جوانا كونسبسيون، رئيسة منظمة "ميجرانت إنترناشونال": "يواجه الكثيرون خطر الانتهاكات.. نظام الكفالة وظروفه الشبيهة بالعبودية للعمال لا يزال راسخًا في مكانه".

وتابعت: "من الواضح أن الدافع الرئيسي للحكومة الفلبينية هو تصدير العمالة، وليس حماية حقوق العمال".

واختتم التقرير بالقول إن والدي جوليبي الحزينين كشفا عن رفضهما عرضا لدفع الدية "تعويض مالي" من قريب مزعوم لصاحب عمل ابنتهما الراحلة.

وقالت والدتها، التي رفضت الكشف عن اسمها: "ثقافة الدية يجب أن تتوقف، وإلا فإن المذنبين سوف يعتقدون أن حياة الفلبينيين رخيصة أو حتى بثمن باهظ دائمًا، أو أنهم يستطيعون شراء حياتنا بعد موتنا الوحشي.. لا، حياتنا ليست للبيع".

المصدر | التايمز - ترجمة وتحرير الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

العمالة الفلبينية الفلبينيات في الكويت العمالة المنزلية جوليبي رانارا مقتل فلبينية اغتصاب فلبينية في الكويت

الكويت تعلق تأشيرات دخول الفلبينيين.. والسفارة: لم نتلق إخطارا بالقرار