خطوط أنابيب عمان.. منافسة صينية أمريكية على مركز النفط الحيوي بالشرق الأوسط

الأربعاء 8 مارس 2023 09:59 م

"المركز الحيوي للنفط في الشرق الأوسط".. هكذا وصف الخبير المالي "سيمون واتكينز" سلطنة عمان، التي تحضر لمنح مجموعة من الامتيازات في حقول النفط والغاز البرية ومجموعة أخرى من حقول الغاز والنفط البحرية بنهاية يونيو/حزيران القادم.

وذكر واتكينز، في تحليل نشره بموقع "أويل برايس" وترجمه "الخليج الجديد"، أن الصين استهدفت النفوذ في سلطنة عمان، العام الماضي، نظرا لأهميتها الجيوسياسية في الشرق الأوسط، أكثر من أهمية الكمية المؤكدة من احتياطاتها النفطية، التي تبلغ 5.4 مليار برميل، ما يجعلها في المرتبة 22 بين دول العالم ذات الاحتياطات النفطية الكبيرة.

وأضاف أن الصين وضعت أسس حملتها الدبلوماسية لجذب عمان وباقي دول الخليج، عبر سلسلة من اللقاءات، في يناير/كانون الثاني 2022، بين مسؤولي الحكومة الصينية البارزين ووزراء خارجية دول مجلس التعاون الخليجي، إلى جانب الأمين العام للمجلس.

وأشار واتكينز إلى أنه قدم تحليلا معمقا لهذه اللقاءات في كتاب له حول أسواق النفط، يدور حول موضوع رئيسي، هو توقيع اتفاقية التجارة الحرة بين الصين ودول مجلس التعاون الخليجي وتوثيق "تعاون استراتيجي أعمق" في المنطقة التي يظهر فيها تراجع في تأثير الولايات المتحدة.

وعليه، فإن الصين والولايات المتحدة لديهما الأسباب الدافعة لتأمين الامتيازات في منطقة حيوية للنفط في الشرق الأوسط، بحسب واتكينز.

فسلطنة عمان تحتل منطقة جغرافية وجيوسياسية مهمة في طرق النفط، ولديها شاطئ طويل على خليج عمان وبحر العرب بشكل يعطي وصولا غير مقيد للأسواق في الشرق والغرب.

ولذا توفر عُمان وموانئها ومنشآت التخزين الرئيسية فيها البديل الحقيقي الوحيد في الشرق الأوسط لمضيق هرمز، الذي تسيطر عليه إيران، والذي يمر من خلاله ما لا يقل عن ثلث إمدادات النفط الخام في العالم.

ونظرا لمساحة "هرمز" الضيفة، فمن السهل استهداف ناقلات النفط فيه من خلال سفن أخرى أو من البر. وأدى النزاع حول المضيق إلى جعل عُمان بلدا جذابا وواحدا من مراكز تخزين النفط العالمي إلى جانب سنغافورة في الشرق الأقصى، إلى جانب أمستردام وروتردام وأنتويرب في أوروبا، وكوشينج في الولايات المتحدة.

وبدأ النزاع في ديسمبر/كانون الأول 2011 عندما هددت إيران بالحد من مرور إمدادات النفط عبر هرمز لو أدت العقوبات الغربية إلى عرقلة أو وقف صادرات النفط الإيرانية، وشملت التهديدات مناورات عسكرية استمرت 10 أيام قرب المضيق.

هدف الصين

ويرى واتكينز أن ما تريده الصين من سلطنة عمان هو السيطرة على كل نقاط اختناق المرور البحرية من الشرق الأوسط إلى أوروبا، التي تحاول تجنب الطريق المكلف وتحديات الملاحة البحرية حول رأس الرجاء الصالح في جنوب أفريقيا ومنطقة مضيق هرمز الحساسة من الناحية السياسية.

ويتماشى هذا الهدف مع خطة الصين المتجسدة في مبادرة "حزام واحد وطريق واحد"، القائمة على سلسلة من المشروعات المتوالية.

وتسيطر الصين بالفعل على مضيق هرمز من خلال الاتفاقية التي وقعتها مع إيران، والتي تنص على تعاون لمدة 25 عاما واستثمارات في البنى التحتية البحرية والصناعات والنقل.

وتعطي نفس الاتفاقية الصين سيطرة على مضيق باب المندب، والذي تمر منه سفن النفط إلى البحر الأحمر وإلى قناة السويس، قبل أن تواصل إبحارها في البحر الأبيض المتوسط إلى الغرب، وذلك لوقوع باب المندب بين اليمن، الذي يسيطر عليه الحوثيون، الموالون لإيران، وجيبوتي، التي أسست الصين حضورا قويا بها.

وهنا يشير واتكينز إلى أن الصين استخدمت الدبلوماسية والمال لتوسيع حضورها في سلطنة عُمان قبل اجتماع دول مجلس التعاون الخليجي، في ديسمبر/كانون الأول 2021، مشيرا إلى أن الصين تمثل 90% من صادرات النفط العمانية والصادرات البتروكيماوية، وأعلنت التزامها باستثمار 10 مليارات دولار إضافية في المشروع الرئيسي للسلطنة، وهو مصفاة دقم.

كما تعهدت الصين باستثمارات أخرى في مشروع إنشاء منطقة للصناعات الثقيلة والخفيفة، تُستخدم لأغراض متنوعة، على مساحة 11.72 كيلومترا مربعا بالدقم، "ما سيسمح لبكين بغرس علمها في المناطق الإستراتيجية بالسلطنة" حسب تعبير واتكينز.

 وجاءت الإشارات عن تحول السلطنة لمجال النفوذ الصيني قبل اجتماعات مجلس التعاون الخليجي، ففي يونيو/حزيران 2021، قال وزير النفط والغاز العماني، محمد الرمحي، إن السلطنة تريد إحياء خطة لنقل النفط من إيران حال تمت العودة للاتفاق النووي، كما تفكر بتوسيع الخط إلى اليمن.

وخط النفط، الذي تحدث عنه الوزير العماني، هو جزء من اتفاقية موسعة وقعتها السلطنة مع إيران عام 2013 وتوسع مداها في 2014 وتمت المصادقة عليها عام 2015، وتركزت على استيراد عمان سنويا 10 مليارات متر مكعب من الغاز الطبيعي الإيراني ولمدة 25 عاما.

وكان تطبيق الاتفاقية متوقعا في 2017، بنقل أقل من مليار متر مكعب في اليوم، ثم تم تغيير الهدف إلى 43 مليار متر مكعب في السنة ولمدة 15 عاما، ومن ثم تعديلها إلى 28 مليار متر مكعب في العام لفترة أدناها 15 عاما.

وبحسب بيان الصفقة عام 2015، قال مدير الشركة الوطنية الإيرانية للنفط آنذاك، مهران أمير معيني، إن الشركة الإيرانية تعمل على آلية عقد مختلف يتعلق بالبنود الرئيسية للمشروع.

مسار المشروع

وسيمتد الجزء البري من المشروع حوالي 200 كيلومتر عبر أنبوب سيتم تصنيعها في إيران بقياس 56 بوصة، ويمتد من رودان إلى جبل مبارك في جنوب إقليم هرمزغان.

أما الجزء البحري من المشروع فسيشمل خط أنابيب بحجم 36 بوصة، يمتد 192 كيلومترا بطول بحر عمان وبعمق 1.340 مترا، من إيران إلى ميناء صحار العماني.

وهنا يشير واتكينز إلى أن فكرة المشروع هي في فتح المجال لحرية حركة النفط والغاز الإيرانيين إلى عمان ومنها إلى الأسواق العالمية، وكان من شأنه فتح المجال أمام دخول إيران لسوق الغاز المسال سهل النقل، لكن تم فرض عقوبات على طهران، وتم تصميم هذا الخط لتدفق النفط غير الخاضع للعقوبات فقط، والذي كان يمر عبر العراق.

وفي عالم باتت فيه الحاجة ملحة لتعويض الغاز الروسي، أصبح الغاز الطبيعي المسال الإمداد "المرجح" في إمدادات الغاز، وطالما تطلعت إيران لأن تصبح رائدة عالميا في تصديره، ولا تزال خططها بهذا الشأن قائمة، ولتحقيقها حاولت إيران الاستفادة من حوالي 25% من منشآت إنتاج الغاز بعمان، كجزء من اتفاقيتها مع السلطنة، ورتبت لتحويل الغاز إلى غاز مسال على أن يتم تحميله في ناقلات ودفع عمولة لعمان. وكان البدء في هذا المشروع متوقعا بعد إكمال الأنابيب البرية والبحرية، لكن العقوبات أوقفت تنفيذه.

وإلى جانب المنفعة من التآزر في المحور الإيراني- الصيني، فإن الطريق المباشر من إيران إلى عمان سيكمل خط "غوريه-جاسك"، الذي يتم من خلاله التحايل على العقوبات الغربية، ولديه قدرة على نقل مليون برميل في اليوم من الحقول الرئيسية في إيران ويمتد من غوريه في شعيبية غربي في إقليم خوزستان وعلى مسافة 1100 كيلومتر إلى ميناء جاسك في هرمزغان على خليج عمان.

وبحسب تصريحات الرمحي وقت توقيع الاتفاقية مع إيران، فإن مسقط مستعدة لأن تكون معبرا لخطوط الغاز التي تبدأ من حقل إيران العظيم "جنوب بارس" إلى صحار، شمالي عمان.

ويربط هذا الخط بعد ذلك بخطب الأنابيب الحالي، والذي يمتد حتى صلالة قرب حدود اليمن، ويمكن مده للأراضي اليمنية حيث يخوض الحوثيون، المدعومون من إيران، حربا ضد السعودية.

المصدر | أويل برايس - ترجمة وتحرير: الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

عمان إيران الصين الدقم مضيق هرمز باب المندب

عمان تطرح ثلاث مناطق امتياز للنفط والغاز