رايتس ووتش توثق حرمان المعارضين المصريين في الخارج من إصدار أوراقهم الثبوتية

الاثنين 13 مارس 2023 01:58 م

اتهمت منظمة "هيومن رايتس ووتش"، السلطات المصرية باتباع أسلوب الرفض المنهجي في السنوات الأخيرة، لإصدار الوثائق الثبوتية أو تجديدها لعشرات المعارضين والصحفيين ونشطاء حقوق الإنسان المقيمين في الخارج.

وقالت المنظمة الحقوقية الدولية في تقرير لها الإثنين، إن هذا "الرفض يهدف إلى الضغط عليهم للعودة إلى مصر، ليواجهوا الاضطهاد شبه المؤكد".

ولفت التقرير إلى أن تعذّر استصدار شهادات الميلاد أو تجديد الوثائق الأساسية كجوازات السفر والبطاقات الشخصية، أدى إلى عرقلة إحقاق الحقوق الأساسية للمعارضين في الخارج وأفراد أسرهم الذين يعولونهم.

وأضاف: "قوّض ذلك فعليا قدرتهم على السفر والعيش والعمل بشكل قانوني، وأحيانا هدد قدرتهم على الحصول على الرعاية الطبية الأساسية والخدمات التعليمية أو لمّ شملهم مع أفراد أسرهم الآخرين".

ونقل التقرير عن نائب مديرة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في المنظمة، آدم كوغل، قوله: "تشدد حكومة الرئيس عبدالفتاح السيسي الخناق على المعارضين في الخارج بحرمانهم من الوثائق الثبوتية الأساسية".

 

 

وتابع: "بعد إطلاق العنان لسحق المعارضة الداخلية والاعتراض العلني من خلال الاعتقالات الجماعية والمحاكمات الجائرة والتعذيب المتفشي أثناء الاحتجاز، تكثف الحكومة جهودها لمعاقبة الموجودين في الخارج وإسكاتهم".

وقابلت "رايتس ووتش" 26 معارضا وصحفيا ومحاميا مصريا يعيشون في تركيا وألمانيا وماليزيا ودولة أفريقية (لم تسمها) وقطر ودولة خليجية أخرى (لم تذكرها) من يونيو/حزيران إلى ديسمبر/كانون الأول 2022، وراجعت عشرات الوثائق كالمراسلات المكتوبة، وجوازات السفر، والوثائق الرسمية، ونماذج تتعلق بقضايا 9 من الذين تمت مقابلتهم.

ووفق التقرير، واجه المعارضون المصريون في تركيا تحديات إضافية لأن القنصلية المصرية في إسطنبول أغلقت أبوابها فعليا أمام المصريين منذ العام 2018 تقريبا.

وقال الأشخاص الذين قابلتهم المنظمة إنها لا تقبل طلبات التوثيق الرسمي إلا من خلال صفحتها على "فيسبوك"، بينما تلزم المتقدمين بجميع الطلبات تقريبا بملء نماذج غير رسمية خارج نطاق القانون، راجعتها "هيومن رايتس ووتش".

أبلغ مسؤولو القنصلية المتقدمين بشكل معتاد أن جميع الطلبات يجب أن تحظى بموافقة الأجهزة الأمنية في مصر قبل أن تقدم القنصلية طلباتهم إلى السلطات المختصة.

ومنعت هذه الممارسة آلاف المصريين في تركيا من تقديم طلبات روتينية للحصول على وثائق رسمية، بما فيها جوازات السفر والبطاقات الشخصية، وفق التقرير.

وتسببت سياسة عدم التسامح مع أي شكل من المعارضة التي تنتهجها حكومة السيسي، بإحدى أكبر موجات الهجرة إلى الخارج المنبثقة عن دوافع سياسية في تاريخ مصر الحديث.

ووفقا للأرقام والتقديرات الحكومية الرسمية المنشورة في السنوات الأخيرة، يعيش ما بين 9 و14 مليون مصري في الخارج، ومن بين هؤلاء، يعيش عشرات الآلاف في المنفى لتجنب القمع في الداخل، وفقا لتقديرات تقارير إعلامية وحقوقية.

وقال المعارضون والنشطاء الذين تمت مقابلتهم، إنه يكاد يستحيل الطعن قانونا في رفض السلطات المصرية منح الوثائق الرسمية، لا سيما عندما ترفض السفارات والقنصليات التعامل مع طلبات التوكيل لتفويض محامين في مصر نيابةً عن الموجودين في الخارج.

ولم يتلق أي من الذين تمت مقابلتهم رفضا رسميا كتابيا، كما قال أولئك الذين تلقوا ردا شفهيا إن مسؤولي السفارة أو القنصلية أبلغوهم فقط أن الأجهزة الأمنية لم توافق على إصدار الوثائق.

وطلب المسؤولون من البعض صراحة العودة إلى مصر "لحل مشاكلهم" مع الأجهزة الأمنية.

وفي حالات أخرى، لم يقدم المسؤولون أي رد أو قالوا فقط إن الطلبات معلقة منذ أشهر أو سنوات دون تفسير أو رفض رسمي، حسب التقرير.

وقال الغالبية إنه ليس لديهم قضايا جنائية معلقة ضدهم في مصر، إلا أن 6 قالوا إن السلطات المصرية صنفتهم قانونا بأنهم "إرهابيون" بموجب قانون تعسفي وتشوبه عيوب في مصر، يمنع تلقائيا الأشخاص المعنيين من الحصول على جوازات سفر أو تجديدها.

وذكر المصنفون كـ"إرهابيين" أن السلطات، بالإضافة إلى رفض تجديد جوازات سفرهم، رفضت منحهم وثائق أخرى كشهادات الميلاد والبطاقات الشخصية أو التوكيل القانوني الرسمي، وجميعها إجراءات تعسفية غير منصوص عليها حتى بموجب قوانين الإرهاب المصرية القاسية والتي تشوبها عيوب.

ونقل التقرير عن مهندس مصري يعيش في ألمانيا مع زوجته وأطفاله، قوله إن إجراءات تجنيسه في ألمانيا توقفت بسبب انتهاء صلاحية جواز سفره، ما أدى أيضا إلى بطلان تصريح إقامته في ألمانيا.

وأضاف أن السلطات المصرية رفضت إصدار جواز سفر جديد له لأنه موضوع تعسفا على قائمة "الإرهاب" المصرية منذ 2018 مع مئات آخرين، بناء على قرار قضائي صادر دون جلسات استماع ودون تمكينهم من الطعن في الادعاءات في إجراءات عادلة.

وبالإضافة إلى عدم قدرتهم على الحصول على الوثائق، وصف الذين تمت مقابلتهم جوا عاما من الترهيب والتهديد من قبل المسؤولين المصريين عند زيارة البعثات الدبلوماسية المصرية، وفق "رايتس ووتش".

وأفادت تقارير إعلامية في السنوات الأخيرة أن السلطات المصرية تنشط في التجسس على الجاليات المعارضة في الخارج. منذ العام 2020، اعتقلت دولتان على الأقل، ألمانيا والولايات المتحدة، أشخاصا بتهمة التجسس لصالح الحكومة المصرية ووجهت إليهم تهما، منها جمع معلومات حول المعارضين هناك.

وتابع التقرير: "بحرمان مواطنيها في الخارج تعسفا من جوازات سفر سارية وغيرها من الوثائق الثبوتية، تنتهك السلطات المصرية كُلا من الدستور المصري والقانون الدولي لحقوق الإنسان".

وبموجب القانون الدولي، يحق لكل فرد أن يُعتَرف به كشخص أمام القانون في كل مكان، بالإضافة إلى حقه في تسجيل المواليد.

ودعت "رايتس ووتش" السيسي ورئيس وزراءه مصطفى مدبولي، أن يأمرا الأجهزة الأمنية والبعثات الدبلوماسية فورا بإنهاء جميع المعوقات الخارجة عن القانون التي تقف بوجه إصدار وثائق ثبوتية وتسهيل مثل هذه الطلبات.

كما طالبت المنظمة الدول التي تستضيف معارضين متأثرين ألا ترحّل أي شخص إلى مصر، إن كان عُرضة لخطر الاضطهاد أو التعذيب أو غيره من الأذى الجسيم عند عودته، وأن تسمح للأشخاص الذين يعبرون عن هذه المخاوف بتقديم طلب اللجوء.

وعند تقييم طلبات اللجوء هذه، ينبغي للحكومات و"المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين" وغيرهم من محكّمي اللجوء أن يأخذوا بعين الاعتبار التقارير التي توثق القمع المستمر في مصر، وكذلك عجز العديد من المعارضين في الخارج عن الحصول على وثائق ثبوتية.

وختم كوغل التقرير بالقول: "تصدير الحكومة المصرية القمع عبر سفاراتها وقنصلياتها في الخارج يهدف إلى تدمير سبل عيش المصريين في المنفى وأصبح جانبا مهما من هجومها المستمر على جميع أشكال المعارضة".

منذ أن أطاح الجيش بحكومة محمد مرسي المنتخبة ديمقراطيا في يوليو/تموز 2013، أشرفت حكومة السيسي على حملة قمع واسعة ضد المنتقدين استهدفت في البداية أعضاء فعليين أو متصوَّرين في جماعة "الإخوان المسلمين"، التي حظرتها الحكومة آنذاك، قبل أن تتوسع بسرعة إلى خنق جميع أشكال المعارضة بوحشية، وفق تقارير حقوقية.

كما أنه في السنوات الأخيرة، وثّقت "رايتس ووتش" استهداف السلطات المصرية العشرات من أقارب المعارضين في مصر الذين غادروا البلاد بالاعتقالات، ومداهمات المنازل، والاستجواب، ومنع السفر.

وأعرب المسؤولون بشكل مباشر في بعض المناسبات عن عدائهم للمعارضين في الخارج، حتى قالت وزيرة الهجرة وشؤون بالخارج في 2019 لمجموعة من المصريين في كندا: "أي شخص (في إشارة إلى منتقدين في الخارج) يقول كلمة واحدة عن بلادنا سيُقطّع"، وأشارت بقطع الرقبة وهي تقول ذلك.

المصدر | الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

مصر المعارضون المصريون السلطات المصرية تجديد الوثائق

المنفى أو السجن.. تقرير يوثق حالات ابتزاز جديدة ضد المعارضين المصريين بالخارج