رويترز: انتفاضة فلسطينية ثالثة وشيكة مع جيل جديد من المقاومين بالضفة

الأربعاء 15 مارس 2023 07:30 ص

سلط تقرير نشرته وكالة "رويترز" الضوء على إرهاصات انتفاضة فلسطينية جديدة قالت إنها ستكون مختلفة كليا، عبر جيل جديد من الفلسطينيين في الضفة الغربية نشأ بعيدا عن القيادة الفلسطينية الرئيسية وارتبط بمواقع التواصل الاجتماعي، التي كرست أمامهم معاناتهم.

واعتبر التقرير، الذي ترجمه "الخليج الجديد"، أن انتشار العمل المسلح "العفوي" في الضفة الغربية ضد قوات الاحتلال الإسرائيلي والمستوطنين، وسعي بعض الشباب لإعلان ارتباطهم بفصائل فلسطينية، وظهور مجموعات مسلحة أخرى، مثل "عرين الأسد"، و"كتيبة جنين"، دليل على قرب حدوث شيء كبير.

ودلل التقرير على ذلك بالهجوم الذي شنه شابان من مخيم عقبة جبر على مطعم في أريحا يتراده مستوطنون إسرائيليون، في يناير/كانون الثاني الماضي، حيث أعلن المهاجمون ولاءهم لحركة "حماس"، وكان ذلك مفاجأة للحركة ذاتها التي لم تكن تعلم عنهم شيئا.

وقال وائل عوضات، والد إبراهيم ورأفت، اللذين كانا ضمن تلك المجموعة، إنهما لم يكونا أعضاء في كتائب القسام، الجناح العسكري لحركة حماس التي تدير قطاع غزة، مضيفا: "كان لدى أولادي حياة عادية وما جرى معهما قرار شخصي".

وذكر مسؤولان من حماس لـ"رويترز"، تحدثا شريطة عدم نشر اسميهما، أنه في ظل المراقبة المشددة التي تجعل من المستحيل العمل بشكل طبيعي في الضفة الغربية، تعتمد حماس على شبكات غير رسمية أكثر مرونة لتجنب رصدها.

وقال أحد كوادر حماس في أريحا، وهي مدينة هادئة في العادة تشتهر بكونها مكانا لقضاء عطلة نهاية الأسبوع بالقرب من البحر الميت، إن الحركة لم تكن على علم بالخلية التي تقف وراء الهجوم على المطعم، لكنه قال: "ستسعد أي فصيلة بإعلان عضويتهم بها".

وأضاف كادر حماس: "كل المؤشرات تدلل على أن انتفاضة قادمة... اليوم يوجد جيل جديد يؤمن أن الحل الوحيد هو الكفاح المسلح".

تيك توك

وينقل التقرير عن أحد المقاتلين الشباب كان ملثما في مسيرة بجنين هذا الشهر، وهو يضع شارة كتائب القسام على رأسه: "اليوم لدينا جيل جديد واعي للمقاومة وهذا جيل يعرف شراسة الاحتلال".

وتابع: "لدينا جيل لا يعرف الخوف، لا يخاف الاعتقال أو الإصابة أو الاستشهاد، ولا يخاف من أي شي، وجيل لا يهاب جيش الاحتلال ويحلم بالشهادة".

وفي ظل عدم وجود قيادة مركزية، تبث المجموعات رسائلها من خلال الأغاني ومقاطع مصورة على تيك توك وملصقات للمقاتلين على الجدران، لتطرح خططا لشباب غاضبين مما يشعرون أنها إهانات متكررة من الجنود والمستوطنين الإسرائيليين.

وذكر مسلح ملثم من كتيبة جنين: "العدد (المسلحين) مستمر وبازدياد ليعلم هذا العدو أن القتل الذي يمارسه والعنف الذي يمارسه اتجاه شعبنا ومخيمنا يزيد عدد المقاتلين ولا ينقصهم".

ويقول التقرير إنه على مدار العام الماضي، شنت قوات الاحتلال الإسرائيلي مداهمات شبه يومية بالضفة الغربية في إطار حملة قمع بدأت في أعقاب سلسلة من الهجمات التي شنها فلسطينيون.

فقد قُتل أكثر من 200 فلسطيني، سواء من المسلحين أو المدنيين، منهم حوالي 80 هذا العام فقط، فيما قُتل أكثر من 40 من الإسرائيليين والأجانب في هجمات شنها فلسطينيون داخل الخط الأخضر أو الضفة الغربية أو في محيط القدس.

وأوضح مسؤولون فلسطينيون وإسرائيليون إنه مع اقتراب شهر رمضان وعيد الفصح اليهودي، تتنامى المخاوف من المزيد من العنف، مع تدفق أسلحة مهربة من سوريا ولبنان والعراق ولبنان والأردن وإسرائيل نفسها.

وقال ضابط إسرائيلي كبير تحدث لـ"رويترز"، شريطة عدم نشر اسمه: "إنها أسلحة حقيقة.. بنادق إم 16 وبنادق كلاشينكوف ومسدسات وذخيرة.. إنها ليست أسلحة يمكنك صنعها في المنزل. إنها أسلحة تشتريها الدول".

إلى جانب ذلك، قال الضابط إن الجيل الجديد من المسلحين يستخدم وسائل التواصل الاجتماعي في التعبئة بشكل فعال.

وتابع: "هناك السلاح الأكثر فتكا، والذي لا يتحدث عنه أحد، وهو الهاتف، فالأشياء تنتقل بسهولة شديدة على شبكات التواصل الاجتماعي من جهة إلى أخرى عبر تيك توك وما إلى ذلك".

رغم أن غياب القيادة قلل التركيز السياسي على الجماعات الجديدة، يقول مسؤولون أمنيون إسرائيليون إن طبيعتها الفضفاضة والعدد الكبير ممن ينفذون هجمات بشكل منفرد دون أن تكون لديهم انتماءات تنظيمية معروفة جعل السيطرة عليهم أكثر صعوبة.

وأظهرت حوادث مثل إطلاق النار الذي تعرض له إسرائيليان في الضفة الغربية في 26 فبراير /شباط الماضي على يد مسلح من "حماس"، وما أعقبه من قيام مئات المستوطنين بهجوم انتقامي على بلدة حوارة الفلسطينية القريبة مدى هشاشة الوضع.

وقد أصبح العنف أمرا متواصلا، تماما كما اعتاد الفلسطينيون بشكل يومي على الصدامات مع الجنود الإسرائيليين عند نقاط التفتيش، حيث يكثفون البحث عن "الذئاب المنفردة"، أو مع المستوطنين الإسرائيليين الذين يستفزون الفلسطينيين ويهاجمونهم في ظل تمتع واضح بالإفلات من العقاب.

ومع تكرار عمليات القتل واحدة تلو الأخرى، تتزايد الدعوات العاجلة للتهدئة من المجتمع الدولي الذي يستشعر القلق.

لكن لا إسرائيل، التي تتولى السلطة فيها حاليا واحدة من أكثر الحكومات الدينية القومية اليمينية تشددا في تاريخها، ولا المسلحين الفلسطينيين على استعداد للتراجع.

ويقول أحمد غنيم، الذي قُتل شقيقاه في مداهمة إسرائيلية في يناير/كانون الثاني الماضي، خلال تواجده في عرض عسكري بمخيم جنين في الثالث من مارس/آذار الجاري لتأبين مقاتلين من كتيبة جنين: "اخترنا هذا الطريق لأنه الطريق الوحيد الذي يردع الاحتلال عن الممارسات التي يرتكبها ضد شعبنا.. من إيش الخوف، من الموت؟ إحنا كل يوم بنواجهه. انت ماشي بالشارع بتواجه الموت، من شو بدي أخاف؟. لا، بحمل سلاحي وبوقف ضد الجيش".

وكان العرض هو الأضخم في السنوات الأخيرة وشارك فيه نحو 250 مقاتلا من فصائل مختلفة في ساحة تغطت جدرانها بصور الشهداء، ورفع المشاركون أسلحة من أنواع مختلفة منها ما هو حديث، مع مناظير وكواتم صوت.

وبعد أربعة أيام، داهمت قوات الاحتلال المخيم؛ مما أسفر عن مقتل ستة مسلحين - على الأقل - أحدهم عضو "حماس" الذي نفذ إطلاق النار في حوارة في 26 فبراير/شباط.

وبعد ذلك بيومين، قُتل ثلاثة مسلحين من الجهاد الإسلامي في مداهمة بمنطقة قريبة.

والأحد الماضي، قُتل ثلاثة من مسلحي جماعة "عرين الأسود" في تبادل لإطلاق النار مع قوات إسرائيلية.

ووفق تقرير "رويترز"، عادة ما يحمل الإسرائيليون مسؤولية تصاعد العنف للسلطة الفلسطينية التي تمارس ظاهريا درجة محدودة من الحكم في الضفة الغربية، ولكنها في الواقع تقف مكتوفة الأيدي في المناطق المضطربة مثل جنين.

ومما يزيد الطين بلة، انشغال السلطة منذ شهور بمستقبل رئيسها محمود عباس البالغ من العمر 87 عاما، والذي قد يؤدي غيابه في نهاية المطاف إلى تصارع الفصائل على السلطة.

وترد السلطة الفلسطينية بأن تصرفات إسرائيل تقوض قبضتها على الأمور باستمرار؛ مما يضعف سلطتها ويفاقم في الوقت نفسه حالة الاستياء بين الشباب الذين يعانون بالفعل من ارتفاع معدلات البطالة وندرة الفرص.

المصدر | رويترز - ترجمة وتحرير الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

انتفاضة فلسطينية مسلحون فلسطينيون الفصائل الفلسطينية حماس عرين الأسود كتيبة جنين قوات الاحتلال

القسام: المشروع السياسي بالضفة انتهى والأيام القادمة حبلى بالأحداث

إسرائيل تفرق مسيرات بالضفة وتصيب عشرات الفلسطينيين

بن غفير يتوعد بإطلاق عملية "الدرع الواقي 2" في الضفة