مجلة أمريكية: الاتفاق السعودي الإيراني يكشف تراجع نفوذ الاتحاد الأوروبي بالشرق الأوسط

الأربعاء 15 مارس 2023 07:21 م

اعتبر الخبير فى السياسة الخارجية إلدار محمدوف أن الإعلان عن إعادة العلاقات الدبلوماسية بين السعودية وإيران، بوساطة صينية، كشف عن التضاؤل المتزايد لنفوذ الاتحاد الأوروبي فى الشرق الأوسط.

وأضاف محمدوف في تحليل نشره بمجلة "ريسبونسيبل ستيت كرافت" الأمريكية، وترجمه "الخليج الجديد" أن الإعلان المذكور أجبر الاتحاد الأوروبي على الاعتراف بالصين صراحة - على عكس ما كان  يريد التكتل في السابق- عبر إعلانه استعداده للانخراط مع جميع الجهات الفاعلة فى الشرق الأوسط. 

ولفت محمدوف إلي أنه يمكن القول إن الاتحاد الأوروبي منشغل بشكل كامل في مواجهة العدوان الروسي على أوكرانيا، لكن تضاؤل نفوذه فى الشرق الأوسط سبق الحرب ويرجع ذلك جزئيا إخفاقه في توسيع النفوذ الذي كان يتمتع به في تلك المنطقة.  

وأشار إلي أن الصين تلعب الآن في الشرق الأوسط  الدور المخصص تقليديًا للأوروبيين: وهو التحدث إلى جميع الأطراف ودعمها بقوة اقتصادية.فعلى عكس الولايات المتحدة، كان للاتحاد الأوروبي علاقات دبلوماسية مع جميع اللاعبين في المنطقة، بما في ذلك إيران.

وبعد الاتفاق النووي لعام 2015 المعروف باسم خطة العمل الشاملة المشتركة، اتفق الاتحاد الأوروبي وإيران على خارطة طريق طموحة لتطوير العلاقات الثنائية.

وأضاف أنه حتى بعد انسحاب الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب بشكل منفرد من خطة العمل الشاملة المشتركة (الاتفاق النووي) في عام 2018، حافظت إيران على امتثالها لأكثر من عام على ما يبدو على أمل عقيم في أن يقوم الاتحاد الأوروبي بمطابقة بياناتها السياسية مع التزامات مالية حقيقية للحفاظ على استمرار الاتفاق النووي. 

في غضون ذلك، تم إنشاء مجموعة E3 ( التي تتكون من فرنسا وألمانيا والمملكة المتحدة) أداة تجارية خاصة - INSTEX - مصممة لتسهيل التجارة المشروعة مع إيران.

ولكن  سرعان ما اصطدمت هذه المبادرة بجدار حيث كانت المؤسسات المالية الأوروبية مترددة في الانخراط في التجارة مع إيران خشية أن تتعارض مع العقوبات الأمريكية التي تتجاوز الحدود الإقليمية.

وتم حل الأداة فى الشهر الماضي، وما زاد الطين بله لزيادة الطين بلة، أن منشئ  INSTEX الأوروبيون ألقوا باللوم على إيران في فشلها في تنفيذ مهامها.

وذكر محمدوف أن فشل الاتحاد الأوروبي أيضا في حماية خطة العمل الشاملة المشتركة وإشراك جميع دول الخليج العربي بطريقة متوازنة ، ساهم في إبعاد المعتدلين الإيرانيين الذين راهنوا الكثير من رأسمالهم السياسي على تطبيع العلاقات وزيادة التجارة مع أوروبا.

وأضاف أن هذا الفشل ساعد الفصائل المحافظة المتشددة في إيران على تعزيز قوتها وتمحور سياستها الخارجية نحو "الشرق".

ولفت إلي الإمدادات اللاحقة من الطائرات بدون طيار الإيرانية لمساعدة العدوان الروسي في أوكرانيا، جنبًا إلى جنب مع القمع المحلي للاحتجاجات التي أعقبت مقتل "شرطة الأخلاق" للشابة مهسا أميني، قلب الرأي العام الأوروبي بشكل حاسم ضد الجمهورية الإسلامية.

وتابع "أضف إلى ذلك الأصوات العديدة والصريحة للمغتربين الإيرانيين التي حولت إيران إلى قضية محلية في بعض الدول الأوروبية الرئيسية، وأصبحت أي مبادرات دبلوماسية جديدة مع طهران محظورة سياسيًا على حكومات الاتحاد الأوروبي.

في حين أن الاتحاد الأوروبي فقد نفوذه الضئيل على إيران، فإن علاقته مع السعودية ، من الناحية النظرية كشريك اقتصادي ودبلوماسي وأمني رئيس للتكتل، ليست أفضل بكثير.

وعقب أن السعودية تجاهلت النداءات الغربية لزيادة إنتاجها من النفط من أجل خفض أسعار الطاقة والتضخم الضار سياسيًا في الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي والذي تفاقم بسبب حرب روسيا على أوكرانيا.

بينما جادل البعض بأن رفض الرياض كان نتيجة لنأي الغرب بنفسه عن "الشريك الرئيس" من خلال انتقاد الحرب السعودية المدمرة في اليمن، والقتل الشنيع للصحفي جمال خاشقجي، وقمع نشطاء حقوق المرأة، فإن الحقيقة هي أن الاتحاد الأوروبي، لم يفرض أي عقوبات على الرياض بسبب هذه التجاوزات.

وذكر محمدوف أنه على الرغم من أهمية الاتفاق بين الصفقة نفسها، فإن حقيقة موافقة الشريك الإقليمي الاسمي للغرب على تسليم هذا الإنجاز الدبلوماسي إلى المنافس الغربي للغرب يحكي عن الكثير.

وأشار إلي أن التحرك الجريء الذي اتخذته الصين في التوسط في التطبيع السعودي الإيراني، والذي كان بلا شك مدعومًا من قبل اللاعبين الإقليميين، لا سيما العراق وسلطنة عمان، يوضح أيضًا التحولات الأوسع نحو التعددية القطبية والوكالة داخل المنطقة في الشرق الأوسط.

وخلص محمدوف إلي أنه مع ذلك، فإن صعود الصين قد سهله تراجع قدرة الاتحاد الأوروبي على التأثير في الأحداث في المنطقة. مشيرا إلي أن أفضل ما يمكن أن يفعله الاتحاد الأوروبي الآن هو محاولة الاستفادة من أي تطور يؤدي إلى مزيد من الأمن والاستقرار في المنطقة.

المصدر | إلدار محمدوف /ريسبونسيبل ستيت كرافت- ترجمة وتحرير الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

الاتفاق الإيراني السعودي الاتحاد الأوروبي وساطة صينية نفوذ الاتحاد الأوروبي فى الشرق الأوسط