استطلاع رأي

أي من هذه الدول تمارس الدور الأكثر إيجابية في حرب غزة؟

السعودية

مصر

قطر

إيران

تركيا

أهم الموضوعات

طبقات اليمين الإسرائيلي وبصيرة دا سيلفا

عن أوهام التفاؤل الأميركي

أزمة اقتصاد مصر وانتظار الفرج من الخارج

نحو وقف الحرب على غزة

سيناريو اليوم التالي للحرب

فرصة الممكن والأمل

الخميس 16 مارس 2023 06:49 ص

فرصة الممكن والأمل

الويل والويل لنا إن نحن جميعاً أضعنا فرصة الممكن والأمل التي أمامنا.

قدرنا أن نكون هنا وقدرنا أن نعيش هنا. وكل كسر لهذه القاعدة لن يستفيد منه إلا الأعداء الخارجيين المتربصين بكلا ضفتي الخليج.

أحمال خلافات التاريخ ثقيلة، والأعداء كثيرون وأصحاب المصالح الفئوية يتربصون، لكن الاتفاق الموقّع المزمع تفعيله قريباً هو خطوة في الاتجاه الصحيح.

لقد ارتكبت أخطاء وخطايا كثيرة ستحتاج إلى كثير من التواصي بالحق وبالصبر. ولسنا سذجًا يعتقدون بأن الحلول ستكون جاهزة وأن الطريق سيكون سهلاً.

* * *

ما إن أعلن عن الاتفاق الصعب، ولكن الواعد، ما بين الشقيقة المملكة العربية السعودية والجارة جمهورية إيران الإسلامية، الذي بالفعل يمثل تغييراً ثورياً في الساحة السياسية الخليجية، حتى قوبل بفيض متلاطم من ردود الفعل.

بعض تلك الردود تميز بالغمز واللمز البذيئين لكلا البلدين، والبعض ركّز على التقليل من أهمية الاتفاق، بل الشك في استمراره وجدواه، والبعض كان واضحاً أنه كان يردد ما كتب له من قبل جهات أمنية ومصلحية ستضار استراتيجياتها وأهدافها لإبقاء الأمتين العربية والإسلامية في عوالم الخلافات والصراعات التي أنهكت قواهما وأشغلتهما عن أعدائهما الحقيقيين: الاستعمار والصهيونية وشركات الاستغلال العولمية الجشعة، وشتى أنواع القوى الفئوية الرجعية المهيمنة على الثروات والجاه والسلطان.

لكن شعوب الأمتين يجب أن لا تضيع في متاهات نبش الماضي البعيد والقريب وطرح الأسئلة الانتهازية الملغومة، بدلاً من ذلك، عليها أن تركز على طرح الأسئلة التي قد تقود إلى إغناء وتحسين روح ومكونات الاتفاق، أو التي قد تجنبه الوقوع في أوهام وشكليات مظهرية لصالح هذه الجهة أو تلك، على ضوء تلك الخلفية دعنا نتساءل بجدية موضوعية:

أولاً: هل جرت مناقشات ومشاورات واتفاقات مبدأية بين دول مجلس التعاون الخليجي، من أجل جعل موضوع العلاقة العربية ـ الإيرانية مستقبلاً موضوعاً ومسؤولية خليجية مشتركة؟ لها ضوابطها وتطلعاتها المتناغمة مع مصالح الأمة العربية القومية المشتركة؟

ثانياً: والتساؤل نفسه، روحاً ومستقبلاً، ينطبق على علاقة الكثير من جوانب الموضوع مع مهمات وأهداف منظمة التعاون الإسلامي، فقد آن الأوان أن نتعامل مع قضايا الأمتين العربية والإسلامية المصيرية وتطلعاتهما المشتركة، حاضراً ومستقبلاً، بشمولية وتدرجية تقود إلى الأفضل والأقوى للجميع، تحت مظلتي رابطة العروبة من جهة ورابطة الأخوة الإسلامية من جهة أخرى. مثل هذا التعامل الثنائي التجزيئي المؤقت، والذي مارسته الأمتان عبر قرون، أبقاهما مكشوفتين أمام القوى الخارجية، ومتخلفتين وراء حضارة العصر، ومتنافستين بصور عبثية منهكة.

ثالثاً: متى سنقتنع في الخليج بأن جغرافية القرب بين الضفتين العربية والإيرانية، وتشابك المصالح الاقتصادية والاستراتيجية، ومتطلبات عقيدة وثقافة الدين الإسلامي الواحد لغالبية ساكنيه الساحقة، تحتم جميعها وجود علاقة متكافئة ومتعاونة بين دولها تتصف بالأخذ والعطاء، والتسامح، وعدم التدخل في شؤون الداخل، وترك جانباً كل الادعاءات التاريخية وبلادات أحداث الماضي، الذي ولى وانتهى، ولجم وإسكات كل أصوات التطرف المذهبي والأيديولوجي والعرقي والمصلحي؟

قدرنا أن نكون هنا وقدرنا أن نعيش هنا. وكل كسر لهذه القاعدة لن يستفيد منه إلا الأعداء الخارجيين المتربصين بكلا الضفتين. دعنا نذكر أنفسنا بالقول الرائع الشهير: من كان منكم بلا خطيئة فليرجم هذه المرأة، والمرأة هي كلتا الأمتين وليست إحداهما.

قدرنا أن نكون هنا وقدرنا أن نعيش هنا. وكل كسر لهذه القاعدة لن يستفيد منه إلا الأعداء الخارجيين المتربصين بكلا الضفتين. لقد ارتكبت أخطاء وخطايا كثيرة ستحتاج إلى الكثير من التواصي بالحق وبالصبر. ولسنا من السذج الذين يعتقدون بأن الحلول ستكون جاهزة وأن الطريق سيكون سهلاً.

ذلك أن أحمال خلافات التاريخ ثقيلة، والأعداء كثيرون والجهلة أكثر وأصحاب المصالح الفئوية الأنانية يتربصون، ولن يهدأوا، لكن الاتفاق المزمع توقيعه وتفعيله قريباً هو خطوة في الإتجاه الصحيح، فالويل والويل لنا إن نحن جميعاً أضعنا فرصة الممكن والأمل التي أمامنا.

*د. علي محمد فخرو سياسي ومفكر قومي بحريني

المصدر | الشروق

  كلمات مفتاحية

السعودية إيران الخليج الاتفاق السعودي الإيراني مجلس التعاون الخليجي فرصة الممكن والأمل