لهذه الأسباب تشجع عمان على التواصل البناء مع طالبان (تحليل)

الخميس 16 مارس 2023 09:57 م

لم تقلب عودة حركة طالبان إلى السلطة في أفغانستان عام 2021 الوضع في البلاد رأسًا على عقب فحسب، إنما شكلت أيضًا تحديًا للحكومات الإقليمية، وكان من ضمنها سلطنة عُمان المحايدة، والتي تركز دائما على الدبلوماسية كنهج حذر، لكنها حثت على التواصل البناء معها.

هكذا خلص تحليل لموقع "أمواج ميديا"، قال إنه لطالما كانت مسقط حذرة تجاه طالبان، فهي لم تعترف بحكم الجماعة السابق بين عامَي 1996 و2001، ودعمت عددًا من الحكومات المدعومة من الغرب في كابل التي تولت السلطة بعد قيام الولايات المتحدة بالإطاحة بطالبان.

وعلى الرغم من عدم الاعتراف بالأمر علنًا، أُفيد بأن عمان سمحت باستخدام أراضيها لانطلاق مهمات أميركية إلى أفغانستان.

وفي السنوات الأخيرة، بقيت الهوة بين السلطنة وطالبان واسعة.

وفي أكتوبر/تشرين الأول 2017، استضافت عُمان محادثات السلام التي تركز على أفغانستان، والتي ضمت ممثلين أفغان وأميركيين وباكستانيين وصينيين. لكن طالبان لم تشارك حينها مطيحة بذلك بجهود مسقط الدبلوماسية.

وعلى هذه الخلفية، أثار مفتي عمان الشيخ أحمد الخليلي، جدلًا في أغسطس/آب 2021، عندما وصف عودة طالبان إلى السلطة بـ"تحقيق وعد الله الصادق" و"النصر العزيز على الغزاة المعتدين"، ومع ذلك، فإن خطاب الخليلي لم يعكس تحولًا في الموقف الرسمي لمسقط.

وواصلت السلطنة تقديم الدعم لمن يعارضون الحركة، وقال بعض الباحثين إن مسقط آوت بهدوء أفغان فروا خوفًا من تبادل الاتهامات.

ووفق التحليل، أثارت عودة طالبان إلى السلطة قلق المسؤولين العمانيين بشأن التداعيات المحتملة لديناميات الأمن الإقليمي الأوسع، وتساءلت مسقط عما إذا كان بإمكان طالبان الحكم بشكل فعال، كما كانت قلقة بشأن نطاق الحريات الذي يمكن أن تسمح به الجماعات المتطرفة مثل القاعدة والجماعة المحلية التابعة لتنظيم الدولة الإسلامية داعش المسماة تنظيم الدولة الإسلامية بولاية خراسان.

على الرغم من تبدد القلق إلى حد ما، حافظت عمان على حذرها تجاه طالبان، مراعية بذلك مخاوف شركائها الإقليميين والدوليين تجاه أفغانستان.

وتفسح السلطنة لهذا الغرض بالمجال لأعضاء مجلس التعاون الخليجي الآخرين الذين لديهم باع طويل في التعامل مع طالبان وخاصة قطر والإمارات لأخذ زمام المبادرة.

وتشمل هذه الجهود الحوار مع الإمارة الإسلامية في أفغانستان، وتشغيل الخدمات في البلاد على سبيل المثال إدارة المطارات.

وقال محللون في هذا السياق إن مسقط فضلت البقاء في "المقعد الخلفي" في هذه العلاقة مراعية بذلك مخاوف شركائها.

ومع ذلك، تحث عمان على التعامل البراغماتي مع طالبان، فلطالما أعطت مسقط الأولوية للقضايا الإنسانية على حساب القضايا السياسية في أفغانستان، ومن المرجح أن تعكس سياستها تجاه حكم طالبان الحالي استمرارًا لهذه الاستراتيجية.

يقول الزميل البارز في مركز صوفان كينيث كاتزمان، إن العمانيين يعلمون أن لديهم ما يكفيهم من الصعوبات المالية لعدم تحمل مسؤوليات مالية تجاه طالبان، التي لا يخفى على أحد أنها خاضعة لعقوبات ناهيك عن أنها لا تحظى  بشعبية واسعة.

ويضيف أن طالبان لم تكن من أولويات مسقط، موضحًا أن عمان "مرتاحة لأن تتولى دول الخليج الأخرى زمام المبادرة وتسمح للولايات المتحدة وباكستان وغيرهما بمحاولة تقييد حركة طالبان وحملها على التعاون".

أما الباحثة في جامعة ترينتو جوليا داجا، فتقول إن مسقط تعترف بحكم الأمر الواقع في أفغانستان، وتحث المجتمع الدولي على مساعدة المدنيين وحمايتهم، بدلًا من التفكير بالأيديولوجيا وطرح الأسئلة حول الحزب الذي يتولى السلطة.

وتصف داجا وجهة النظر هذه بأنها "مثال واضح على النهج العماني الذي يجمع بين المقاربة العملية والمعيارية لتغيير النظام والصراعات الدولية"، وتقول إن مسقط تميل إلى "قبول الأمر الواقع" ومن ثم تقديم المنطق الأخلاقي لموقفها.

وإدراكًا لهذا السياق، قد تعترض عمان بالتالي على العقوبات التي فرضتها الولايات المتحدة على طالبان وكبار قادتها.

وختم التحليل بالقول: "تتبنى عُمان استراتيجية حذرة بشأن أفغانستان التي تسيطر عليها طالبان بما يعكس جانبًا كبيرًا من سياستها الخارجية، مع إبقاء الحياد والدبلوماسية في صميم نهجها".

((4))

المصدر | الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

عمان أفغانستان طالبان

بعد ترسيخ مرشد طالبان سيطرته.. كيف تغير انخراط الخليج مع أفغانستان؟