استطلاع رأي

أي من هذه الدول تمارس الدور الأكثر إيجابية في حرب غزة؟

السعودية

مصر

قطر

إيران

تركيا

أهم الموضوعات

طبقات اليمين الإسرائيلي وبصيرة دا سيلفا

عن أوهام التفاؤل الأميركي

أزمة اقتصاد مصر وانتظار الفرج من الخارج

نحو وقف الحرب على غزة

سيناريو اليوم التالي للحرب

حين تكون «الأزمة» ليست مشكلة أصلا!

الخميس 23 مارس 2023 07:08 ص

حين تكون «الأزمة» ليست مشكلة أصلًا!

«أزمة الهجرة» ليست مشكلة أصلا، وإنما هى مسألة أيديولوجية وعنصرية بامتياز!

هل سيؤدي الانخفاض السكانى في الصين، الذى بدأ بالفعل، بحسب فوكسيان، لانحسار قوتها مع الوقت.

صار انخفاض السكان فعلا مثار قلق الصين بعدما كان أحد عناصر قوتها التى وصلت بها لمرتبة التنافس مع أمريكا.

الصين بنت رؤيتها وتخطيطها للمستقبل على توقع ارتفاع ناتجها المحلى الإجمالى مع حلول عام 2049 لما يعادل الضعف أو أكثر مقارنة بأمريكا.

لعل انخفاض المواليد السبب الذى يجعل الصين تتجه بقوة للاستثمار فى الذكاء الصناعى لتعويض نقص العمالة مستقبلا بالروبوتات التى تقوم بعمل الإنسان.

تسير أمريكا وأوروبا الغربية باتجاه انخفاض السكان ونسبة القوة العاملة، أى الشباب، إلى مجموع السكان، وستغدو كلها، مع الوقت، أممًا شائخة لا أممًا شابة.

الأمم التى تحتاج عمالة شابة تتُجيّش ضد المهاجرين وتهاجمهم رغم أنها بحاجة لمن فى أعمارهم للعمل لكنهم من غير البيض فالمطلوب لفظهم ومعاداتهم!

* * *

تحليل قدمه الباحث الصينى فى المنفى، يي فوكسيان، يتوقع أفول الصين. ورغم ما قد يعترى رؤية الباحث من نظرة منحازة كونه منفيًا فإن ما يستحق التأمل هو منطق تحليله، وعلاقته بالذكاء الصناعى بل وما يسمى «أزمة الهجرة» فى الغرب!

و«فوكسيان» معروف منذ سنوات بمعارضته «سياسة الطفل الواحد» الصينية، وهو يربط انخفاض السكان بالصين بانحسار قوتها. وما يعطى المقال مصداقية أن ذلك الانخفاض صار فعلا مثار قلق الصين بعدما كان أحد عناصر قوتها التى وصلت بها لمرتبة التنافس مع أمريكا.

فالكاتب يقول إن الصين بنت رؤيتها وتخطيطها للمستقبل على توقعها بأن يرتفع ناتجها المحلى الإجمالى مع حلول عام 2049 لما يعادل الضعف أو أكثر، بالمقارنة بالولايات المتحدة. وهى بنت ذلك التوقع على أن عدد سكانها سيكون أكبر من عدد سكان أمريكا بمقدار 1:4. لكن لأن الصين أعلنت أن انخفاض عدد سكانها قد بدأ بالفعل العام الماضى.

فإن كل التوقعات المبنية على استمرار ارتفاع عدد السكان تصبح، بالتالى، غير صحيحة. ويشير المقال لوجود علاقة طردية سلبية قوية بين معدل النمو الاقتصادى ونسبة القوة العاملة إلى مجموع السكان، وقدم أمثلة عدة. فحسب المقال، كان متوسط العمر فى اليابان، عام 1951، 21 عامًا مقابل 29 بالولايات المتحدة.

ولذلك شهدت اليابان معدل نمو أكبر من الولايات المتحدة، لأن قوة العمل باليابان كانت أكبر. ثم تبدلت أحوال اليابان منذ 1994 حين ارتفعت نسبة كبار السن لمجموع السكان.

والشىء نفسه حدث فى كوريا الجنوبية التى تحققت نهضتها حين كانت أمة شابة، أى ارتفعت نسبة الشباب لمجموع السكان. ثم انخفض معدل النمو طرديًا مع انخفاض أعدادهم منذ 2014.

ويعلق الكاتب قائلا إن انخفاض المواليد لعله السبب الذى يجعل الصين تتجه بقوة للاستثمار فى الذكاء الصناعى لتعويض نقص العمالة مستقبلا بالروبوتات التى تقوم بعمل الإنسان، وإن كان مثل هذا البديل سيظل متاحًا لفسحة زمنية قصيرة لأن تطوير الذكاء الصناعى نفسه يحتاج لعقول شابة قادرة على الابتكار.

ثم يضيف أن الروبوتات ليست مستهلكًا كالبشر، بينما الاستهلاك عنصر أساسى من عناصر أى اقتصاد ناجح.

ورغم أن الصين ستظل لفترة زمنية ثانى اقتصاد بالعالم بعد الاقتصاد الأمريكى، فإن الانخفاض السكانى، الذى بدأ بالفعل، سيؤدى، وفقً فوكسيان، لانحسار قوتها مع الوقت.

والحقيقة أن منطق المقال يستحق التأمل من أكثر من زاوية. فالولايات المتحدة ودول أوروبا الغربية تسير فى الاتجاه نفسه من حيث انخفاض نسبة القوة العاملة، أى الشباب، إلى مجموع السكان، وستغدو كلها، مع الوقت، أممًا شائخة لا أممًا شابة.

وما سبق كله يعنى، عندى، أمرين لكليهما دلالة بالغة. أولهما أنه يفضح السبب وراء ذلك السباق المحموم للاستثمار فى الذكاء الصناعى. فالواضح أنه استثمار لتعويض النقص المتوقع فى العمالة، لا بهدف التقدم العلمى فى ذاته. أما الأمر الثانى والأكثر أهمية، فى تقديرى، فهو أنه يفضح عنصرية مواقف دول الغرب من قضية الهجرة.

فالأمم التى تحتاج للعمالة الشابة هى ذاتها التى تُجيّش الجيوش ضد المهاجرين وتنعتهم بأسوأ الصفات رغم أنها فى حاجة لمن فى أعمارهم للعمل. لكن لأنهم من جنوب العالم من غير البيض فالمطلوب لفظهم ومعاداتهم حتى لو كان البديل هو الروبوت الذى لا يشعر ولا يتنفس وتتم برمجته للقيام بمهام البشر!.

باختصار، «أزمة» الهجرة ليست مشكلة أصلا، وإنما هى مسألة أيديولوجية وعنصرية بامتياز!

*د. منار الشوربجي أستاذ العلوم السياسية المساعد، باحثة في الشأن الأمريكي

المصدر | المصري اليوم

  كلمات مفتاحية

الصين أمريكا أوروبا الغربية يي فوكسيان الذكاء الاصطناعي روبوتات أزمة الهجرة سياسة الطفل الواحد انخفاض السكان