إثيوبيا تحتفل باكتمال بناء 90% من سد النهضة.. ما هي خيارات مصر المتبقية؟

السبت 25 مارس 2023 01:51 م

يوافق السبت 25 مارس/آذار 2023، الذكرى الـ12 لوضع حجر الأساس لسد النهضة الإثيوبي، حيث تحتفل السلطات 90% من بناء سد النهضة رغم ما وصفته بالتحديات والضغوط الدبلوماسية التي واجهتها والحرب الداخلية.

وتحتفل أديس أبابا بهذه المناسبة، مع التحضير لعمليات تعبئته الرابعة في يوليو/تموز المقبل، في حين حذرت القاهرة من خطر وجودي كارثي عليها، مؤكدة أن عمليات البناء والملء من جانب أحادي تشكل خرقا للقانون الدولي.

والجمعة، أعلنت السلطات الإثيوبية اكتمال 90% من بناء سد النهضة رغم ما وصفته بالتحديات والضغوط الدبلوماسية التي واجهتها والحرب الداخلية.

وقالت فقرتي تامرو نائبة رئيس مجلس منسقية مشروع سد النهضة، إن بلادها واجهت تحديات وضغوطا دبلوماسية وحربًا داخلية، ومع ذلك تمكن الإثيوبيون من إنجاز سد النهضة.

وبالتزامن مع الاحتفالات الرسمية انطلقت في مدينة أصوصا عاصمة إقليم بني شنغول غربي إثيوبيا حملة لجمع التبرعات وشراء السندات لدعم استكمال بناء سد النهضة.

وجاء هذا الإعلان بعد ساعات من تحذير مصر من الأخطار الاقتصادية والاجتماعية والبيئية للتحركات الأحادية على أحواض الأنهار المشتركة، في إشارة إلى سد النهضة.

وقال وزير الري المصري هاني سويلم، في كلمة له بمقر الأمم المتحدة في نيويورك، إن عملية البناء والملء والشروع في تشغيل سد النهضة تستمر من جانب أحادي بما يشكل خرقا للقانون الدولي، ويمكن أن تشكل خطرا وجوديا وكارثيا على نحو 150 مليون شخص.

كما أكد وزير الخارجية المصري سامح شكري، في تصريح سابق، أن كل الخيارات والبدائل متاحة أمام مصر للدفاع عن مقدراتها ومصالح شعبها، وشدد على أهمية التوصل إلى اتفاق قانوني ملزم لتشغيل السد الإثيوبي وملئه.

وقد رفضت الخارجية الإثيوبية التهديدات المنسوبة للمسؤول المصري، ووصفتها بأنها تصريحات "غير مسؤولة".

وقالت الوزارة، إن تصريحات شكري تمثل "خرقا صارخا" لميثاق الأمم المتحدة والقانون التأسيسي للاتحاد الأفريقي، مجددة الدعوة إلى حل بشأن السد عبر التفاوض، ومؤكدة التزامها بتسوية "في مصلحة الجميع".

ومنذ نحو أسبوع، لاح تصعيد لافت في خطاب مصر وإثيوبيا، وذلك قبل الملء الأحادي الرابع للسد من جانب أديس أبابا.

تضمن تحذيرات مصرية من المساس بحصتها المائية ودعوة الجامعة العربية الجانب الإثيوبي للتوصل إلى اتفاق بشأن الملء والتشغيل، مقابل رفض إثيوبي متكرر والتمسك بحقها في سيادتها على السد وتأكيد عدم الإضرار بأحد.

ووسط مفاوضات مجمدة منذ عام، تتمسك القاهرة والخرطوم بالاتفاق أولا مع إثيوبيا على ملء السد وتشغيله، لضمان استمرار تدفق حصتيهما السنوية من المياه المقدرة بـ55.5 مليار متر مكعب و18.5 مليار متر مكعب على التوالي.

في المقابل، تواصل أديس أبابا رفض الاتهامات، بالتزامن مع ملئها 3 مراحل من السد دون توافق مع مصر أو السودان، معللة ذلك بأن السد الذي بدأت تشييده منذ 2011 "لا يستهدف الإضرار بأحد".

العمل العسكري

وهنا لا تجد مصر أمامها إلى محاولة إيجاد صيغة للتفاهم مع إثيوبيا، خاصة أن العمل العسكري "غير متاح" بل أنه "غير مجدي أيضا"، وفي ظل اتضاح حقيقة كذب التأويلات التي تناقلتها وسائل إعلامية مصرية حول انهيار قريب للسد.

يقول أستاذ القانون الدولي العام عضو المجلس المصري للشؤون الخارجية (مركز أبحاث غير حكومي) أيمن سلامة: "قولاً واحداً: لا يعتد بالمادة 51 من ميثاق الأمم المتحدة الخاصة بحالة الدفاع عن النفس في الحالة المصرية. المادة صريحة وقاطعة ومانعة وساطعة، وهي لا تتحدث سوى عن عدوان عسكري".

ويضيف: "من يتحدث عن قانونية استخدام القوة في حالة النزاع المصرية الإثيوبية لم يقرأ المادة 51 من ميثاق الأمم المتحدة، ولا اتفاقية "إعلان المبادئ لسد النهضة" التي وقّعتها كل من مصر والسودان وإثيوبيا في الخرطوم عام 2015".

وعن الطريق البديل في القانون الدولي لحل النزاع بين الدول الثلاث، يتابع سلامة: "ميثاق منظمة الأمم المتحدة ينص في مادته الثانية على "التسوية السلمية للنزاعات بين الدول"، و"منع التهديد باستخدام القوة المسلحة لتسوية أي نزاعات دولية" كما كان ذلك مرخصاً ما قبل عهد عصبة الأمم (1920 ـ 1946) وأيضاً منظمة الأمم المتحدة".

اتفاقية المبادئ

من جانبه، يقول الأكاديمي في جامعة ماليزيا محمد حافظ، إن الحل يكمن في انسحاب مصر من اتفاقية مبادئ سد النهضة، الموقعة في 2015 بشكل نهائي، وطلب تدخّل وسيط دولي لحل تلك المشكلة.

ويضيف في تصريحات صحفية: "لا أعتقد أن أي تحرك دبلوماسي مصري سواء على المستوى العربي أو الدولي سيكون له أي مغزى على أرض الواقع، فقد فشلت المباحثات الفنية السرية بين مصر وإثيوبيا في أبوظبي الأسبوع الماضي، هذا على الرغم من تدخّل دولة الإمارات بكل ثقلها الاستثماري، إلا أن رفض إثيوبيا كان قاطعاً وغير قابل لأي مساومة".

ويضيف: "تحركات مصر ليست أكثر من رد فعل، لحديث المعارضة المصرية بالخارج والتي تتهم نظام الرئيس عبد الفتاح السيسي، ببيع النيل لإثيوبيا، ثمناً لوصول السيسي إلى حكم مصر".

ويتابع حافظ: "لا يمكن توقّع أي حل إيجابي لهذه المشكلة حتى ولو تم رفع ملف سد النهضة للمرة الثالثة لمجلس الأمن، فكيف لمجلس الأمن أن يتدخّل ويساعد الدولة المصرية في وقت تصر فيه الدولة المصرية على التمسك باتفاقية مبادئ سد النهضة والتي تغل يد أي وسيط خارجي من اتخاذ أي قرار قد يفيد الدولة المصرية في المستقبل".

ويزيد: "لن ينظر مجلس الأمن إلى قضية سد النهضة بشكل جدي، ما لم تنسحب الدولة المصرية من الاتفاقية، والتي هي ليست مشكلة حياة للشعب المصري فقط، بل أيضاً هي مشكلة أمنية تمس استقرار إقليم الشرق الأوسط بالكامل".

انسحاب من المفاوضات

وتتفق معه خبيرة النزاعات المائية المصرية هالة عصام الدين، حين قالت إنه "لو حدث وانسحبت مصر من أي مفاوضات بشأن سد النهضة الإثيوبي، فهذا تصرف معقول ومفهوم، فما جدوى المفاوضات مع دولة أقامت أسباب ضررها بنفسها؟".

وتضيف: "لست مستغربة من الموقف الإثيوبي الذي سيتسبب في كوارث مائية لإقليم حوض النيل، وأتصور أن السد الإثيوبي له أبعاد استعمارية ضارة جداً بالإقليم".

وحول احتمال التوصل إلى أي تسوية سلمية لقضية سد النهضة، قالت هالة إنه "أمر مستبعد، لأن هناك أطرافاً دولية في القضية، لها مصالحها المائية في الإقليم ولذلك فإن التسوية لن تكون بين دولتين فقط".

ولفتت إلى أن "إثيوبيا بدلاً من أن تكون طرفاً في اتفاقية عنتيبي في أوغندا (اتفاقية إطارية وقعت في مايو/أيار 2010 بين 4 من دول منبع نهر النيل، وهي إثيوبيا وأوغندا وكينيا وتنزانيا، بغياب مصر والسودان (وهما دولتا المصب)، خرجت عن السرب وغردت وحدها وجذبت المستعمرين الجدد إلى الإقليم".

الاتحاد الأفريقي

فيما يشير أستاذ الموارد المائية بجامعة القاهرة عباس شراقي، إلى إنه "في ظل أجواء التوتر وتبادل التصريحات بين الدول الثلاث، يلوح في الأفق سيناريوهان للوصول إلى اتفاق في قضية سد النهضة".

ويلفت إلى أن الأول هو حث الاتحاد الأفريقي بقيادته الجديدة برئاسة جزر القمر على القيام بمسؤولياته لاستئناف المفاوضات في أسرع وقت، للوصول إلى اتفاق قبل بداية التخزين الرابع.

أما السيناريو الثاني، حسب شراقي فيتمثل في توجه مصر والسودان مرة ثالثة إلى مجلس الأمن الدولي ولكن هذه المرة ليس بسبب مشكلة مياه، بل بسبب وجود خطر شديد على الأمن والسلم الدوليين، خصوصاً على 20 مليون سوداني يعيشون على ضفاف النيل الأزرق، الذى سيتعرض لطوفان في حالة انهيار سد النهضة، وذلك بسبب مبالغة إثيوبيا في زيادة مواصفاته من سعة تخزينية 11.1 مليار متر مكعب كما كان في التصميم الأميركي الأصلي، إلى 74 مليار متر مكعب من دون اتفاق.

ويضيف أن "ما يضاعف من المشكلة هو عدم التزام إثيوبيا بإجراء الدراسات الهندسية التي طلبتها لجنة الخبراء الدوليين في عام 2013، كما كان مقرراً طبقاً لإعلان مبادئ سد النهضة 2015 في البند الخامس".

ويشير إلى أن "ما يدعم الموقف المصري، هو ما حدث في تركيا من زلازل هددت السدود التركية، علماً أن البيئة الجيولوجية في تركيا تشبه إلى حد كبير الظروف الإثيوبية من وجود فوالق الأخدود الأفريقي، وتعرضها لأكبر نشاط زلزالي في القارة الأفريقية".

المصدر | الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

مصر إثيوبيا السودان اتفاق المبادئ سد النهضة النهضة الاتحاد الأفريقي

برعاية أفريقية.. إثيوبيا ترغب في استئناف مفاوضات سد النهضة

إثيوبيا ترفض بيان قمة جدة حول سد النهضة: إهانة للاتحاد الأفريقي