روح التقارب الخليجية تسيطر على تركيا والإمارات.. وهذه تداعياتها بالنسبة لقطر

الثلاثاء 11 أبريل 2023 05:31 م

سلّط الكاتب التركي المتخصص في الشؤون الدولية، إبراهيم كاراتاش، الضوء على التقارب المتزايد بين أنقرة والعواصم الخليجية بعد عامين من اتفاق العلا.

وأنهى اتفاق العلا في مطلع يناير/كانون الثاني 2021 أزمة سياسية حادة اندلعت في 2017 بين السعودية والإمارات والبحرين ومصر من جهة وقطر المدعومة من تركيا من جهة أخرى.

وذكر كاراتاش في تحليل نشره منتدى الخليج الدولي، أن الاتفاق جعل تركيا وخصومها الخليجيين يتجاوزون عقدا من العداء وانعدام الثقة بين الجانبين، كما ساهم على نطاق واسع في تحسين العلاقات بين أنقرة وتلك العواصم الخليجية لا سيما مع أبوظبي التي وصلت لذروتها قبل الربيع العربي.

وأضاف أنه بعد اتفاق العلا، كان على الحكومة التركية التي لا تزال تكافح لحل مشاكلها الاقتصادية أن تنتهج سياسة خارجية أكثر براجماتية.

ودفعت الصعوبات الاقتصادية والانتخابات الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إلى تقليل التوترات الخارجية لا سيما فيما يتعلق بالدول الخليجية.

علاوة على ذلك، نظرًا لأن النزاعات التي تورطوا فيها لم تؤثر بشكل مباشر على أمنهم القومي (على الرغم من العمليات العسكرية التركية في سوريا)، وجدت تركيا ودول الخليج أنه من الأسهل دفن الأحقاد والبحث عن أرضية مشتركة.

فصل جديد 

وأوضح كاراتاش أن الفصل الجديد في التقارب التركي الإماراتي بدأ كما هو معتاد في مثل هذه الظروف من التجارة، حيث وصلت بين البلدين في عام 2022، إلى 19 مليار دولار.

في مارس/أذار 2023، وقعت تركيا والإمارات اتفاقية تجارة حرة لتعزيز التجارة الثنائية إلى 40 مليار دولار على مدى السنوات الخمس المقبلة.

ووقع البنكان المركزيان في تركيا والإمارات صفقة مقايضة عملة بقيمة 5 مليارات دولار، ووعدت أبوظبي باستثمار 10 مليارات دولار في الاقتصاد التركي.

علاوة على ذلك، تعد الإمارات ثاني أكبر مستورد للأسلحة التركية، بما في ذلك الطائرات القتالية المتقدمة بدون طيار.

بالنسبة للاقتصاد التركي المتعثر، تمنحه الصفقات التجارية الجديدة والشراكة مع أبوظبي شريان حياة تشتد الحاجة إليه في أنقرة، بينما تسمح للإمارات بتنويع علاقاتها الدولية للتعويض عن انسحاب الولايات المتحدة المتصور من الشرق الأوسط.

أدى خروج واشنطن المتسرع من أفغانستان في بداية إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن إلى زيادة المخاوف من التخلي عن الشركاء الإقليميين الآخرين للولايات المتحدة بالمثل.

لذلك، اكتسب البحث عن شركاء جدد أهمية أكبر لدعم أمن الإمارات في مواجهة المنافسين الإقليميين مثل إيران.

بالإضافة إلى ذلك، لا تزال أبوظبي والرياض تتنافسان على القيادة الإقليمية، وقد سعت الأولى لتظل متقدمة بخطوة على جارتها الأكبر.

تداعيات على قطر

ورأى الكاتب أن التقارب مع الإمارات سيكون له تداعيات على العلاقات بين تركيا وقطر، وهي دولة أخرى من المنافسين الإقليميين لأبوظبي.

وأشار إلى أن بعض النقاد يرون أن الإمارات عرضت على تركيا تحسين العلاقات التجارية والصفقات الاستثمارية لجذب أنقرة إلى فلكها.

وعقّب: "لا يخفى على أحد أن قطر والإمارات تخوضان تنافسًا لا هوادة فيه على النفوذ الإقليمي، وبينما تحسن المشهد الدبلوماسي للخليج بشكل كبير بعد توقيع اتفاقية العلا، فإن التنافس بين أبوظبي والدوحة لم يكن ينتهي بعد".

طالما أن قطر تتمتع بعائدات هيدروكربونية هائلة ولديها طموحات في القوة الإقليمية، فسوف يستمر التنافس بينها وبين الإمارات.

ومع ذلك، سيكون من الصعب على الإمارات فصل تركيا وقطر، إذ تشترك الحكومتان التركية والقطرية في رباط تم تشكيله في الأوقات الصعبة لكلا الدولتين.

وتشترك تركيا وقطر في العديد من مصالح السياسة الخارجية ولديهما علاقات وثيقة مستمرة. ولعل الأهم من ذلك أن الدولتين تحترمان علاقات بعضهما البعض مع أطراف ثالثة. وحتى الآن، لم تعترض الدوحة على إعادة علاقات أنقرة وأبوظبي.

وبالتالي، يمكن الافتراض بأمان أن علاقات تركيا الجيدة مع الإمارات لن تؤثر على العلاقات التركية القطرية.

المفارقة الرئيسية وراء العلاقات المتوترة بين تركيا والإمارات ودول الخليج الأخرى هي أن أنقرة كانت تعتبر ذات يوم ضامنًا أمنيًا لمنطقة الخليج.

على الرغم من أن الربيع العربي وضع حدًا لهذه التوقعات، إلا أن جراح العقد الماضي بدأت تلتئم، وسعت دول المنطقة مرة أخرى إلى العودة إلى الترتيبات الأمنية التقليدية.

لذلك، قد لا تكون الخطوة التالية لتركيا هي الانفصال مع قطر، ولكن رفع العلاقات مع الإمارات (وغيرها) إلى مستوى العلاقات التركية القطرية.

المصدر | إبراهيم كاراتاش/ منتدى الخليج الدولي - ترجمة وتحرير الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

العلاقات التركية الخليجية العلاقات التركية الإماراتية العلاقات التركية القطرية

فرص مربحة وتحديات متنوعة أمام دور تركيا الأمني في الخليج

كيف تستفيد الإمارات وتركيا من اتفاقية الشراكة الاقتصادية الشاملة؟

مباحثات خليجية تركية لبحث سبل تعزيز العلاقات وزيادة التعاون

في حال فوز كليتشدار أوغلو.. هل تتراجع الشراكة بين تركيا وقطر؟

تركيا تثمن علاقتها مع قطر وتتطلع لتعاون أكبر مع دول الخليج