استطلاع رأي

أي من هذه الدول تمارس الدور الأكثر إيجابية في حرب غزة؟

السعودية

مصر

قطر

إيران

تركيا

أهم الموضوعات

طبقات اليمين الإسرائيلي وبصيرة دا سيلفا

عن أوهام التفاؤل الأميركي

أزمة اقتصاد مصر وانتظار الفرج من الخارج

نحو وقف الحرب على غزة

سيناريو اليوم التالي للحرب

نفس المؤامرة توصل إلى نفس الكوارث!

الخميس 25 مايو 2023 01:29 م

نفس المؤامرة توصل إلى نفس الكوارث!

يحتاج العرب الآن بشكل وجودي إلى مؤسسة وحدوية تضامنية في الاقتصاد والأمن والعلاقات مع الخارج.

الفاجعة الجديدة في السودان ليست إلا خرزة في مسبحة سايكس-بيكو القديمة ومسبحة مدرسة الصهيوني برنارد لويس الحديثة؟

عواصف وأطماع استعمارية في ثروات السودان الهائلة والجنون الديني اليميني الصهيوني بشأن السيطرة الجيوستراتيجية الكاملة على البحر الأحمر ومداخله!

الهدف الهوية والوحدة وقد جاء دور السودان الذي تتهيأ فيه الظروف شيئاً فشيئاً وتقول دوائر أمريكية أنها ستعمل على تحققه بصورة تدريجية خلال 15 سنة.

قدّم برنارد لويس منذ سنين برنامجا استراتيجيا ناقشه الكونغرس الأمريكي في جلسة سرية واعتمده أساساً وموجهاً لدوائر الحكم الأمريكية في تعاملها مع البلاد العربية المفصلية.

استباقا لحلول الأفول الأمريكي المنتظر، لن نرى فقط زوال السودان العربي المليء بإمكانيات هائلة، كما عرفناه، بل زوال أقطار عربية الأخرى بالمشرق والمغرب على حد سواء.

* * *

متى سيدرك العرب، بما فيهم مؤسسات القمة العربية والجامعة العربية والتعاون الإسلامي، بأن الفاجعة الجديدة في القطر السوداني ليست إلا خرزة في مسبحة سايكس-بيكو القديمة ومسبحة مدرسة الصهيوني برنارد لويس الحديثة؟

وهي مسبحة تشويه ثم محو مكوّني العروبة والإسلام كتمهيد للاستمرار في عملية تقسيم الوطن العربي كله إلى دويلات وجماعات متناثرة ضعيفة متخلفة وخارج العصر. الهدف هما الهوية والوحدة، وقد جاء دور السودان الذي تتهيأ فيه الظروف شيئاً فشيئاً، والذي تقول بعض الدوائر الأمريكية بأنها ستعمل على تحققه بصورة تدريجية خلال الخمس عشرة سنة المقبلة.

تفاصيل سبل وطرائق تحقيق ذلك فصلها الصهيوني برنارد لويس منذ سنوات في برنامج استراتيجي ناقشه الكونغرس الأمريكي في جلسة سرية ووافق على أن يكون أساساً وموجهاً لدوائر الحكم الأمريكية في تعاملها مع الأقطار العربية المفصلية. ومن قبل ذلك وضعها في الخمسينيات من القرن الماضي الصهيوني بن غوريون كجزء من السياسة الخارجية للكيان الصهيوني.

وما على الإنسان إلا أن يراجع ما فعلته أمريكا، تحت غطاء كل أنواع الكذب والإفساد والخيانة، بالعراق وسوريا وليبيا، كأمثلة، من تدمير مادي واستباحة للثروات واستنفار لشتى الخيانات وإثارة لكل النعرات التي وضعها وطالب برنارد لويس بإثارتها واستعمالها، حتى يدرك حجم المآسي التي تنتظر شعب السودان، وعلى الأخص قوى الثورة والوطنية فيه.

إذن موضوع السودان، ما لم ينظر إليه لا من زواياه الداخلية فقط، وإنما أيضاً من زواياه القومية والإسلامية والاقتصادية العولمية الرأسمالية الطامعة في ثروات السودان الهائلة والجنون الديني اليميني الصهيوني بشأن السيطرة الجيوستراتيجية الكاملة على البحر الأحمر ومداخله…

وما لم ينظر إليه كجزء من عواصف استعمارية زادت قواها وقدراتها التدميرية في العشرين سنة الماضية، ويراد لها أن تستمر في الهبوب والتدمير قبل أن يحل الأفول الأمريكي المنتظر، فإننا لن نرى فقط زوال السودان العربي المليء بالإمكانيات الهائلة، الذي عرفناه، وإنما زوال الكثير من الأقطار العربية الأخرى في المشرق والمغرب على حد سواء.

إذن، ما الذي يمكن فعله؟

هذا موضوع كبير ومتشعب وسيحتاج إلى حراكات مجتمعية عربية كبرى، ولكنْ هناك نقاط تحتاج إلى أن تطرح للنقاش في الحاضر من أجل منع مجيء المزيد من الكوارث.

أولاً: نكرر مع غيرنا للمرة الألف بضرورة أن يتخذ قادة مؤسسة القمة العربية قراراً حاسماً بشأن إحداث تغييرات كبرى في تكوين وأهداف ووسائل عمل الجامعة العربية، لتلعب دوراً محورياً في مساعدة كل قطر عربي يواجه عواصف الخارج والداخل.

العرب يحتاجون الآن، وبشكل وجودي، إلى مؤسسة وحدوية تضامنية في الاقتصاد والأمن والعلاقات مع الخارج، وهذا ما لم يسمح البعض للجامعة أن تقوم به. ومن الممكن استعمال الخطوات الجريئة التي بدأتها السعودية كمدخل للموضوع برمته.

ثانياً: سيحتاج السودان مع مصر أن يفكرا جدياً في إعادة بحث فكرة وحدة وادي النيل القديمة. هذا موضوع مفصلي وجودي لمواجهة المؤامرات التي يتعرض لها البلدان بالنسبة للأمن المائي من جهة وبالنسبة لما تخطط له الصهيونية منذ أيام الرئيس عبدالناصر من جهة أخرى، وبالنسبة لما تريده أمريكا من تهميش تام لمصر العروبة وقدراتها القيادية.

ثالثاً: آن الأوان أن تتغلب كل قوى المجتمع المدني السودانية، السياسية والنقابية والمهنية والنسائية والدينية، على خلافاتها وتقول كلمة «لا» رجوع إلى نظام الحكم العسكري الذي أهلك السودان عبر ستين سنة، وأن الانتقال في الحال إلى نظام ديموقراطي دستوري عادل لا يمكن المساومة عليه. ومن أجل ذلك أصبح الالتفاف من قبل الجميع حول الجيش الوطني ليقضي على الفتنة أمراً ملحاً.

هذه اللحظة تحتاج على الأقل العمل على تحقق تلك الخطوات وإلا فانها الكارثة للسودان ومن ثم البقية، ولن يسلم أحد، ولن تقوم قائمة للنائمين أو المتفرجين.

يا شباب السودان الرائع، بجمال شعبه الطيب الرقيق، انتبهوا.

*د. علي محمد فخرو سياسي بحريني ومفكر قومي عربي

المصدر | العربي الجديد

  كلمات مفتاحية

السودان