لماذا تترقب أفريقيا نتائج الانتخابات الرئاسية التركية؟

الجمعة 26 مايو 2023 06:37 ص

نما نفوذ تركيا في أفريقيا بشكل كبير على مدار العشرين عامًا الماضية، وسيتعين على من يفوز بجولة الإعادة الرئاسية يوم الأحد أن يفكر في المكان التالي الذي ستنتقل إليه العلاقة.

يتناول تقرير نشر في "بي بي سي"، وترجمه "الخليج الجديد" العلاقات التركية الأفريقية بعد الانتخابات في تركيا، ويشير إلى أن زعيم حزب الشعب الجمهوري كمال كليتشدار أوغلو، يضع عينه على أوروبا والغرب، ومن غير المرجح أن يجعل أفريقيا أولوية فيما الحال هو العكس لو فاز أردوغان.

ووفقا للباحث التركي سيركان ديميرتاش فإن كليتشدار أوغلو شدد على الحاجة إلى إعادة تقويم العلاقات مع الغرب، وقال إنه سيحاول إحياء عملية الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي ورأى أنه من المتوقع حدوث تحول 180 درجة عندما يتعلق الأمر بالسياسة الخارجية. لكنه فشل في توضيح كيفية تأثير هذه التغييرات على العلاقات مع الدول الرئيسية في العالم.

ومع ذلك يرى باحثون آخرون أن سياسة تركيا الخارجية تجاه القارة ستستغرق بعض الوقت لإعادة ضبطها، لذلك من غير المرجح أن تتغير بشكل جذري بالنظر إلى الأساس القوي لهذه العلاقة الجديدة.

انطلاق العلاقات

يشير التقرير إلى أن بذور التعاون المعزز بين أفريقيا وتركيا زرعت خلال فترة رئاسة أردوغان للوزراء، والتي بدأت في عام 2003 ففي أوائل العقد الأول من القرن الحالي، شهد الاقتصاد التركي نموًا مستمرًا وكان يبحث عن أسواق جديدة، وتم النظر لأفريقيا كسوق متنوعة تضم أكثر من 50 دولة وأكثر من 1.2 مليار شخص وتوفر فرصًا مربحة للمصدرين ورجال الأعمال الأتراك.

ويضيف التقرير أن تجارة تركيا السنوية مع القارة زادت من 5.4 مليار دولار إلى 34.5 مليار دولار بين عامي 2003 و2021، وفقًا لأرقام وزارة الخارجية التركية، بقيادة الكيماويات والصلب والحبوب.

ويلفت التقرير إلى حرص الأتراك على التأكيد على أن العلاقة لم تكن علاقة استغلالية، وفي عام 2013، قال رئيس الوزراء أردوغان في زيارة إلى الجابون إن "أفريقيا ملك للأفارقة، ولسنا هنا من أجل ذهبكم".

المصالح العسكرية

تعتبر صفقات الأسلحة التي يشار إليها أيضًا باسم "دبلوماسية الطائرات بدون طيار" مصدر أموال واضح لأنقرة. وبعد نجاحها في عدة مناطق تعتبر سلاحا مثاليا لاستهداف الجماعات الجهادية المتنقلة والمختبئة في منطقة الساحل بغرب أفريقيا، ويشير التقرير إلى أن عشرات من الطائرات بدون طيار وصلت إلى مدرج المطار في باماكو عاصمة مالي.

ويقول التقرير إنه بالإضافة إلى مالي، باعت تركيا طائرات بدون طيار إلى بوركينا فاسو وتوجو والنيجر دول الساحل الأربع في حاجة ماسة إلى مكافحة صعود المتشددين الإسلاميين في المنطقة.

كما انخرطت تركيا في محادثات مع بنين، التي كانت حتى وقت قريب بمنأى عن التمرد الجهادي لكنها تشهد الآن زيادة في الهجمات والاقتحامات على أراضيها.

وتعد المغرب وتونس وإثيوبيا ونيجيريا والصومال هم أيضًا عملاء معروفون للطائرات المسلحة بدون طيار المصنعة في تركيا.

ويشير التقرير إلى أنه بينما لا تزال الصين تهيمن على هذه السوق في القارة، تقدم تركيا خيارًا ميسور التكلفة مع قائمة انتظار أقصر. كما تقدم تركيا أيضًا معدات عسكرية أخرى. حيث كانت المركبات المدرعة ومركبات إزالة الألغام وأنظمة الاستشعار والمراقبة والبنادق جزءًا من العديد من صفقات الأسلحة التي وقعتها تركيا مؤخرًا مع الدول الأفريقية.

وفقًا لتقرير صادر عن المعهد الألماني للشؤون الدولية والأمنية في المجموع، لدى 30 دولة في القارة نوع من الاتفاقات المتعلقة بالأمن مع تركيا، تمت المصادقة على 21 منها في عام 2017.

وقد أقامت تركيا قاعدة عسكرية في العاصمة الصومالية مقديشو، وتشارك في تدريب أكثر من 20 ألف جندي صومالي خاص.

بالإضافة إلى الاستثمار الكامل في مبادرات مكافحة الإرهاب، زادت أنقرة أيضًا من مساعدتها الإنسانية لدول مثل نيجيريا وموريتانيا والنيجر.

الدبلوماسية

ينتقل التقرير إلى البعد الدبلوماسي حيث كان أردوغان نشطًا للغاية في تعزيز العلاقة بين تركيا وأفريقيا، ففي عام 2005، أصبحت تركيا عضوًا مراقبًا في الاتحاد الأفريقي قبل ترقيتها إلى دور الشريك الاستراتيجي بعد 3 سنوات.

وتقول تركيا إن هناك 50 زيارة رسمية لحوالي 30 دولة أفريقية منذ 2014 وأينما ذهب، ذهب معه وفد من رجال الأعمال، ما أدى إلى منح مشاريع البنية التحتية الرئيسية للشركات التركية ولطالما حظيت القمم التركية الأفريقية بحضور جيد من قبل رؤساء الدول القارية.

ولعل الحقيقة الأكثر دلالة هي عدد السفارات التركية في القارة حيث لديها 44  سفارة في جميع أنحاء أفريقيا على غرار الولايات المتحدة بـ49 وفرنسا، 46، بالرغم من أنها متأخرة بعض الشيء عن الصين البالغة 53.

وينوه التقرير أن تركيا حاولت أيضًا زيادة قوتها الناعمة في القارة. فالتوسع الأخير في بصمتها هو بلا شك إطلاق تي أر تي التركية حيث اعتمدت هيئة التلفزيون والإذاعة العامة التركية على انسحاب العديد من المنافسين في المنطقة لإطلاق هذه المنصة الإخبارية الرقمية باللغات الفرنسية والإنجليزية والسواحيلية والهوسا. لكن ربما يأتي التأثير الثقافي الأكبر من المسلسلات التركية، التي حققت نجاحًا كبيرًا في العديد من البلدان الأفريقية من إثيوبيا إلى السنغال.

وفي ذات السياق تشارك تركيا أيضًا في الأعمال الخيرية في بلدان مختلفة، بقيادة تيكا، وكالة التعاون والتنسيق التركية، التي تمول المدارس والمؤسسات الدينية والمرافق الطبية.

ويشير التقرير إلى أنه في الصومال تحديدا، يتمتع أردوغان بدعم شعبي بسبب الدعم الذي قدمه للبلاد. في ظل حكمه، بنت الحكومة التركية واحدة من أكبر المستشفيات في مقديشو، والتي سميت باسمه. هناك أيضًا مستشفيات بنتها تركيا في ليبيا وجنوب السودان.

إن الجانب الأقل شهرة للعلاقة مع أفريقيا هو الطاقة. في أعقاب الزيارات الرئاسية، وقعت شركة كاربورشيب التركية، صفقات لمحطات الطاقة المركبة على السفن لتزويد العديد من دول غرب أفريقيا بالكهرباء، وفي الأسبوع الماضي كانت مع جنوب أفريقيا حيث ترسو هذه السفن قبالة الساحل ويتم توصيلها مباشرة بالشبكة الوطنية، وتزود ما بين 30 ميجاواط و470 ميجاواط لكل سفينة.

ويختم التقرير بالقول إنه إذا فاز أردوغان، فمن المتوقع أن يبني على هذه العلاقة فيما قد يؤدي انتصار كليتشدار أوغلو إلى دفع أفريقيا إلى أسفل قائمة الأولويات، لكن من غير المرجح أن يفعل أي شيء يهدد مثل هذه العلاقات العميقة والمربحة.

المصدر | مارينا داراس | بي بي سي - ترجمة وتحرير الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

تركيا كليجدار أوغلو أردوغان أفريقيا

ما تداعيات التقارب بين تركيا والإمارات على ليبيا والقرن الأفريقي؟

رئيس هيئة الانتخابات التركية: لا مشاكل خلال عملية التصويت