النهاية غير المتوقعة: هل يتفق السعوديون و«الحوثيون» على استبعاد «صالح»؟

الأحد 6 مارس 2016 01:03 ص

خرج عشرات الآلاف من اليمنيين إلى الشوارع خلال الأسابيع القليلة الماضية لإحياء ذكرى انتفاضة عام 2011 ضد نظام الرئيس المخلوع «علي عبدالله صالح». وعلى الرغم من أن أكبر التظاهرات كانت في تعز، فقد أثارت المسيرة التي قادها «الحوثي» في صنعاء العديد من المسائل السياسية الأكثر إثارة للاهتمام. قلة عدد المتظاهرين خلال ذكرى انتفاضة عام 201 لم تكشف فقط عن غياب وجود الدعم لحركة «الحوثي» ولكن المظاهرة نفسها كانت تهدف إلى إرسال رسالة لحليفهم الحالي «علي عبدالله صالح». إذا كان الأمر كذلك فإن تحالف «الحوثي» و«صالح» في مواجهة السعودية والرئيس «عبد ربه منصور هادي» ربما يكون يتمزق إلى طبقات.

لماذا شارك عدد قليل جدا من سكان صنعاء في هذا الحدث؟ قد يكون السبب الواضح هو أن المدينة قد عانت من تصعيد الغارات الجوية السعودية منذ ديسمبر/كانون الأول لعام 2015، ولكن هذا السبب وحده كان ليدفع الكثيرين للاحتفال بذكرى الانتفاضة تعبيرا عن رفضهم للتدخل الأجنبي للسعودية وحلفائها في اليمن. على الأرجح فإن أحد الأسباب الحقيقية يرجع إلى عدم رغبة السكان في المشاركة في حث تنظمه حركة «الحوثي». وقد كانت هناك دوما معارضة قوية لاحتلال الحوثيين للعاصمة صنعاء منذ سبتمبر/أيلول من العام 2014 مع وجود شرائح تدعم لحملة التي تقودها السعودية. ذكرت مصادر متحالفة مع حركة «الحوثي» أن ما يقرب من 9000 من اليمنيين قد انضموا إلى تظاهراتهم، ولكن تلك المطالبات تخدم الأهداف الدعائية للحركة أكثر مما تعبر عن الواقع. غياب الحشود يدلل على فشل الحوثيين في الحصول على دعم شعبي واسع حتى من بين صفوف العديدين من الذين يشتركون معهم في رفض التدخل السعودي في اليمن.

السؤال الأكثر إثارة للاهتمام يتعلق بأسباب سعي «الحوثيين» لتنظيم مسرية في المقام الأول. أجبرت الحشود التي خرجت إلى الشارع في عام 2011 «صالح» على الاستقالة بعد أن تدخل مجلس التعاون الخليجي ليمنحه حصانة من الملاحقات القضائية. ولكن الشعب اليمني لم ينس ثلاثة عقود من القمع والفساد في عهد« صالح»، لا يمكن للمرء إلا أن يستاءل حول إذا ما كان تنظيم الحوثيين لهذه المسيرة يهدف إلى تذكير «صالح» بمدى حاجته إلى التحالف معهم على الأقل بقدر حاجتهم له. وبهذا المعنى، فإن إحياء انتفاضة 2011 هو إحياء لمعارضة «صالح» كما يمثل إحياء مستمرا لرفض عودته إلى السلطة. إذا كان هذا هو القصد وراء مسيرة الحوثيين التاريخية، فإنهم قد أصيبوا بخيبة أمل كبيرة.

من العداء إلى التحالف

يعود العداء ما بين «صالح» والحوثيين إلى ما قبل اندلاع المواجهات المسلحة بينهما في عام 2004، وقد سعى «صالح» إلى تحجيم تطلعات قادة الزيدية في الشمال حيث انتشرت في عهده الممارسات السنية الوهابية حتى في المناطق التي تسيطر عليها الزيدية من قبل السكان المحليين الذين درسوا في المملكة العربية السعودية. في وقت مبكر من التسعينيات، اعتمد الحوثيون التمسك بالمبادئ الدستورية كاستراتيجية لمنع توغل السلفية. وقد حرصت الحركة، السلمية حتى ذاك التوقيت، على التأكيد على الهوية والممارسات الدينية الزيدية بين الشباب الشمالي. وقد سمح «صالح» بتوسع السلفية الوهابية في الشمال ولكنه لم يتدخل بشكل مباشر لفرض ذلك.

وقد أسس الشيخ الزيدي «حسين الحوثي»، والذي خدم سابقا في البرلمان كعضو في الحزب السياسي الزيدي، حزب الحق، ميليشيا لمواجهة سلطة «صالح» في الشمال ابتداء من عام 2004، وبعد وفاة «حسين» في ذلك العام، تولى شقيقه «عبد الملك» مقاليد ما أصبحت تعرف باسم حركة الحوثي. وقد كان من المرجح أن يستمر الصراع بينهما إلى يومنا هذا لولا الانتفاضة التي أطاحت بـ«صالح» في عام 2011. انضم الحوثيون إلى الحركة المناهضة للنظام وقدموا دعما كبيرا للانتفاضة. لمدة عام تقريبا، ظهر ما يشبه تحالف إسلامي بين حركة الحوثي الزيدية وحزب التجمع اليمني للإصلاح السني في مواجهة فساد نظام «صالح». وقد ظل «الحوثيون» و«صالح» خصوما خلال الفترة بين عامي 2012 إلى 2014 في لجنة الحوار الوطني. ولكنهما سرعان ما تشاركا موقفا معارضا لنظام «هادي» مع احتكار دول الخليج للعملية الانتقالية وقيامها باستبعاد كل من «الحوثي» و«صالح». غالبا ما تصنع السياسة شراكات غريبة ومثيرة.

البداية الدقيقة لتحالف «الحوثي» و«صالح» لا تزال موضع خلاف. ولكن عندما غزا الحوثيون صنعاء في سبتمبر/أيلول من العام 2014 فإن وحدات الجيش الموالية لـ«صالح» لم تتدخل وربما ساعدت الاحتلال الحوثي للمدينة. قرأ معظم المراقبين في هذا التوقيت هذا التصرف على أنه إعلان رسمي للتحالف ضد «هادي» الذي تدعمه السعودية. كما اتفق الأصدقاء الجدد أيضا على عدائهم للانفصاليين الجنوبيين وتنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية.

جلب صالح إلى التحالف جزءا كبير من الجيش الوطني من أصحاب التدريب العسكري والقدرة على التعامل مع الأسلحة الثقيلة، وقال إنه جلب أيضا الدعم من شبكات واسعة بين القبائل ومؤيدي حزب المؤتمر الشعبي العام الذي ظل «صالح» يقوده حتى بعد استقالته في عام 2012. يلقي «صالح» باللوم على دول الخليج في هندسة المرحلة الانتقالية التي أطاحت به من السلطة. ويبدو أن «صالح» قد اعتقد أن هذا التحالف هو طريق عودته إلى السلطة من جديد.

ساهم الحوثيون في التحالف عبر ميليشياتهم ذات الخبرة وتحالفهم القوي مع القبائل الأخرى في الشمال. جنبا إلى جنب مع «صالح»، فقد استفادوا من المشاعر القومية التي ترى الجنوبيين بعين الريبة وتنظر إلى المملكة العربية السعودية بوصفها دولة تتلاعب بالسياسة اليمنية. كلاهما يشعران أيضا بالاستياء حيال دور الولايات المتحدة في اليمن، كما أنهما لا ينظران إلى تنظيم القاعدة كحليف محتمل.

يوجد الكثير من الغطرسة والالتفاف المتبادل بين الحوثيين و«صالح». يبدو أن كليهما يعتقد أن بإمكانه الاستغناء عن الآخر بكل سهولة بمجرد انتهاء الحملة التي تقودها السعودية. ولكن مع عدم وجود علامات على حدوث ذلك قريبا، فهل يمكن أن يصمد هذا الائتلاف؟

اتفاق سعودي حوثي؟

الحوثيون يسعون إلى استكشاف المستقبل بدون «صالح». ويشارك ممثليهم في المحادثات الجارية على مستوى متوسط مع السعوديين الذين يرون أن «صالح» لا يمكن أن يكون جزءا من مستقبل اليمن. ومن الممكن أن نتصور أن يقدم الحوثيون بعض الضمانات حول تحجيم علاقاتهم مع إيران، والتي يعي السعوديون جيدا أنها ليست متطورة بما يكفي، في مقابل منحهم دورا في مستقبل اليمن ما بعد الحرب. يشترك الحوثيون والسعوديون في رغبتهم في الإطاحة بصالح إما عبر مصير بن علي تونس (النفي) أو مصير قذافي ليبيا (الإعدام). وقد انشق اثنان على الأقل من قادة المؤتمر الشعبي العام رفيعي المستوى عن مخيم صالح وهما الآن يقيمان في الرياض ويعملان بتشجيع من الرياض على سحب بساط حزب المؤتمر الشعبي العام بعيدا عن «صالح» من أجل أن يكون له دور في مستقبل اليمن.

في حين أن المملكة العربية السعودية سوف تحب أن ترى تنفيذ قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2216، الذي يدعو إلى الاستسلام غير المشروط للحوثيين، فإن هناك بذورا متوفرة لهدنة بين الحوثيين والسعوديين تتم خلالها الإطاحة بـ«صالح» ككبش فداء.على الرغم من أن الحوثيين يريدون أن يروا السعودية أكثر تواضعا، إن لم يكن أكثر ذلا، ولذا فإنهم يواصلون شن هجمات عبر الحدود في المملكة العربية السعودية، إن منطق التحالف المصالح طويلة الأمد قد يجبرهما على التعاون من أجل الإطاحة بـ«صالح». تحالف الحوثيين و«صالح» ليس على وشك الهزيمة عسكريا، ولكن تبدو هناك فرصة في التوصل إلى أرضية مشتركة في المحادثات الجارية، وهذه الأرضية سوف تأتي على حساب استبعاد «صالح» من السياسة اليمنية.

  كلمات مفتاحية

السعودية اليمن الحوثيين علي عبدالله صالح عبدربه منصور هادي

«رويترز»: النصر يراوغ السعودية في حرب اليمن

هل يمثل الحوثيون «حصان طروادة» للرئيس المخلوع «علي صالح»؟

«الحوثي» يهدد بإعلان «التعبئة العامة» ويقلل من احتمالية نجاح الهدنة

مجلس الأمن يفرض عقوبات على الرئيس اليمني المخلوع «علي صالح» وقائدين حوثيين

مخطط «علي صالح» والحوثيين لتضليل السعودية: الحوثي ضعيف ولا يواجهه إلا القاعدة

دبلوماسي عربي: «صالح» يوسط الإمارات لإخراجه من اليمن مقابل أمواله وسلامته

«ولد الشيخ» في مراسلة سرية: الرياض تفاوض الحوثيين وجها لوجه.. و«مجتهد» يؤكد

الحوثيون يعينون سفيرا لهم لدى النظام السوري

مقتل 15 «حوثيا» في استهداف لعربتهم بالبيضاء وسط اليمن

«رويترز»: مسؤولون «حوثيون» يزورن السعودية لبحث إنهاء الصراع في اليمن

«صالح» يبلغ الأمريكيين برغبته في الخروج الآمن بالتزامن مع مفاوضات حوثية سعودية

قوات التحالف العربي تعلن التوصل إلى هدنة على الحدود السعودية اليمنية

حزب «صالح»: نرحب بأية جهود مبذولة من «الأشقاء» السعوديين لوقف الحرب

«ميدل إيست بريفينج»: الرواية التي يتم إغفالها عمدا حول الحرب في اليمن

«المعلمي»: مباحثات جرت بين السعودية وجماعة «الحوثي»

«أتلانتيك كاونسل»: لماذا تظهر السعودية استعدادا أكبر للتفاوض مع الحوثيين؟

«ستراتفور»: تفكك التحالفات اليمنية يقرب البلاد من الوصول إلى اتفاق للسلام

هل يتجه اليمن نحو تقسيم فعلي؟