استطلاع رأي

أي من هذه الدول تمارس الدور الأكثر إيجابية في حرب غزة؟

السعودية

مصر

قطر

إيران

تركيا

أهم الموضوعات

طبقات اليمين الإسرائيلي وبصيرة دا سيلفا

عن أوهام التفاؤل الأميركي

أزمة اقتصاد مصر وانتظار الفرج من الخارج

نحو وقف الحرب على غزة

سيناريو اليوم التالي للحرب

بين الرفاهية والاتكالية

الاثنين 11 أبريل 2016 07:04 ص

تقوم حكومة الإمارات بكل ما من شأنه تنمية الموارد البشرية، من تعليم عام وجامعي، وما بعد الجامعي، وتنظيم الدورات التدريبية وورش العمل، وابتعاث الطلبة للتخصص في المجالات العلمية والبحثية، وتوفير أحدث التقنيات والبرمجيات لمواكبة التقدم التكنولوجي، كما توفر الحكومة العلاج الطبي والخدمات الصحية، وتنظم الحملات الإرشادية لتجنب الأمراض المزمنة، وتفتتح المراكز التخصصية والمستشفيات وتستقطب أمهر الأطباء والكوادر التمريضية، من أجل صحة المواطن، وكل هذا يندرج تحت التنمية البشرية الشاملة. والسؤال الذي يطرح نفسه نتيجة الإحصائيات الحديثة: هل يقوم المواطن في الإمارات أو دول مجلس التعاون لدول الخليج العربي بتنمية نفسه ليكون عوناً للحكومة في استدامة التنمية؟

سؤال قد يجعل البعض يفكر في أوجه التقصير، الذي يبدر من المواطن الإماراتي والخليجي، وقد يجيب فوراً بالنفي، وأنه على قدر المسؤولية ويسهم في التنمية البشرية، ويرتقي بها ليكون عنصراً فاعلاً في مسيرة التنمية، لكن الإجابة ليست دقيقة.

وقبل الدخول في تشريح سؤالنا، علينا الإشارة، والتأكيد أن التنمية البشرية لا تقتصر على قيام الفرد بالتعلم والتأهل والتدرب، ليكتسب العلوم والمهارات النافعة، ولكن عليه الاعتناء بصحته ليكون نشيطاً فاعلاً وحيوياً، فصحة المواطن، كما تنظر إليها الدولة، لها بعد استراتيجي، لأنها مرتبطة ارتباطاً عضوياً بصحة المجتمع وحيويته ونشاطه، ولهذا فإن النظر إلى صحة المواطن على أنها أمن قومي استراتيجي أمر مشروع، وقديماً قيل إن العقل السليم في الجسم السليم، وقيل أيضاً إن درهم وقاية خير من قنطار علاج. وبما أن الدولة تقوم بتوفير التعليم والخدمات العلاجية، وتوفير البيئة الصحية النظيفة والمرافق الترفيهية لممارسة الرياضة لاكتساب اللياقة والنشاط، فلماذا تقول الإحصائيات إن 50% من السكان في الخليج يعانون السمنة والبدانة وارتفاع الشحوم في الدم، ولماذا هناك 80% منهم خاملون لا يمارسون أي نشاط بدني على الإطلاق؟

ونستطرد فنقول إن البدانة لها تأثير على حمل النساء، وعلى الخصوبة لدى الرجال، ويتأخر الحمل بنسبة 16%، إذا كانت المرأة من صاحبات الوزن الزائد، و34% إذا كانت تعاني السمنة المفرطة، أمّا بالنسبة للرجال، فقد أشارت دراسة فرنسية تم تقديمها في استوكهولم في مؤتمر الجمعية الأوروبية للتناسل البشري قبل سنوات قليلة، إلى أن الخصوبة لدى الرجال في تراجع مطرد بسبب البدانة، ما قد يؤثر على الوجود الذكوري في المستقبل.

قالت الدكتورة نوال المطوع، استشارية الغدد الصماء والسكري، وعضو اللجنتين الخليجية والوطنية لداء السكري في الشارقة، إن ربع مواطني دول مجلس التعاون مصابون بالسكري أو سيصابون به خلال السنوات المقبلة، وتتوقع منظمة الصحة العالمية أن يلتهم مرض السكري 40% من ميزانيات وزارة الصحة في دول الخليج العربي. وجميعنا نعلم دور البدانة في الإصابة بالسكري، كما نعرف مضاعفات الإصابة بالسكري على الأعصاب والرؤية والكلى والنشاط.

وعودة إلى العلاقة بين التنمية البشرية والصحة، سنجد أن تفشي السمنة الزائدة والبدانة سيؤدي إلى زيادة فرص الإصابة بمرض السكري، وبالتالي سينعكس على حجم الموارد البشرية، وخروج نسبة منها من سوق العمل في مراحل متقدمة من المرض، ولهذا فإن العناية بالصحة والنظام الغذائي وممارسة الرياضة وتغيير أساليب العيش تقع ضمن التنمية البشرية، وتؤثر سلباً أو إيجاباً على المشاركة الوطنية في التنمية.

ولو عدنا إلى الإحصائية التي تقول إن 50% من سكان دول الخليج يعانون البدانة، و80% منهم يعانون الخمول، فهذا يعني أن إنتاجية حوالي 40% من هؤلاء ليست في المستوى المطلوب، فالسمنة بشكل عام تؤدي إلى الخمول أي إلى ضعف في الإنتاجية، فما بالنا في القدرة على الابتكار والتجديد والتطوير.

نادراً ما نرى في المؤسسة العسكرية أفراداً يعانون البدانة إلّا إذا ارتبطت بأسباب مرضية، ويحال الفرد البدين إلى أعمال مكتبية إدارية. ونحن نرى، وقد يستهجن البعض من طرحنا، أن معايير المؤسسة العسكرية في الدول الشابة الفتية التي تطمح إلى التقدم والتطور والابتكار يجب ألّا تختلف عن المؤسسة المدنية، ولابد من وضع معيار للياقة الجسدية في المؤسسات البدنية، فتضع الحوافز لكل من يعمل على إنقاص وزنه، ليبدو في المعدلات الطبيعية، بحيث لا يكون الأمر اختيارياً، لأن العمل يحتاج إلى حيوية وفطنة ويقظة، وليس خمولاً وركوداً جسدياً ونفسياً وفكرياً.

ينظر البعض إلى الرفاهية على أنها الابتعاد عن بذل الجهد الجسماني، فلا يصعد الدرج ولا يغسل سيارته، ولا يقوم بمشاويره سيراً على الأقدام، ولا يقوم بتبديل عجلة سيارته التالفة، ولا يقوم بتصليح أي شيء يتعرض للتلف في البيت، فكل شيء يوكل للعمالة في البيت أو في السوق، وغيره، وهذه ليست رفاهية إنها اتكالية، وهنالك فرق كبير بين المصطلحين.

فالرياضة والقيام بواجبات منزلية وأعمال يدوية، يجب أن تدخل في مفهوم الرفاهية أيضاً، الرفاهية هي الاكتفاء الذاتي في الأمور التي تستطيع القيام بها، والاتكالية هي إسناد أبسط المهام للآخرين.

ولهذا نرى كثيرين همهم الوحيد هو إصدار الأوامر، حتى أن البعض لا يفضل انتظار المراسل في العمل نصف ساعة ليحصل على صورة لمستند، بينما لا يبعد جهاز التصوير عنه مسافة أمتار قليلة.

وهناك ظاهرة غريبة وعجيبة لدى النساء، حين تحضر عاملة المنزل معها إلى مكان عملها، ونراها تحمل لها حقيبتها وتوصلها إلى مكتبها، وهو سلوك مستهجن، كما نرى رجالاً أيضاً يأمرون المراسل بتوصيل حقيبته إلى سيارته، كي لا يبذل جهداً!

نحتاج إلى تغيير في نمط الحياة كي نتجنب السمنة والبدانة والأمراض، لنحافظ على استدامة الموارد البشرية لتعمل بكل طاقاتها.

عملية التنمية البشرية لا تتجزأ، فاكتساب المهارات كالمحافظة على اللياقة البدنية والرشاقة. وهنا يتوقف دور الحكومة ليبدأ دور الفرد، فيا أخي المواطن في الإمارات والخليج العربي، غير أسلوب حياتك، واعمل على تغيير مفهومك للرفاهية، حتى تتقدم في عملك، وتبتكر.

المصدر | الخليج - الشارقة

  كلمات مفتاحية

الرفاهية الاتكالية الإمارات الموارد البشرية البدانة الأمراض التعليم السمنة الخليج

هل انتهت «دولة الرفاه» في الخليج؟

ميزانية 2016 بالسعودية تسدل الستار على نظام سخي للرفاه الاجتماعي في الخليج

لماذا يجب على الإماراتيين التجرؤ لمعارضة النظام؟

تراجع الحقوق والحاجة إلى الإصلاح في الإمارات

تحديات تواجه ربع مليون طالب في الإمارات وتعثر برنامج رفاهية المعلم