رويترز: الحضور الخليجي هو الأقوى في تنصيب السيسي

الثلاثاء 10 يونيو 2014 08:06 ص

ماجي فيك، رويترز، 9 يونيو/حزيران 2014

كانت قائمة المسؤولين الأجانب الذين شاركوا في مراسم تنصيب الرئيس المصري «عبد الفتاح السيسي» أبلغ تعبير عن عدم رسوخ مكانته الدولية والصعوبات التي تواجهه مع الغرب بعد إطاحته بأول رئيس منتخب للبلاد.

كان الحضور قويا بين دول "الاعتدال العربية خاصة دول الخليج بما فيها السعودية التي مثلها ولي العهد الأمير «سلمان بن عبد العزيز» والإمارات التي مثلها ولي عهد أبوظبي «محمد بن زايد» والكويت التي أيدت عزل «السيسي» للرئيس المنتخب «محمد مرسي» ثم تحركه لسحق جماعة الاخوان المسلمين.

يُتوقع أن تعلن هذه الدول عن مساعدات جديدة بمليارات الدولارات للحكومة الجديدة في الأيام المقبلة.

شارك في احتفالات التنصيب أيضا عاهل الأردن وملك البحرين والرئيس الفلسطيني وقادة خمس دول أفريقية.

لم يحضر أي مسؤول كبير من الدول الغربية التي تقدم مساعدات عسكرية وغيرها بمليارات الدولارات. كذلك لم يشارك قادة معظم الدول الافريقية الهامة والسبب المُرجَّح أن عضوية مصر في الاتحاد الافريقي ما زالت مجمدة منذ الاطاحة بـ«مرسي» في العام الماضي.

يقول محللون إن قائمة المشاركين في احتفالات التنصيب تشير إلى أن حلفاء مصر في الغرب مترددون في إبداء التأييد الكامل لـ«لسيسي» بسبب المخاوف من تضييقه على المعارضة. من ناحية أخرى تشعر بعض الدول الافريقية بأن مصر أهملتها.

يقول «مايكل حنا» الباحث لدى «سينشري فاونديشن» في نيويورك «إنها انعكاس رمزي ومهم للسبل التي ما زال الغرب يحاول بها التعامل (مع الوضع) لكن من الواضح أنه يشعر بقلق شديد بشأن الاتجاه الذي تسير فيه مصر».

بحسب «حنا»، رغم أن تعليق عضوية مصر في الاتحاد الافريقي ربما يكون قد أثر على قرار رؤساء بعض الدول الافريقية عدم الحضور، فإن دولا أخرى ربما لا ترى أي أهمية لتنصيب «السيسي» «وهو انعكاس للطريقة التي أهملت بها مصر علاقاتها في افريقيا».

وأربعة من القادة الافارقة الخمسة الذين هنأوا «السيسي» إما وصلوا للسلطة عن طريق انقلاب عسكري قبل عشرات السنين أو واجهوا محاولات للانقلاب عليهم في السنوات الأخيرة أو شهدوا الأمرين.

ويوضح ذلك التحدي الذي يواجهه «السيسي» لاثبات إيمانه بالديمقراطية بعد فوزه في الانتخابات الشهر الماضي.

يتجنب المجتمع الدولي حكام غينيا الاستوائية وتشاد وإريتريا الذين لا يتلقون في الغالب دعوات لحضور مثل هذه المناسبات في حين أن رئيس مالي يحكم دولة تشهد انقسامات في جيشها وتهديدات من متطرفين إسلاميين في صحرائها الشاسعة.

وأرسلت الولايات المتحدة مستشارا كبيرا لوزير الخارجية «جون كيري» وشاركت أغلب الدول الأوروبية بسفرائها.

وقال «اتش. ايه. هيلير» الباحث غير المقيم بمؤسسة بروكينجز في واشنطن: «مجرد المشاركة بسفراء يبين أن الحكومات تعترف بانتقال السلطة الجديد لكنها لا تفعل ذلك بقدر كبير من الحماس».

التركيز الاقليمي

تتهم جماعات حقوق الانسان منذ فترة طويلة رئيسي تشاد واريتريا بالاعتقال التعسفي لمعارضيهم وتعذيبهم. ووجهت هذه الاتهامات نفسها للحكومة المصرية المؤقتة التي حظيت بدعم الجيش عقب الإطاحة بـ«مرسي» وهي اتهامات تنفيها الحكومة.

منذ الإطاحة بـ«مرسي» يرى البعض أن «السيسي» كان الزعيم الفعلي للبلاد. وقتلت قوات الأمن في تلك الفترة مئات من الاسلاميين وسجنت الالاف.

وأبدى الغرب قلقه بشأن الانتهاكات في مصر رغم أن أيا من حلفاء القاهرة في واشنطن أو العواصم الأوروبية لم يتخذ إجراءات قوية بهدف إحداث تغيير وهو ما أتاح الفرصة لـ«لسيسي» للتركيز على تحسين العلاقات الاقليمية.

يقول «حسن نافعة» أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة إن الجميع يأملون الآن أن تبدأ تدريجيا فترة انتقالية أخرى إلى دولة ديمقراطية لكن المخاوف ما زالت قائمة من عودة الدكتاتورية أو عودة النظام القديم.

فَتَرت العلاقات بين مصر وكثير من الدول الإفريقية بعد حكم «جمال عبد الناصر» الذي رحب بقادة حركات التحرير في القاهرة خلال الستينات مع حصول الكثير من دول أفريقيا على استقلالها.

وعقد «عبد الناصر» مؤتمر قمة في القاهرة لمنظمة الوحدة الافريقية عام 1964 حضره العديد من قادة الدول الجدد مثل كوامي نكروما الغاني وجوليوس نيريري رئيس ما يعرف الآن بتنزانيا.

لكن «السيسي» وصف مصر في أول خطاب ألقاه للشعب المصري كرئيس بأنها «بوابة أفريقيا».

وقال «ريكاردو ليرمونت» أستاذ العلوم السياسية والاجتماع بجامعة ولاية نيويورك في بنجامتون إن مسحا للتحديات الأمنية التي تواجه «السيسي» يشير إلى ضرورة تعزيز التواصل مع القارة السمراء.

ومن المشاكل الأمنية لجوء متشددين إلى العنف في سيناء واستخدام السلاح الذي تدفق على مصر عبر حدودها الطويلة مع ليبيا.

كذلك فإن مستقبل الأمن المائي في مصر يتوقف على التعاون مع اثيوبيا التي تبني سدا على أحد الفروع الرئيسية لنهر النيل بعد أن رفضت عرضا من القاهرة للمساهمة في تمويله.

يقول «ليرمونت»: «عليك التطلع إلى المحيط الاقليمي. المشكلة الأساسية للسيسي هي تحسين الاقتصاد لكن إلى جانب ذلك عليه أيضا أن يقلق بشأن هذا الأمن ووضع السياسة الخارجية».

يقول المحللون إن على مصر أن تركز أيضا على تنشيط العلاقات مع دول افريقية سريعة النمو مثل السنغال وزيمبابوي وأن مصر أمامها فرص تجارية واستثمارية فيها.

الاتحاد الافريقي

ساهم في ضعف الحضور الافريقي في مراسم تنصيب «السيسي» تعليق عضوية مصر في الاتحاد الافريقي. لذلك كان من الصعب على قوى اقتصادية رئيسية في أفريقيا مثل نيجيريا وجنوب أفريقيا أن ترسل رؤساءها للمشاركة في حفل التنصيب.

ويقول «ليرمونت» إن قبول الاتحاد الأفريقي للوضع في مصر له فوائد معنوية ويشير إلى أن الاتحاد ليس لديه سلطات تذكر.

ويقول مسؤولو الاتحاد إن من الضروري أن يعقد مجلس السلم والأمن التابع للمنظمة اجتماعا لالغاء تعليق عضوية مصر وإعادتها إلى وضعها الطبيعي كدولة عضو. وقال دبلوماسيون إن من المتوقع اتخاذ هذه الخطوة قريبا بعد أن أدى «السيسي» اليمين الدستورية.■

  كلمات مفتاحية