السعودية تتخلى عن «الحريري» وتدعم رموزا سُنية لبنانية جديدة .. «ريفي» هو الأوفر حظا

السبت 11 يونيو 2016 08:06 ص

تشهد لبنان حالة من الاضطراب الممتد منذ سنوات. منذ رحيل الرئيس السابق «ميشال سليمان» من منصبه في عام 2014، فشلت الكتلتان السياسيتان الرئيسيتان في البلاد عشرات المرات في الاتفاق على خليفة مناسب. تحالف 14 أذار الذي يهيمن عليه السنة، والمدعوم من المملكة العربية السعودية، وتحالف 8 أذار الذي يهيمن عليه الشيعة والمدعوم من إيران يدخلان في خلاف جوهري بشأن الزعيم المستقبلي للبلاد. خلال المفاوضات، فإن حزب الله، القوة الأكبر ضمن صفوف تحالف 8 أذار، كانت لديه نقطة خلاف جوهرية تتمثل في رفض أي مرشح آخر سوى مرشح التيار «ميشيل عون».

في الوقت نفسه، فإن كلا من المملكة العربية السعودية وإيران تستخدمان نفوذهما من أجل ضمان أن الرئيس اللبناني القادم سوف يمثل مصالحهما. ومع إصرار القادة الأكثر شددا في صفوف تحالف 14 أذار على اتخاذ موقف صارم من «حزب الله»، فإن المشهد السياسي في لبنان ربما يكون أكثر استقطابا من أي وقت مضى.

أصبح التحول أكثر وضوحا في أعقاب الانتخابات البلدية التي جرت في مايو/أيار في بيروت وفي مدينة طرابلس بشمال لبنان. وفقا لنتائج الانتخابات فإن شعبية تحالف 14 أذار الذي يقوده «سعد الحريري» تقع في أدنى مستوياتها على الإطلاق. تبنى «الحريري» موقفا تصالحيا تجاه «حزب الله» وقد ذهب إلى أبعد من ذلك في ديسمبر/كانون الأول الماضي بترشيح عضو ائتلاف 8 أذار «سليمان فرنجيه» لشغل مقعد رئاسة لبنان الشاغر منذ فترة طويلة. ولكن «حزب الله» لم يكن منفتحا على التنازل. رفض الحزب مرشح «الحريري» وحافظ على دعمه لمرشح تيار 8 أذار. بالنسبة لكثير من الناخبين السنة، فإن هذه المحاولة الفاشلة للتعاون قد أكدت عدم جدوى التفاوض مع «حزب الله» والحاجة إلى زعيم قادر على التصدي له.

تتفق المملكة العربية السعودية مع هذه الرؤية. لم يكن موقف «الحريري» الاسترضائي في مواجهة «حزب الله» كافيا لتحقيق أهداف الرياض في لبنان، في الوقت الذي يواصل فيه الحزب تجميد الجهود المبذولة لتثبيت رئيس جديد. وبالتالي، فإن المملكة العربية السعودية تتطلع إلى زعماء السنة الآخرين ليحلوا محل «الحريري» من أجل تعزيز مصالحها في البلاد بشكل أفضل.

حتى الآن، فإن الاحتمال الأكثر قربا هو «أشرف ريفي» الذي نجح في تحقيق الفوز على الحريري في انتخابات طرابلس البلدية. «ريفي»، قائد الشرطة السابق، أثبت بالفعل معارضته لحزب الله. في وقت سابق من هذا العام، قام «ريفي» بالاستقالة من منصبه كوزير للعدل في البلاد احتجاجا على تزايد نفوذ الحزب.

بالإضافة إلى وجهات نظره بشأن «حزب الله»، فإن «ريفي» يجسد أهدافا أخرى للمملكة العربية السعودية في لبنان. على سبيل المثال، فقد قال إنه يأمل في توحيد الدوائر السنية والمسيحية في تحالف 14 آذار، ما يسهل من طموحات الرياض في بسط سيطرتها على المجتمعين. وعلاوة على ذلك، فقد قال إنه يسعى إلى إعادة التحالف بين تيار المستقبل والقوات اللبنانية. بعد أن اقترح «الحريري» تولي «فرنجيه» رئاسة البلاد بدلا من «سمير جعجع»، قائد حزب القوات اللبنانية والمرشح الأصلي لتحالف 14 أذار فقد تدهورت العلاقة بين الطرفين. على الرغم من أن المملكة العربية السعودية قد وافقت منذ البداية على «فرنجيه» كمرشح، إلا أنها الآن تدعو لاتخاذ موقف أكثر تشددا في مواجهة «حزب الله».

يواصل «ريفي» كسب الأرض بسرعة بين صفوف السنة في لبنان. في انتخابات طرابلس، سحب الإخوان المسلمون في البلاد دعمهم للحريري لصالح «ريفي». لكن من غير الواضح ما إذا كان «ريفي» سوف يكون قادرا على الفوز بدعم الطائفة المسيحية في لبنان. لم يظهر أي مسيحيين على قائمته الفائزة في الانتخابات البلدية. في الواقع، فقد استغل «ريفي» الاعتقاد السائد بين السنة بأن الشيعة والمسيحيين يحكمون قبضتهم على السلطة في البلاد من أجل حشد الدعم السني. قد يجد «ريفي» صعوبة في الوصول إلى أرضية مشتركة مع المجتمعات الدينية الأخرى، كما أن بروزه بين مصاف المجتمع السني يمكن أن يؤدي إلى تفاقم الانقسامات الطائفية في لبنان.

وفي الوقت نفسه فإن يد «الحريري» تبدو مغلولة. خلال اجتماع عقد مؤخرا مع «الحريري»، نصح الرئيس الفرنسي «فرانسوا هولاند» بتأييد مرشح «حزب الله» في الانتخابات الرئاسية، «ميشيل عون». تدرك فرنسا أن المزيد من عدم الاستقرار ينتظر لبنان إذا لم يقم فريق 14 أذار بإبداء بعض التنازلات في مواجهة رغبات «حزب الله». ومع ذلك، فإن ذلك لم يعد خيارا في الوقت الراهن بالنسبة إلى الطائفة السنية في لبنان. كما أن «الحريري» لم يعد خيارا بالنسبة إلى الرياض.
 

المصدر | ستراتفور

  كلمات مفتاحية

السعودية لبنان حزب الله سعد الحريري أشرف ريفي

كيف تؤثر العقوبات السعودية على اقتصاد لبنان؟

ثمن الصداقة .. لماذا قطعت السعودية مساعداتها العسكرية إلى لبنان؟

وزير العدل اللبناني يستقيل بسبب قضية «سماحة» ويدعو للاعتذار للسعودية

«أولاند» يدعو إيران والسعودية إلى إيجاد حل للفراغ الرئاسي في لبنان

الرياض تبارك صفقة رئاسة لبنان لـ«فرنجية» حليف «الأسد» والحكومة لـ«الحريري»

«الحريري»: شربت كأس السم ومشيت بالمبادرة السعودية للمصالحة العربية

السفير السعودي لدى بيروت: تخلي المملكة عن لبنان غير صحيح

وزير العدل اللبناني «أشرف ريفي» يتهم حزب الله بالضلوع في تفجير بيروت

شغب في «سعودي أوجيه» بسبب تأخر الرواتب والشركة تدفع ثمن تخلي الرياض عن «الحريري»

انفراجات سعودية إزاء الحريري؟