«إيكونوميست»: تدمير مصر.. «السيسي» يؤجج الانتفاضة القادمة

الجمعة 5 أغسطس 2016 01:08 ص

تدمير مصر.. قمع وعدم كفاءة عبد الفتاح السيسي يؤججان الانتفاضة القادمة.

تحت هذا العنوان، أوردت صحيفة «الإيكونوميست» البريطانية اليوم الخميس مقالا على موقعها الإلكتروني حول المشكلات التي تواجه الدولة العربية الأكثر تعدادا سكانيا.

في مصر، يتواجد ما يسمى «شباب المقاهي»، وفي الجزائر يطلق عليهم «الحثيين»، هؤلاء الذين يتكئون بظهورهم على الحائط، أما في المغرب فيطلق عليهم المصطلح الفرنسي diplômés chômeurs، أو "«خريجون بلا وظائف».

وفي أنحاء الوطن العربي، بلغت صفوف البطالة والسخط بين الشباب إلى مرحلة التورم.

في معظم بلدان العالم، يتم الاستفادة من زيادة نسبة الشباب إذ يؤدي ذلك إلى طفرة اقتصادية.

لكن الاستبداديين العرب ينظرون إلى الشباب باعتبارهم تهديدا، ويملكون أسبابا لذلك.

الشباب الأكثر تعليما من جيل الآباء، والأعلى اتصالا بالعالم، والأكثر تشككا من السلطة السياسية والدينية، كانوا في طليعة انتفاضات 2011.

لقد تمكنوا من إسقاط الحكام في تونس ومصر وليبيا واليمن، وتسببوا في بث مشاعر الذعر في أوصال ملوك ورؤساء دول أخرى.

والآن، باستثناء تونس، انزلقت تلك الدول في حروب أهلية، أو تراجعت ثوراتها.

حظوظ الشباب العربي تتزايد سوءا، وبات من الأصعب عثورهم على وظيفة، وأصبح من الأسهل أن يزج بهم داخل غياهب السجون.

الخيارات أمام الشباب تتراوح بين الفقر أو الهجرة، أو «الجهاد» من وجهة نظر أقلية منهم.  ويخلق هذا ظروفا لانفجار قادم.

القمع السياسي وعدم الكفاءة الاقتصادية مقلقان بدرجة أكبر  في مصر تحت قيادة الرئيس «عبد الفتاح السيسي».

الشرق الأوسط هو المكان الذي يشهد المشاعر الأكثر تشاؤما وخوفا من أن يدفع الجيل القادم ثمنا أكثر مما يتكبده نظيره الحالي.

ويتزايد التعداد السكاني العربي بشكل استثنائي فوق العادة.

وبالرغم من أن عدد السكان في الفئة العمرية بين 15-25 عاما بلغ 20 % من إجمالي 375 مليون نسمة عام 2010، لكن أعداد الشباب العربي يتوقع أن تلامس مستوى 58 مليون نسمة عام 2025 مقارنة ب46 مليون نسمة في  2010.

وبصفتها الدولة العربية الأكثر سكانا، تمثل مصر مركزا لمستقبل المنطقة، عندما تنجح سيظهر الشرق الأوسط أقل قتامة، أما إذا فشلت، سيبدو أكثر دمامة.

«السيسي»، الجنرال الذي استحوذ على السلطة عبر انقلاب عام 2013، برهن على أنه أكثر قمعا من «حسني مبارك»، الذي أسقطه الربيع العربي، كما أثبت أنه على نفس درجة عدم الكفاءة التي كان يتسم  بها سلفه الرئيس الإسلامي المنتخب «محمد مرسي» الذي عزله «السيسي».

النظام المصري مفلس، يعتمد على حقن نقود سخية من دول الخليج، وبدرجة أقل على المساعدات العسكرية الأمريكية.

وحتى مع تلك المليارات البترودولارية، تتزايد فجوات الموازنة والحساب المصرفي الجاري.

«السيسي»، الذي يتخذ مظهرا قوميا، ذهب خالي الوفاض إلى صندوق النقد الدولي طالبا 12 مليار دولار حزمة إنقاذ مالي.

البطالة بين الشباب في مصر حاليا تتجاوز 40 %. كما أن الحكومة أصلا منتفخة بموظفين حكوميين لا يفعلون شيئا.

وفي اقتصاد مصر المتصلب والدولاني، يبدو القطاع الخاص عاجزا عن استيعاب الجحافل  المنضمين سنويا إلى سوق العمل باحثين عن فرصة.

المذهل أن الحاصلين على الشهادات الجامعية في النظام المصري المكسور أكثر احتمالا للوقوع في براثن البطالة مقارنة بأشباه الأميين.

الويلات الاقتصادية المصرية تنبع جزئيا من عوامل خارج نطاق الحكومة، مثل تراجع أسعار النفط الذي أثر على اقتصاديات الدول العربية جميعها.

الحروب والإرهاب أبعد السياح عن الشرق الأوسط، بجانب أخطاء ماضية ما زالت تخيم بثقلها مثل إرث الاشتراكية، ومصالح الجيش مترامية الأطراف.

بيد أن «السيسي» يزيد الأمور سوءا، حيث يصر على الدفاع عن الجنيه المصري لتجنب ارتفاع التضخم ومظاهرات الخبز.

يظن الرئيس أنه يستطيع السيطرة على أسعار الغذاء، عبر دعم العملة، رغم أن معظمه مستورد من الخارج.

لكن قيود رأس المال فشلت في منع بزوغ السوق السوداء للدولار، علما بأن السعر الرسمي لتداول الدولار يبلغ نحو ثلثي السوق الموازية، كما خلقت عجزا في القدرة على استيراد قطع الغيار والماكينات.

وتسبب ذلك في زيادة معدل التضخم إلى مستوى 14 %، وهو ما أضر بالصناعة وأخاف المستثمرين.

امتلاك مصر لقناة السويس، إحدى أعظم الشرايين التجارية في العالم، يجعل من المفترض لها أن تستفيد من حركة التجارة العالمية، لكن بالرغم من ذلك تقبع القاهرة في ترتيب متدن في مؤشر سهولة الأعمال في القائمة التي أصدرها البنك الدولي.

وبدلا من تخفيض الإجراءات الروتينية لتحرير مواهب شعبه، صب السيسي نقود دافعي الضرائب في الصرف على مشروعات ضخمة.

ورغم توسيع «السيسي» لقناة السويس، لكن إيراداتها انخفضت، كما أن خطط إنشاء مدنية جديدة تشبه دبي في الصحراء تقبع مدفونة تحت الرمال.

اقتراح إنشاء جسر بين مصر والسعودية أشعل احتجاجات بعد تعهد «السيسي» بتسليم جزيرتين للمملكة كانتا تحت السيطرة المصرية منذ زمن طويل.

وحتى ممولي «السيسي» العرب بدأوا يفقدون صبرهم على ما يبدو، حيث رجع مستشارون من الإمارات إلى وطنهم محبطين جراء البيروقراطية المتحجرة، وقيادة محورية تظن أن مصر لا تحتاج إلى نصيحة من دول خليجية متغطرسة، وتعتبرها "أشباه دولة"، تمتلك «أموالا مثل الرز»، بحسب ما أخبر «السيسي» مساعده في تسجيل صوتي مسرب.

الأهمية الإستراتيجية لمصر تجعل العالم لا يمتلك خيارات كثيرة غير التعامل مع «السيسي»، لكن الغرب يجب أن يعامله بمزيج من البرجماتية والإقناع والضغوط.

يتعين على الغرب التوقف عن بيع أسلحة باهظة لمصر غير ضرورية  لها أو لا تستطيع تحمل ثمنها، سواء كانت طائرات إف 16، أو حاملات طائرات فرنسية طراز ميسترال.

أي مساعدات اقتصادية ينبغي أن يقترن بشروط صارمة، أبرزها تعويم العملة، وتقليص الوظائف الحكومية، وإلغاء تدريجي للدعوم المكلفة التي يشوبها الفساد، مع تعويض الطبقات الأكثر فقرا بمدفوعات مالية مباشرة.

يجب فعل ذلك بشكل تدريجي، إذ أن مصر في حالة شديدة الهشاشة، وكذلك الشرق الأوسط سريع التقلب لا يتحمل علاجا صادما.

البيروقراطية المصرية ستقاوم على أي حال تفعيل تغيير جذري، لكن إعطاء اتجاه واضح للإصلاحات سيساعد على استعادة الثقة في اقتصاد مصر.

يتعين على دول الخليج الإصرار على مثل هذه التغييرات وحجب بعض الأرز إذا أصر «السيسي» على ذلك.

في الوقت الراهن، هدأ الحديث عن انتفاضة أخرى أو حتى انقلاب آخر للتخلص من «السيسي».

الشرطة السرية، التي أخذتها المفاجأة عام 2011، باتت أكثر اجتهادا في خنق وإخماد المعارضة.

بيد أن الضغوط الديموغرافية والاقتصادية والاجتماعية والاقتصادية داخل مصر تتزايد بلا هوادة.

لا يستطيع «السيسي» أن يوفر لمصر استقرار مستداما، كما يحتاج النظام ا لسياسي إلى إعادة انفتاح.

النقطة الجيدة التي يمكن أن تبدأ منها مصر هي إعلان «السيسي» أنه لن يترشح في انتخابات الرئاسة 2018.

المصدر | ترجمة مصر العربية

  كلمات مفتاحية

السيسي إيكونوميست قناة السويس

عام على توسعة قناة السويس بانتظار إيرادات تأخّر حصادها

قناة السويس تخفض رسوم ناقلات البترول المتجهة من أمريكا إلى الخليج 45%

مسؤول روسي: مصر تعرض علينا الاستثمار في قناة السويس

قناة السويس تخفض رسوم رحلاتها 65% لمواجهة خسائرها⁧ المتتالية

خبراء: الإمارات الأكثر استفادة من ضخ استثمارات في قناة السويس

المشكلة فى التشخيص لا العلاج

الخارجية المصرية: الإيكونوميست مجلة رائدة لكنها منحازة ضد «السيسي» وتعمدت إهانته

الاقتصاد المصري وتحديات الإصلاح

حملة تمديد رئاسة «السيسي».. بين الإفلاس السياسي والانهيار الاقتصادي

‏باحثة بمعهد «كارنيغي» تنصح «السيسي» بعدم الترشح للرئاسة عام 2018

الإماراتي «عبدالخالق عبدالله»: عواصم خليجية نصحت «السيسي» بعدم الترشح للرئاسة مجددا

«إيكونوميست»: الإمارات سحبت مستشاريها من مصر بعدما فقدوا صبرهم على «السيسي»

رئيسة وزراء بريطانيا تجاهلت طلب اتصال «السيسي» لتهنئتها لمدة 3 أسابيع

«السيسي» يلوح بإجراءات صعبة لوقف تدهور الاقتصاد

بديل ديمقراطي لمصر.. بعض الأفكار القديمة

صحفي مصري: الحكومة تبيع أملاك الوقف في الداخل والخارج بأسعار غير مسبوقة

معاريف: نظام «السيسي» يتآكل بصورة تزعج أجهزة الأمن

«عبدالخالق عبدالله» يواصل انتقاده لـ«السيسي»: مصر تمتلك موارد لكنها تعاني من سوء الإدارة

مؤامرة على مصر

لم يكن بؤسا .. ولكنّا كفرنا بأنعم الله

ملاطفة مقاتلٍ زاده الخيال

«أبوالفتوح»: «مرسي» أسقطه انقلاب عسكري و«السيسي» فشل وعليه أن يرحل

النقد الدولي: نعمل لإقناع دول شرق أوسطية وخليجية لتمويل مصر بـ6 مليارات دولار

«خالد الدخيل»: «السيسي» جاء بانقلاب عسكري ولا يملك القدرة لقيادة مصر