مقدار التأييد لـ"داعش" في الأردن يثير القلق

الخميس 23 أكتوبر 2014 10:10 ص

يتكون التحالف الدولي الذي تقوده واشنطن ضد تنظيم «الدولة الإسلامية» من 60 دولة بحسب وزارة الخارجية الأمريكية. وفي الوقت الذي تدور فيه رحى الحرب – التي وصفها الرئيس أوباما بأنها «حربٌ تضم العالم» - فإن الحلفاء ليسوا جميعًا على قدم المساواة. ومن بين حلفاء واشنطن الكثيرين هناك الأردن؛ والتي ربما على درجة كبيرة من الأهمية.

تتلخص المهام التي تقوم بها عمّان في نشر طائرات مقاتلة، وتوفير دعم لوجستيٍّ، وتدريب للمعارضين السوريين الذين تصفهم واشنطن بالمعتدلين، ما يجعل منها حليفًا أساسيًا لا يمكن الاستغناء عنه في الحملة ضد «الدولة الإسلامية». ولسبب وجيه: فإن «الدولة الإسلامية»تشكّل خطرًا مُحدقًا للمملكة الأردنية. وخلال الشهر الأخيرة اعتقلت الأردن العشرات من مؤيدي «الدولة الإسلامية»، وقبل أسابيع قليلة شهدت الأردن ثاني تظاهرةٍ مؤيدةٍ قام بها مؤيدو «الدولة الإسلامية».

لكن ليس كل شخص في الأردن يؤيد عضوية بلاده في التحالف. وبحسب استطلاع رأيٍ نُشر الشهر الماضي باسم مركز الدراسات الاستراتيجية في جامعة الأردن فإن فقط 62% من الأردنيين يعتبرون «الدولة الإسلامية» تنظيمًا إرهابيًا، و31% فقط ينظرون إلى «جبهة النصرة» التابعة للقاعدة كذلك. 44% فقط من الأردنيين المستطلع آراؤهم قالوا إنهم يعتبرون تنظيم القاعدة إرهابيًا؛ وهو الأمر الذي تلقاه القائمين على الاستطلاع وغيرهم من وسائل الإعلام بالدهشة.

وبالنظر إلى هذه الآراء والمشاعر؛ فإنه ليس من المُستغرب أن تجد العديد من الأردنيين يعارضون مشاركة بلادهم في الحملة ضد «الدولة الإسلامية» و«جبهة النُصرة».

في الحقيقة؛ الاعتراضات على الدور الأردني في التحالف ضد «الدولة الإسلامية» ظهر قبل أن تتخذ عمّان قرارها بالمشاركة. في مطلع سبتمبر/أيلول الماضي رفع واحد وعشرون عضوًا بالبرلمان مذكرةً إلى المتحدث باسمه يعلنون رفضهم مشاركة بلادهم. وكتب الأعضاء: «الحرب ليست حربنا. جيشنا قادرٌ على الزود عن حدودنا والردّ على أي عدوان وتلك مهمته».

الموقّعون على المُذكّرة مثّلوا أقل من 15% من أعضاء البرلمان، لكن بناءً على معلومات مركز الدراسات الاستراتيجية وغيرها من الآراء الواردة عبر استطلاعات ميدانية شفهية فإن الاعتراض على المشاركة في الحملة هو التوجه السائد.

ومن بين الأصوات المعارضة لمشاركة المملكة الأردنية في هذا التحالف يظهر صوت الإسلاميين جَليًا. الفرع المحلي لجماعة الإخوان المسلمين - على سبيل المثال – ليس فقط «يرفض استخدام الأراضي الأردنية كقاعدة عسكرية أو منصة لانطلاق طائرات» قوات التحالف، لكنهم قالوا أيضًا إن نشر قوات أردنية خارج الحدود بمثابة خرقٍ للمادة رقم 127 من دستور البلاد؛ والتي تقصر دور الجيش على ”الدفاع“ ضد أي عدوان يتهدد اليمن والحفاظ على ”أمن“ الدولة.

أمّا بالنسبة للسلفيين في الأردن والذين تتزايد أعدادهم فالانتقاد شديد اللهجة كان ردّ فعلهم على الانضمام للتحالف. أبو سيّاف – قائد الحركة السلفية الجهادية في الأردن ويعلن صراحة تأييده لجبهة النصرة – وصف التدخل الأردني في سوريا ضد «الدولة الإسلامية» بأنه ”بداية النهاية“ لنظام الملك «عبدالله». وفي السياق ذاته؛ فإن هناك مجموعة تتكون من خمسة وعشرين داعية إسلاميًا بالأردن نشروا بيانًا مطلع الشهر الجاري في صحيفة «السبيل» الأردنية الإسلامية يصفون عمليات التحالف بـأنه «حملة ضد الإسلام».

هذه المعارضة لا تقتصر على الإسلاميين. في سبتمبر/أيلول الماضي أعلنت مجموعة تُسمّي نفسها «الاتجاه الأردني الشعبي» عن رفضها للحرب، مُتهمةً الولايات المتحدة بـ«خلق داعش واستخدامها كأداة لتقسيم دول المنطقة وفتح المجال أمام تدخلها في الشئون الداخلية».

الليبراليون العلمانيون في الأردن هم أيضًا ينتقدون دعم بلادهم القوي ضمن التحالف على أسسٍ واقعيةٍ. وفي مقالة افتتاحية بصحيفة «أون لاين ديلي» – معروفة بآرائها المعتدلة - مُؤخرًا كان التساؤل: لماذا يُسمح للجنرال الأمريكي المتقاعد «جون ألين» – الذي يقود التحالف ضد «الدولة الإسلامية» – ليلتقي قائد المعارضة السورية «أحمد الجربا» في عمّان. وحذرت المقالة من أن الاجتماع «يفتح الباب واسعًا أمام أسوأ سيناريوهات الانتقام والثأر السورية» ضد  الأردن.

في الدول الديمقراطية؛ كل هذه الموجات المتتالية من الانتقادات ربما تُقنع بتغيّرٍ في السياسة. الأردن ليست دولة ديمقراطية، لكن الملك «عبدالله» ليس بمنأى او في حصانة من الضغوط الداخلية. الثورات في العديد من الدول العربية، والمشكلات الاقتصادية الحادّة؛ والتي تفاقمت مع وصول حواليّ مليون لاجيء سوري، جعلت الملك «عبدالله» أكثر حساسية – إن لم يكن استجابة – للانتقادات الداخلية.

لكن يبدوا أن اعتبارات الملك «عبدالله» امتدت إلى ما وراء حدود الأردن. فبالإضافة إلى تهديد «الدولة الإسلامية» وما على شاكلتها في العراق وسوريا، فإن واشنطن بلا شك رأت أن الاشتراك في التحالف صار ضرورة للأردن.

وبالنظر إلى الرهانات؛ فإن الأردن في الغالب لن يغير من سياسته في القريب. ولكن في الوقت الذي يتعين فيه استمرار العمليات الجوية في السنوات المقبلة فإن أنشطة الأردن ضمن التحالف من الممكن في النهاية أن تنضم إلى مشاكل الاقتصاد، ومشكلة اللاجئين السوريين ليتفاقم الأمر إلى إحباط شعبي واستياء داخل المملكة.

وبصرف النظر عن تأثير المشاركة في عمليات التحالف على الشارع الأردني، فإن استطلاع مركز الدراسات الاستراتيجية يشير إلى أن الحرب في سوريا – والتي قتل فيها النظام السوري الشيعي ما يربوا على 200 ألف مسلم سنّي – تبقى قضية مثيرة لمشاعر وعواطف الأردنيين، وتزيد من التعاطف مع «الدولة الإسلامية» و«جبهة النصرة». بالطبع؛ لن تفقد هذه الجماعات هذا التعاطف الكبير تجاهها في الأردن إلا في حالة تنفيذ هجمات تستهدف أهدافًا أردنية كما فعلت القاعدة عام 2005م باستهدافها أحد الفنادق. وفي الوقت الراهن؛ وفي الوقت الذي ينشر فيه القصر الملكي قصصًا عن تفجيرات ويخفف من وطأة تهديدات فورية تشكلها «الدولة الإسلامية»، فإن الديناميكية الحالية في سوريا تُبقي الأردن عُرضةً لأي عمليات إرهابية، ليس هذا فحسب بل وتنبيء بأن هذه العمليات قد تجد تأييدًا شعبيًا داخل المملكة الأردنية.

المصدر | ديفيد شينكر، نيو ريببليك

  كلمات مفتاحية

الدولة الإسلامية الأدرن الملك عبدالله الثاني جبهة النصرة التحالف الدولي

إسرائيل مستعدة لمساعدة الأردن في صد "الدولة الإسلامية" إذا طلب منها ذلك

الأردن ستطلب مساعدة أمريكا وإسرائيل لمواجهة "داعش"

الأردن تحت التهديد من العراق