خلال 10 سنوات لم يتغير «حزب الله» بل سقط عن وجهه «القناع»

الأربعاء 17 أغسطس 2016 04:08 ص

يؤرّخ العام الحالي للذكرى السنوية العاشرة للعدوان (الإسرائيلي) على لبنان في عام  2006، الذي أعلن في نهايته أمين عام «حزب الله» «حسن نصرالله» أن مقاتليه حققوا «النصر الإلهي» على (إسرائيل)، إلى حد وصل ببعض الخبراء الغربيين في شؤون منطقة الشرق الاوسط إلى اعتبار أن الحزب تحول بعد هذه الحرب الى قوة إقليمية.

لكن مكانة الحزب التي حظي بها يومًا في العالمينِ العربي والاسلامي تآكلت الى حد بعيد بحلول عام  2016. وفي هذا السياق، قال محللان سياسيان لبنانيان، لـ وكالة «الاناضول»، إن «حزب الله» بين 2006 و2016 لم يتغير في الجوهر كمنظومة أمنية تابعة للحرس الثوري الإيراني، لكن ما تغير بأن تورطه في الساحة السورية أدى إلى «سقوط القناع» عنه بعدما راهن الكثيرون عليه، وخصوصًا في الداخل اللبناني على تحوله إلى حزب سياسي لبناني.

ويتفق المحللان على أن الأزمة السورية وانخراط الحزب فيها كانت نقطة الفصل في هذا المجال، بل هي التي ستحدد مستقبله السياسي والأمني والذي لا يبدو أنه يتجه إلى انتصار المحور الاقليمي الذي ينتمي إليه الحزب.

ورأى «مكرم رباح»، الكاتب والباحث السياسي، أن هناك قضايا داخلية وخارجية أثرت على صورة الحزب. وأضاف «رباح»، المرشح لنيل شهادة الدكتوراه من قسم التاريخ بجامعة «جورج تاون» الأميركية، أن «هناك قضايا داخلية أثرت سلبًا على صورة حزب الله مثل انقلاب 7 مايو/ أيار 2008، في إشارة إلى اجتياح حزب الله لمدينة بيروت عسكريًا حيث احتل المراكز الحزبية لخصومه السياسين وعلى رأسهم تيار المستقبل) واحتلال شوارع العاصمة والتعدي على المدنيين»، وأردف «لم تكن هناك مقاومة عسكرية فعلية بوجه الحزب . وكانوا بكل بساطة يقومون بحماية دويلتهم الامنية».

واعتبر أنه نتيجة لذلك بدأ يفقد «حزب الله الشرعية الوطنية حيث إن البيئة الحاضنة اللبنانية التي كانت مستعدة لتأوي النازحين في حال تعرض الجنوب لهجوم (إسرائيلي)، هي في الوقت الحال غير موجودة وهذا أمر تعيّه قيادة حزب الله».

غير أنه شدد على أن من أهم «المفاصل في تاريخ حزب الله كانت الحرب السورية او الصراع السوري التي حولت حزب الله من منظومة مقاومة للعدو الصهيوني أو (إسرائيل) الى ميليشيا تشارك في محاولة إنقاذ حليف إيران في المنطقة» في إشارة إلى النظام السوري. وأضاف «رباح»: «لا يمكن لحزب الله إرسال مقاتلين للموت الى ما لا نهاية في سوريا، وتحوله الى منظمة تقوم بالمشاركة بالصراع الروسي الإيراني في المنطقة كما أن جثث قتلاه العائدة من سوريا إلى الجنوب ستؤثر في البنية الاجتماعية للطائفية الشيعية وبالتحديد مناصري حزب الله. لأن النزيف الداخلي سواء بالنسبة للجرحى او القتلى ليس قليلاً».

 وبحسب الباحث السياسي فإن «سوريا بطبيعتها مستنقع وهي آتون لأي ميليشيا وأي تنظيم عسكري غير سوري يقاتل ضمن سوريا»، ووصف الحزب بأنه «قوة احتلال لانه يقاتل خارج أرضه، وقيادة حزب الله بالتحديد ومنذ بداية الصراع تردد أنها غير معنية الحدود اللبنانية وأن مقاتلي الحزب سيقاتلون ويتواجدون حيث يطلب منهم ذلك».

وأضاف «رباح» وهذا أمر يرفضه الشعب اللبناني واعتقد أن الشيعة بدأوا يتساءلون لماذا نقاتل دفاعًا عن بشار الأسد ونظامه؟»، معتبرًا أن «الحاضنة الشعبية الشيعية للحزب تزعزعت لأكثر من سبب».

وفي السياق ذاته، رأي «رباح» أيضًا أن «حزب الله» فقد قدرة «توازن الردع» مع (إسرائيل) التي لطالما تغنّى بها «حيث إن الصواريخ التي يملكها لن تنفع لا ضد (إسرائيل) ولا سوريا وذلك بعد أن ذهب بملء إرادته إلى سوريا وبالتالي استدرج الى حرب إقليمية أضعفته».

وأضاف سببًا آخر لفقدان قدرة الردع عند الحزب وهو أن «هناك أمرًا يقيد حزب الله، وهو أنه طالما ينتمي لمحور تكون فيها روسيا حليفته فهو سيكون غير قادر على بدء اي حرب ضد (إسرائيل) ».

وأشار إلى أن الحزب فقد صورته ومكانته في العالم العربي خصوصًا أنه «في مرحلة من المراحل حظي بمكانة التيار الناصري بمعنى العداء لـ(إسرائيل) (الذي زاد من شعبية الرئيس المصري الراحل جمال عبد الناصر) ولم يكن يلجأ لاستنهاض العدائية السنية الشيعية. لكن محاولة حزب الله التعرض لسيادة بعض الدول سواء كان في اليمن أو في البحرين خلقت نوعًا من العداء والفتن وخلقت نوعًا آخر من الغضب السني والمسلم ضده، مع تبعيته لإيران خصوصًا مع القرار السعودي الواضح بالتصدي لكل محاولة لإضعاف حلفائها في المنطقة من لبنان الى سوريا والبحرية واليمن».

وحول ماهية التغيير الذي طرأ بين  2006 و 2016 على حزب الله، رأى «رباح» أن «الحزب كان واحدًا في كل الأوقات. هو منظومة تتبع الحرس الثوري الإيراني. ولكن نحن كلبنانيين نطمح لأن يقوم حزب الله بفصل لبنان عن مخططاته الإقليمية وهذا لم يحصل. لذا فإن حزب الله لم يتغير بل ما تغير هو نظرة الناس إليه واكتشافه على حقيقته بعدما صارت مواقفه على المحك في المنطقة».

من جهته، قال الكاتب والمحلل السياسي «لقمان سليم»، «إن هناك مرحلتين مهمتين تطبعان مسيرة حزب الله في العقد الأخير» موضحًا أن «الأولى تبدأ من عام 2006 وما تلاه وكانت مرحلة مد حيث أمكن لحزب الله أن يتوسل بالحرب التي خاضها على حساب اللبنانيين (حرب يوليو/ تموز2006)، لتلميع صورته محليًا وعربيًا وإسلاميًا».

وأضاف «سليم» أن «هذه المرحلة بدأت تنتهي منذ قيام الحلف الثنائي الايراني – السوري والذي كان حزب الله شريكًا فيه، وذلك في أعقاب الثورة السورية عام 2011 . منذ ذلك العام تغير الميدان بالكامل».

ورأى أنه «لنعرف ماذا تغير في حزب الله يجب أن نسأل ماذا تغير على رقعة انتشار حزب الله عسكريًا»، وأوضح أن «حزب الله اعتاد أن يتوجه جنوبًا نحو الحرب مع (إسرائيل) بكل مجهوده الحربي والإعلامي، والآن صار يتوجه شمالًا إلى شمال سوريا. هذا التغير في جغرافية المعركة يمكن أن يدلنا على المستقبل الذي ينتظر حزب الله».

وأشار «سليم» إلى أن «مصير حزب الله صار متعلقًا بالمنحى الذي يتخذه الصراع في سوريا وهو بالتأكيد وإن طال ليس ذاهبًا ليصب في مصلحة الحلف الإيراني – الأسدي الذي ينتمي إليه حزب الله، وبالتالي لن ينتهي كما تشتهي إيران بترميم النظام الديكتاتور السوري».

لكن لماذا يستمر «حزب الله» في المعركة في سوريا فيما تتواصل خسائره على المديين القصير والطويل بشكل واضح؟

يجيب «سليم»: «الإجابة تردنا الى السؤال المفتاح: هل يملك حزب الله قراره؟ وهل صنع القرار يتم في حارة حريك (لضاحية الجنوبية لبيروت) ام في طهران؟». وأضاف أن الكثير من المحللين وصانعيّ السياسات في الغرب «اعتقدوا أن حزب الله سيتخذ المسار الذي تتخذه قوى التحرر الوطني أي أن يميل من العنف الى الانخراط في العملية السياسية (اللبنانية) مع الوقت لكن ما حصل أنه عندما أراد الحزب التابع لإيران التدخل في سوريا لحماية حليفه بشار الأسد، رأينا أن إيران أرسلت كتيبتها اللبنانية الى سوريا» في إشارة الى «الحزب».

وشدد «سليم» على أنه «بانخراطه الحزب في سوريا قضى على كل فرصة للثقة به للعودة الى الانخراط في الحياة السياسية اللبنانية، ومهما كانت خطب قيادات حزب الله عالية النبرة فهذا لن يغير حقيقة أن ما يحصل في سوريا هو هزيمة كبرى ليس لحزب الله فحسب بل لكل ما بناه الشيعة من اعتناق للوطنية اللبنانية».

وحول ما إذا كان الحزب ما زال يحتفظ بقدرة الردع بوجه أعدائه وتحديدًا (إسرائيل)، لفت «سليم إلى أن «قوة الردع لا تقاس بالمدفعية والصوراريخ. بالتأكيد حزب الله ما زال منظمة امنية قوية وربما يملك بأسًا أمنيًا وعسكريًا تقر به غالبية خصومه ومنهم (إسرائيل) ». واستدرك قائلاً: «إذا كان الحزب جاهزًا للردع الأمني الآني قصير المدى، فهو ليس كذلك بالنسبة للردع الاستراتيجي طويل المدى».

 واعطى «سليم» مثالاً «كيف يتصرف حزب الله زاء التغيير الديموغرافي الراهن في لبنان نتيجة اللجوء السوري حيث جعل من السنة يصلون الى نحو 2.5 مليون نسمة مقابل نحو مليون شيعي فقط. هذا امر مواجهته تكون بسياسة طويلة الأمد وليس بالغطرسة الأمنية».

وخلص إلى القول أنه «بين 2006 و2016  خلع حزب الله القناع وأسفر عن وجهه الحقيقي. كان بطلاً لبنانيًا وتحول إلى مرتزق يتعايش ويأتمر بالقرار الإيراني».

وأدى أسر «حزب الله» لثلاثة جنود (إسرائيليين) من منطقة حدودية جنوبية تقع خارج الحدود الدولية اللبنانية في  12 يوليو/ تموز 2006 الى شن (إسرائيل) حربًا انتقامية على لبنان برًا وبحرًا وجوًا استمرت لـ 33 يومًا لتنتهي في أواسط أغسطس/ أب 2006 إثر صدور قرار مجلس الأمن برقم 1701 الذي أوقف «الأعمال العدائية» وعزز القوات الدولية لحفظ السلام في جنوب لبنان (يونيفيل) وذلك بعد تهجير نحو مليون لبناني، ومقتل اكثر من ألف وجرح نحو  ثلاثة آلاف آخرين غالبيتهم العظمى من المدنيين.

وحاليا، يستقبل لبنان اكثر من 1.1 مليون لاجئ سوري مسجلين رسميًا لدى المفوضية العليا للاجئين التابعة للأمم المتحدة، بينما تشير التقديرات الحكومية الى ان العدد يتجاوز 1.5 مليون لاجئ.

المصدر | الأناضول

  كلمات مفتاحية

جزب الله لبنان تغير قناع سقوط

هزائم «حزب الله» في سوريا تنذر باستمرار الفراغ السياسي في لبنان

الإمارات تدين إغلاق «حزب الله» لمستشفى «خليفة بن زايد» في لبنان

مصادر إيرانية تزعم استعداد ميليشيا «حزب الله» لاستعادة الراموسة في حلب

«حزب الله»: التقسيم في العراق وسوريا نتيجة محتملة

«حزب الله» يتهم السعودية بعرقلة انتخاب رئيس للبنان

«حزب الله»: الخليج سيدفع ثمنا باهظا لـ«تعايشه» مع الإرهاب

من حلب إلى فلسطين

«حزب الله»: حلم السعودية بإسقاط «الأسد» انتهى

معهد واشنطن يحذر: العنف بين الميليشيات الشيعية ودول الخليج سيستمر