«تسييس» المساعدات الإنسانية.. للحرب في سوريا أوجه عديدة

الخميس 18 أغسطس 2016 10:08 ص

يستمر القتال الدموي على مدار نصف عقد من الحرب. المدنيون السوريون في خطر كبير. «أنا أعرف شخصا قتل برصاص قناص في صلاح الدين (أحد أحياء حلب) وهي فتاة كانت في عمر سبع سنوات»، كما قالت «خلود حلمي»، إحدى مؤسسي صحيفة العنب السورية. وقالت إنها تتابع الصراع دقيقة تلو دقيقة تقريبا من جنوب تركيا، حيث خرجت إليها بحثا عن الأمان قبل عدة سنوات. كانت لديها أحلام مثل سلمية الثورة ومساعدة المجتمع الدولي في إحلال السلام في سوريا ووقف «نظام الأسد» عن قتل مواطنيها. لكن مع مرور الوقت، استمرت عمليات القتل والعالم ينظر من بعيد، وقالت إنها تخلت عن تلك الأفكار. «ليس لدي أي أمل بعد الآن في اتخاذ العالم أي خطوات أخرى. الأمور تزداد حدة، والناس يموتون بشكل يومي».

لسنوات، كان «وليد» وغيره من المواطنين والصحفيين ونشطاء المجتمع المدني وعمال الإغاثة مستمرون في كتابتهم، حيث تحدث إلينا قائلا: «الأمم المتحدة لم تفعل شيئا لوقف حصار حلب أو إيقاف الضربات الجوية الروسية». ويضيف وليد: «أهل حلب لا يهتمون بعد الآن للأمم المتحدة أو المجتمع الدولي».

قبل أن تأتي المعركة إلى حلب هذا العام، كانت المدينة موطنا لأكبر حصة من النازحين قدرها 6.5 مليون نازح داخليا في البلاد. فر الناس إلى حلب بحثا عن للسلامة ليس أكثر.

«إن الأماكن التي كانت آمنة لم تعد كذلك، والأماكن التي يعتقد الناس أنها الملاذ الأخير لم تعد آمنة»، حسبما يقول «كريستي ديلافيلد»، ضابط الاتصالات في مؤسسة «ميرسي كور» غير الحكومية، التي تعمل في سوريا. وأضاف: «لقد عملت في مخيم غير رسمي على الحدود مع تركيا، والنازحون ذهبوا إلى هناك، ولكنه تعرض للقصف ومات المدنيون». «تقلصت مساحة نجاة المدنيين مع طول فترة الصراع. تعرضت المستشفيات والمدارس للقصف في القتال، وتم استهداف مخيمات النازحين».

«الأمور تزداد حدة، والناس يموتون بشكل يومي».

في الواقع، لقد وصل الوضع إلى نقطة حيث لا يوجد عمليا أي مكان لهروب المدنيين من القتال. «إذا كان الناس يفرون من حلب إلى إدلب، فإن ذلك يعني أنهم يفرون من الرمضاء إلى النار». وهذا هو السبب في مغادرة أكثر من أربعة ملايين سوري لبلادهم. هذا لم يعد خيارا.

«هناك أناس محاصرون بشكل كامل. و من الصعب حقا أن نفكر في أي صراع آخر. إن الحماية الأساسية للمدنيين ووصول المساعدات الإنسانية صارت أمورا مسيسا جدا ومرتبطة بالوضع العسكري»، وفقا لـ«جورج ريدينغ» من لجنة الإنقاذ الدولية. «لقد تم إعادة تعريف طبيعة وصول المساعدات الإنسانية تقريبا في سوريا. كانت الفكرة أن وصول المساعدات الإنسانية يجب أن يكون مضمونا و محايدا تماما وأن المدنيين الذين لا يشاركون في القتال لا يصح أن يكونوا جزءا من الأهداف».

«ريدينج»، من بين الكثيرين في مجتمع المساعدات الذين يلاحظون أنه في الصراع السوري «تم تسييس المعونات والمساعدات الإنسانية بشكل كبير، وأنها أصبحت تستخدم كأداة في محاولة لتشجيع مجموعات للمشاركة في المفاوضات الدبلوماسية». هذا يعني أن المساعدات الإنسانية يتم ربطها بأحداث ساحة المعركة بدلا من فصلها عنها. الآن، مع المفاوضات السياسية المتوقفة، قد باء وصول المساعدات الإنسانية بالفشل.

«الناس لا يمكنهم الهرب، كما أنهم لا يستطيعون حتى الحصول على الغذاء والدواء»، وفقما يقول «زاهر سحلول»، وهو طبيب مقيم في شيكاغو يقدم الرعاية داخل سوريا كجزء من الجمعية الطبية الأمريكية السورية. «ادعى الروس أنهم فتحوا ممرات إنسانية؛ في الواقع، في حلب، يمكن تسميتها أروقة الموت».

ونتيجة لاستمرار التحركات على أرض المعركة والجمود السياسي، كانت الخسائر البشرية لا يمكن تصورها. انتقلت دور الأيتام إلى تحت الأرض حرفيا لتجنب الموت من القنابل المتساقطة من السماء. يعمل الجراحون في المستشفيات تحت الأرض مع جدران تهتز في منتصف العمليات. ويقول «ريدينغ» إنه قد راقب على مدار 5 سنوات ارتفاع حصيلة القتلى، ويقدر الآن أن الحصيلة يمكن أن تكون قد ارتفعت فوق 400 ألف قتيل.

«لا يوجد مكان يذهب الناس إليه»، وفقا لـ«ريدينغ». «يجب أن يكون المدنيون قادرون على البقاء في منازلهم حتى يمكنهم البقاء. لكن ذلك غير ممكن في كثير من المناطق السورية الآن. لقدر صار من الصعب عبور الحدود وحتى الأماكن التي يسعى الناس للجوء إليها مثل مخيمات المشردين داخليا، تكون أهدافا للقصف و الصراع».

وفي حين تستمر الكارثة، فإنه يبدو من غير المحتمل أن أوضاع المدنيين ستتحسن في المدى القريب. يريد كل طرف تحقيق مكاسب في ساحة المعركة قبل استئناف محادثات جنيف المتوقفة أخيرا. السعي إلى الضغط، وليس احترام الحياة المدنية، هو الذي يقود الأمور على الأرض.

يجب على المجتمع الدولي استخدام الثقل الدبلوماسي للسعي لإيصال المساعدات الإنسانية الحقيقية وغير المقيدة للمدنيين داخل سوريا. وينبغي أن يكون وقف الأعمال العدائية غير المرتبط بالتطورات السياسية هو الهدف الفوري. ويجب على العالم أن يبقي رقابته وضغطه على الأطراف المتحاربة لحماية الفئات الأكثر عرضة للخطر: وهم المواطنون الذين لا يقاتلون في الحرب من حولهم، وليس لديهم أي مكان آخر للذهاب إليه.

المصدر | فورين أفيرز

  كلمات مفتاحية

سوريا حلب بشار الأسد روسيا مساعدات ممرات إنسانية

«الجبير»: حل الأزمة السورية بالانتقال السياسي ورحيل «الأسد» لا بالمساعدات الإنسانية فقط

«الجبير» يبحث في باريس محرقة حلب: وقف إطلاق النار أو الخطة (ب)

«كيري» و«لافروف» يبحثان دعم خطة وقف إطلاق النار في سوريا

«أردوغان:» «الأسد» سبب المآسي الإنسانية والأنشطة الإرهابية في منطقتنا

المال الخليجي في سوريا: حاضر في الحرب والقتال ..غائب في المساعدات الإنسانية

‏«يلدريم»: سيكون لنا دور فعال بسوريا خلال الأشهر الستة المقبلة ولا مكان لـ«الأسد»

فيتو روسي-صيني يعرقل إرسال المساعدات لسوريا عبر تركيا