العلاقات الإيرانية الروسية تثير الشكوك بشأن دور موسكو في المنطقة

الأربعاء 24 أغسطس 2016 02:08 ص

قام حشد غاضب من الإيرانيين في فبراير/شباط عام 1829 بمهاجمة السفارة الروسية مع فقدان إيران لأراضيها الشمالية لصالح روسيا. وقام حينها السفير «ألكسندر جريبوييدوف»، الشاعر والمؤلف الموسيقي، ومن معه بالدفاع عن السفارة لساعات قبل أن تتغلب عليهم الحشود ويطلق عليهم الرصاص حتى الموت.

وإذا كانت تلك الحادثة هي أدنى صورة للعلاقات بين البلدين تاريخيًا، فإن أعلاها يعود إلى الأسابيع الماضية، حيث تستخدم روسيا منذ أسابيع قاعدة جوية في إيران للخروج بغارات جوية على مناطق في سوريا (أعلنت إيران مؤخرا توقف هذه الطلعات). ويعد عودة النفوذ الروسي في منطقة الشرق الأوسط شيء غير مرغوب فيه بالنسبة للدول الإقليمية الأخرى، ولهؤلاء الذين يعتمدون على المنطقة كمصدر لإمدادات الطاقة. ولكن السلطات في طهران ستتعامل بحكمة أيضًا وباحتراس من دوافع حليفهم الجديد.

فعند بدء العهد الجديد بقيادة «آية الله الخميني» في عام 1980، فقد قام ضد الاتحاد السوفييتي والولايات المتحدة معًا حيث أعلن منذ البداية: «أعلن دعمي لكل الحركات والجبهات والجماعات التي تقاتل للهروب من مخالب القوى العظمى الشرقية والغربية».

ويعد هذا السماح من السلطات الإيرانية باستخدام قاعدتها الجوية، همدان، من قبل قوات أجنبية هو الأول منذ ثورة عام 1979 والتي طردت كل القوات الأجنبية من الأراضي الإيرانية.

وأدت الثورة الإيرانية وما تبعها من حرب بين العراق وإيران لصدمة نفطية كبيرة ثانية. وساهمت أزمة الطاقة في هزيمة «جيمي كارتر» في انتخابات 1980. وكان قد حذر في وقت مبكر من ذلك العام من الإطاحة بالشاه والغزو السوفييتي لأفغانستان، كما أشار إلى أهمية صادرات الخليج من النفط. وأسس خطابه لما يعرف اليوم بـ«مبدأ كارتر» والذي ينص على «اعتبار أي محاولة من قبل أي قوة خارجية للسيطرة على منطقة الخليج اعتداء على المصالح الحيوية للولايات المتحدة الأميركية، وسيتم صد مثل هذا الاعتداء بأي وسيلة ضرورية، بما في ذلك القوة العسكرية».

والولايات المتحدة اليوم أنهكتها الحروب الخارجية، وأدى انشغالها بثورتها للنفط الصخري والغاز إلى تجاهلها لخطورة دور روسيا في الشرق الأوسط، وعلى أمن الطاقة العالمية بشكل عام. ولازال حلفاء أمريكا، أوروبا واليابان، من أكبر مستوردي النفط في العالم. كما يؤدي التنافس الخطير بين القوة العظمى في الشرق الأوسط إلى مخاطر كبيرة قد تقع على الدول الإقليمية.

وكذلك بالنسبة إلى الصين التي تعتمد على واردات النفط من الخليج في تغطية أكثر من نصف احتياجاتها، فإن تراجع الولايات المتحدة عن دورها في المنطقة يعد تطورًا خطيرًا. وقد بدأت بكين بالفعل في فبراير/ شباط في بناء أول قاعدة عسكرية لها خارج البلاد وذلك في جيبوتي. ولكن الأسوأ سيكون صراعًا مفتوحًا في المنطقة، أو دورًا أعظم لروسيا. وتعتمد الصين، التي تحب تنويع مصادرها أيضا، على عشر وارداتها من النفط على روسيا، وتحصل على نصف احتياجاتها من الغاز من آسيا الوسطى، وأبرمت صفقات كبيرة مستقبلية لشراء الغاز من موسكو.

ومن الواضح تلاقي المصالح الجيوسياسية لإيران وسوريا في دعم عميلهم القاتل في سوريا وتحدي الولايات المتحدة. ولكن روابطهما الاقتصادية أضعف من ذلك، فالتجارة المتبادلة بين البلدين العام الماضي كانت 1.7 مليار دولار فقط، في حين وصلت إلى 17 مليار دولار بين إيران والإمارات في نفس العام. ولا تحتاج روسيا نفط إيران ولا غازها. ومنذ «جريبوييدوف» وحتى احتلال السوفييت لشمال إيران بين عامي 1941 و 1946 من أجل ضغوط امتياز التنقيب عن النفط، دائمًا ما تشكك الإيرانيون حول أهداف الروس.

إذًا، فتحالف إيران وروسيا يعتمد فقط على حالة تلاقي مصالح مؤقتة، ويواجه شكوكا عميقة متبادلة. ومع ذلك، يعد دور روسيا العسكري والدبلوماسي في الشرق الأوسط تطورًا مثيرًا للقلق. ومع تعرض موارد الطاقة بالمنطقة للتهديدات الداخلية بالفعل، فإنّها ليست بحاجة لأن تكون هدفًا لمزيد من الصراعات.

  كلمات مفتاحية

إيران روسيا سوريا بشار الأسد العلاقات الإيرانية الروسية بوتين روحاني الخميني خامنئي

«واشنطن تايمز»: أحلام إمبراطورية.. روسيا وإيران تتحالفان لحكم الشرق الأوسط

«ناشيونال إنترست»: حول دلالات انطلاق القاذفات الروسية من إيران نحو سوريا

تقارب إيران مع روسيا وتركيا .. أكبر من تنسيق وأقل من حلف

هل تصمد العلاقات الروسية الإيرانية في وجه الخلافات؟

صواريخ روسيا لإيران تنذر بسباق جديد للتسلح في المنطقة

«ذا ناشيونال إنترست»: العلاقة بين روسيا وإيران أضعف مما يتصور الجميع

«و. س. جورنال»: كيف أصبحت إيران الطرف الفائز في صراعات الشرق الأوسط؟