استطلاع رأي

أي من هذه الدول تمارس الدور الأكثر إيجابية في حرب غزة؟

السعودية

مصر

قطر

إيران

تركيا

أهم الموضوعات

طبقات اليمين الإسرائيلي وبصيرة دا سيلفا

عن أوهام التفاؤل الأميركي

أزمة اقتصاد مصر وانتظار الفرج من الخارج

نحو وقف الحرب على غزة

سيناريو اليوم التالي للحرب

العولمة وأشكال الهيمنة الغربية

السبت 3 سبتمبر 2016 06:09 ص

إن «العولمة» هي أحد أشكال الهيمنة الغربية الجديدة التي تعبر عن المركزية الأوروبية في العصر الحديث، والتي بدأت منذ الكشوف الجغرافية في القرن الخامس عشر، ابتداءً من الغرب الأميركي، والتفافاً حول أفريقيا حتى جزر الهند الشرقية والصين. 

بدأ النهب الاستعماري للسكان من أفريقيا والثروات من آسيا وأفريقيا والعالم الجديد لتكوين الإقطاع الأوروبي في عصر الإصلاح الديني في القرن الخامس عشر، ثم النهضة في السادس عشر، ثم العقلانية في السابع عشر، حيث تحول الإقطاع إلى ليبرالية تجارية، ثم كان الثامن عشر عصر (التنوير) الأوروبي، وفي التاسع عشر تفجرت الثورة الصناعية الأولى، ومن بعدها النهب الاستعماري الثاني لأفريقيا وآسيا في القرن العشرين، واندلاع حربين أوروبيتين على أرض الغرب سميت الحربان العالميتان الأولى والثانية. 

وبعد عصر التحرر من الاستعمار خلال ذلك القرن بدأت أشكال الاستعمار الجديد في الظهور باسم مناطق النفوذ، والأحلاف العسكرية في عصر الاستقطاب، والشركات متعددة الجنسيات، واتفاقيات التجارة الخارجية، واقتصاد السوق، ومجموعة السبع أو الثماني الصناعية الكبرى. والعالم ذي القطب الواحد، وثورة الاتصالات، وعالم القرية الواحدة.

كما تظهر العولمة في إحكام الحصار حول مناطق الاستقلال الاقتصادي أو السياسي أو الحضاري عن المركز، مثل حصار العراق وليبيا وسوريا، وتفتيت السودان، وتهميش مصر. 

فاحتمال ظهور قطب ثانٍ وارد حضارياً من المنطقة العربية الإسلامية، بإرثها الثقافي التاريخي الطويل. 

فالمركز لا يقبل إلا التبعية المطلقة لضمان استقرار السوق. أما أميركا اللاتينية فمشغولة بمشكلاتها الداخلية؛ العنف والجريمة المنظمة والمخدرات والفقر والبطالة. فقد انتهى عصر جيفارا، وخفت لاهوت التحرير، و«تأمرك» الشباب، وتميعت الثقافة الوطنية.. فلا يوجد إلا الوطن العربي الإسلامي الذي يحتمل أن يأتي منه التحدي للعالم ذي القطب الواحد. ومن هنا تأتي معاداة الغرب للإسلام عموماً، والتركيز عليه بالضرب والحصار والتهديد.

والعولمة تعبير عن مركزية دفينة في الوعي الأوروبي، تقوم على عنصرية عرقية، وعلى الرغبة في الهيمنة والسيطرة؛ فالأبيض أفضل من الأسود والأصفر والأحمر والأسمر. 

استأصل الهنود الحمر من أميركا وأستراليا. وسرق الأفارقة السود في بداية العصور الحديثة صيداً كالحيوانات لبناء القارة الجديدة. وتم احتلال العالم العربي الإسلامي، وألقيت أول قنبلة نووية على الجنس الأصفر في هيروشيما وناجازاكي. 

وفي قلب كل أوروبي ما زالت تقبع اليونان القديمة، وفتوحات الإسكندر الأكبر وانتصاره على الفرس، وانتشاره حتى الهند، وعسكرية أسبرطة، وإمبراطورية روما. البحر الأبيض المتوسط بحيرة أوروبية، تسيطر على ضفته الشمالية، جنوب أوروبا، وعلى ضفته الجنوبية، شمال أفريقيا أو المغرب العربي، وتسيطر إسرائيل على ضفته الشرقية في فلسطين. وتظل إسبانيا محتلة لسبته ومليله، وبريطانيا لجبل طارق.

لما انقلبت الموازين، وورث العرب الإمبراطورية الرومانية على ضفاف البحر الأبيض المتوسط؛ في الجنوب مصر والمغرب العربي، وفي الشرق فلسطين، وفي الشمال بحر إيجة، أراد الغرب الثأر من خلال الحروب الصليبية، وهذه المرة تحت غطاء المسيح واسترداد السيطرة على البحر. فلما فشلت الحملة الصليبية استؤنفت مجدداً في الاستعمار الجديد بالالتفاف حول أفريقيا وآسيا ثم إعادة التوجه نحو القلب عبر البحر في فلسطين. 

بعد حركات التحرر الوطني، استقل العالم العربي في جنوب البحر المتوسط، ورد الغرب إلى حدوده الطبيعية على المستوى العسكري وإن بقيت آثاره على المستوى الاقتصادي والسياسي والثقافي. 

وأراد الغرب إعادة الكرّة في مرحلة ما بعد التحرر، فأفرز أشكالاً جديدة للهيمنة عن طريق خلق مفاهيم وزعها خارج حدوده؛ مثل العولمة، العالم ذي القطب الواحد، نهاية التاريخ، صراع الحضارات، الإدارة العليا، ثورة الاتصالات، عالم القرية الواحدة، الكونية..

وكلها مفاهيم تكشف سيطرة المركز على الأطراف في تاريخ العالم الحديث، وتجعل المثقفين في العالم الثالث يلهثون وراءها بالشرح والتفسير والتعليق والتهميش، من دون أن يعلموا أن التهميش ليس الكتابة على النص بل الإخراج من التاريخ، ودعوة إلى التقليد في الأطراف، وترك الإبداع للمركز وحده. وبمجرد نهاية الاستقطاب برز مفهوم العولمة لإحكام السيطرة على العالم باسمه ولصالح المركز ضد مصالح الأطراف.

* د. حسن حنفي أستاذ الفلسفة بجامعة القاهرة

المصدر | الاتحاد الظبيانية

  كلمات مفتاحية

العولمة الهيمنة الغربية أفريقيا آسيا العالم الجديد الإقطاع الأوروبي الإصلاح عصر النهضة

عولمة البوركيني.. وهل يخشى العرب من تغلغل الدب البوتيني؟

العولمة ومنغصاتها الجديدة

النمو العالمي من دون رافعة

عولمة التعليم العالي العربي

جدران تفضح العولمة

الغرب يضرب «الديمقراطية الليبرالية»