هل تتقارب "حماس" ودحلان ضدّ عبّاس؟

السبت 1 نوفمبر 2014 04:11 ص

من عدنان أبو عامر: كان من الواضح أنّ الأزمة التي تمرّ فيها حركتا "فتح" و"حماس"، قد تفضي إلى تحالفات جديدة، كانت مستبعدة حتّى وقت قريب، وهذا ما حصل أخيراً من غزل تدريجيّ بين "حماس" ومحّمد دحلان، وهو القياديّ المفصول من "فتح" والخصم اللّدود للرّئيس عبّاس.

وأكّد صلاح البردويل، وهو المسؤول الإعلاميّ في "حماس"، في 27/10، أنّ الحركة لا تمانع من الحديث مع دحلان بعد إتمام المصالحة، لأنّ المصالحة المجتمعيّة تمحو ما قبلها، و"حماس" لا تمانع من أن تحاور أيّ فلسطينيّ مهما كان ماضيه، بعيداً من الخلافات الداخليّة التي تعيشها "فتح".

 

ردود قاسية

وقال يحيى موسى، وهو رئيس لجنة الرقابة في المجلس التشريعيّ والقياديّ في "حماس"، في حوار مع الكاتب: "إنّ ماضي دحلان أفضل من حاضر عبّاس، الذي يدير الوضع الفلسطينيّ بانهزام وانكسار، وطريقته في عمليّة التّسوية مع إسرائيل لم تجلب غير مزيد من التّهويد ومصادرة الأراضي في الضفّة".

إنّ تصريحات "حماس" هذه استجلبت ردّاً قاسياً من أسامة القواسمي، وهو المتحدّث باسم "فتح" في الضفّة في 28/10، باعتبارها تدلّ على انعدام المسؤوليّة الوطنيّة، وتؤثّر على تطبيق المصالحة، وتحقيق الوحدة الوطنيّة.

ورأى صلاح أبو ختلة، وهو القياديّ في "فتح" بغزّة، في 27/10، أنّ تصريحات "حماس" تأتي للضغط على عبّاس لتقديم تنازلات لها، وهي تحاول أن تناور على الخلافات الداخليّة لـ"فتح"، معتبراً أنّ المصالحة مع دحلان لن تكون في صالح الوحدة الوطنيّة واستمرار المصالحة بين "حماس" و"فتح"، ونجاح عمل حكومة التّوافق.

واكتفى عبد الله عبد الله، وهو رئيس الدائرة السياسيّة في المجلس التشريعيّ عن "فتح"، في حديث لـ"المونيتور" بالقول: "إنّ دحلان بات خارج المشهد الفتحاويّ، وقرار فصله عن الحركة نهائيّ، ولا رجعة عنه".

و أشار أحمد يوسف، وهو المستشار السياسيّ السّابق لرئيس حكومة "حماس" المستقيلة إسماعيل هنيّة، إلى أنّ "طرح خيار دحلان يأتي لملء الفراغ السياسيّ القائم، بعقد تحالف يجمع كلّ القوى الوطنيّة والإسلاميّة في إطار شراكة سياسيّة لا تستثني أحداً لإدارة شؤون قطاع غزّة، بما في ذلك تيّار "فتح" الموالي لدحلان، لأنّه يمتلك قوّة وتأثيراً ميدانيّاً في غزّة، وحضوراً إقليميّاً بارزاً، بعد أن فشلت محاولات إزالته عن المشهدين التنظيميّ والوطنيّ".

ونشر سفيان أبو زايدة، وهو القياديّ الفتحاويّ البارز في غزّة وأحد المقرّبين من دحلان، مقالاً في 23/10، جاء فيه أنّ تلميحات "حماس" بالحوار مع دحلان، قد تكون للضغط على عبّاس، أو تهيئة عناصرها لتغيّرات في علاقاتها المحليّة والإقليميّة، بما في ذلك العلاقة مع دحلان، لكن الأكيد أنّ هناك نقاشاً يدور على أعلى المستويات في "حماس" حول إجراء مصالحة مع دحلان، وفتح صفحة جديدة معه، وطيّ صفحة الماضي المؤلم.

ووذكر مصدر مسؤول في وزارة الداخليّة بغزّة، لم يكشف عن هويّته، أنّ "حماس تفسح المجال لجمعيّات خيريّة مقرّبة من دحلان تمارس عملها بحريّة كاملة في غزّة، وعلى رأسها جمعيّة "فتا" التي تترأسها زوجة دحلان، وتقدّم مساعدات ماليّة وعينيّة في مختلف مناطق القطاع".

أمّا الجديد في تقارب "حماس" ودحلان، فهو ما سرّبه مصدر مقرّب من الأخير في حوار مع "المونيتور" طلب منه التحفّظ على اسمه، إذ قال: "مروان البرغوثي الزّعيم الفتحاويّ المعتقل بمؤبّدات عدّة في السجون الإسرائيليّة، يبارك هذا التّقارب، لأنّ دحلان يدرك مدى قبول البرغوثي لدى "حماس"، وإمكانيّة أن يتمّ دعم البرغوثي في الانتخابات الرئاسيّة المقبلة كمرشّح متوافق عليه من دحلان وحماس".

 

عدو عدوي؟

لكن فدوى البرغوثي، وهي عضو المجلس الثوريّ في حركة فتح وزوجة مروان، قالت لـ"المونيتور": "إنّ مروان موجود في العزل الجماعيّ في السجون الإسرائيليّة منذ 13 عاماً، وهو ممنوع من زيارة الشخصيّات السياسيّة بقرار إسرائيليّ، لكنّه لن يقبل بأن يكون طرفاً في الخلافات القائمة على الساحة الفلسطينيّة، بل صمّام أمان للشعب، ويبذل جهوداً لكسر الهوّة بين مختلف الأطراف، وشعاره: الوحدة الوطنيّة قانون الشعوب نحو الانتصار".

أضافت في حوار هاتفيّ مع "المونيتور" من رام الله: "إنّ مروان لا يعتبر نفسه مع طرف في الساحة الفلسطينيّة ضدّ آخر، لكن تداول الحديث في شأنه من الجميع، يعكس حاجة الساحة الفلسطينيّة إلى وجوده بينها".

وتحدّث "المونيتور" في مقال سابق عن نقاشات حادّة شهدها المجلس الثوريّ لـ"فتح" الأسبوع الماضي، حول المصالحة مع "حماس" ومستقبل دحلان.

وأكّد يحيى موسى، وهو القياديّ الحمساويّ في الحوار ذاته: "أنّ حماس مطالبة في هذه المرحلة بأن تقيم تحشيداً داخل الصف الوطنيّ بإقامة تحالف مع فريق من "فتح"، واستقطاباً جديداً على الساحة الفلسطينيّة يتجاوز عبّاس، لأنّه بات عبئاً على الحركة الوطنيّة الفلسطينيّة، من خلال طرحها لمشروع سياسيّ يتم التّوافق عليه بين الجميع، فلم يعد هناك مستقبل للشراكة مع تيّار يقوده عبّاس".

وقال: "حماس تعلم أنّ قواعد فتح التنظيميّة وعناصرها يقفون بجانب دحلان، و"حماس" لا بدّ لها أن تلتقي مع هذا الفريق، من أجل توحيد الحركة الوطنيّة على الساحة الفلسطينيّة، والقيام بحراك سياسيّ جديد فيها". ورغم الإشارات الإيجابيّة الصادرة عن أوساط "حماس"، لكن الأخيرة حتى اللّحظة لم تصدر بياناً حول هذا التّقارب.

وقال مسؤول بارز في "حماس" أبقى اسمه مخفيّاً: "إنّ التّقارب مع دحلان لم يتمّ إقراره رسميّاً من الحركة، وما يصدر بين حين وآخر آراء شخصيّة نحترمها، لكنّها لا تلزم القيادة، فالموضوع ليس سهلاً، لأنّ تبعاته مكلفة داخل الساحة الفلسطينيّة، والتّقارب مع دحلان يعني قطيعة مع عبّاس، فهل نحن جاهزون لذلك؟".

وختم: "لم يتمّ التّوافق بعد في الأطر القياديّة داخل "حماس" للتّقارب مع دحلان، رغم بقائه خياراً قابلاً للتّطبيق، لكن اللجوء إليه قد يكون إذا تبيّن فشل المصالحة النهائيّة مع فريق عبّاس، حينها يمكن لنا البحث عن خيارات أخرى لما فيه مصلحة شعبنا الفلسطينيّ، وأظن أنّنا لم نصل بعد لهذه المرحلة الخطيرة".

المصدر | المونيتور

  كلمات مفتاحية