شبكة مخابرات تنظيم "الدولة الإسلامية" تقضي على خصومه

الخميس 6 نوفمبر 2014 09:11 ص

إنّ تنظيم الدولة الإسلاميّة في حاجة إلى إبراز قدرته في السيطرة على المناطق التي احتلّها ليبرز وجوده كواقع سياسيّ لا يتغيّر، وهو يدير تحرّكاته على الأرض بحيث يعطي انطباعاً بأنّه لا يمكن التّعويل على هزيمته ولن يتأثّر بالضربات الجوية وبأنّه سيخرج منتصراً من هذه المعركة.

ليس اعتباطيّاً أنّ الشعار الأصليّ للتّنظيم هو "دولة الإسلام باقية"، وأنّ التّنظيم يطلب من ضحاياه تكرار هذه العبارة قبل قتلهم ليكون اعترافاً من العدوّ نفسه وتأكيداً أنّ الدولة الإسلاميّة تحوّلت إلى واقع غير قابل للهزيمة، فالتّنظيم يعرف جيّداً أنّ معركته الأصليّة ليست فتح الأراضي والسيطرة عليها، بل حفظها تحت سيطرته وتحويلها إلى مناطق رسميّة تابعة للدولة الإسلاميّة.

وأخيراً، يبدو أنّ ما يتّخذه التّنظيم من قرارات أمنيّة مشدّدة لإحكام سيطرته على المناطق الخاضعة له، يأتي رداً على النّجاحات التي حصل عليها الجيش العراقيّ أخيراً. تشجع حكومة بغداد القبائل السنية في المناطق الواقع تحت سيطرة الدولة الإسلامية على الانتفاض ومحاربة المجموعة كما حصل في عام 2007 عندما قام الجنرال الأميركي دايفد بترايوس باقناع سنة الأنبار بمواجهة القاعدة. وفي الوقت نفسه، حقق الجيش العراقي بعض الانتصارات في غرب العراق إذ تمكن من استرجاع جرف الصخر من مقاتلي الدولة الاسلامية في آخر تشرين الأول/أكتوبر الماضي.

لقد قام التّنظيم في التّاسع عشر من أكتوبر بمناورة كبيرة في مدينة الموصل شارك فيها الآلاف من المقاتلين والمئات من المركبات العسكريّة المختلفة، وجاء ذلك رداً على القصف العسكريّ على مواقع التّنظيم من قبل التّحالف، وذلك بحسب الشعارات واللاّفتات التي حملها المشاركون في المناورة.

وانتقد الخبير في الشؤون الأمنيّة للتّنظيم الدكتور هشام الهاشمي عدم استهداف المناورة من قبل طائرات التّحالف. وقال: إنّ التّنظيم نجح بتقليل أثر سلاح جوّ التّحالف من خلال تنفيذ عدد من التكتيكات العسكريّة والأمنيّة، ومنها: منع القيادات العسكريّة من استعمال الخلويّ والإنترنت وأجهزة التّحديد الموقعيّ، هجر المعسكرات والثكنات والمراكز الأمنيّة والمدارس والمساجد والمباني الحكومية، توزيع المقاتلين على شكل خلايا صغيرة بين الأهالي بهدف التمترس بالمدنيّين، نقل المدرّعات والدبابات والهمرات والعجلات العسكريّة وإخفاؤها بين الأحياء السكنيّة وفي المزارع وضمن مرابض ترابيّة، انسحاب القيادة العسكريّة في شكل كامل ومنعها من الظهور والاختلاط، منع الإعلام من إعلان الأحداث، إلاّ بعد أيّام من تاريخه وبتقديم معلومات خاطئة لتضليل الرّصد والتّحليل.

 ويظهر هذا بحسب تعبير الهاشمي، ضعف الخطّة العسكريّة للتّحالف للقضاء على التّنظيم بحيث أنّه يدلّ على عدم وجود خطّة مراقبة لنشاطاته واستهداف التحرّكات العسكريّة الكبرى مثل المناورة الآنفة الذكر. ولقد سبق مراراً أنّ طائرات التّحالف أسقطت مؤونات ومساعدات قوّات التّنظيم عن طريق الخطأ، بدل إنزالها على معارضيه. 

ويقوم التّنظيم أيضاً برصد أيّ نشاط مشبوه أو حتّى ما من شأنه أن يساعد معارضيه بأيّ شكل من الأشكال. وقد اطلعنا من مصادر أمنيّة على أنّه قد أعطي تفويض للمسؤولين الأمنيّين للتّنظيم في كلّ قاطع، بمراقبة القيادات الميدانيّة بحرص كامل والقيام باعتقال وقتل كلّ من يشتبه به.

وقام التّنظيم بحملة إعدامات واسعة النّطاق في جنوب الموصل بحقّ ضباط ومنتسبي الجيش والشرطة في 24 أكتوبر. وجاء ذلك بعد تصريح محافظ نينوى أثيل النجيفي، بأنّ ضباط الجيش داخل الموصل ينتظرون تقرّب الجيش العراقيّ من المدينة وبدء ساعة الصفر للقضاء على التّنظيم نهائيّاً. وقد أجرى "المونيتور" اتّصالاً مع أحد أقارب الضحايا للإطلاع على ملابسات الحادث. وقال المصدر: إنّ الكثير من ضبّاط الموصل هربوا إلى كركوك أو كردستان بعد سقوط المدينة في يدّ التّنظيم، ولم يبق سوى من لايملك المال أو من لم يعد يستطع الهرب لأنّ الطرق ممسوكة من قبل المقاتلين. وفي بداية الأمر، لم يتعرّض التّنظيم لأحد منهم واكتفى بإجبارهم على التوبة وإعلان البراءة من الحكومة العراقيّة، وتمّ ذلك فعلاً. وبعد تصريح النجيفي، اعتقل التّنظيم عدداً كبيراً من هؤلاء الأفراد، وتمّ تنفيذ الإعدام في حقّ عدد منهم وتمّ نقل الآخرين لأماكن غير معلومة. ومن ضمن المقتولين العقيد الركن عيسى عصمان اللهيبي، الذي كان آمر الفوج الرّابع في الشرطة المحليّة، وتمّ إعدامه في وسط الموصل وعلّقت جثته في إحدى ساحات المدينة عبرة للآخرين.

كما نفّذ التّنظيم في 28 أكتوبر حكم الإعدام بنحو 50 على الأقلّ من أبناء عشائر سنيّة، حملت السلاح ضدّه في محافظة الأنبار بغرب العراق. وهناك تقارير عدّة أخرى عن أعمال مشابهة في مناطق أخرى تحت سيطرة التّنظيم. ويتم حكم الإعدام على الضحايا بتهمة الردة، أيّ الخروج عن الدّين الإسلاميّ. ويثبت ذلك بالقيام بأيّ نوع من المعارضة ضدّ التّنظيم، بحيث أنّه يعتبر نفسه الممثّل الرسميّ للإسلام، فكلّ من يعارضه يعارض الإسلام وهو خارج عن الدين تماماً. 

 

المصدر | المونيتور

  كلمات مفتاحية