القبضة الأمنيّة وتهمة "الإرهاب" تدفع قطاعات شبابية مصرية للإيمان بتنظيم "الدولة الإسلامية"

الخميس 6 نوفمبر 2014 09:11 ص

من آية أمان - كنت أؤمن بشعار "سلميّتنا أقوى من الرصاص"، لكن عندما وجّه الرصاص لنا وأصبحت تهمة الإرهاب لا تفارقنا، لم أعد أؤمن إلاّ بالقوّة للحفاظ على ما تبقّى لي من معتقدات وحلم الدولة الإسلاميّة".. هكذا لخّص أحد الشباب، المنتمي سابقاً إلى جماعة الإخوان المسلمين سبب إيمانه وتأييده لنموذج "داعش".

إنّ الشاب الذي رفض ذكر اسمه – خوفاً من المضايقة الأمنيّة - التقيناه في زيارة غير رسميّة لأحد السجون المصريّة بعد عام ونصف عام من اعتقاله في أحداث رابعة العدويّة في 14 أغسطس/آب الماضي من دون تقديمه إلى المحاكمة حتّى الآن، متحدّثاً عن سبب إيمانه بفكر تنظيم الدولة الإسلاميّة " داعش"، وكيف يرى نهجه وسيلة لاسترجاع حقوق مجموعات واسعة من التيّارات الدينيّة التي تعقّبتها أجهزة الأمن المصريّة منذ عزل الرّئيس محمّد مرسي المنتمي إلى جماعة الإخوان المسلمين في 3 يوليو من العام الماضي.

وقال الشاب البالغ من العمر 27 ربيعاً: "الظلم وسجني هنا بحجّة أنّي إرهابيّ من دون أن أرتكب شيئاً، هو السبب الأقوى ليأسي ممّا يردّده البعض عن الإيمان بالسلميّة"، وقال: "إن حملنا السلاح أو لم نحمله، أصبحنا في نظر الدولة وقطاعات عريضة من المصريّين إرهابيّين، لهم الحقّ في قتلنا وسجننا واغتصاب بناتنا وأخواتنا، ونحن هنا في السجون مكتوفو الأيدي".

إنّ "عدوى داعش"، وهي المسمّى الذي وصف به الشاب اتّجاه مجموعات واسعة من أصدقائه ومعارفه داخل السجن وخارجه لتأييد فكر داعش ومبادئه في التّعامل مع التطوّرات السياسيّة على الساحة المصريّة، يرون فيها الخلاص من التّضييقات والقبضة الأمنيّة. وقال الشاب: "ننتظر الأخبار التي ترد لنا عن الضربات القويّة وتقدّم قوّات داعش وسيطرتها الآن في معارك العراق، وامتلاكها لأسلحة متطوّرة من خلال حكايات ينقلها إلينا بعض الأصدقاء خلال الزيارات أو من بعض الهواتف النقّالة التي نتمكّن من تهريبها إلى داخل السجون".

وإن يتّجه المحلّلون إلى اعتبار أغلب الشباب ذي الخلفيّة الإسلاميّة المؤيّدين والمنبهرين بنموذج داعش، وخصوصاً المعتقلين منهم الآن مجرد "ألتراس لداعش"، سيكتفون بالتأييد للفكرة من دون تطبيقها في مصر، إلاّ أن الشاب الذي تحدّث إلى "المونيتور"، أشار إلى مجموعات بدأت تتكوّن بالفعل من داخل الزنازين وبدأت باتّصالات خارجيّة، وقال: "سنقتنص أيّ فرصة لتطبيق ما نؤمن به".

وتحدّث شاب آخر، وهو في العقد الثلاثين ومنتمٍ إلى جماعة سلفيّة في محافظة الشرقية، بعد أن قارب على تحديد موعد للسفر إلى سوريا واستخراج فيزا للسفر عبر الأراضي التركيّة بعد محاولات استمرّت ستّة أشهر، فأشار إلى أنّ تخطيطه للسفر والانضمام إلى داعش عبر وسطاء يتبعون جماعته السلفيّة في مصر، سيكون محاولة لنقل رسالتها إلى مصر بعد ذلك.

وإنّ الشاب، الذي تحدّث بحذر شديد عبر وسيلة التّواصل الإجتماعيّ "فيسبوك"، بعد توسّط من أحد أصدقائه، اقتصر حديثه على إيمانه بتنظيم داعش لكونه الأقوى من وجهة نظره، وقال: "إنّ الأمّة الإسلاميّة الآن مكسورة، وهم ما يرفعون رأس الأمة ولا يخشون في الله لومة لائم ويرهبون عدو الله".

أضاف: "إن كان السفر الآن إلى سوريا أصعب لكنّه ليس مستحيلاً، فالكثيرون منّا لو لم يستطيعوا الذهاب إلى "الإخوة" في سوريا أو العراق فسيشكّلون نواة لتنظيم الدولة الإسلاميّة في مصر".

ورغم وجود العديد من المؤشّرات عن تأييد قطاعات ومجموعات واسعة من شباب التيّارات الإسلاميّة، خصوصاً المجموعات السلفيّة الجهاديّة المعارضة للإدارة السياسيّة في مصر منذ عزل مرسي، إلاّ أنّ وزير الداخليّة المصريّ اللواء محمّد ابراهيم أكّد مراراً ألاّ وجود لعناصر تنظيم داعش في مصر".

وإن لم تظهر حتّى الآن تنظيمات حقيقيّة تعلن عن نفسها أنّها على علاقة مباشرة بتنظيم الدولة الإسلاميّة، إلاّ أنّ فكرة التّنظيم الذي يؤمن بالعنف وحمل السلاح والذبح وسيلة لعودة الدولة الإسلاميّة بدأت تظهر في مجموعات صغيرة تحاول الإعلان عن نفسها مثل "كتائب حلوان"، تحت شعار: "سئمنا سلميّة الإخوان".

وقال الخبير في الحركات الجهاديّة الدكتور كمال حبيب: "لا يمكن الحكم بأنّ جماعة الإخوان باتت مؤيّدة لانضمام شبابها إلى تنظيم داعش، ولكن أغلب المنضمّين هم شباب كانوا من فئات المحبّين من دون المبايعين، وجاء تأييدهم لداعش من منطلق أنّ الوقت غير مناسب الآن للسلميّة".

ورأى حبيب أنّ أسباباً كثيرة دفعت هذه المجموعات من الشباب إلى الإيمان القويّ بفكرة تنظيم الدولة الإسلاميّة، وقال: "التهميش والفقر، ثمّ فشل تجربة الإخوان المسلمين في الحكم، والضربة الأمنيّة القويّة التي يتعرّضون لها الآن باتت مبرّراً كافياً للعنف".

وإن كانت المؤسّسة الأمنيّة في مصر تحاول فرض قيود على السفر إلى سوريا، قال حبيب: "إنّ فشل هؤلاء الشباب في السفر إلى سوريا لن يصرفهم عن الفكرة لكنّهم سيتحوّلون إلى مجموعات جهاديّة جديدة ومتفرّقة في مصر. وأصبحت السجون المصريّة الآن مجالاً مفتوحاً أمام التطرّف والتّكفير وانتهاج العنف، بل والإيمان بالذبح".

وإن أصبحت المؤشّرات التي تؤكّد انتشار أفكار تؤسّس للعنف كوسيلة للتّغيير، وهي النّغمة الأقوى منذ اندلاع ثورة يناير 2011 السلميّة، وفي وقت تسخّر فيه الدولة المصريّة كلّ أدواتها الأمنيّة لمواجهة الإرهاب ومحاربته وعدم الإيمان بالمصالحة مع التيّارات الشبابيّة المتمرّدة على الدولة، فلا يزال الوضع السياسيّ مهدّداً بمزيد من التوتّر قد يتطوّر إلى المزيد من أعمال العنف، رغم ما يردّده المسؤولون دائماً عن أنّ مصر ليست سوريا أو العراق. 

 

المصدر | المونيتور

  كلمات مفتاحية