استطلاع رأي

أي من هذه الدول تمارس الدور الأكثر إيجابية في حرب غزة؟

السعودية

مصر

قطر

إيران

تركيا

أهم الموضوعات

طبقات اليمين الإسرائيلي وبصيرة دا سيلفا

عن أوهام التفاؤل الأميركي

أزمة اقتصاد مصر وانتظار الفرج من الخارج

نحو وقف الحرب على غزة

سيناريو اليوم التالي للحرب

فوز «ترامب» يشعل «صراع قيم» داخليا وخارجيا

الأربعاء 16 نوفمبر 2016 01:11 ص

هناك الكثير مما يجب أن نتعلمه من الحدث الأمريكي. لا لأنه نموذج يحتذى بل لأن تأثير الدولة العظمى الوحيدة لا مناص منه. ينطبق ذلك على الأفراد كما على الحكومات والدول، وعلى العربي كما على الإيراني والصيني والهندي والروسي والإفريقي، طالما أن أمريكا منخرطة في النزاعات كما في التسويات أو في إفساد السلم العالمي، ومهيمنة على الاقتصاد والتجارة والمال كما على التسليح والتنمية والقروض. ومن هنا أن أي تغيير في أمريكا يستثير الترقب في العالم، فكيف إذا كان تغييرا يوحي بأنه عميق وخطير. وعلى رغم أنه داخلي الأسباب في جله فإنه سيكون خارجي الانعكاسات في كله. 

يقال الآن إنه يجب ألا يحكم على الأشياء في ظاهرها، وأن ما قيل في الحملة الانتخابية لن يبقى منه سوى القليل في البيت الأبيض. أي أن قرارات دونالد ترامب الرئيس لن تعبر عن تصريحات دونالد ترامب المرشح. ويفترض ذلك أن يتقبل الداخل والخارج «قواعد اللعبة» التي تبرر للمرشح بأن يصرح بما لا يعتقده وبأن يمعن في الكذب والتشهير والتجريح وبث الكراهية وإهانة هذا الدولة وتلك، لأن الهدف هو كسب المعركة!

ومع ظهور النتائج يتبين أنها لم تكن مبررة فعلا، فها هم خصوم ترامب يقولون إن خطابه هشم «القيم الأمريكية» وقسم المجتمع وأثار غرائز العنصرية واستنهض قوى التطرف. وها هم أنصار ترامب يسألون كيف مس القيم وقد حظي بتأييد الصانعين الحقيقيين لتلك القيم من بيض أنجلوساكسونيين مسيحيين، ثم إنه في خطاب الفوز غير نبرته، ودعا إلى وحدة المجتمع. ولكن تظاهرات الغضب على فوزه، وتظاهرات كانت متوقعة في حال فشله، عبرت عن أمريكا مختلفة وغير مألوفة، والبعض يقول إنها أمريكا الحقيقية.

بين «البيض الغاضبين» و«السود الناقمين» قد لا تكون هناك مبالغة في فهم صعود ترامب على أنه رد فعل مختزن على صعود باراك أوباما، وبمنظور عنصري ساهم في تأجيجه أن أوباما لم ينجح في مهمته على رغم أنه بذل كل ما في وسعه ليكون شديد البياض في سياساته، إلى حد إغضاب غالبية السود التي كتمت خيبة أملها إزاءه بسبب تغول البيض في معاداته واستثمار أخطائه.

فحتى إرثه الداخلي الذي كان «خبراء واشنطن» يعتبرونه معقولا بل جيدا تبين أن تقويمه مختلف شعبيا، بدليل انتقال الأصوات التي حصدها مرتين في الولايات الشرقية إلى ترامب، وليس إلى مرشحة حزبه. كان التصويت ضد أوباما ونهجه أكثر مما كان ضد الخيار الذي تقدمه هيلاري كلينتون.

تلقائيا انتقل جدل القيم إلى أوروبا التي تابعت حملة ترامب بقلق شديد من توجهاته، وكانت المستشارة الألمانية الأكثر تعبيرا عن ذلك بإدراجها لائحة مخاوفها في تهنئتها له، قائلة إن «ألمانيا وأمريكا مرتبطتان من خلال قيم الديموقراطية والحرية واحترام حكم القانون وكرامة الناس بغض النظر عن أصلهم أو لونهم أو ديانتهم أو نوعهم أو ميولهم الجنسية أو آرائهم السياسية». وتستشعر أوروبا عداء ترامبيا لم يخفه صاحبه، سواء في انتقاداته المبكرة للاتحاد الأوروبي أو تحمسه لنتيجة الاستفتاء البريطاني على الخروج من الاتحاد، بل خصوصا في إصراره على تغيير جذري في قواعد إدارة حلف شمال الأطلسي «الناتو».

وإلى مخاوف سياسية واقتصادية ودفاعية، يضاف أخيرا وليس آخرا أن فوزه أنعش آمال قوى اليمين المتطرف في الوصول إلى السلطة. فالتأثير المتبادل من سمات الارتباط التاريخي بين ضفتي الأطلسي، ولاشك أن مواقف ترامب من المسلمين والمهاجرين، معطوفة على مسائل الإرهاب وهواجس الأمن، لقيت صدى في كثير من البيئات الأوروبية التي رصدت في خطابه صراحة وشفافية لا تجدهما في خطاب الأوساط السياسية لديها.

يمكن أن يقرأ بروز صوت برلين بحساسية الموقع والموقف الألمانيين في هذه المرحلة، فخلافا لعواصم أخرى أخذت برلين ظاهرة ترامب وخطابه وأفكاره على محمل الجد، تماما كما فعل ناخبوه. وإذ كانت ناقمة على سلبية أوباما وزئبقيته في أزمتي سوريا وأوكرانيا، فإنها متخوفة الآن من احتمالات تهور لدى ترامب، فهي تشتبه بأنه يميل إلى توافق مع روسيا قد يودي إلى تهميش أوروبا.

ولذا نبهت وزيرة الدفاع الألمانية إلى احتمال «موت الناتو» إذا رفض أحد أعضائه الدفاع عن الآخرين، بل كانت الصوت الأول الذي يقول لترامب «لا تنس القرم وحلب»، فهي لا تزال تدافع عن قيم ربما كان الرئيس الجديد يرى مصلحة أمريكا في التخلي عنها.

* عبد الوهاب بدرخان - كاتب صحفي لبناني

المصدر | الاتحاد الظبيانية

  كلمات مفتاحية

الولايات المتحدة دونالد ترامب باراك أوباما الحرية الديمقراطية الإرهاب العنصرية