دعاوي إغلاق« كلية الشريعة» بالكويت.. تجفيف لمنابع «التطرف» أم «التدين»؟

الخميس 20 نوفمبر 2014 10:11 ص

علي غرار المطالبات المطروحة في العديد من الدول العربية مثل مصر، عقب إجهاض ثورات الربيع العربي، بدعوات ظاهرها قمع الحركات الإسلامية منعا للتطرف، وباطنها تجفيف ينابيع التدين بغلق الكليات الدينية أو الأزهرية، طالب نواب كويتيون بإغلاق كلية الشريعة «لعدم جدواها»، وبدعوي أن «المناهج الدينية تحض على التكفير والطائفية».

وعلي غرار مطالبة مثقفون يساريون مثل الكاتب والروائي المصري «يوسف زيدان» بإغلاق «جامعة الأزهر» لمدة عامين بدعوي مواجهة عنف الطلاب والربط بينهم وبين «ما يجرى من أهوالٍ في ليبيا وسوريا والصومال واليمن»، طالب نواب بالبرلمان الكويتي بغلق «كلية الشريعة» أو تغيير مناهجها بدعوي أنها تنتج متطرفين يشتغلون «بالأمور التكفيرية والسياسية»، وعارضهم نواب آخرون.

التوجهات المتشددة والشاذة

القصة بدأت بمطالبة «صالح عاشور» النائب الشيعي في «مجلس الأمة» الكويتي (البرلمان)، بإغلاق «كلية الشريعة» بجامعة الكويت، بحجة أن سوق العمل في البلد الخليجي الغني بالنفط لا يحتاج خريجي الكلية، ولا ضرورة لتخريج المزيد من الطلبة من هذه الكلية .

«عاشور» قال إن مستوى الكلية وخريجيها دون المستوى المطلوب في هذا التخصص ويفتقرون إلى الكثير من القدرات القانونية والإدارية بالإضافة إلى أنها أصبحت مكاناً للمحسوبية وبعض التوجهات المتشددة والداعمة للأفكار الشاذة والمنحرفة، وطالب بدمجها مع كلية الحقوق، وعدم الاستجابة لأي ضغوط مستقبلاً والعمل على إغلاق «كلية الشريعة».

ولكن النائب «صالح عاشور» أفصح عن الهدف بصورة أوضح حينما قال في تصريح صحفي: «إن خريجي كلية الشريعة، ليس لديهم رغبة بالعمل في وزارة الأوقاف والشئون الإسلامية كأئمة للمساجد، وهناك من استغل شهادته عن طريق الضغط السياسي، ودخل في العمل بالنيابة العامة وإدارة التحقيقات والفتوى والتشريع بالرغم من عدم تخصصهم بالقانون».

وقد تسببت تصريحات النائب «عاشور»، بموجة انتقادات من نواب سنة في «مجلس الأمة» المنتخب واستغربوا هذا القمع الفكري وتجفيف ينابيع التدين بدعوي محاربة «الإرهاب والتطرف».

وتطور الأمر لاحقا لمطالبة النائب «عبدالله المعيوف»، عضو البرلمان الكويتي، بتغيير شامل لمنهج التربية الإسلامية في المرحلة الابتدائية، بحيث يتم نقل العبادات، وكيفية أداء الزكاة، وغيرها إلى المرحلة المتوسطة أو الثانوية، والاكتفاء بقراءة آيات القرآن الكريم.

وقال: «إنها وسيلة للتخفيف عن الطالب، والاختصار في المناهج، ما يخدم الطالب في المستقبل، ويجعل استيعابه للمادة العلمية أكبر؛ داعيًا إلى أن تكون المناهج على قدر عمر الطالب، وليست أكبر منه».

ثم أظهر «المعيوف» هدف اقتراحه بقوله: «إن هذه المناهج الحالية تساهم في إشغال الطلبة بالأمور التكفيرية والسياسية، وتحض على الكراهية والطائفية؛ ولذا يجب إزالة كل ما يتعلق بالتكفير من المناهج».

وأعادت هذه المطالبات الجدل في الكويت، في صورة مماثلة لدعوة النائب الشيعي «صالح عاشور»، عندما طالب بإغلاق «كلية الشريعة»؛ بحجة أن سوق العمل في البلد الخليجي الغني بالنفط لا يحتاج خريجي الكلية، وقوبل مقترحه بانتقادات لاذعة من قبل النواب السنة.

وتطور الأمر أكثر عندما تقدم عدد من النواب في «مجلس الأمة» باقتراح يشمل تغيير المنهاج الدراسي للمدارس، لاسيما مادة التربية الإسلامية، بحيث يتم التركيز فيها على الوحدة الوطنية، ونبذ الكراهية والطائفية، رغم الجدل الذي قد يسببه الاقتراح.

ويرى دعاة تغيير المناهج الدراسية، وبينهم النائبان «عبدالله المعيوف»، و«نبيل الفضل»، أنها أصبحت عبئًا كبيرًا على الطالب وولي الأمر؛ لوجود العديد من الكتب والمواد التي لا تفيد الطالب في حياته العملية، فيما يري النواب وجمعيات إسلامية كويتية في هذه الدعوات استمرارا لنفس دعاوي تجفيف ينابيع التدين من قبل قوي وتيارات علمانية عربية استغلت الثورات المضادة علي ثورات الربيع العربي مؤخرا في الدعوة لتجفيف ينابيع التدين ومهاجمة التدين نفسه لا جماعة «الإخوان» أو التيارات الإسلامية عموما.

اقتراح صادم ومثير للجدل

وقد اعتبر النائب بـ«مجلس الأمة»، «طلال الجلال» اليوم أن مطالبة أحد أعضاء «مجلس الأمة» بإغلاق «كلية الشريعة أمر مرفوض جملة وتفصيلا، ودعا النائب الجميع إلى الابتعاد عن كل ما من شأنه إثارة الفتنة بين أطياف المجتمع.

كما علق عضو «الحركة الدستورية الإسلامية» النائب السابق المحامي «أسامة عيسي الشاهين» من حسابه على موقع التواصل الاجتماعي «تويتر» علي هذه الدعوات بقوله: «دين الدولة الإسلام، والشريعة الإسلامية مصدر رئيسي للتشريع»، هذا نص دستوري أقسم بعض «نوائب» الدهر على احترامه، لكنهم ينقضون ذلك اليوم جهارا».

وتابع «الشاهين»: «من يرد الله به خيرا يفقه بالدين»، هكذا علمنا «رسول الله صلى الله عليه وسلم»، أما من يرد به شرا فتراه محاربا للعلم الشرعي، داعما للجهل والبدع.

وقال نواب آخرون معارضون لهذا التوجه ضد التعليم الديني أن إطلالة البعض من نافذة مواجهة التشدد والتطرف الديني ودعم الاعتدال والوسطية للمطالبة بتجفيف ينابيع التدين التي تحفظ المجتمع هو «اقتراح صادم» و«مثير للجدل».

وقد التزم مسئولو «وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية» الصمت التام تجاه هذه المقترحات، وبدت الحكومة للوهلة الأولى متحفظة تجاه المطلب أو محايدة وإلقاء الكرة في ملعب النواب، بعدما قال «مصدر وزاري» أن الحكومة لا تملك الحجر على آراء النواب واقتراحاتهم إلا أنها تتعامل معها وفقا للدستور والقانون واللائحة الداخلية لـ«مجلس الأمة».

وتضم قائمة مؤيدي لهذه الاقتراحات بإلغاء «كلية الشريعة» وتغيير المناهج الدراسية، النائب «نبيل الفضل» الذي قال في تغريده له عبر «تويتر»: «أضم صوتي إلى صوت عاشور في مطالبته بإغلاق كلية الشريعة التي لم تخرج سوى دعاة التطرف والإرهاب، كما لوث خريجوها النيابة والفتوى عندما تراخت الدولة وعادلتهم مع خريجي الحقوق، إضافة إلى أن خريجيها لم ينفعونا حتى في المساجد كمؤذنين أو أئمة والحل إغلاقها».

أيضا شدد النائب «عبدالله المعيوف» على ضرورة تطهير الكلية من أصحاب الفكر المتطرف وإبعاد المسئولين المتحزبين أو المنتمين إلى تيارات دينية وسياسية بعينها، وعدم تسييسها كما حدث في كليات أخرى.

بالمقابل رأي النائب «حمود الحمدان» أن هذه المطالب ليست مبنية على دراسات أو تقارير واقعية لا سيما مع عدم وجود إحصائيات واضحة تدلل على أن خريجي الشريعة لا يجدون وظائف لدى تخرجهم.

وأكد «الحمدان» أن القول إن الكلية تخرج ذوي فكر متشدد مجاف للحقيقة تماما وعار عن الصحة، موضحا أن الخريجين أصحاب فكر متزن والأساتذة يجتهدون في غرس قيم الوسطية والاعتدال.

في السياق ذاته عبر النائب «أحمد بن مطيع» عن رفضه الشديد كل التصريحات التي تطالب بإغلاق «كلية الشريعة» لما فيها من طائفية وحزبية وشق صف المجتمع الكويتي المترابط مستبعدا أن تكون هنالك مبررات واقعية لما وصفها بالتصريحات الطائفية تجاه صرح «كلية الشريعة» الشامخ العريق الذي يرعى العلوم الإسلامية باعتدال ووسطية.

كما استنكر مراقب المجلس النائب «سعود الحريجي» المقترح معتبرا أن «كلية الشريعة» خط أحمر لن نقبل الاقتراب منه، وقال لمن يخطط لذلك: «أركد ولا تقرب الخطوط الحمراء, فخريجو الكلية مشهود لهم بالعطاء والانضباط والاستقامة وسوق العمل بحاجة إليهم».

وتأسست «كلية الشريعة والدراسات الإسلامية» بـ«جامعة الكويت» عام 1402هـ الموافق 1982م، وقد أنشئت – بحسب التعريف الخاص بها - لتكون مركز هداية للشباب الجامعي ومصدر إشعاع إسلامي متخصص تمتد آثاره عبر الكويت إلى الأقطار والشعوب الإسلامية التي تتطلع إلى مزيد من الدراسات الشرعية والإسلامية.

وقد بدأت الدراسة في الكلية اعتباراً من العام الجامعي 1402 هـ - 1403 هـ الموافق 1982م - 1983م، ويعمل خريج «كلية الشريعة» في دولة الكويت في وزارات معينة منها وزارة التربية، وزارة العدل، وزارة الأوقاف والشئون الإسلامية، وزارة الشئون الاجتماعية، والعمل والبنوك والمصارف والمؤسسات الإسلامية.

يذكر أن الخارجية الأميركية شاركت في الدعوة لمؤتمر في الكويت أواخر أكتوبر/تشرين الأول الماضي للبحث في سبل إيقاف أو الحد من الحملات الهادفة إلى تجنيد الجهاديين في العراق وسوريا وخصوصا عبر الانترنت وشبكات التواصل الاجتماعي.

المصدر | الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

الكويت البرلمان الكويتي الإرهاب التطرف الأزهر الإخوان كلية الشريعة

«الصباح» يدعو لتحصين الكويت ضد «الإرهاب العابر للحدود»

الإمارات تبحث مع مشيخة الأزهر "تطوير" مناهج اللغة العربية والتربية الإسلامية

طلاب «الإخوان» يفوزون برئاسة اتحاد طلبة جامعة الكويت للمرة الـ36 على التوالي

بعد إدراجه على قوائم الإرهاب الأمريكية .. احتجاز «حجاج العجمي» بمطار الكويت

500 طالب و طالبة بلا مقاعد في جامعة الكويت

لا فرصة لـ«تجفيف ينابيع» التدين ... لماذا؟