الثلاثي المستحيل اقتصاديا

الاثنين 13 مارس 2017 02:03 ص

تشير نظرية الثلاثي المستحيل أو «المعضلة الثلاثية» إلى استحالة احتفاظ بلد ما بسعر صرف ثابت وحرية حركة رؤوس الأموال وسياسة نقدية مستقلة، في آن واحد.

وفي عام 1962 اشترك الاقتصادي البريطاني ماركوس فلمينج، والاقتصادي الكندي روبرت ماندل، في إعداد «نموذج ماندل - فلمينج» لأسعار الصرف «وأشارا إلى استحالة الحفاظ على الاستقلال الذاتي الداخلي، وأسعار الصرف الثابتة، وحرية حركة رؤوس الأموال: فلا يمكن تحقيق أكثر من اثنين من هذه الأهداف الثلاثة.

ومنذ ذلك الحين أصبحت نظرية الثلاثي المستحيل واحدة من أساسيات الاقتصاد المفتوح، حيث أيدها في التسعينيات من القرن الماضي الاقتصاديان «موريس اوبستفلد» و«الان تايلر».

إجمالا، هناك معضلة ثلاثية على مستوى الاقتصاد الكلي تواجه صناع السياسات في الاقتصادات المفتوحة - التي تبيع وتشتري السلع والخدمات والأصول الرأسمالية في الأسواق العالمية بأدنى حد من القيود.

فيتعاملون في المعتاد مع ثلاثة أهداف محبذة غالبا، وإن كانت متناقضة: أي تحقيق استقرار أسعار الصرف، والتمتع بحرية انتقال رؤوس الأموال على المستوى الدولي، واستخدام سياسة نقدية موجهة نحو تحقيق الأهداف المحلية. ونظراً لأن اثنين فقط من هذه الأهداف الثلاثة يمكنهما الاتساق فيما بينهما، فلا بد لصناع السياسات من اختيار الهدف الذي يتخلون عنه. وهذه هي المعضلة الثلاثية.

ونظراً لاتخاذ العديد من القرارات الرئيسية في قلب النظام ( أي الولايات المتحدة ) تم تصديرها إلى بقية العالم من خلال العولمة، لم يعد بإمكان البلدان أن تعزل نفسها من خلال أسعار الصرف فيها.

وبدلاً من الثلاثي المستحيل «فإن العالم يواجه معضلة -فالسياسات النقدية المستقلة لا يمكن أن تتحقق إلا إذا كان الحساب الرأسمالي مداراً» سواء بصورة مباشرة أو غير مباشرة ؛ لأن الصورة التي تظهر في هذا الحال هي صورة عالم يتسم بقوة دوراته المالية العالمية تتميز بالتحركات المشتركة الكبيرة في أسعار الأصول، وإجمالي التدفقات، والرفع المالي (الدين ).

وأينما كان رأس المال يتمتع بحرية الحركة، فإن الدورة المالية العالمية تفرض القيود على السياسات الوطنية بغض النظر عن نظام سعر الصرف المتبع. وإن الاعتقاد السائد إلى حد كبير أنه في حالة وجود سعر صرف مرن، فإنه قادر على عزل البلد المعنى من الصدمات المالية ومن ثم يمكنه اعتماد سياسته النقدية المستقلة. وهذا في الواقع هو الرأي الذي يركن إليه مؤيدو تحديد أهداف التضخم. 

يرى غالبية الباحثين أنه بعد الفوضى التي نجمت عن الأزمة المالية العالمية يتعذر حاليا قياس أو التأكد من المكاسب الحقيقية للانفتاح المالي وحرية انتقال رأس المال، وبات من الصعب التعرف على مزايا العولمة المالية، فأحيانا لم تكن رؤوس الأموال المتنقلة وسيلة لاقتسام المخاطر وإنما كانت منشئة للمخاطر.

وأنها تسببت في مزيد من الأزمات في الأسواق الصاعدة. وتنزع غالبية الباحثين إلى صياغة عملية إعادة التفكير في العولمة المالية ودور العولمة المالية في عملية التصحيح الدولية والثلاثي المستحيل الدولي؛ فهناك بعض الأبعاد الجديدة التي فرضتها الأزمة المالية العالمية خريف عام 2008.

* د. عبد العظيم حنفي باحث مصري في السياسات الاقتصادية. 

المصدر | د. عبد العظيم حنفي | الخليج - الشارقة

  كلمات مفتاحية

الدولار الاقتصاد سعر الصرف رأس المال السياسة النقدية