«و.س. جورنال»:الضغط الأمريكي يزيد من حوافز إيران للتقارب مع دول الخليج

الأحد 2 أبريل 2017 05:04 ص

تسعى إيران ودول الخليج، التي كان تنافسها على السلطة والنّفوذ في الشّرق الأوسط في طريق نحو المواجهة المفتوحة، بهدوءٍ إلى إصلاح العلاقات المتضرّرة، بعد أن بدأت الولايات المتحدة اتّخاذ موقفٍ أكثر تصادمًا تجاه طهران.

وقد اشتعل هذا التّنافس منذ فترة طويلة في العام الماضي عندما قامت السعودية بإعدام رجل دين شيعيٍ بارز، واقتحم المتظاهرون الإيرانيون الغاضبون، على إثر ذلك، السّفارة السعودية وحطّموا نوافذها وأضرَموا النّار بالمجّمع. وردّت السّعودية والبحرين بقطع العلاقات الدبلوماسية مع إيران، وانحازت دول الخليج الأخرى إلى جانب الرياض.

والآن، وحتّى مع استمرار الخطاب العام اللاذع، ظهرت علامات على التّقارب المبدئي في الاجتماعات التي عقدت مؤخّرًا بين المسؤولين الإيرانيين والخليجيين، بما في ذلك زيارة الرئيس الإيراني «حسن روحاني» إلى الكويت وعُمان، وتمّ مؤخرا إقرار اتّفاق بين الرياض وطهران يسمح للإيرانيين بالذّهاب إلى الحجّ هذا العام إلى مكّة المكرّمة. وكان الإيرانيون قد استُبعِدوا من الحجّ العام الماضي، وهو واجبٌ دينيٌ يجب على المسلمين أن ينجزوه مرّةً واحدةً في حياتهم، وذلك بعد انهيار المحادثات مع المسؤولين السعوديين آنذاك.

وقال «عبد الله الشمري»، المحلّل السياسي في الرياض والدبلوماسي السعودي السابق، أنّ اتّفاق الحجّ «يظهر أنّ هناك أملا في أن تصبح العلاقة (بين البلدين) أكثرَ واقعية». وأضاف: «الآن حان الوقت للجلوس والتّحدث».

ويقول المحللون والمسؤولون أنّ الإدارة أمريكية الجديدة التي اتّخذت موقفًا أكثر تشدّدًا تجاه طهران، هي سرّ هذه الخطوات نحو علاقاتٍ أفضل بين إيران ودول الخليج. وتعهّد الرئيس «دونالد ترامب» ومساعديه بعكس اتجاه إدارة «أوباما» إلى إيران، وهو التحوّل الذي رحّب به حلفاء أمريكا منذ فترة طويلة في الخليج.

وقال «إبراهيم فريحات»، أستاذ حلّ النّزاعات بمعهد الدّوحة للدراسات العليا في قطر: «في ظل رئاسة أوباما، لم تكن إيران تحت ضغطٍ لبذل جهودٍ جادّة باتّجاه تحسين العلاقات مع الخليج». وأضاف: «لقد أدرَكت إيران أنّ ذلك قد تغيّر».

ضغوط للتقارب

كما أدّى الانخفاض في أسعار النّفط إلى خلق ضغوطٍ لحلّ الخلافات. وفي نوفمبر/تشرين الثاني، تخلّت السعودية عن مطالبتها بتخفيض إيران لإنتاجها الخام من أجل التوصّل إلى اتّفاق أوبك الذي يهدف إلى الحدّ من الإنتاج العالمي لدعم الأسعار، والتي تحوم الآن حول 50 دولارًا للبرميل، أي نحو نصف ما كان عليه قبل بضع سنوات.

وقال «سعيد ليلاز»، وهو خبير اقتصادي إيراني قريب من الفصيل السياسى المعتدل للرئيس «روحانى»: «يبدو أنّه بسبب نقص الأموال، يتعيّن عليهم الجلوس على الطّاولة والتحدث مع بعضهم البعض».

إضافةً إلى ذلك، عانت المملكة من سلسلة من الانتكاسات السياسية الخارجية. وتحاول الرياض أن تنقذ نفسها من حربها في اليمن، وهي الحملة المكلّفة التي تورّطت بها، وكان من أسبابها لها مواجهة ما تعتبره نفوذ إيراني في بلدٍ مجاور. وفي سوريا، قامت القوّات الحكومية المدعومة من إيران وروسيا في أواخر العام الماضي بالإطاحة المتمردين بجماعات المتمرّدين المدعومة من السّعودية وإخراجهم من حلب.

وقال دبلوماسيٌ غربي يقيم في الخليج: «لقد كانت حلب نقطة تحوّل، وكان السعوديون براغماتيين حيالها. قالوا:«لقد خسرنا. دعونا نخرج بأفضل ما يمكن من هذا الوضع السيّء».

ولا تزال السعودية، الملكيّة السّنية، وإيران التي يهيمن عليها الشّيعة، يتبادلان الكلمات الحادّة. وقال وزير الخارجية السعودي «عادل الجبير»، في مؤتمرٍ صحفي عقده في ألمانيا الشهر الماضي: «على مدى 35 عامًا، قمنا بمدّ أيدينا للصداقة مع الإيرانيين، وفي 35 عاماً، حصلنا على الموت والدّمار في المقابل». وأضاف: «هذا لا يمكن أن يستمر».

وتتّهم الرياض وغيرها من دول الخليج إيران باستغلال التوتّرات الطّائفية للحصول على نفوذٍ سياسي في العالم العربي، وتقول أنّ إطلاق إيران للصاروخ الباليستي الأخير يسبّب لها القلق.

وقال «عبد العزيز العويشق»، مساعد الأمين العام للشؤون السياسية في مجلس التعاون الخليجي، وهو كيان يضمّ الدول العربية في الخليج: «تقول إيران، في السرّ والعلن، أنّهم يريدون فتح صفحةٍ جديدة، وأنّهم يريدون إجراء حوار، بينما يقولون لنا أنّهم يواصلون أيضًا هذه الأنشطة».

وقد بدأت موجة النّشاط الدبلوماسي في يناير/كانون الثاني الماضي، حيث قام وزير خارجية الكويت بزيارة طهران نيابةً عن مجلس التعاون الخليجي. وقال مسؤولون غربيّون وعربيّون أن هذه الهيئة المكونة من ست دول، قد ناشدت طهران إنهاء تدخّلها في المنطقة، بما في ذلك تسليح ودعم الوكلاء الشيعة، كشرط لتحسين العلاقات.

وتقول طهران أنّ الدول الملكية السنّية قد قمعت حقوق سكانها الشيعة، وعزّزت التطرّف من خلال دعمها للجماعات المتمردة السّنية في سوريا.

صدعٌ في الخليج

إنّ اليمن هي إحدى المناطق التي يمكن أن تتحسّن فيها العلاقات بين إيران والسعودية. وتقود المملكة العربية السّعودية تحالفًا سنّيًا عربيًا تدعمه الولايات المتحدة هناك، يقاتل من أجل الإطاحة بالمتمرّدين الحوثيّين الشيعية المدعومين من إيران، وذلك بهدف استعادة السلطة للرئيس المخلوع «عبد ربه منصور هادي».

وفي إشارة إلى أنّ السعودية تخفف من موقفها تجاه بعض حلفاء إيران، أصبح السيد «الجبير» الشهر الماضي أول وزير خارجية سعودي يزور العراق خلال أكثر من عقدين من الزمن، وهي دولة ذات أغلبية شيعية تتمتّع إيران بنفوذٍ واسعٍ فيها.

وفي نوفمبر/تشرين الثاني، أيّدت الرياض اتّفاقًا أوصل إلى الرئاسة اللبنانية حليفًا مسيحيًا لحزب الله، الجماعة السياسية والمسلّحة التي تعتبر وكيلًا لإيران.

ورحّب نائب رئيس هيئة الأركان في إدارة السيد «روحاني»، في رسالةٍ عبر تويتر خلال زيارة الرئيس الإيراني للخليج الشهر الماضي، بالانفتاح الدبلوماسي، لكنه حذّر من أنّه قد لا يدوم.

وكتب باللّغة العربية، لغة دول الخليج، بدلًا من الفارسية لغة بلده: «تمرّ الفرصة وكأنها سحابة. لذلك من الجيّد الاستفادة بالفرص».

  كلمات مفتاحية