استطلاع رأي

أي من هذه الدول تمارس الدور الأكثر إيجابية في حرب غزة؟

السعودية

مصر

قطر

إيران

تركيا

أهم الموضوعات

طبقات اليمين الإسرائيلي وبصيرة دا سيلفا

عن أوهام التفاؤل الأميركي

أزمة اقتصاد مصر وانتظار الفرج من الخارج

نحو وقف الحرب على غزة

سيناريو اليوم التالي للحرب

القدس في ظل مشروع التهويد والقوانين العنصرية

الخميس 4 ديسمبر 2014 11:12 ص

تعمل سلطات الاحتلال على تهويد القدس المحتلة ضمن مخطط متكامل يستهدف مكونات المدينة بأهلها وأرضها ومقدساتها.

ويمكن رسم المشهد المقدسي في ظل الاحتلال ضمن عنوانين الأول هو التهويد الديني والثقافي والآخر هو التهويد الديموغرافي.

التهويد الديني والثقافي

المسجد الاقصى والمقدسات الاسلامية والمسيحية: يركز الاحتلال بشكل خاص على المسجد الاقصى انسجاماً مع رواياته المزعومة حول “المعبد”. وتتركز مساعي الاحتلال في السنوات الاخيرة حول تقسيم الأقصى زمنياً على غرار المسجد الابراهيمي في الخليل بتخصيص أوقات للمسلمين وأخرى لليهود.. وتقتحم جماعات المستوطنين ومجموعات من جنود الاحتلال المسجد الأقصى بشكل شبه يومي فيما يحاول عدد من النواب في الكنيست، ولا سيما من حزبي الليكود والبيت اليهودي، تشريع الاقتحامات وتأمين صلاة اليهود في الاقصى. كما ان المقدسات الاسلامية والمسيحية تتعرض للاعتداءات، ولا سيما الكنائس والجوامع والمقابر وجدران الأديرة حيث يخط المستوطنون عبارات مسيئة للإسلام والمسيحية دون ان تبذل سلطات الاحتلال جهوداً لردعهم.

تهويد المعالم والأسماء

تحرص سلطات الاحتلال على تهويد وجه القدس العربي وقد عملت على طمس الأسماء العربية وتهويدها ومن ذلك تغيير أسماء بوابات القدس التاريخية كباب الحديد (الذي اطلقت عليه اسم شاغر هحداش) وباب الخليل (شاغر يافو) وغير ذلك.

التهويد الديموغرافي

يندرج تحت هذا العنوان العديد من الممارسات القهرية التي يسعى الاحتلال من خلالها إلى تحقيق اغلبية يهودية في القدس بشكل عام وزيادة عدد اليهود في القسم الشرقي من المدينة مع حصر نسبة العرب ضمن حدود 20% من مجموع سكان القدس. ويمكن إيجاز ممارسات الاحتلال على هذا الصعيد ضمن النقاط الأتية:

الاستيطان: تشكل المستوطنات الوسيلة الرئيسية التي يعتمدها الاحتلال لزيادة عدد اليهود في شرق القدس من خلال تأمين الوجود اليهودي في هذا الشطر من المدينة بين الأحياء العربية وكسر التواصل الجغرافي بين القدس ومناطق الضفة الغربية. وتستمر حركة الاستيطان بشكل محموم دون أي اعتبار لحقوق الفلسطينيين أو الاعتراضات والانتقادات التي تتوالى من اكثر عواصم العالم.

سحب بطاقات الاقامة من المقدسيين: يحمل المقدسيون بطاقات زرقاء يصنفون بموجبها على انهم “مقيمون” وليس “مواطنين” وقد بلغ عدد البطاقات المسحوبة بين عامي 1967 و2013 ما يقارب 14.306، مما يضع هؤلاء في خانة التشرد والضياع.

هدم المنازل: فقط 14% من مساحة شرق القدس مخططة للبناء الفلسطيني، وتتبع “اسرائيل” سياسة متشددة في منح المقدسيين رخصاً للبناء. وفي مقابل ذلك تعمل على هدم المنازل والمنشآت التي بنيت بحجة غياب الترخيص . وقد هدمت “اسرائيل” منذ عام 1967 ما يزيد على 1700 منزلاً وشردت بذلك حوالي 8382 فلسطينياً. وخلاصة القول هنا ان اسرائيل تحرم الفلسطينيين من رخص البناء ثم توجه اليهم التهم بأنهم يبنون خلافاً للقانون.

الجدار العازل: أنشأت “اسرائيل” الجدار العازل حول القدس وترافق ذلك مع نصب الحواجز واقامة البوابات الفاصلة لعزل القدس عن الضفة الغربية وإضعاف البنية الاقتصادية والاجتماعية للأحياء المقدسية التي أصبحت على جانب الضفة الغربية من الجدار. وقد عزل الجدار ما يقارب 100 الف مقدسي من أحياء رأس خميس ورأس شحادة وضاحية السلام ومخيم شعفاط وكفر عقب وسميراميس حيث يعانون الأهمال.

الظروف الاقتصادية والاجتماعية: تضيق سلطات الاحتلال على المقدسيين بصورة كبيرة من حيث فرض الضرائب وضرب القطاعات الاقتصادية المختلفة . وقد تجاوزت نسبة الفقر في شرق القدس 75% فيما يعيش حوالي 83% من الأطفال تحت خط الفقر. علماً بأن القدس تكاد تفقد دورها التاريخي والاقتصادي والاجتماعي والثقافي كعاصمة لفلسطين وذلك بعد إحكام الحصار المتصاعد حولها.

اما بالنسبة لمشروع القانون العنصري الذي أقرته الحكومة الاسرائيلية بالامس فقد اثار ردود فعل وانقسامات واسعة داخل الحكومة “الاسرائيلية” والكنيست والرأي العام الصهيوني فضلاً عن دول كثيرة انتقدت هذا المشروع من ضمنها دول اوروبية وامريكية.

وبموجب هذا المشروع المطروح الآن امام الكنيست  – بعد إقراره من الحكومة – تتكرس بشكل كامل يهودية دولة "اسرائيل" ولا يتمتع بالحقوق القومية في "إسرائيل" سوى الشعب اليهودي مما يجعل دولة الكيان الغاصب دولة عنصرية "صافية" بدون أي تحفظ وبدون ورقة توت بما يسقط نهائياً “المساواة” الوهمية أو اللفظية بين سكان الكيان والتي كانت تتستر بها الحركة  الصهيونية وبما يفرز السكان بوتيرة أسرع ليقوم على اساس ذلك كله كيان عنصري بكل معنى الكلمة يعلن عن نفسه بكل وقاحة وكأننا نعيش في ظل الافكار النازية المتطرفة.

هذا التطور العنصري يجعل من الشعب الفلسطيني الواقع أصلاً تحت الاحتلال والقهر شعباً من الدرجة الثانية قانونياً كما كان الامر في جنوب افريقيا تحت حكم الابارتيد أو العنصريين البيض. واذا كانت اوضاع الشعب الفلسطيني وخاصة في اراضي 1948 مظللة ببعض التمويه مما يترك مجالاً لـ"إسرائيل" للتبرؤ من تهمة العنصرية بصعوبة نظراً للتعامل الوحشي والتمييز العنصري الذي تمارسه قوات الجيش واجهزة الامن ضد الفلسطينيين، ولكن بعد اليوم واذا لم تسقط حكومة نتنياهو المنقسمة على نفسها ويسقط معها مشروع القانون فان القانون المفترض سيطغى ويكشف عنصرية اسرائيل الكامنة ويحرج معظم الاطراف التي كانت حتى اللحظة تعتبر الكيان الصهيوني واحة للحرية والديمقراطية في الشرق.

وكما يبدو فان بعض الوزراء والنواب والشخصيات الذين لم يقصرّوا ابداً في تعذيب الفلسطينيين ومحاصرتهم جاهروا بمعارضتهم للمشروع معتبرين انه سيء جداً لسمعة "اسرائيل". حتى رئيس الكيان رؤفني ريفلين اعتبر ان هذا القانون يثير الشك بالمشروع الصهيوني ووثيقة الاستقلال ويضعف الطابع اليهودي لدولة اسرائيل. واذا أصر نتنياهو ومعه ليبرمان وآخرون على المضي في هذا المشروع الخطير فسيجد بوجهه ليس رئيس الكيان فحسب، وانما وزراء بارزين وشخصيات معروفة.

لكن نتنياهو الذي يشده الحنين اليوم إلى جابوتنسكي يريد تحقيق ما لم يحققه كبار الزعماء الصهاينة من قبل معتبراً ان الانجازات التي حققها، وبخاصة استمرار المفاوضات إلى ما لا نهاية وبدون أي نتيجة للفلسطينيين، تخوله ولوج الطريق المحفوف بالمخاطر متجاهلاً بالتأكيد موقف الشعب الفلسطيني ومعه شعوب عديدة رافضة للابارتيد بطبعته الاصلية والجديدة. غير أن كل الدلائل تشير في المرحلة الحالية ان الشعب الفلسطيني قد وصل إلى نقطة اللاعودة في مقاومة  الخطوات الخطيرة التي يخطوها نتنياهو  واسقاطها بكل الوسائل المتاحة كما تم اسقاط  المناورات والضغوط الصهيونية في رحاب المسجد الاقصى.

فقد كانت “اسرائيل” ترغي وتزبد، تتوعد وتتهدد بالاعتقالات واطلاق النار وسحل الاشخاص ومسح المنازل ولكن عندما جوبهت بالرفض الفلسطيني الصارم لاجراءاتها القمعية وبرز بوضوح إقدام الشباب على المرابطة في المقام الشريف، ومعهم اهل فلسطين كلها للتصدي بكل ما يملكون من قوة للارهاب الصهيوني، خشيت “اسرائيل” من تصاعد المقاومة والتفاف الجماهير العربية والاسلامية والصديقة حول الأقصى فبدأ قادتها  يحذرون فجأة من التصعيد ويدعون إلى ضبط النفس وحتى كبح جماح المتطرفين والسماح للمصلين العرب ومن كل الاعمار بالدخول إلى رحاب المسجد وكان العقل الصهيوني الدموي المتطرف الذي يدير شؤون الامن بات يعلم انه لم يعد بالامكان التعامل مع الفلسطينيين فيما يخص قضية الأقصى بمنطق القوة وحدها، لا سيما بعد  حروب غزة ولبنان.

من هنا يبرز المأزق الكبير بوجه القادة الصهاينة الذين اخذوا عهدا على انفسهم باقتحام الأقصى كي تكتمل المعادلة الشهيرة لا "اسرائيل بدون القدس، ولا قدس بدون المعبد"، فاذا اقتحموا المسجد واجهوا مقاومة لا يمكن التنبؤ بها خصوصاً وانه في المرة الاخيرة ظهر بوضوح استعداد المرابطين من رجال ونساء على التصدي بكل قوة ومهما كانت التضحيات مما يقيم الدنيا على الاحتلال ويحرك اجواء راضية واخرى صامتة واخرى متحفزة بما لا يخدم مصلحة الكيان ومن وراءه من دول كبرى تريد أسر الفلسطينيين والعرب في خانة المراوحة والمواقف اللفظية.

واذا لم يقتحموا الاقصى وتساهلوا مع المصلين الفلسطينيين والمرابطين في رحابه فليس هناك من ضمانة ان الشعب الفلسطيني سيقف عند هذه الحدود خصوصاً وان هذا الشعب الاصيل يتمسك بحقوقه الوطنية الكاملة ولا يرضى بديلاً عن فلسطين بحدودها التاريخية. 

هذا المأزق الجديد الذي أوقع نتنياهو نفسه فيه لن يكون من السهل حله نظراً للتناقض القائم بين كفتيه فقد كان قراره السابق هروباً إلى الامام فماذا يكون قراره غداً.

* بشارة مرهج وزير ونائب سابق بمجلس النواب عن دائرة بيروت الثانية وكاتب عربي لبناني.

المصدر | رأي اليوم

  كلمات مفتاحية

تهنئة عيد الفطر جابوتنسكي اقتحام الأقصى لا إسرائيل بدون القدس لا قدس بدون المعبد المسجد الأقصى مقاومة المرابطون التصدي التضحيات الاحتلال الفلسطينيون العرب المراوحة المواقف اللفظية

القدس في ظل مشروع التهويد والقوانين العنصرية

تصاعد المقاومة في القدس ضد الاستيطان والتهويد ونسف المنازل

القدس في ظل مشروع التهويد والقوانين العنصرية

«مارزيل» في الكنيست: شرعنة الإرهاب في (إسرائيل)

«رائد صلاح»: لدينا وثائق تؤكد تورط جهات إماراتية في تمويل عمليات لـ«تهويد القدس»

القدس عروس عروبتكم !

فشل «التهويد»

ههنا نشأ فتية القدس: الاستيطان و«إعادة التشكيل»