معضلة الإصلاح فى السعودية ... الشعوب دائما أطول نفسا!

الاثنين 23 يونيو 2014 06:06 ص

عدنان التميمي، ونور الشامسي - الخليج الجديد

يقول مسؤولون سعوديون: «إذا خسرنا التحكم في العالم الافتراضي فإننا لن نخسر التحكم في الشارع».

تشهد المملكة العربية السعودية منذ بدء ثورات الربيع العربي احتجاجات شعبية فى أنحاء متفرقة من المملكة، رأى فيها الشباب السعودي موجة قد تصل بالربيع العربي إلي شاطئ المملكة؛ إلا أن آلة القمع الحاضرة دوما استطاعت محاصرة الحراك الشعبي، وخلّفت عددا من القتلى والمعتقلين، وسط دعم من المؤسسة الدينية والآلة الإعلامية الرسمية لإجراءات السلطة الحاكمة تجاه مطالب الإصلاح المستمرة.

تصاعد وتيرة القمع الأمني، دفع الشباب السعودي إلى فضاء شبكات التواصل الاجتماعي. ويري المدون السعودي "وليد أبو الخير" أن الحكومة تتحكم بجميع وسائل الإعلام المرئية والمقروءة، وحتى مؤسسات المجتمع المدني تابعة للدولة؛ لذلك يلجأ الشباب إلى تويتر للتعبير عن آرائهم بحرية، بحسب تصريحات سابقة لـ DW عربية (الإذاعة الألمانية).

وقد قُبِض على «وليد أبو الخير»، في 15 أبريل/نيسان الماضي عقب ظهوره في الجلسة الخامسة لمحاكمته أمام المحكمة الجزائية المتخصصة، في الرياض، على خلفية اتهامه بعدة تهم بينها «الخروج على ولي الأمر».

ووفق دراسة أجراها قسم الإحصائيات في موقع «بيزنس إنسايدر»، نشرت في نوفمبر/تشريين الثاني 2013، تصدرت السعودية دول العالم في نسبة المستخدمين النشطين لموقع تويتر. كما أوضحت دراسة أجرتها شركة «واي تو دي» المتخصصة بالتسويق الإلكتروني، في مارس/آذار 2014، أن مستخدمي «تويتر» في السعودية بلغ نحو 7 ملايين.

«قال لي العديد من المسؤولين الحكوميين إذا خسرنا التحكم في العالم الافتراضي فإننا لن نخسر التحكم في الشارع»، أضاف «وليد أبو الخير»، الذي يرى أن الدولة السعودية تتوحش حتى لا تصل مطالب تويتر إلى الشارع. مؤكداً أن مع تويتر وَجَد المواطن السعودي الكثير من المواطنين غير الراضين عن الأوضاع في السعودية ويشاركونه نفس الأفكار؛ وهو ما جعله يرى أن «سياسة الرفض أصبحت أكثر تداولا بعد كسر مهابة الخوف من خلال العالم الإفتراضي».

من جانبها قامت السعودية مؤخرا بسن قوانين من أجل تشريع التعامل الأمني تجاه ما تراه مناوئا لسياساتها، وهو ما حذرت منه منظمة «هيومن رايتس ووتش»، في بيان أصدرته في 20 مارس/آذار 2014؛ حيث رأت أن قانون الإرهاب الجديد والمراسيم الملكية المتعلقة به تنشئ إطارا قانونيا يُجرِّم كافة أشكال الفكر المعارض أو التعبير عن الرأي بوصفه إرهابا. وبحسب المنظمة، فإن الأحكام الكاسحة الواردة في تلك القوانين، الصادرة في يناير/كانون الثاني 2014، تهدد بالإغلاق التام للمساحة الضيقة المتاحة لحرية التعبير في المملكة العربية السعودية.

ومع استمرار الدعوات المطالبة بالإصلاح، قال الأمير «خالد بن فرحان آل سعود» - المنشق عن العائلة المالكة بالسعودية- في تصريح لقناة «روسيا اليوم» أن: «العائلة الحاكمة في السعودية ليس لديها قابلية لسماع متطلبات الشعب السعودي ومعاملتهم كمواطنين، لهذا يتم استعمال موجة من القمع والتخويف، وطرد أيّ مواطن يحاول أن يعبر عن رأيه، وتزييف الأدلة للاعتقال التعسفي لمدة غير محددة وفي أماكن غير معلومة، كلها عوامل توظفها العائلة الحاكمة لإخراس المواطنين في السعودية إلى حد استعمال القتل في بعض الحالات».

ويقضي ستة من الإصلاحيين البارزين، بينهم الشيخ «سليمان الرشودي» والدكتور «سعود الهاشمي»، فترات حكم طويلة بالسجن عقب توزيعهم عريضة تدعو إلى الإصلاح السياسي ومناقشتهم مقترحا لتأسيس منظمة مستقلة لحقوق الإنسان. ومنذ مطلع عام 2013، حسب منظمة العفو الدولية، سُجن معظم الأعضاء المؤسسين لجمعية الحقوق المدنية والسياسية في السعودية بسبب عملهم ذاك. أما المنظمات المستقلة لحقوق الإنسان المتبقية والتي اضطرت للعمل بدون ترخيص، فقد تم اغلاقها عنوة، ويمثُل أعضاؤها أمام المحاكم في الوقت الحالي.

بالنسبة لموقع «يوتيوب»، يوجد اليوم أكثر من 310 مشاهدة فيديو مع تحميل أكثر من 14.5 مليون ساعة كلّ يوم في منطقة الشرق الأوسط حسب غوغل مما يضعها في المرتبة الثانية وراء الولايات المتحدة وقبل البرازيل. وقد تصدّرت المملكة هذه الشبكة مع أعلى نسبة مشاهدات في المنطقة حيث شاهد المستخدم السعودي ثلاثة أضعاف ما يشاهده المستخدم الأميركي في اليوم الواحد، بحسب تقرير نشره موقع «آرابيان بيزينس» مؤخرا.

ويؤكد الناشط السعودي «محمد القحطاني» عبر موقع CNN أن الحكومة السعودية تحاول منع أى حراك، مطالبة الدعاة الإسلاميين بإصدار فتوى تحرم المظاهرات بالشوارع، غير أنه يري أن الشعب السعودي لن يتجاوب مع الفتوى، متوقعا أن الأمور ستتصاعد مستقبلا وإن لم تتنبه الحكومة السعودية لمطالب شعبها  فإنها ستواجه ما واجهته تونس وليبيا ومصر، بحسب قوله.

من ناحية أخرى، يشير هذا الواقع الجديد إلى إخفاق وسائل الإعلام التقليدية الواقعة تحت سيطرة الدولة في تلبية الاحتياجات الثقافية والاجتماعية والسياسية للجمهور في المملكة، ويؤكد على إمكانات وسائل التواصل الاجتماعي الجديدة في تسهيل انتشار الوعي الاجتماعي السياسي كساحة فاعلة للتداول وتحريك عملية التغيير.

ويرى مراقبون للشأن السعودي أن هذه الحقائق سوف تلقي مزيدا من الأعباء على الجهاز الأمني والإعلامي السعودي الموكل إليه عمليات الرقابة والسيطرة على وسائط الإعلام غير التقليدية، نظرا لخطورتها سياسيا واهتمام الدولة البالغ بها بسبب صعوبة السيطرة عليها وأهمية المحتوى المنشور بها.

وتشهد السعودية فى الفترة الأخيرة حملة اعتقالات مستمرة تستهدف المغردين والناشطين الحقوقين، أبرزهم «رائف بدوي» مؤسس موقع الشبكة الليبرالية السعودية الذى صدر بحقه حكما فى 7 مايو/أيار، بالسجن 10 سنوات و 1000 جلدة ومليون ريال غرامة بتهمة "الإساءة للدين الإسلامي"، كما قٌبض علي الناشط الحقوقي «وليد ابو الخير» فى منتصف أبريل/نيسان الماضى على خلفية اتهامه بعدة تهم بينها «الخروج على ولي الأمر».

وفي 9 مارس/آذار الماضي اضطر المغرد السعودي الشهير «محمد الحضيف» إلى التوقف عن التغريد، مؤقتا، بسبب ضغوط أمنية، وفق ما ذكر النشطاء. ثم اعتقل الناشط «حسن مفتي» فى 13 مايو/أيار، قبل أن تفرج السلطات السعودية عنه فى 24 من ذات الشهر دون توجيه تهم، أو إبداء أسباب للاعتقال.

ترجح قراءات سياسية وتحليلات استمرار تصاعد حالة التمرد في المملكة، خاصة مع الأزمة الجيلية في السعودية؛ حيث تصل نسبة الشباب دون العشرين عاما إلي أكثر من 60% غالبيتهم لا يملك الأمل في الحصول على وظيفة، و70% منهم غير قادر على تملك منزل و40% منهم دون خط الفقر.

المشهد الختامي للحراك السعودي لم تكتب تفاصيله بعد، والتي ستكون على الأرجح في صالح الأطول نفسا، ودائما تكون الشعوب هي الأطول نفسا!

 

  كلمات مفتاحية

«مجتهد» مغرد السعودية الغامض الذي يقوّض النظام القمعي

السعودية تجبر الناشط «مخلف الشمري» على إغلاق حسابه على «تويتر»

نشطاء سعوديون يدشنون حملة لدعم الناشط المعتقل «سعود الهاشمي»

السعودية تتجسس علي طلابها المبتعثين للخارج وتنهي دراسة بعضهم

نشطاء سعوديون يعيدون نشر «خطاب مطالب 1991» للمطالبة بتحقيق بنوده

الحكم على الناشط السعودي «مخلف الشمري» بالسجن سنتين و200 جلدة

ما الفرق بين ما تحاربه الإمارات وما تحاربه السعودية؟

الملك السعودي الذي خاض المعارك الخطأ

السعودية واستغلال «داعش» للتضييق على الحريات العامة

حقوق الإنسان السعودية: الحرية المطلقة «فوضى» وحق التعبير مكفول ومتحقق بالفعل

الحياة والمرح .. والتغيير البطيء في السعودية

زوجة الداعية السعودي «خالد الراشد» تنفي أنباء الإفراج عنه

فورين بوليسي: الملك الراحل «عبدالله» لم يكن ”إصلاحيًا“

انتهاكات جديدة بحق «وليد أبو الخير» تزامنا مع مرور عام على سجنه

العفو الدولية: 100 يوم من حكم «سلمان» ولا مؤشرات بشأن تحسن أوضاع حقوق الإنسان