الاعتقال ثمن انتقاد حكام الإمارات حتي وإن لم تكن إماراتيا

الثلاثاء 9 ديسمبر 2014 09:12 ص

«تلعب قيادة دولة الإمارات دور الشرطي الأمريكي في المنطقة، وتؤدي أقذر الأدوار لمساعدة المشروع الصهيوني، وتدعم كل التحركات التدميرية المضادة لطموحات الأمتين العربية والإسلامية»، كانت تلك هي العبارة التي اعتقل على إثرها نائب المراقب العام لجماعة «الإخوان المسلمين» في الأردن «زكي بني أرشيد»، ووجهت له تهمة «تعكير العلاقة مع دولة شقيقة».

ولم تكن الدولة الشقيقة سوى الإمارات التي وصمت كل تنظيم وجمعية إسلامية حتى لو كانت خيرية بـ«الإرهاب» في قائمتها المثيرة للجدل، الأمر الذي وصفه متابعون بأن حالة أشبه بـ"الهوس" قد أصابت حكام دبي، والذي وصل إلى استخدام دبي لنفوذها في الدول المجاورة لحَملِها على اعتقال أي شخصية تفكر في انتقاد السلطات في دبي.

رئيس الوزراء الأردني عبد الله النسور لمح فيما يشبه التصريح إلى الدور الإماراتي في اعتقال «بن أرشيد» عندما قال إن «الإساءة لمصالح ربع مليون أردني في دولة الإمارات الشقيقة يرسلون يوميا ثلاثة ملايين دولار بالمعدل العام لبلادهم وعائلاتهم «أمر لا يمكن السكوت عليه«.

النهج الذي ينتهجه حكام الإمارات في مطاردة منتقديهم  جعل صحيفة «لوموند» الفرنسية تعلق بالقول أن دول الخليج «تجد نفسها أكثر حرية في إسكات خصومها وسط الظرف الإقليمي الراهن، والبطل في هذه اللعبة هو الإمارات، التي تسجن المعارضين لها، سواء كانوا إسلاميين أو غير إسلامين لمجرد نشر تغريدات غير موقرة، كل ذلك من دون إثارة نقد جدي من المجتمع الدولي. الغرب مهووس بـ"غول" الدولة الإسلامية، ولن يمس الأنظمة التي تحمي مصالحه».

وربما تشهد الملاحقات الإماراتية للساسة والنشطاء العرب تفاعلاً أكثر في الأيام القادمة، مع استمرار تضييق الخناق على أي نقد علني للأنظمة الحاكمة في دول الخليج التي تعتبر الداعم المالي والمستثمر الرئيسي في اقتصاديات دول مثل مصر والأردن، وبقية الدول العربية التي تعتمد على المساعدات الخارجية.

حملة التفتيش الإماراتية لم تقتصر على الدول التي تعاني من مشاكل اقتصادية، بل امتدت لتطال مواطني الأشقاء النفطيين، حيث ألقت شرطة دبي القبض على سائحة سعودية تدعى «نورة القحطاني»، بعدما انتقدت ما وصفته بــ«الفساد والفجور» المستشري في الإمارات.

وتداول نشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي مقطع الفيديو صورته «القحطاني»، والذي كان سببًا مباشراً في اعتقالها، وتدين خلاله حكومة الإمارات بسبب ما وصفته بـ«استشراء الفسق والفجور والغناء والرقص»، وتقول في نهايته: «إلى متى وأنا أعلم فيكم يا دبي.. لو ما تستوا وتصيرون عرب إني ما عاد أجيكم».!

واعتقلت الإمارات الفترة الماضية سائحين عدة، منهم 3 سائحين قطريين تم اعتقالهم من المطار، وحديثًا تم اعتقال الأكاديمي التركي الدكتور «عامر الشوا» وغيرهم، حتى أن أحد المغردين وصف الحالة الأمنية في الإمارات قائلًا: «الإمارات الداخل مفقود والخارج مولود».

هذا الهوس الأمني الإماراتي دفع 12 منظمة حقوقية دولية للدعوة للتظاهر في ساحة «الأمم المتحدة» في جنيف، للمطالبة بإطلاق سراح المعتقلين السياسيين في الإمارات، والتنديد بالاعتقالات التعسفية، التي شملت جنسيات متعددة، بينهم من الإمارات ومصر وقطر وليبيا وسوريا ولبنان وفلسطين والأردن وتركيا وتونس واليمن وجزء القمر والجزائر.

من جانبها أقامت «المنظمة العربية لحقوق الإنسان» في بريطانيا، ندوة حقوقية عرضت فيها توثيقا لانتهاكات حقوق الإنسان في الإمارات، بداية من اعتقال رموز الإصلاح مروراً بالتعذيب و الإخفاء القسري.

موجات الاعتقال التعسفي في دولة الإمارات امتدت لتطال جميع الإمارات بنسب متفاوتة، فحينما قرر حاكم الشارقة الشيخ «سلطان بن محمد القاسمي» أن يوجه  رسالة لأسر المعتقلين السياسيين قال لهم: «ينبغي عليكم عدم تعبئة أبنائكم بكراهية بلدهم».!

عندها لم يتمالك «أسامة النجار» -وهو ابن لأحد المعتقلين- البالغ من العمر خمسة وعشرين عامًا كتم غيظه، فرد علي حاكم الشارقة بتغريدة في السادس عشر من مارس الماضي قائلاً: «نحن يا صاحب السمو، لا نحقد على أوطاننا ولا ننسى ظلم ظُلمناه ولو نسته أمهاتنا»، وأضاف في نفس التدوينة التي كانت ردًا على حاكم الشارقة قائلا: «لأبي في أعناق من ظلمه 20 شهرًا من السجن والتضييق».

تغريدة «أسامة» التي دفع ثمنها بالسجن مع أبيه، أظهرت الهوة الشاسعة بين الصورة التي تسعى الإمارات لترويجها كقوة اقتصادية ديناميكية حديثة ومزدهرة وموطن للفنادق وناطحات السحاب ومراكز التسوق، وبين الواقع المظلم الذي يتسم باضطهاد النشطاء بشكل روتيني وتعرضهم للاختفاء القسري والتعذيب وغيره من ضروب سوء المعاملة.

«وجه الإمارات البراق يخفي واقعًا سياسيًا قبيحًا»، هكذا عبرت «منظمة العفو الدولية» في تقريرها الأخير الصادر منذ عدة أيام عن الانتهاكات التي تمارسها السلطات الإماراتية تجاه معارضيها، الحال برمته يختصره «تركي الفيصل» رئيس الاستخبارات السعودية السابق ويعبر عنه بكلمات موجزة : «هناك خصوصيات في بلاد معينة، لا تجعل الديمقراطية بيئة مناسبة فيها».

 

المصدر | الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

الإمارات الإخوان المسلمين زكي بني أرشيد الإرهاب مصر الأردن الدولة الإسلامية الأمم المتحدة الاعتقال التعسفي منظمة العفو الدولية

الإمارات تدرج الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين وداعش والحوثيين ضمن المنظمات الإرهابية

«الدولي للحقوقيين» يدين الاعتقال التعسفي والإخفاء القسري بالإمارات

الإخفاء القسري والتعذيب في الإمارات وجهان لسلطة قمعية واحدة

الإخفاء القسري والتعذيب والكذب ... فلسفة عمل الأجهزة الأمنية في الإمارات

سجل حافل للإمارات في الإخفاء القسري رغم الانتقادات الدولية

«لحظات عصيبة في معسكرات الاعتقال بأبوظبي»

الدولي للعدالة يدين حالات الاختفاء القسري للنشطاء بالامارات