ماذا يعني شح الدولار المرتقب خارج أمريكا؟

الأحد 4 يونيو 2017 02:06 ص

عندما تحذر مؤسستان عالميتان من الوزن الثقيل من شح السيولة بالدولار فينبغي على المستثمرين أن ينتبهوا؛ لكن عندما تكون القضية شح الدولار خارج الولايات المتحدة الأمريكية فهذا يتطلب انتباه الجميع، فهو ليس للمستثمرين فقط.

فقد حذر صندوق النقد الدولي وبنك التسوية الدولي في تقريرين منفصلين مؤخراً من مخاطر محتملة لندرة العملة الأمريكية، وتزامن ذلك مع أحاديث يتبادلها المستثمرون والمحللون حول تبعات نقص الدولار خاصة في الأسواق الناشئة بعد أن فتح مجلس الاحتياطي الفيدرالي الباب أمام تقليص آخر في برنامج التيسير الكمي، الذي ضخ تريليونات الدولارات بعد الأزمة المالية العالمية.

ولا شك أن نقص الدولارات سوف يرفع تكاليف الحصول على العملة الخضراء من خزائن تطورت خارج الولايات المتحدة بفضل البرنامج المذكور، الذي تسبب في رفع أسعار الأصول، وخفض تكاليف الاقتراض على مستوى العالم. كما ساعد على تحفيز النمو في أسواق معينة مثل سوق السندات العالمية المقومة بالدولار في آسيا، التي بلغت فيها تكاليف الاقتراض مستويات قياسية هذا العام.

وقبل برنامج التيسير الكمي كان الباحثون عن الدولار يلجأون تلقائياً إلى مديري الصناديق الأمريكيين، الذين افتتحوا مكاتب لهم في الأسواق التي نشط الطلب على الدولار فيها لتسريع وتيرة أنشطتهم ومكاسبهم فيها.

وبدأ الحديث عن شح الدولار بعد أن كشف الاحتياطي الفيدرالي عن عزمه تقليص ميزانه الختامي البالغ 4.5 تريليون دولار بدءاً من هذا العام. وعندما يخفض المجلس وتيرة شراء سندات الخزانة وغيرها من الأوراق المالية فلا بد أن تتقلص كمية الدولارات التي تم ضخها في أسواق العالم عن طريق هذه المشتريات.

كما أن الدولار سيبدأ رحلة العودة إلى الولايات المتحدة مستغلاً الحوافز التي وفرتها الإدارة الأمريكية الجديدة لتشجيع الشركات على استرجاع نقدها المكدس خارج الحدود هرباً من الضرائب إلى داخل البلاد.

ورغم سيل الدولارات الذي جرى بفضل تبعات الأزمة المالية العالمية تشير معلومات أسواق المال إلى أن العملة الأمريكية أصبحت مطلوبة بقوة؛ لأن المستثمرين غير الأمريكيين حرصوا مؤخراً على تحويل العملات الأخرى إلى الدولار ولو بتكاليف إضافية في صفقات تبادل عملات.

وكان آخر مثال على هذه الصفقات موجة تبديل الين بالدولار التي أثارها المستثمرون اليابانيون الذين يعدون تاريخياً من كبار مالكي السندات الأمريكية خاصة شركات التأمين على الحياة، بنهاية السنة المالية المنتهية في 31 مارس/ آذار الماضي. ونظراً لتدني معدلات العائد محلياً يتوقع أن يقدم هؤلاء على شراء المزيد من الأصول الدولارية ما يتسبب ضمناً في رفع تكاليف حصول المقترضين على الدولار خارج الولايات المتحدة.

ويبدو أن دول آسيا عموماً ستكون الأكثر تضرراً من شح الدولار. فمن أصل كل 100 دولار من برنامج التيسير الكمي ذهبت 15 منها لآسيا حتى تراكمت لتبلغ 500 مليار دولار طبقاً لبيانات بنك «دويتشه». وفي حال بدأ تقليص البرنامج خلال عام 2018 فستكون المرة الأولى التي يطرأ تخفيض على الميزان الختامي الأمريكي.

والمشكلة في تقدير تأثير مثل هذه الخطوة أن ردات فعل الأسواق لا تتخذ شكلاً واحداً. فهناك من يرى أن وقف البرنامج سوف يسمح للبنوك الأمريكية بإقراض الدولار بكميات أكبر. وفي حال ساد الاعتقاد بوجود سيولة فائضة في البنوك (تقدر بنحو 120 مليار دولار) وأن الولايات المتحدة مقبلة على تشديد السياسة النقدية لا محالة فالنتيجة ستكون في تقديم البنوك الأمريكية لقروض بوتيرة أسرع؛ بحيث تتحول إلى أهم مصدر للتمويل.

والجدير بالذكر أن الطريقة التي يعتمدها الاحتياطي الفيدرالي في تقليص التيسير الكمي مهمة أيضاً فإما أن تكون في رفع أسعار الفائدة تدريجياً أو في خفض مشتريات المجلس من سندات الخزانة وغيرها من الأصول.

وفي حال نفذ التخفيض في بيئة عالمية مستقرة تسود فيها الثقة بأسواق المال فسوف يكون له تأثير إيجابي على آسيا؛ حيث نشهد هروب الاستثمارات من أوعية الدخل الثابت إلى الأسهم بفعل الشعور الإيجابي المفترض.

* جنيفر هيوز كاتبة بصحيفة فاينانشل تايمز

المصدر | جنيفر هيوز | فاينانشيال تايمز - ترجمة الخليج

  كلمات مفتاحية

خارج أمريكا شح سيولة الدولار صندوق النقد الدولي بنك التسوية الدولي ندرة العملة الأمريكية الأسواق الناشئة مجلس الاحتياطي الفيدرالي برنامج التيسير الكمي الأزمة المالية العالمية تكاليف الحصول على الدولار رفع أسعار الأصول خفض تكاليف الاقتراض