«تيران وصنافير».. مقص رقيب الإعلام المصري يواجه المعارضين للاتفاقية

السبت 10 يونيو 2017 04:06 ص

سيطرة حكومية أمنية على ما تتناوله الصحف المصرية، بشأن اتفاقية ترسيم الحدود بين مصر والسعودية، والتي تنتقل بموجبها جزيرتي «تيران وصنافير»، إلى المملكة.

«القضية حساسة وغير مسموح بنشر أية موضوعات عن مصريتها»، هكذا كان مبرر السلطات، على حذف ومنع نشر تقارير ومقالات لصحفيين وكتاب كبار في صحف حكومية وخاصة، على تناول الإعلام الواقع تحت سيطرة الأجهزة الحكومية، لأي شيء يتعلق برفض الاتفاقية أو التشكيك فيها.

ملف «المساء»

صحيفة «المساء»، التابعة لمؤسسة «أخبار اليوم» الحكومية، منعت ملفا كاملا بعنوان «تيران وصنافير.. الفصل قبل الأخير».

الملف الذي أعده «مختار عبد العال» نائب رئيس تحرير صحيفة «المساء»، منع مع مقاله في ذات الصفحة (7) والذي كان يعمل اسم «77 عقوبات» من النشر.

وكشف «محمود كامل» عضو مجلس نقابة الصحفيين، ما حدث قائلا: «قام الزميل بإعداد ملف تحت عنوان (تيران وصنافير.. الفصل قبل الأخير!)، وذلك في صفحة (الحياة السياسية) التي يشرف عليها، الملف عبارة عن استطلاع آراء المؤيدين والمعارضين لمناقشة اتفاقية ترسيم الحدود مع السعودية أمام البرلمان، وتضمن الملف آراء 4 شخصيات مؤيدة لمناقشة الاتفاقية أمام البرلمان، ورأي 2 من المعارضين لمناقشتها».

 وأضاف في تدوينة له على «فيسبوك»: «فوجئ الزميل بمنع نشر الصفحة بحجة أن القضية حساسة، وغير مسموح بنشر أية موضوعات عن مصرية تيران وصنافير، بالإضافة إلى أن مقاله المنشور بالصفحة عن المادة 77 في قانون العقوبات، والتي تعاقب كل من يفرط في الأرض بالإعدام غير مسموح بنشره».

قرار الصحيفة بنمنع نشر الملف والمقال دفع «عبد العال»، لإعلان اعتصامه وإضرابه عن الطعام، داخل مقر الصحيفة احتجاجا.

بيد أن «كامل»، أشار إلى أنه قرر في وقت لاحق تعليق اعتصامه وإضرابه عن الطعام، «بعد وعود بتدخل النقابة لحل الأزمة».

وتكمن نقطتي الخلاف في الملف، هو ما نقله عن المحامي «علي أيوب»، حين قال إن «مناقشة البرلمان للاتفاقية مخالف للقانون والدستور والشرعية».

كما نقل الملف عن «أحمد الطنطاوي» عضو مجلس النواب، قوله إنهم سيتصدون لمناقشة الاتفاقية، باعتبارها قضية كبرى تخص مصر بأكملها.

مقال «الوطن»

يأتي هذا الحذف، بعد يوم واحد من حذف مقال للكاتب والدبلوماسي والباحث «جمال طه»، بعنوان «تيران وصنافير.. من يتخذ القرار الإستراتيجي»، من موقع صحيفة «الوطن» الخاصة.

وبحسب صفحة «الموقف المصري»، على «فيسبوك»، فإن «موقع صحيفة الوطن حذف مقال معارض لاتفاقية تيران وصنافير، بعد أقل من يوم من نشره».

والكاتب «طه»، المحذوف مقاله، باحث بهيئة المعلومات والتقديرات برئاسة الجمهورية (ديسمبر/ كانون الأول 1971 – يناير/ كانون الثاني 1982)، وقنصل مصر بالعراق (يناير/ كانون الثاني 1985 – أبريل/ نيسان 1988)، وقنصل مصر بالجزائر (مارس/ آذار 1991- يناير/ كانون الثاني 1994)، ومستشار إعلام ومعلومات لوزير السياحة (يناير/ كانون الثاني 1995 – ديسمبر/ كانون الأول 2005)، ومستشار ومدير مشروع بالمجلس القومي لحقوق الإنسان (يناير/ كانون الثاني 2006 – ديسمبر/ كانون الأول 2009).

وأضافت «الموقف المصري»: «في أحيان كتير بنسمع الكلام الغريب بتاع متتكلمش إلا لو متخصص، كإن المواطن قبل ما يشكي من الأسعار لازم يعمل ماجستير اقتصاد مثلا، لكن هنا الأستاذ جمال طه مثال واضح، ده خبير في تخصصه بالعلوم السياسية والأمن القومي، واشتغل في رئاسة الجمهورية والخارجية، ومع كده اتمنع لما قال رأيه بأدلته القانونية والتاريخية .. أمال لو مواطن عادي هتعملوا فيه إيه؟!».

وأضافت «الموقف المصري»: «هنكمل طريقنا، وهنعلي صوتنا ضد رغبة الرئيس اللي قال (محدش يتكلم عن الموضوع ده تاني)، وأكيد معندناش تخيلات إن دي معركة عادلة ومتكافئة، شفنا حجبهم للمواقع وقبضهم على الشباب وغيره، لكن برضه هنبذل كل ما بوسعنا وما يرضي ضميرنا، وعلى الأقل هنقول لولادنا عملنا كل المتاح ومقصرناش».

وبحسب المقال، فإن الاتافقية تسببت في أزمة بين السلطتين التشريعية والقضائية، ووضعتهما في مواجهة غير مسبوقة، وأدت لتراشق بين المؤسسات القضائية، بعدما تجاوزت الأمور المستعجلة صلاحيات مجلس الدولة، وانتقدت المحكمة الإدارية، والإدارية العليا انتقدت الأمور المستعجلة لتدخلها السافر، واعتدائها على صلاحيات المحاكم الإدارية المحددة بالدستور.

وأضاف منتقدا: «كل المؤشرات تعكس نية تمرير الاتفاق، بغض النظر عن الاعتبارات والمواءمات، قانونية أو سياسية، لم يعد هناك ما نضيفه سوى التحذير من أن يصير العناد والمكايدة المحركان لأزمة وطنية تتجه بثبات نحو انفجار يصعب حساب نتائجه وتداعياته، والتنبيه إلى أننا قد نتسبب بسوء التقدير والحساب، في خسارة استراتيجية، غير قابلة للتعويض».

وتابع: «سيطرة مصر على تيران وصنافير، يشكل عنصر قوة يوضع فى الحسبان دائماً، ويردع أي تفكير في محاولة خنق مصر بتهديد الملاحة عبر باب المندب، بالنسبة لـ(إسرائيل) الجزيرتان هما المتحكمتان في شريان التجارة الجنوبى الوحيد، إذا انقطع عُزِلت (إسرائيل) عن آسيا وأفريقيا، توقفت صادراتها، وانقطعت وارداتها، وأصيب اقتصادها في مقتل.. بن جوريون أول رئيس وزراء لـ(إسرائيل) أكد «حياة (إسرائيل) متوقفة على السيطرة على البحر الأحمر».

واستطرد: «كل الادعاءات عن عدم ارتياح (إسرائيل) لتسليم الجزيرتين للسعودية لا موضع لها من الحقيقة، فالمملكة قدمت كل مبررات الطمأنينة لـ(تل أبيب).. تمويل التنظيمات المسلحة التى استهدفت الدولة السورية، تمرير تصنيف (حزب الله) اللبناني كمنظمة إرهابية داخل الجامعة العربية، وإخراج القضية الفلسطينية من الأجندة السياسية للعمل العربي المشترك، وسحب تمويل عملية إعادة بناء وتسليح الجيش اللبناني، وتعهدها بالالتزام بكل ما تفرضه اتفاقيات السلام بشأن الجزيرتين، يَجُب أى أدعاءات تتعلق بترتيبات دفاعية تتحايل على قيود كامب ديفيد».

ولفت «طه» بالقول: «لا أعوِّل على البرلمان منذ تضامن رئيسه في الطعن على حكم الإدارية، وبعد تأكيد رئيس لجنة الأمن القومي عدم انطباق الفقرة الثانية من «المادة 151» من الدستور المتعلقة بالاستفتاء الشعبي بسبب اتفاق حكومتا البلدين، لكنني سأظل أراهن على موقف مراكز البحوث والدراسات السياسية والاستراتيجية التابعة للقوات المسلحة».

وناشد الجهات السيادية، قائلا: «لو لم تكن الجزيرتين تابعتين لمصر، لكان ذلك هو الوقت الأمثل لبحث كيفية ضمهما، مجرد خضوعهما لمصر، يُثَبِّت معظم النوايا العدوانية، ومحاولات الالتفاف، لأن من يضمرها على ثقة من أن رد الفعل، بقطع الشريان الحيوى، أقوى من العدوان ذاته».

وختم: «لم يعد هناك وقت للمزيد من إرجاء القرار الإستراتيجى بوقف هذا العبث، ينبغى التصرف قبل ان يُغرقنا البرلمان فى حسبة برمة.. اتفاق يفتح الأبواب للتشكيك، يقترن تنفيذه بإشكاليات وطنية، وأحكام باتّة للإدارية العليا، وطعون لدى الدستورية.. ومصالح شعب، ومستقبل وطن، يهددهم سوء التقدير».

وقبل أيام، حدد مجلس النواب المصري، رسميا يومي الأحد والاثنين المقبلين؛ لمناقشة اتفاقية ترسيم الحدود البحرية.

وكان الحقوقي المصري والمرشح الرئاسي المحتمل «خالد علي»، أقام دعوى قضائية لحل مجلس النواب المصري، للحيلولة دون تمريره اتفاقية التنازل عن جزيرتي «تيران وصنافير»، للمملكة.

وكانت الاتفاقية التي وقعها البلدان في أبريل/نيسان 2016 على هامش زيارة العاهل السعودي الملك «سلمان بن عبدالعزيز» للقاهرة، قد أثارت احتجاجات كبيرة في مصر، وسط اتهامات من جماعات معارضة للحكومة بالتنازل عن الجزيرتين مقابل استمرار المساعدات السعودية.

وأكد رئيس مجلس النواب المصري «علي عبدالعال»، في وقت سابق، أن المجلس هو الوحيد المخول بتحديد إن كانت اتفاقية ترسيم الحدود ‏مع السعودية دستورية أم لا، مشيرا إلى أن الحكم القضائي سيكون ورقة ضمن الأوراق التي سينظر فيها المجلس.‏

وفي حكم نهائي، قضت المحكمة الإدارية العليا (أعلى محكمة للطعون في البلاد)، في 16 يناير/ كانون ثان الماضي، ببطلان الاتفاقية، واستمرار الجزيرتين تحت السيادة المصرية، وهو الحكم الذي قال عنه قانونيون إنهم أعفى البرلمان من مناقشة الاتفاقية لأنه جعلها كأن لم تكن.

وقال رئيس المحكمة القاضي «أحمد الشاذلي» بمنطوق حكمه إن «سيادة مصر على جزيرتي تيران وصنافير مقطوع بها»، موضحا أن هيئة المحكمة أجمعت على هذا الحكم.

  كلمات مفتاحية

تيران صنافير مصر السعودية اتفاقية الرقيب الإعلام