تحت عنوان «ماذا يخبئ العام الجديد للشرق الأوسط» تطرق الكاتب البريطاني «ديفيد هيرست» إلى المستقبل في السعودية في ظل مرض الملك «عبدالله»، مشيرا لأن مهما ولي الملك عبد الله وجهه في أي من الاتجاهات الأربعة حوله، فسوف يجد أن المملكة تحولت لـ«دولة ضعيفة».
فمن الشمال ناحية العراق ترفرف رايات تنظيم «الدولة الإسلامية» السوداء، ومن الجنوب تنظيم «القاعدة» في اليمن، وإيران تفتخر الآن بأن أربعة دول عربية سنية في جيبها.
وقال في مقال بموقع «ميدل إيست آي» البريطاني أنه داخل المملكة تنطلق أضواء التحذير بانتظام، داخل وخارج الأسرة الحاكمة على حد سواء، حيث تدهورت صحة ولي العهد فيما تعاني خلافة الملك «عبدالله» من تنافس معسكرين متنافسين، وما حدث في قرية «العوامية» شرق السعودية حيث أكثرية شيعية، من تظاهر 15 ألف في جنازة أربعة شبان قتلتهم قوات الأمن بدعاوي أنهم «إرهابيين» وهتافهم: «يسقط آل سعود»، مؤشر خطير لأنهم لم يكونوا يطالبون بتحقيق العدالة، بل كانوا يطالبون بالثأر.
نجاح الثورة المقبلة
وتوقع «هيرست» نجاح الثورة المقبلة في مصر بسبب التغييرات التي تطال معسكر المعارضة، حيث تم تهميش القادة القدامى، وبزغت قيادات جديدة شابة، ونقل «هيرست» عن أحد المصادر المطلعة قوله إن 70% من القيادات الإخوانية في مصر تعرضت للإحلال، متوقعا «ألا يكون القادة الجدد في مثل سذاجة الجيل القديم، وهو ما قد يشير إلى نجاح الثورة المقبلة».
وقال إن (التسريبات) الأخيرة من مكتب المشير «السيسي»، كشفت ماهية المناقشات بين قادة مصر الأقوياء، وكيفية التستر على حقيقة احتجاز الجيش، لا وزارة الداخلية، للرئيس المعزول «محمد مرسي»، كما كشفت كيفية التأثير على القضاة في قضية الضباط المتهمين في واقعة موت 37 سجينا في عربية ترحيلات الشرطة بتهمة الإهمال، وعن كيفية رفع حظر السفر الذي كان مفروضا على نجل محمد حسنين هيكل السياسي المخضرم الموالي لـ«السيسي».
وأضاف: «القوى التي ملأت ميدان التحرير ما زالت منقسمة، على نحو مرير.. وهو الانقسام الذي يظل المصدر الأساسي لراحة السيسي، ومبعث الانقسام يتمثل في عدم تسامح القوى العلمانية الليبرالية مع الإخوان بدعوى تخلي الجماعة عنهم في أحداث محمد محمود عام 2011، وكذلك لا يجد الإخوان سهولة في التواصل مع هؤلاء الذين دعموا عزل محمد مرسي».
وقال أنه لا يمر يوم واحد دون تذكير الليبراليين (من قبل الإسلاميين) بحماقاتهم عند دعمهم لعزل «مرسي»، لكن في حقيقة الأمر، فإن جناحي مظاهرات ميدان التحرير قد اقترفا سوء تقدير مذهل لدور الجيش، والطبيعة الحقيقية لـ«السيسي» ذاته، بحسب «هيرست».
وانتقل للحديث عن رؤية مستقبلية للأوضاع في مصر، لافتا إلى أن استطلاع «مؤسسة زغبي الأمريكية» إلى تصاعد أسهم «الإخوان المسلمين»، أحدثها التساوي (التقريبي) بين نسبة من ينظرون إلى الجماعة بشكل سلبي، وهؤلاء الناظرين إليها إيجابيا (43%، 44%)، رغم أن ذلك قد لا يحدد بدقة شعبية الجماعة، لكن يمثل شهادة على مستوى عدم الارتياح من تولي «عبدالفتاح السيسي» مقاليد الحكم.
وقال: «الشعلة التي أوهجها الربيع العربي منذ أربعة سنوات لن تنطفئ بسهولة، والفترة الزمنية لنجاح تلك الثورة ربما تمتد على نحو يتجاوز ما دار في مخيلة أي شخص منذ أربعة سنوات».
وضرب «هيرست» مثالا لثورات العمال الأوروبية في القرن التاسع عشر التي سحقتها ديكتاتورية بونابرت، وانضم إليها الليبراليون الذين شاركوا فيها، لإعادة تأسيس أشكال جديدة من الديكتاتورية، مثلما يفعل الليبراليون في مصر، ولكن بالرغم من ذلك استمرت أفكار ثورة العمال في البقاء، لحين تنفيذها في يوم آخر، وهو ما سيحدث عبر العالم العربي، الذي ينتظر اليوم الذي تُقبل فيه الديمقراطية كشكل ثابت للحكومة.