هل يمكن لشارع واحد غير مشهور في دبي أن يفسر عالمنا المتغير؟

الخميس 28 سبتمبر 2017 08:09 ص

عندما اجتمع زعماء العالم في الأمم المتحدة بنيويورك مؤخرا، ربما بدا وكأن عددا قليلا من مباني المدينة في نيويورك سيحدد مستقبل عالمنا. ولكن لكي نفهم أين يسير عالمنا، أود أن أقترح أن تكون المشاهد التي تجري على بعد بضعة مبان من شارع تجاري للطبقة المتوسطة في دبي أكثر تمثيلا.

ولن ترى شارع الرقة في مدينة دبي بالإمارات العربية المتحدة في الكتيبات اللامعة لدائرة دبي السياحية أو المجلات الجوية في طيران الإمارات.

وقد لا يقف الزوار المنتظمون إلى دبي في هذا الشارع، وفي الليالي الأربع التي أمضيتها هناك في الآونة الأخيرة، رأيت عددا قليلا من المغتربين الغربيين، وحتى الإماراتيين على معرفة سطحية بالشارع.

وحتى نجم بوليوود المشهور، وزائر دبي المتكرر، «شاروخان»، ربما لم يسبق له أن زار شارع الرقة، على الرغم من أن إعلان «كن ضيفي» الذي يروج فيه لدبي، سجل أكثر من تسعة ملايين زيارة.

ولكن إذا كان هناك شارع يمكن له أن يروي قصة مستقبل عالمنا الحديث، فقد يكون الرقة.

لا توجد هناك فنادق خمس نجوم، أو ناطحات السحاب اللامعة، أو حتى الأسواق الصديقة للسياح التي تبيع التوابل الغريبة هنا. إنها ليست دبي. إن ما ستجده في شارع الرقة بدلا من ذلك مجموعة من الآسيويين والطبقات الوسطى الناشئة من أفريقيا، ويمكنك التمتع بنزهة مسائية وسط مطاعم الوجبات السريعة الغربية، ومحلات الكباب اللبنانية والعراقية، ومركز تسوق متوسط ​​المستوى وبعض فنادق الـ 3 نجوم، وبعض صالونات الشعر مع أسماء مثل صالون أديس للسيدات وديفا.

وتشتهر دبي بأشياء كثيرة: الفنادق الفاخرة، أطول مبنى في العالم، شركة الطيران العالمية، ورؤية المشاهير بشكل اعتيادي. ولكن قصة دبي التي لا تحكى هي قصة الطبقات المتوسطة الآسيوية، من الفلبين إلى الهند وباكستان إلى الصين، التي توافدت إلى المدينة للعمل والعيش والزيارة والاستهلاك والتواصل.

وتدفع الطبقات الوسطى الآسيوية، من نواح كثيرة، مستقبلنا الجماعي، لأنها أصبحت محركا قويا للطلب على اقتصادنا العالمي. ويقدر الباحث «هومي خاراس»، من مؤسسة بروكينغز، أن استهلاك الطبقة الوسطى من الآن وحتى عام 2030 قد ينمو بمقدار 29 تريليون دولار. وستأتي الغالبية الساحقة من هذا النمو، 28 تريليون دولار، من آسيا. وعلى هذا النحو، أصبح الإنفاق الأسيوي من الطبقة الوسطى مسألة عالمية، من شأنها أن تؤثر على الاقتصادات من دالاس إلى دبي.

ومع 3.2 مليار شخص في الطبقة الوسطى العالمية اليوم، يشير «خاراس» إلى أنه بحلول عام 2020، قد يكون لدينا عالم تمثل فيه الطبقة المتوسطة الأغلبية، لأول مرة في التاريخ. والأكثر من ذلك أن الغالبية الساحقة من الداخلين الجدد إلى الطبقة الوسطى العالمية، 88%، سيحضرون من آسيا خلال العقد والنصف القادمين.

واليوم، يعيش أكثر من 85% من العالم خارج أمريكا الشمالية وأوروبا. وما يسمى «الغرب»، ليس فقط أقلية ديموغرافية اليوم، ولكن سوف يستمر في التراجع خلال القرن الـ 21.

ووفقا للأمم المتحدة، بحلول عام 2050، ستضيف أفريقيا 1.3 مليار شخص آخر إلى العالم، وستضيف آسيا 700 مليون آخرين.

ومع تعثر الطبقة الوسطى في العديد من الدول الغربية، فإنها تتزايد عبر «عالم الـ 85»، وتكون مدن مثل دبي، موقعا جغرافيا جيدا لرحلة لمدة 4 ساعات لثلث العالم، ورحلة لمدة 8 ساعات لثلثي العالم، وبهذا فقد أصبحت محورا جويا وتجاريا وسياحيا لطبقة متوسطة متصاعدة ومتطورة.

وبطبيعة الحال، فإن دبي ليست سوى «وسيلة وصول» للطبقة الوسطى الآسيوية الجديدة. وكون الأرقام كبيرة جدا، ودبي صغيرة جدا، فلن تستوعب دبي أكثر من ذلك. ومع ذلك، فهناك عدد قليل من الأماكن في العالم حيث يمكنك مشاهدة شريحة متنوعة من الطبقة المتوسطة الآسيوية والأفريقية كشارع الرقة في دبي.

هنا، ترى لوحة تزلج فلبينية، وشم لبرغر كينغ، خط عائلي مصري من محلات عصير الفواكه الطازجة، واثنين من الرجال الباكستانيين في شالوار، ومجموعة من الرجال الهنود يتحدثون المالايالامية (لغة ولاية كيرالا في جنوب الهند).

ويمكنك المشي في «هدايا بوليوود»، سوق صغير للخصومات يمتلئ بالسلع من منتج غسيل الصحون السائل إلى الكريمات، ومن دببة تيدي إلى مجموعات الأقلام، وقد تدور رأسك مع كل تلك الأشياء أمامك. وهنا ستجد ماركات العولمة المألوفة، معجون الأسنان كولجيت، شوكولاتة نوتيلا، وأرفف كيت كات، وموسيقى الهيب هوب في الأجواء. ولكن ستجد أيضا علامات تجارية لم تكن قد سمعت عنها من قبل مع أسماء مثل غاتسبي (شمع الشعر)، كول كات (أجهزة الكمبيوتر المحمولة)، وماتشو (ملابس داخلية للرجال)، مع موسيقى البوب ​​الإيرانية في زاوية مختلفة.

ويعد سوق «هدايا بوليوود» أيضا رمزا مناسبا، لأن دبي كانت منذ فترة طويلة هي هونغ كونغ المنطقة. ويعد مطار دبي الدولي الآن بوابة للعالم للمسافرين الباكستانيين والهنود، وإلى جانب مطار أبوظبي الدولي، هو أهم مركز جوي دولي لهذه الشركات العملاقة في جنوب آسيا. وأصبحت طيران الإمارات، التي تتخذ من دبي مقرا لها، وطيران الاتحاد في إمارة أبوظبي، تشابه شركات الطيران الوطنية في الهند.

وتنظم بوليوود الحقيقية أيضا الإطلاقات والافتتاحات والأحداث في دبي، وأصبح « شاروخان» نوعا ما سفير العلامة التجارية لدبي. ويبدو أنه عاد إلى دبي لتصوير الجولة الثانية من إعلاناته من أجل الترويج لدبي. لكن أنصحه بزيارة شارع الرقة هذه المرة.

  كلمات مفتاحية

دبي الطبقة المتوسطة