«دوامة الديون الخارجية» تغرق مصر.. ارتفعت 41% خلال عام

الأحد 1 أكتوبر 2017 03:10 ص

خلال عام واحد، ارتفع الدين الخارجي لمصر بنسبة 41.5%، وهي طفرة غير مسبوقة في نسب ارتفاع الدين الخارجي الذي تترتب عليه نسب فوائد تزيد الاقتصاد المصري المثقل بالديون أصلا قيودا جديدة، كما يستلزم سداده توفير مبالغ طائلة من العملة الصعبة التي لم تتعاف بعد من أزمتها، إلى الحد الذي وصفه مراقبون بأن النظام المالي المصري بات يغرق في دوامة الدين الخارجي التي لا تنتهي.

وقبل أيام من صدور تقرير البنك المركزي المصري الذي أعلن الارتفاع الكبير في الدين الخارجي، فاجأ محافظ البنك المركزي «طارق عامر»، الجميع بإعلان اعتزام البنك رد مديونيات بقيمة 5.2 مليار دولار مستحقة لبنك التصدير والاستيراد الأفريقي «Afrexim Bank» قبل نهاية ديسمبر/كانون الأول المقبل، وهو الدين الذي لم يكن معلنا، ولم يتم إدراج هذه المليارات ضمن خطة السداد التي سبق أن أعلنها البنك نفسه قبل ثلاثة أشهر، وهو ما يرفع قيمة القروض المستحقة على مصر قبل نهاية العام الحالي إلى ما يزيد على 13 مليار دولار.

الأسوأ من ذلك؛ أن «الدين السري» الذي لم يتم الإعلان عنه مسبقا أو إدراجه في لخطط البنك ولا بياناته، يضرب الثقة في تلك البيانات والخطط في مقتل، في وقت تعتبر فيه الثقة في البنوك والاقتصاد وشفافية الإجراءات رأس مال وعملة صعبة لا تعوض، فإذا كانت تلك البيانات غير دقيقة مرة.. فمن يضمن أنها ستكون دقيقة مرارا؟ أو من يجزم بأنه لا توجد «ديون سرية» أخرى إضافية؟ الحقيقة أنه إذا لم تكن بيانات البنك المركزي موثوقة.. فلا أحد يضمن شيئا.

وأفاد تقرير المركزي الصادر الخميس بأن «الدين الخارجي لمصر ارتفع إلى 79 مليار دولار في يونيو/حزيران 2017 مقابل 55.8 مليار دولار في نفس الشهر من عام 2016».

سياسة استدانة توسعية

نسبة ارتفاع الدين الخارجي كشفت سياسة النظام الحالي التوسعية في الاستدانة الخارجية خلال الشهور الماضية.

وتوصلت مصر لاتفاق مع صندوق النقد الدولي وحصلت على 4 مليارات دولار من إجمالي قرض بقيمة 12 مليار دولار.

وإلى جانب قرض الصندوق، طرحت مصر سندات دولية بقيمة 7 مليارات دولار، و 5.2 مليار دولار من بنك التصدير والاستيراد الأفريقي، إضافة لتلقيها ملياري دولار من البنك الدولي و500 مليون دولار من البنك الأفريقي للتنمية.

وأوضح المركزي أنه جرى تمويل هذه الزيادة بنسبة كبيرة من مصادر ذات تكلفة منخفضة وعلى فترات سداد طويلة الأجل. واعتبر أن الدين الخارجي لا يزال في الحدود الآمنة لكون القروض الخارجية قصيرة الأجل تعادل 39% من صافي الاحتياطيات الدولية.

«ديون سرية»

وكثيرا ما لجأ النظام المصري إلى التضخيم من إنجازات الرئيس «عبدالفتاح السيسي» في ظل المصاعب التي يواجهها الاقتصاد المصري وطرح تساؤلات حول استمرار العمل بالعاصمة الإدارية الجديدة أو مشروع حي الأسمرات أو أنفاق القناة أو مشروع جبل الجلالة عن مصدر هذه الأموال، وذلك للتفخيم من حجم الإنجاز، وعرضه على أنه معجزة.

غير أن «الديون السرية» -التي لا يعلم مداها إلا الله- يمكن أن تمثل دلالة واضحة على قصور تلك المعجزات وتكون الإجابة الواضحة لهذه التساؤلات، كما يمكن أن تكون تفسيرا للارتفاع المتزايد في الاحتياطي النقدي من العملة الأجنبية الذي يعلن عنه البنك المركزي، كما أن تلك المشروعات معظمها استثماري يمكن تمويله بالدفع الجزئي المسبق كما يتم في بيع وحدات سكنية أو أراض في العاصمة الإدارية الجديدة.

وتتوزع المديونيات بواقع 3.2 مليار دولار في شكل قرض قصير الأجل، و2 مليار دولار سيولة حصل عليها البنك المركزي عبر عملية إعادة شراء لأوراق مالية حكومية مع المصرف الأفريقي من خلال آلية يطلق عليها «RIPO»، وذلك عقب تحرير سعر صرف الجنيه في نوفمبر/تشرين الثاني 2016، بغرض تعزيز موقف العملات الأجنبية لديه.

وأكد «عامر» أن رد مستحقات البنك الأفريقي يسهم في تحقيق خفض كبير جدا في الالتزامات الخارجية.

«دوامة الديون اللانهائية»

وأرجع خبراء اقتصاديون عدم إعلان قيمة هذا القرض لمجموعة من الأسباب أبرزها، عدم الشفافية، والتغطية على أخطاء الحكومة، فضلا عن أنه قرض قصير الأجل.

وقال الخبير الاقتصادي «سرحان سليمان» في تصريحات صحفية محلية إن «السبب الرئيسي فى إخفاء البنك المركزي هذه المديونيات وعدم وضعها فى خطة السداد، عدم الشفافية الموجودة فى مصر».

وأضاف سليمان، أن «عدم الشفافية أدى إلى أننا لم نعرف متى استلمت مصر قيمة هذه المديونيات ولماذا اقترضتها وأين تم صرفها وكيف سيتم تسديدها، مشيرا إلى أن عدم الإعلان نوع من التغطية على سلبيات الحكومة وخاصة أنها تدور فى «دوامة الديون» التى لا تنتهى.

وأشار الخبير الاقتصادي، إلى أن القروض الخارجية يجب أن يوافق عليها البرلمان قبل استلامها وإذا كانت الحكومة تخفى أخبارها عن الشعب كان يجب على البرلمان القيام بدوره ويعلن تفاصيل هذه المديونيات فى حالة موافقته عليها.

ومن جانبه، كشف الباحث الاقتصادي ونقيب الصحفيين الأسبق «ممدوح الولي» أن هناك 3 أنواع من الديون والقروض، تتمثل فى: قصير الأجل ومدتها أقل من عام، ومتوسطة الأجل ومدتها حتى 3 أعوام، وطويل الأجل أكثر من 3 أعوام.

وأضاف «الولي» أن سبب عدم إعلان البنك المركزي عن تلقي 5.2 مليارات دولار من بنك التصدير والاستيراد الأفريقي، يتمثل فى أن هذه المديونيات قصيرة الأجل، وقد يرى البنك المركزي فى بعض الأحيان إمكانية عدم الإعلان عن القروض قصيرة الأجل لأن توقيت سدادها سريع عكس القروض متوسطة وطويل الأجل.

غير أن الأزمة تكمن في فوائد هذه «الديون السرية» أو حتى تلك المعلنة التي توسع فيها النظام إلى هذه النسب الكبيرة، حيث يشبه الخبراء الماليون تلك الديون المتفاقمة عندما تتكاثر الديون بـ«دوامة الديون» التي تبتلع المنظومة المالية شيئا فشيئا، وتعوق حركتها، ويظل النظام يدور فيها إلى أن يغرق، فكلما سدد جزءا.. شكلت فوائد الديون عبئا جديدا مضافا.

النظام المالي المصري الآن يغرق في «بحر الديون»، كما أنه بسبب «ديونه السرية» يغرق في الظلام، كي لا يرى الشعب مستوى الغرق والانحدار، حتى إن شعر بالاختناق، لكن «ظلام الدين السري» ستمثل مشكلة أنه لن يستطيع أحد أن ينقذه أو يرسم له طريق النجاة لأنه ببساطة لا يعرف مقدار الدين الحقيقي.

وتعكف حكومة مصر على تنفيذ برنامج إصلاح اقتصادي يشمل فرض ضريبة القيمة المضافة، وتحرير سعر الصرف، وخفض الدعم الموجه للكهرباء والمواد البترولية؛ سعيا لإنعاش الاقتصاد، وإعادته إلى مسار النمو، وخفض واردات السلع غير الأساسية.

المصدر | الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

اقتصاد مصر أزمة الاقتصاد المصري الدين الخارجي المصري