3 أسباب وراء إقالة صهر «السيسي» من رئاسة أركان الجيش

الأحد 29 أكتوبر 2017 06:10 ص

لم يدر بمخيلة أحد أن يضحي الرئيس المصري «عبدالفتاح السيسي»، برئيس أركان القوات المسلحة، وصهره المقرب، الفريق «محمود حجازي»، الذى تولى المنصب في 27 مارس/آذار 2014، وتعيين مساعد وزير الدفاع، الفريق «محمد فريد حجازي»، بدلا منه.

وشمل القرار الجمهوري، الذي أعلنه المتحدث العسكري المصري، أمس السبت، تعيين رئيس الأركان المنتهية خدمته «مستشارا لرئيس الجمهورية للتخطيط الاستراتيجي وإدارة الأزمات».

و«حجازي» على علاقة «مصاهرة» مع «السيسي» الذي تزوج ابنه ابنة «حجازي» عام 2010، كما أن رئيس الأركان المقال تولى في وقت سابق قيادة الاستخبارات الحربية في أغسطس/آب 2012 بعد تعيين «السيسي» وزيراً للدفاع.

الكثير من التساؤلات تلاحق قرار الإقالة التي جاءت مفاجئة للجميع، وبعد ساعات من وصول «حجازي» من واشنطن، بعد حضوره اجتماعات رؤساء أركان الدول المشاركة في الحرب على الإرهاب، بالعاصمة الأمريكية واشنطن.

ومنذ نحو عام، برز الفريق «محمود حجازي»، كمنسق للملف العسكري والسياسي الليبي في الحكومة المصرية، وكان دائم السفر في جولات خارجية بشكل ملفت تجاوز دور وزير الدفاع «صدقي صبحي»، وتردد كثيرا أنه بات الرجل الأول فعليا في المؤسسة العسكرية.

خيانة في «الواحات»

من المؤكد أن تداعيات مذبحة «الواحات»، الجمعة قبل الماضي، لم تكن بعيدة بأي حال من الأحوال عن حركة الإقالات والتغييرات التي أجراها «السيسي»، وطالت رئيس الأركان، الفريق «محمود حجازي»، ورئيس جهاز الأمن الوطني (جهة استخباراتية داخلية)، اللواء «محمود شعراوي»، ومدير أمن محافظة الجيزة (قرب العاصمة)، اللواء «هشام العراقي»، ومدير الأمن الوطني بالمحافظة ذاتها، اللواء «إبراهيم المصري»، كما ضمت الحركة تغيير مدير إدارة العمليات الخاصة بالأمن المركزي، وقيادات أخرى.

حركة الإقالات المفاجئة، التي طالت قيادات عليا في المؤسستين العسكرية والأمنية، تعزز صحة التسريب الشهير الذي أذاعه الإعلامي المصري «أحمد موسى»، ونفته وزارة الداخلية لاحقا، وأظهر حجم التقصير الأمني الذي شاب العملية، التي كبدت الشرطة المصرية خسارة هي الأسوأ منذ عقود.

التسريب أثار الكثير من البلبلة حول كفاءة جهاز أمني، ينفق المليارات في بلد فقير، ويعاني ارتباكا واضحا، يصل إلى حد تجريده من سلاحه، واحتجاز أفراد منه كرهائن، وفقط تصل التعزيزات الأمنية إليه لجمع جثث القتلى والجرحى.

وفق تقارير استخباراتية، فإن ثمة تهاون كبير جرى قبل وأثناء وبعد تنفيذ عملية «الواحات»، غربي البلاد، وسط اتهامات بالخيانة، خرجت للعلن من قيادات بارزة كانت تتولى مناصب عليا في الجيش المصري، أخطرها جاء من رئيس الأركان الأسبق، الفريق «سامي عنان»، الذي تساءل: «هل أبناؤنا أعز وأكفأ ما نملك يكونون ضحية الخيانة وضعف وسوء التخطيط وعدم دقة المعلومات؟».

وأضاف: «نَحّوا العواطف جانباً الآن، لغة العقل والرشد، هي ما نحتاجها حالياً، ابحثوا عن الأسباب والدوافع وضعوهما في سياقهما الصحيح، شخَّصوا المرض بواقعية وبعقلانية، أدركوا حجم الكارثة التي نمر بها ونعيشها».

الإشارة إلى الخيانة، تكرر بشكل أكثر صراحة، من المرشح الرئاسي السابق ورئيس وزراء مصر الأسبق، الفريق «أحمد شفيق»، الذي وصف ما حدث في هجوم الواحات بأنه «لم يكن مجرد اغتيال كمين منعزل»، على حد تعبيره.

وأضاف، في بيان عبر  صفحته على «تويتر»: «ما هذا الذي يحدث لأبنائنا، هم على أعلى مستويات الكفاءة والتدريب، هل ظلمتهم الخيانة، أو ضعف التخطيط لهم، أو كل الأسباب مجتمعة؟».

وتابع، متسببا في عاصفة من الجدل، قائلا: «أرجوكم.. لا تتعجلوا في الانتقام قبل أن تستوعبوا وتفهموا حقيقة ما دار أمس على أرض بلدنا الجريح، وفي عمقه. أرجوكم.. أدركوا أن ما حدث لم يكن مجرد اغتيال كمين منعزل، ولا هو مهاجمة بنك في مدينة حدودية، أبدا، لمن لا يفهم ولمن لا يريد أن يفهم ـ ما دار كان عملية عسكرية كاملة الأركان، أديرت ظلما ضد أكثر أبنائنا كفاءة ومقدرة وإخلاصا».

لغز «شفيق» واتصالات «فوزي»

«عملية عسكرية كاملة الأركان»، كان التعبير الأخطر في تدوينة «شفيق»، الذي يحتفظ بعلاقات وثيقة مع قيادات حالية في الجيش، يبدو أنها سربت له ما حدث في «الواحات»، بما يشير إلى احتمالية تورط «حجازي» في المأزق الأمني الذي وقعت فيه قوات الداخلية خلال عملية «الواحات»، وربما التقاعس عن دعمها بالمدد أو طائرات استطلاع، والتأخر عمدا عن إغاثة الجرحى حتى فجر اليوم التالي، علما أن تلك المنطقة تدخل ضمن نطاق تغطية المنطقة العسكرية الغربية، غربي البلاد.

حركة الإقالات التي طالت 5 من أبرز قيادات الجيش والداخلية، تؤكد بما لا يدع مجالا للشك، صحة التقارير التي بثتها وكالات عالمية مثل «رويترز» و«بي بي سي» عن ارتفاع عدد ضحايا الجمعة الدامي، (23 ضابطا، من بينهم 10 ضباط عمليات خاصة، و7 ضباط بالأمن الوطني، و6 ضباط أمن مركزي، وضابط بالمباحث، و35 مجندا).

ويمثل ارتفاع عدد ضحايا الحادث، وتدمير مركبات القوة الأمنية، واستيلاء المهاجمين على الأسلحة والذخيرة والهواتف التي كانت بحوزتهم، إحراجا كبيرا للمؤسسة الأمنية في مصر، التي خسرت معركة «الواحات» وتورطت في معركة أخرى تتعلق بالبحث عن الرهينة المختطف النقيب «محمد الحايس»(طالع 10 ثغرات وراء «مذبحة الواحات».. و«الداخلية» المصرية تخسر 3 معارك).

الأزمة تفاقمت، من اتهامات بالخيانة، إلى حالة من الخلاف الحاد بين وزارتي «الدفاع» و«الداخلية»، استدعى تدخلا استخباراتيا على مستوى عال من، رئيس جهاز الاستخبارات العامة، الوزير «خالد فوزي»، لتهدئة الأجواء بين الجانبين، بحسب صحيفة «العربي الجديد».

وأجرى «فوزي» سلسلة اتصالات بكل من وزير الدفاع «صدقي صبحي»، ووزير الداخلية «مجدي عبدالغفار»، ورئيس أركان الجيش وقتها الفريق «محمود حجازي»، في محاولة لإنهاء الخلافات، ما يعني أن تداعيات مذبحة «الواحات» طالت المستوى الأول من قيادات المؤسستين، وربما تعرض الجانبان لتوبيخ رئاسي، جراء تفاقم حجم الخسائر، في يوم كان يحتفل فيه «السيسي» مع زعماء العالم بالعيد الماسي لمعركة «العلمين» بالحرب العالمية الثانية(طالع المزيد).

وتشير تقارير متداولة، إلى أن سبب غضب المؤسسة العسكرية، يعود إلى أن «قيادات وزارة الداخلية فضّلت القيام بتلك العملية بمفردهم دون تنسيق مع الجيش، أو إبلاغ الجهات المختصة بالقوات المسلحة للتنسيق معهم، حتى لا يُنسب لهم في النهاية الفضل في القبض على هشام العشماوي (ضابط صاعقة مفصول من الجيش ومتهم بتنفيذ العملية) ومجموعته».

بينما يرجع غضب قيادات وضباط وزارة الداخلية في أعقاب مقتل زملائهم، إلى الموقف الرسمي، الذي وصفوه بالمتخاذل والمتجاهل لتضحياتهم، وتجاهل الرئيس المصري، لمدة يومين، التعليق على المذبحة، رغم ضخامتها، وعدم إعلان الحكومة حدادا رسميا في البلاد، أو تنظيم جنازة شعبية لضحايا الهجوم.

الخلاف السيادي بين الوزارتين، ليس جديدا من نوعه، وسط أجواء مشحونة بالصراع على النفوذ، ففي يوليو/تموز الماضي، بدت حالة من الغضب داخل الجيش المصري، عقب إعلان وزارة «الداخلية» مداهمة معسكر تدريبي لعناصر مسلحة في محافظة «الإسماعيلية»، شمال شرقي البلاد، وتصفية 14 شخصا تبين لاحقا أنهم من المختفين قسريا.

وتحتضن «الإسماعيلية»، مقر الجيش الثاني الميداني، واستراحة رئاسية، ومقرا للاستخبارات الحربية، أي أن المدينة تخضع لإشراف عسكري كامل.

وقالت مصادر عسكرية وقتها، إن «هذا الإعلان بمثابة توجيه أصابع الاتهام للمؤسسة العسكرية بالتقصير الكبير في تأمين منطقة القناة، تحديدا وأن طلعات الاستطلاع لا تتوقف عن رصد كل المناطق التي يحتمل أن تكون بؤرا إرهابية».

والشهر الجاري، كشفت مصادر أمنية لـ«الخليج الجديد» النقاب عن عيوب هندسية خطيرة في بناء المقر الجديد لوزارة الداخلية المصرية، بمنطقة التجمع الخامس، شرقي القاهرة.

وأفادت المصادر، بحدوث ميل للمبنى الضخم، قد يهدد بانهياره، مؤكدة حدوث أزمة بين وزارة الداخلية، ووزارة الدفاع، التي تولت عملية الإنشاءات(طالع المزيد).

اجتماع رؤساء الأركان

ثانيا، من الصعب استبعاد ما دار في اجتماعات واشنطن، التي ضمت رؤساء أركان الدول المشاركة في الحرب على الإرهاب، من أسباب الإقالة التي طالت صهر «السيسي»، الذي شارك بدعوة رسمية من رئيس هيئة الأركان المشتركة الأمريكية.

«حجازي»، الذي شارك في الاجتماعات إلى جانب رؤساء جيوش  السعودية، الإمارات، الأردن، ودول حلف شمال الأطلسي، وأستراليا، يتردد أنه التقى رئيس الأركان الإسرائيلي، الجنرال «غادي أيزنكوت»، وأن ثمة شيء ما دار في الكواليس، دفع تل أبيب إلى تحذير «السيسي» من طموحات صهره.

الكاتب الصحفي المصري «وائل قنديل»، ذهب إلى ذلك، قائلا في تدوينة عبر «تويتر»، «كان حجازي في أمريكا، بينما السيسي في فرنسا، ما الذي سمعه رئيس الأركان الإسرائيلي من حجازي، فلما عاد الأخير وجد قرار الإقالة في انتظاره؟».

 

مراقبون يلمحون إلى سبب ثالث قد يكون وراء الإقالة، يتعلق بتصريحات «حجازي» خلال المؤتمر الذي ناقش التحديات الأمنية المشتركة والتقييمات للأوضاع والتطورات في مجال الأمن، التي تمر بها منطقة الشرق الأوسط، والتي اعترف خلالها بعجز مصر عن مواجهة الإرهاب، وتفاقم المأزق الأمني في البلاد، الأمر الذي أغضب «السيسي»، في ظل توبيخ أمريكي جراء هذا الفشل، مقارنة بما تلقته القاهرة من مساعدات اقتصادية وعسكرية سخية من الولايات المتحدة ودول خليجية.

القيادي الإخواني والوزير السابق في حكومة «محمد مرسي»، «عمرو دراج»، ألمح إلى ذلك، قائلا في تدوينة عبر «تويتر»: «يبدو أن المشاركة في الاجتماع ده بحضور السادة الأمريكان والصهاينة جعله يقع مع نسيبه، مبروك فريق حجازي منصب مستشار للتخطيط، يعني وقت فراغ ممتد».

 

 

وكان «السيسي» أطاح بعدد من رفاق انقلاب 3 يوليو/تموز 2013، على فترات  متلاحقة، أبرزهم وزير الداخلية السابق اللواء «محمد إبراهيم» منفذ مذبحتي «رابعة» و«النهضة»، ومدير المخابرات العامة السابق اللواء «محمد التهامي»، و21 قائدا عسكريا من أعضاء المجلس العسكري، لأسباب غير معروفة.

وخلال 3 أعوام أطاح «السيسي» بأكثر من 1500 ضابط من مواقعهم في الجيش، وأحال قرابة 100 من مسؤولي الاستخبارات للتقاعد، ضمن تصفيته لغير الموالين له في جهاز المخابرات العامة منذ الإطاحة بـ«مرسي»، أول رئيس مدني منتخب في تاريخ البلاد.

المصدر | الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

الجيش المصري عبدالفتاح السيسي محمود حجازي محمد فريد حجازي مجزرة الواحات

دعوة ترشيح صهر السيسي لرئاسة مصر تثير جدلا واسعا.. ماذا قال الناشطون؟