من البحرين إلى القدس.. التطبيع الخليجي الإسرائيلي لن يبقى في الظل

السبت 16 ديسمبر 2017 08:12 ص

يبدو أن البحرين قد تفوقت على المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة في السباق لإقامة علاقات رسمية مع (إسرائيل). وفي يوم 9 ديسمبر/كانون الأول، وصل وفد مكون من 23 شخصا من مملكة الخليج الصغيرة في زيارة تستمر 4 أيام إلى (إسرائيل) - بما فيها القدس.

وقامت المجموعة البحرينية برحلتها الأولى إلى البلاد لإبراز ادعاءات البحرين بالتسامح مع جميع الأديان، وجاءت في إطار دعم التزام الملك «حمد بن عيسى آل خليفة» بتعزيز الحرية الدينية والتعايش في جميع أنحاء العالم، رغم أنه لا يبدو أن المجموعة كانت تتمتع بمركز رسمي. وليس للبحرين علاقات رسمية مع (إسرائيل)، على الرغم من أن الملك «حمد» يعتقد بأن الاتصال الديني قد يكون فارقا عن الاتصالات الدبلوماسية المفتوحة، وهو أمر مشكوك فيه.

وقبل أقل من أسبوع على زيارة هذا الوفد للقدس، اعترف الرئيس الأمريكي «دونالد ترامب»- يوم 6 ديسمبر/كانون الأول - بالقدس عاصمة لـ (إسرائيل)، الاعتراف الذي أحدث ضجة رسمية في جميع أنحاء العالم العربي، حيث قالت وزارة الخارجية البحرينية إن القرار «يهدد عملية السلام في الشرق الأوسط ويعوق كافة المبادرات والمفاوضات للوصول إلى الحل النهائي». وحتى لو افترضنا أنه كان خطأ غير مقصود باستخدام عبارة «الحل النهائي»، فإن هذا يشير إلى أن وزارة الخارجية كانت بعيدة عن الرحلة، بيد أن الملك «حمد» قد وافق بنفسه على الرحلة.

ومع ذلك، تأتي هذه الزيارة أيضا في الوقت الذي تعزز فيه دول الخليج علاقاتها الأمنية والاستخباراتية مع (إسرائيل)، بسبب المصلحة المشتركة في مواجهة ما تعتبره تهديدا إيرانيا. ويجب أن ننتظر ونشاهد رد فعل الرياض وأبوظبي على زيارة الوفد البحريني، لمعرفة ما إذا كانت البحرين تقود الطريق أو أنها مجرد محاولة تتخطى وزنها الإقليمي.

وقد قام السعوديون والإماراتيون أيضا بتفاهمات علنية مع الإسرائيليين في الأعوام الأخيرة. وقد أقامت السعودية علاقة مفتوحة متوقفة على اتفاق سلام مع الفلسطينيين، إلا أن مرونتها في هذا المجال تتزايد مع الوقت. وقد أعاد الأمير تركي الفيصل - رئيس المخابرات السعودية السابق - تقديم نفسه بصورة جديدة بعد التقاعد كمحاور عام مع مسؤولين إسرائيليين سابقين، وهي هواية كانت تحتاج بالطبع إلى موافقة الرياض. كما خرجت أخبار عن زيارة ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان لـ (إسرائيل)، وهي معلومة غير مؤكدة ولكن غير مستبعدة. وتستضيف الإمارات بالفعل بعثة دبلوماسية (إسرائيلية) معتمدة لدى الوكالة الدولية للطاقة المتجددة - ومقرها أبوظبي، ولكن إذا كان المسؤولون الإماراتيون قد زاروا (إسرائيل)، فقد فعلوا ذلك سرا.

إلى النور

وخرجت زيارة الوفد البحريني إلى النور يوم 9 ديسمبر/كانون الأول، عندما أذاعت القناة التلفزيونية الإسرائيلية الثانية مشاهد للوفد البحريني، الذي كان يتجول بين المحلات التجارية في الحي المسيحي في البلدة القديمة - التي هي جزء من القدس الشرقية. وكان يقوده رئيس المنظمة، «بيتسي ماثيسون»، الاسكتلندي الأصل بحريني الجنسية. وكان الآخرون يرتدون ملابس دينية، منهم إمام شيعي يعتبره نشطاء المعارضة مؤيدا للحكومة. واجتمع الوفد أيضا مع وزير الاتصالات «أيوب كارا» - العضو العربي الوحيد في مجلس وزراء «بنيامين نتنياهو».

وغاب عن الوفد أي شخص من الجالية اليهودية الصغيرة في البحرين، والتي تقدر بأقل من 40 شخص، وغالبا ما احتج بها الملك «حمد» كمثال على التسامح في بلاده. ويوجد في البحرين معبد يهودي فريد من نوعه في دول الخليج العربية، وقد أعيد بناؤه بعد تدميره عام 1947 في أعمال شغب معادية لليهود.

وكانت مجموعة من الحاخامات الأوروبيين الزائرين للمعبد قد أثاروا الجدل بالرقص مع المسلمين البحرينيين للاحتفال بعيد الأنوار اليهودي (حانوكا) قبل شهر. وكان الفيديو قد انتشر فيروسيا، مما دفع المتطرفين السنة في البحرين لحملة تنظيف وغسل لمدخل سوق المنامة لشطب أي أثر لزيارة الحاخامات. وظهرت صور لهذا الاحتجاج على مواقع مناهضة للحكومة.

وكان غياب عضو يهودي في وفد إلى القدس أمر غريب، وليس من الواضح ما إذا كانت الجالية اليهودية البحرينية على دراية بخطة زيارة (إسرائيل). ومن أشهر أعضاء المجتمع اليهودي في البحرين «هدى نونو»، التي شغلت منصب سفير البحرين في واشنطن لمدة 5 أعوام حتى عام 2013، وتحتفظ بعلاقات مع الجماعات اليهودية (وليس الإسرائيلية). وهناك وفد من اللجنة اليهودية الأمريكية يزور البحرين سنويا، وكان آخرها في أكتوبر/تشرين الأول، عندما التقى وزير الداخلية.

غير أن اليهود الأمريكيين كانوا على ما يبدو يشاركون في التخطيط للرحلة، وأهمهم الحاخام «مارفن هير» من مركز سيمون فيزنتال في لوس أنجلوس، وكان قد ألقى بإفادة في حفل تنصيب «ترامب» في يناير/كانون الثاني. وقد استقبل الحاخام «هير» ابن الملك «حمد» - البالغ من العمر 30 عاما - ناصر بن حمد آل خليفة، في حفل أقيم في متحف التسامح في لوس أنجلوس في شهر سبتمبر/أيلول. وتحدث ناصر في هذا الحدث، الذي لم يشهد فقط عزف النشيد الوطني البحريني والأمريكي من قبل فرقة عزف الشرطة البحرينية، بل أضافت إليهما غناء حماسيا باللغة العبرية للنشيد الوطني الإسرائيلي «الأمل».

وذكر موقع المصري اليوم - في 10 ديسمبر/كانون الأول - أن وكالات الأنباء الفلسطينية تقول إن وفد البحرين تم رفض دخوله إلى المسجد الأقصى - ثالث أقدس المواقع في الإسلام - على الرغم من أن هذا الحادث غير مؤكد. وقد تسببت الزيارة فى رد فعل عنيف فى البحرين نفسها، حيث أصدرت السفارة الأمريكية - في 6 ديسمبر/كانون الأول - رسالة أمنية تحذر المواطنين الأمريكيين من أن الإعلان عن القدس عاصمة لـ (إسرائيل) «قد يثير احتجاجات، وبعضها يحتمل أن يصبح عنيفا».

لن يبقى في الظل

ومنذ أن انقطعت أخبار زيارة الوفد، ادعت تقارير من (إسرائيل) أن «أيوب كارا» - مساعد وزير الخارجية الإسرائيلي للشؤون الإقليمية - يعتزم زيارة البحرين في الأشهر المقبلة. وأضافت: «سيكون هناك المزيد من المفاجآت في العام المقبل. حيث نرى اهتماما كبيرا بين دول الخليج في إقامة علاقات مع (إسرائيل)».

وعلى الرغم من قربه من «نتنياهو»، غير أن «كارا» ليس بالضرورة المؤشر الأكثر موثوقية للعلاقات الخليجية الإسرائيلية، التي هي مجال يخص بشكل أكبر الجيش الإسرائيلي والاستخبارات والمؤسسة الدبلوماسية. وقد يكون هناك أيضا توتر بين رغبة تلك الفصائل في الحفاظ على الروابط القائمة وتعزيزها بهدوء، ورغبة السياسيين في تحقيق انطلاقة سريعة. ولا يعد ملك البحرين «حمد» سياسيا مؤثرا على قدم المساواة مع ولي العهد السعودي «بن سلمان» أو ولي عهد أبو ظبي «بن زايد»، ولكن هذه الزيارة للقدس تشير إلى أن العلاقات الخليجية مع (إسرائيل) لا يمكن أن تظل في الظل إلى الأبد.

المصدر | سايمون هندرسون - معهد واشنطن

  كلمات مفتاحية

البحرين (إسرائبل) التطبيع الخليجي الإسرائيلي التطبيع العلاقات الخليجية الإسرائيلية

بندر بن سلطان يهاجم قيادات فلسطينية انتقدوا تطبيع دول الخليج مع إسرائيل