«القدس العربي»: الدين لله والاستبداد للجميع!

الأحد 11 مارس 2018 07:03 ص

تعليقاً على زيارة ولي العهد السعودي محمد بن سلمان إلى بريطانيا اقترح كاتب متخصص في شؤون الشرق الأوسط يدعى جون برادلي، أن تعزز بريطانيا العلاقات مع بن سلمان ناصحا بتجاهل الرافضين له لأنه، حسب قوله في عنوان مقالته في مجلة «سبيكتاتور» اليمينية المحافظة: «الصفقة الحقيقية» The real deal.

ولو ان الكاتب كان يتحدث، كما فعلت صحيفة «فايننشال تايمز»، عن المئة مليار الموجودة في جيب ولي العهد لعقد صفقات في بريطانيا، لكان الأمر مفهوماً، ولكن ردّه على المشككين في رأيه كان: «اسمعوا ما يقوله حول الأيديولوجية الإسلامية»!

يعود برادلي إلى تصريح لبن سلمان في مقابلة مع صحيفة «دايلي تلغراف» يشرح فيها طريقته في معالجة مشكلة «الإرهاب»: استئصال الأيديولوجية الإسلامية، ومشاركة أجهزة الأمن والاستخبارات البريطانية بالمعلومات.

يمكن لمصطلح الأيديولوجيا الإسلامية، أن يعني التنظيمات الجهادية المسلّحة، ولكنّه، من دون صعوبة سياسية أو فكرية تذكر، يمكن أن يتوسع ليضم الدين الإسلامي نفسه، وكذلك الدول الإسلامية على عمومها، وخصوصاً منها التي تعتبر «الشريعة» الإسلامية منبع القوانين والسياسات فيها، كما هو حال السعودية.

وإذا كانت موافقة الكاتب البريطاني على هذه المساواة المتعسفة بين الإرهاب و«الأيديولوجيا الإسلامية» مفهومة بعد أن تحوّلت إلى تيار سياسي غربي عريض تجلى في الأحزاب العنصرية المعادية للمهاجرين والإسلام، فإن تصريح بن سلمان الذي يساوي بين «الإرهاب» و«الأيديولوجية الإسلامية» يحتاج تفحّصا وتدقيقاً لنتائجه الوخيمة المتوقعة على الإسلام والمسلمين، ونتائجه المعززة للتنظيمات الجهادية المسلحة (كـ«الدولة الإسلامية» و«القاعدة» وأشباههما) التي تتغذّى على هذه الأفكار التبسيطية لتفسير العالم.

غير أن أسوأ ما في مقالة «سبيكتاتور» هو التناقض المكشوف بين ترحيبها بإجراءات وليّ العهد الاجتماعية المنفتحة في خصوص قضايا المرأة والترفيه، وتبريرها (وبالأحرى مديحها) رفض الأمير لأي إصلاحات سياسية ديمقراطية.

والسبب، في رأي الكاتب، هو أن الديمقراطيات أدّت في مصر وتونس إلى انتخاب أحزاب إسلامية، وأن ذلك يؤدّي إلى الفوضى و«حمامات الدم»، متجاهلا أن المسؤول عن الفوضى و«حمامات الدم» ليس الديمقراطية ولا الأحزاب الإسلامية ولكن قوى الثورة المضادة ضمن المؤسسات العسكرية ـ الأمنية العربية، بالتعاون مع قوى إقليمية تقف السعودية على رأسها، وأن هذه السياسة لم تتغيّر بمجيء عهد بن سلمان بل تعزّزت.

برادلي، واتجاه غربي عريض معه، معاد للإسلام وليس فقط لـ«الأيديولوجية الإسلامية»، أما بن سلمان فيريد إرضاء الغرب عبر حملات العلاقات العامة حول الترفيه والمرأة وتقديم المعلومات الاستخبارية ضد الحركات الإسلامية وتمويل صفقات السلاح (التي كان أول تباشيرها صفقة شراء 48 مقاتلة تايفون من بريطانيا).

كما يريد شراء صمت العالم على استفراده بكافّة السلطات وقمع أي اتجاهات سياسية معارضة له (وأغلبها في السعودية اتجاهات إسلامية طبعاً)، وتعزيز خط دعم الأنظمة المستبدة في العالم العربي على حساب طموحات شعوبها.

بعد مصادرة السعودية للدين الإسلامي على مدى حقبة طويلة وتقديم نسخة شديدة الرجعية والتخلّف والتعسف يجيء ترويج بن سلمان لاستئصال «الأيديولوجية الإسلامية» ليتابع خطّ «الأيديولوجية الاستبدادية» بأقنعة «الترفيه» وإعطاء فتات الحقوق للمرأة مقابل مصادرة حقوق المجتمع كله.

المصدر | القدس العربي

  كلمات مفتاحية

بريطانيا الإرهاب بن سلمان الإصلاحات السياسية الاستبداد حقوق المرأة الحريات

تغير مواقف الجماهير تجاه التدين.. سيف ذو حدين للحكام العرب