ماذا سختار إيران: التغيير أم الانتهاك أم الانتظار بهدوء؟

الخميس 16 يوليو 2015 03:07 ص

بعد سنوات من المفاوضات وقع قبل أيام «اتفاق فيينا» بين القوى العظمى وإيران، وواضح من تفاصيله أن هذه اتفاق اشكالي يتضمن مخاطر عديدة لـ(إسرائيل)، ينبغي الاستعداد لمواجهتها. ومع ذلك، فان التشبيه باتفاق ميونخ مبالغ فيه.

في الجوانب غير النووية، يشكل الاتفاق تحديا هاما لأمن (إسرائيل) القومي، كون رفع العقوبات سيضخ لإيران فورا نحو 100 مليار دولار، وإضعاف ذلك على مدى العقد القريب القادم. حظر السلاح على إيران وإن كان سيستمر في السنوات الخمسة القريبة القادمة، مما سيعطي مهلة معينة، ولكن لا شك أن هذه الأموال ستقدم ريح إسناد جدية لتطلعات إيران بالهيمنة، التعاظم العسكري والاعمال التآمرية في المنطقة. وحتى جزءا صغيرا من هذا المبلغ سيكفي كي يضاعف ثلاثة أضعاف الميزانية السنوية لـ(منظمات إرهابية) كالجهاد الإسلامي، حزب الله وحماس. ومع ذلك، فإن الجيش وجهاز الأمن الإسرائيلي يوجد هو أيضا في عملية تعاظم مستمرة وسيعمل كالسور المنيع في المواجهة مساعي إيران للهيمنة.

في الجانب النووي يوجد في الاتفاق عدد من الانجازات لـ(إسرائيل). فالاتفاق يرجع بالبرنامج النووي الإيراني بمسافة سنة عن القنبلة، يقلصها ويفرض عليها نظام رقابة عميق أكثر بكثير من الحالي، بما في ذلك الدخول الى المنشآت العسكرية. ومع ذلك فإنه يقدم حلا بعيد المدى لصد تطلعات إيران النووية ويمنحها أيضا شرعية كفيلة بأن تشجع سباق تسلح نووي في الشرق الأوسط. 

ثلاثة سيناريوهات أساسية متوقعة في السنوات القريبة القادمة. الأول، والمتفائل منها، هو أن تتغير إيران من الداخل حتى نهاية فترة الاتفاق وتصبح بالتدريج دولة أقل تطرفا. وهذه المسيرة كفيلة بأن تحصل بشكل طبيعي من خلال دخول الجيل الشاب للقيادة، موت المتطرفين المتصلبين مثل «خامنئي» والاصلاحات التدريجية في طبيعة النظام. لشدة الأسف، فان احتمالية هذا السيناريو متدنية جدا. 

السيناريو الثاني هو أن تحاول إيران بعد بضع سنوات الاقتحام نحو النووي وانتهاك تعهداتها، مثلما فعلت كوريا الشمالية في 2003. في كل نقطة زمنية مستقبلية، اذا ما أجرت إيران الحساب بأن الربح من الاقتحام نحو النووي سيزيد على الكلفة المتوقعة في اعقاب رد الغرب، فلا شك أنها ستختار القنبلة. احتمالية هذا السيناريو متدنية، ولكنه ليس هامشيا وبالتالي يستوجب من (إسرائيل) ومن الغرب أن يبقوا على قدرة عسكرية مصداقة لصد الاقتحام الايراني نحو القنبلة بالقوة. 

السيناريو الثالث هو أن تنفذ إيران الاتفاق، وهذا هو السيناريو الأكثر معقولية والأكثر خطرا. في هذا السيناريو ستأخذ إيران بالطريق الآمن وتنتظر 10 حتى 15 سنة للرفع التدريجي للقيود على قدرة وحجم التخصيب النووي لديها. وستستغل هذه السنين كي تثبت قدراتها التكنولوجية وخبراتها في مجالات النووي، وهكذا تقصر الزمن الذي تحتاجه في ختام الاتفاق كي تنطلق بسرعة نحو القنبلة. من جهة أخرى، فإن وصفة الاتفاق الحالي ستسمح بجمع مزيد من المعلومات الهامة عن البرنامج النووي الإيراني في العقد القادم وتعطي (إسرائيل) مهلة للاستعداد وتطوير قدرات يمكنها أن تشل المشروع النووي في يوم الأمر.

أمام السيناريوهين الإشكاليين اللذين احتماليتهما المتداخلة عالية جدا، واجب علينا الاستعداد. إذا انتهكت إيران الاتفاق بشكل فظ، علينا الوصول إلى تفاهم مع الولايات المتحدة في أن واجب القوى العظمى فرض الاتفاق بالقوة. وعلينا أن ندخل هذه التفاهمات في اتفاق جانبي مع الأمريكيين الذين بقوا ملتزمين ألا تكون لايران قنبلة نووية. إذا نفذت إيران الاتفاق وقصرت في ظله زمن انطلاقها نحو القنبلة، علينا أن نضمن بأننا نستغل الزمن الذي يمر بشكل افضل منها وانه في كل نقطة ستكون لـ(إسرائيل) قدرة على منع الانطلاق نحو القنبلة. 

مهما كان السيناريو، فمن المهم التذكر بأن هذه السنة ليست 1938 بل 2015. ولليهود الآن (دولة خاصة بهم) وجيش قوي جدا. الآن هو الوقت للاستعداد للمخاطر النابعة من الاتفاق، في ظل الاتفاق والتنسيق مع حلفائها وعلى رأسهم الولايات المتحدة.

* الجنرال عاموس يدلين رئيس معهد بحوث الأمن القومي الإسرائيلي - جامعة تل أبيب 

  كلمات مفتاحية

الاتفاق النووي إيران نتنياهو إسرائيل الاتفاق النووي الإيراني القنبلة النووية

أسواق النفط والاتفاق النووي الإيراني

«كاميرون»: أبعدنا إيران عن تصنيع أسلحة نووية ونعلم أنها تمول جماعات إرهابية

ما الذي يقتلنا الآن ... البراميل الإيرانية أم قنبلتها النووية؟

(إسرائيل) لن تضرب إيران بمفردها مهما بلغت كراهيتها للاتفاق النووي

«أوباما» يعرض على «نتنياهو» تحسين قدرات جيش (إسرائيل) عقب الاتفاق النووي