تساءل الكاتب الصحفي البريطاني الشهير، روبرت فيسك»، في مقال له، عن سر حرص كثير من السوريين على اللجوء إلى القارة الأوروبية، بدلا من التوجه إلى دول الخليج الغنية، رغم أن كثيرين منهم ينظرون إلينا كـ«كفار»؟
وفي مقال على صحيفة «إندبندنت» البريطانية عنونه بسؤال: «ديفيد كاميرون نكس العلم في رحيل الملك السعودي عبد الله.. فهل يفعل الأمر ذاته من أجل الصغير أيلان؟»، انتقد «فيسك» سياسة رئيس الوزراء البريطاني تجاه اللاجئين السوريين، وخاصة تصريحاته بأن بلاده لا تستطيع تحمل المزيد من هؤلاء اللاجئين.
وقال في مقدمه مقاله: «يبرز من خلال الهوة المتزايدة على نحو غير مسبوق بين شعوب القارة الأوروبية وقادتها غير الأخلاقيين تحديا أكثر خطورة بالنسبة لمستقبل هذه القارة».
واستغرب «فيسك» حرص المعوزين في الشرق الأوسط على اللجوء إلى أوروبا رغم الصورة السلبية السادة عن القارة العجوز، والغرب عموما، في منطقة الشرق الأوسط.
وقال: «بالنسبة لهم، نحن الأوروبيين من نفجر ونفسد ونغزو المسلمين في الشرق الأوسط، نحن من ندعم الديكتاتوريات الفاسدة في الشرق الأوسط (ويستثني من ذلك بالطبع الديكتاتوريات التي لا تنفذ رغباتنا)، نحن من نمتص ثرواتهم؛ حيث النفط والغاز الطبيعي».
وتساءل مجددا: «لماذا يأتون إلينا، نحن الكفار، طلبا للمساعدة، بدلا من الذهاب إلى دول الخليج الثرية مثل السعودية؟».
وقال إن «من بين ملايين اللاجئين السوريين فضل مئات الآلاف عدم التوجه إلى لبنان وتركيا والأردن، بل الابتعاد أكثر في قوارب لمناطق أخرى غير الأرض التي عاش فيها نبي الإسلام ونزل عليه فيها القرآن».
وأضاف: «المعوزون في الشرق الأوسط لا يتوجهون إلى السعودية، ولا الممالك الغنية في الخليج، لطلب المساعدة من الحكام الذين بنوا المساجد الضخمة، والذين يعتبرون حفظة للأماكن المقدسة».
وتابع: «اللاجئون لا يقتحمون شواطئ مدينة جدة على البحر الأحمر، مطالبين باللجوء والحرية في البلد الذي دعم طالبان وخرج منها أسامة بن لادن».
وقال إنه لا يعتقد أن دافع اللاجئين من القدوم إلى أوروبا هو معرفتهم الكافية بقارتنا وتاريخها.
قبل أن يجيب على كل تساؤلاته، قائلا «إنهم (أي: هؤلاء اللاجئون) يعرفون أن على الرغم من ماديتنا وضعف تديننا، فإنه لا تزال فكرة الإنسانية حية في أوروبا».
وأضاف: «هم يعرفون إننا، الألمان والفرنسيين والايطاليين والسويديين واليونانيين والمجريين والبريطانيين، شعوب طيبة ورقيقة القلب».
واليوم الجمعة، استمر اهتمام الصحف البريطانية بمعاناة المهاجرين في سعيهم للفرار من الأزمات الدامية في منطقة الشرق الأوسط، ولاسيما سوريا.
وقالت صحيفة «التايمز» إن حالة الغضب إزاء مشهد الطفل السوري الغارق «أيلان» على شواطئ تركيا أجبرت «كاميرون» على أن يفتح الباب أمام آلاف جديدة من اللاجئين السوريين.
وكان الطفل بين مجموعة من 12 مهاجراً سورياً غرقوا، ليل الثلاثاء الأربعاء، بعد انقلاب المركب الذي كان يقلهم نحو جزيرة «كوس» اليونانية، ومن بين القتلى والدته وشقيق له يدعى «غالب».
وخصصت «غارديان» أحد مقاليها الافتتاحيين لأزمة اللاجئين السوريين، قائلة إن بريطانيا لا يمكنها فتح حدودها لكل من يهرب من حرب في أي مكان بالعالم؛ لكن ذلك «لا يعد مبررا لإصرار الحكومة المخجل على إغلاق حدودنا أمام أكبر عدد ممكن من اللاجئين».
وقالت: «التزاماتنا الدولية وضميرنا الجمعي يحتم علينا توفير ملاذ عندما تتجلى كارثة إنسانية أمام أعيننا».
صحيفة «إندبندنت» أفردت من جانبها سبعا من صفحاتها الأول لتقارير ومقالات رأي حول المأساة.
وملأت الصحيفة صفحتها الأولى بصور بريطانيين متضامنين مع الساعين للجوء إلى أوروبا في إطار التماس دعمته للضغط على «كاميرون» لقبول المزيد من المهاجرين.