الأمريكيون يتساءلون عن «الانتفاضة المفقودة»

الخميس 10 سبتمبر 2015 06:09 ص

تتواتر التحليلات والتقييمات الصادرة عن مراكز أبحاث أمريكية قريبة من مراكز صنع القرار الأمريكي، حول اندلاع انتفاضة فلسطينية، وكان آخر تلك التحليلات ما جاء الأسبوع الماضي، في موقع دورية «فورين أفيرز» الصادرة عن «مجلس العلاقات الخارجية» بنيويورك، بعنوان: «الانتفاضة المفقودة.. الهدوء الغالب في الضفة الغربية».

وهذا التحليل ناقد للإسرائيليين؛ لأنهم إمّا يحاولون استفزاز الفلسطينيين لانتفاضة، أو أنّهم لا يستغلون توفر شريك حقيقي للسلام هو «محمود عباس»، لكن المفقود في التحليلات هو كيف يمكن الخروج حقاً من الوضع الحالي الذي يدفع الفلسطينيون منفردين ثمنه؟.

قبل تحليل «فورين أفيرز» هذا، نشر مجلس العلاقات الخارجية ذاته، قبل شهرين، في يوليو/تموز الماضي، «ورقة سياسات» جاء فيها أنّ خطر العنف في الضفة الغربية يزداد، وأنّ المصالح الأمريكية ستتضرر إذا حدث ذلك، لأسباب منها التقليص الإضافي لفرص حل الدولتين، وتعقيد وضع واشنطن في المنطقة، وضرورة تقديم المزيد من المساعدات الإغاثية وإعادة الإعمار، وقد يفرض الأوربيون عقوبات على (إسرائيل) ما يعقّد العلاقة الأمريكية - الأوروبية، وسيعزز الأمر موقع «دول إقليمية غير متعاونة، وتحديداً قطر وتركيا، كما ستزيد انتفاضة جديدة تعقيد العلاقة الأمريكية الإسرائيلية المضطربة أصلا».

وتدعو الورقة الإدارة الأمريكية إلى تبني خطة مدتها 18 شهراً لتقليص التوتر، قوامها تنشيط عملية تفاوض بغض النظر عن أنها ستؤدي إلى سلام أم لا.

أي أنّ الورقة التي تقدم سياسة مقترحة، تنصح بعملية دبلوماسية ما، حتى لو كانت فقط للتخدير ومنع الانفجار، فضلا عن طرح اقتراحات لو فشلت جهود الاحتواء، وانفجرت الانتفاضة، منها تدخل حلف «شمال الأطلسي» (الناتو) عسكرياً لفرض حماية ومراقبة للسلام.

 ومن المهام التي تقترحها الورقة، سواء لحلف «الناتو» أو للأمم المتحدة، إعادة بناء السلطة الفلسطينية أمنياً وسياسياً إذا تدمرت بفعل الانتفاضة.

بعد تحليل «مجلس العلاقات الخارجية»، وقبل تحليل «فورين أفيرز»، نشرت دورية «فورين بوليسي» تحليلا بعنوان: «هل نحن قاب قوسين من انتفاضة أخرى» مطلع أغسطس/آب الماضي، ومال التحليل إلى أنّ الإسرائيليين والفلسطينيين قادرون على منع «اندلاع العنف».

ورغم تقديم ثلاثة كُتّاب مختلفين القراءات الثلاث السالفة، والتي ربما يوجد غيرها (ولم اهتد إليها أو أنّها ليست للنشر)، إلا أنّه إذا افترضنا جدلا أنّها تعبر عن عقل مراكز تفكير أمريكية، فإنه يمكن إعادة تلخيص القراءات كما يلي: كان الخوف في يوليو (تموز) الماضي من انتفاضة، وفي الشهر التالي صار هناك اقتراب من استبعاد ذلك، ثم الآن صار هناك شبه اطمئنان لاستبعاد ذلك.

وبرأي آخر، وفقا لتحليل «فورين أفيرز»، فإنّ المستوطنين اليهود، ومن يسميهم التحليل «إرهابيون يهود»، يحاولون دفع الفلسطينيين لانتفاضة، بهدف إحداث فوضى عامة في الضفة الغربية.

 ويستشهد بدليل عمل تداوله المستوطنون العام 2012، وفيه أنّ «خلخلة النظام» عبر استهداف الفلسطينيين، سيؤدي إلى توجيه موارد الجيش ضد هؤلاء.

وأنّه من دون السماح للمستوطنين «بالحفاظ على بيوتهم»، فإنّهم سيقوضون الهدوء في الضفة الغربية بأنفسهم.

وبحسب التحليل، نشر الإسرائيليون أربع كتائب تعزيز في الضفة الغربية بعد هجوم المستوطنين وحرق عائلة دوابشة في دوما مؤخراً.

وبحسب التحليل أيضاً، فإنّ السبب الأساسي في عدم وجود انتفاضة، هو الأجهزة الأمنية الفلسطينية، ولأنّ موقف السلطة الفلسطينية هو «الحفاظ على الهدوء النسبي، لأنّ هذا يعني جزئياً الحفاظ على الذات، وتعاونا مع إسرائيل، ولكن أيضاً كموقف مبدئي (من الرئيس الفلسطيني محمود عباس) ضد استخدام العنف».

ويشير التحليل إلى الحملات الأمنية ضد حركة «حماس»، ولأن شبكة حركة »فتح»، التي تصل كل جوانب الحياة الفلسطينية المؤسسية، من مكاتب حكومية، ومدارس، ومساجد، لم تتم تعبئتها لتنزل للشارع.

ويلوم التحليل السياسيين الإسرائيليين لعدم استثمار وإهمال وجود شريك سلام حقيقي، هو الرئيس «عبّاس»، والقيام بدلا من ذلك بالتواصل مع حركة «حماس» والتفاوض معها في غزة لعزل «عبّاس»، وما لا تقدمه أي تحليلات، هو: هل يجب فعل شيء إذا لم تحدث انتفاضة، هل يجب فرض تسوية؟.

روح التحليلات الثلاثة، هي أنّه ما دام لا يوجد انتفاضة فلا بأس، مع بعض اللوم للإسرائيليين، وهو ما يعني فسحة إضافية للإسرائيليين لاستمرار الوضع الراهن الذي يضر عمليا بالفلسطينيين كثيرا.

  كلمات مفتاحية

الأميركيون مراكز أبحاث أمريكية اندلاع انتفاضة فلسطينية دورية الضفة الغربية محمود عباس الفلسطينيون المصالح الأمريكية حل الدولتين المساعدات الإغاثية إعادة الإعمار الأوربيون عقوبات على إسرائيل

إسرائيل واللعبة المزدوجة في سياسة التفريق بين قطاع غزة والضفة الغربية

(إسرائيل) تنفرد بالضفة الغربية

«نتنياهو» يعول على الإمارات ودول عربية لإجهاض «انتفاضة» محتملة بالقدس

«معهد الأمن القومي الإسرائيلي»: «نتنياهو» و«عباس» يتحالفان لمنع «انتفاضة ثالثة» في فلسطين

الضفة الغربية تشتعل غضبا بسبب الدمار في غزة

سؤال الانتفاضة الثالثة

لماذا لن تكون انتفاضة فلسطينية جديدة؟