حصار قطر.. هل تؤثر التغييرات في الكويت على مسار الأزمة الخليجية؟

الاثنين 5 أكتوبر 2020 04:50 م

كان الشيخ "صباح الأحمد الجابر الصباح" أحد رجال الدولة البارزين في مجلس التعاون الخليجي وفي جميع أنحاء الشرق الأوسط، كما كان أحد القادة القلائل في العالم العربي الذين تُقابل وفاتهم ببيانات تعزية وإعجاب، من الشركاء الدوليين وكذلك من أعضاء المعارضة الداخلية.

لهذا أثارت وفاته مخاوف من أن السياسة الخارجية الكويتية قد تنحرف عن الدور الذي منحه لها الشيخ "صباح" خلال فترة توليه منصب وزير الخارجية من 1963 إلى 2003، وفيما بعد كأمير بين عامي 2006 و2020، بل إن وفاته دفعت الكثيرين للتساؤل عن مستقبل مجلس التعاون الخليجي الممزق بالفعل.

وبصفته نصيرا للتعددية في المنطقة، كان لأمير الكويت الراحل دورا حاسما في تأسيس مجلس التعاون الخليجي في عام 1981، وفي الواقع، كان أول رئيس لمجلس التعاون الخليجي دبلوماسي كويتي، وهو "عبدالله بشارة".

ومن الجدير بالذكر أن "بشارة" استمر بعد توليه منصب أمين عام مجلس التعاون الخليجي وحتى بعد تقاعده، في تقديم المشورة للشيخ "الصباح" عندما كان رئيسًا للوزراء.

وفي الوقت الذي تضررت فيه التعددية في الخليج بشدة مع قيام نصف الدول الأعضاء (البحرين والسعودية والإمارات) بحصار قطر، فقد لعب الشيخ "صباح" دورًا رائدًا في جهود الوساطة بين الطرفين.

وكانت الكويت قد نجحت في التوصل إلى اتفاق خلف الأبواب المغلقة بين قطر ودول الحصار لرأب الصدع عام 2014.

ولكن، بعد رحيل الشيخ "صباح" عن السلطة، ماذا سيحدث لدور الوساطة الكويتية في الخليج؟

مستقبل السياسة الخارجية الكويتية

ظهرت مخاوف مماثلة بشأن تحول السياسة الخارجية بعد وفاة السلطان "قابوس" في عُمان، حيث خشى الكثيرون في الخليج أن تؤدي وفاة السلطان أيضًا إلى إنهاء السياسة الخارجية المحايدة لعمان، لا سيما تجاه الأزمة الخليجية.

لكن ما حدث بدلاً من ذلك هو أن السلطان "هيثم بن طارق" ركز على ما يبدو على أجندته الداخلية، فيما ظلت السياسة الخارجية كما كانت إلى حد كبير حتى الآن.

وبالرغم أن وفاة الشيخ "صباح" تشكل بالتأكيد ضربة كبيرة للخليج والتعددية في المنطقة بشكل عام، لكنها لن تكون مؤشرا على نهاية السياسة الخارجية الكويتية لعدد من الأسباب:

أولًا: تحظى السياسة الخارجية الكويتية بالتبجيل والفعالية على المستوى الإقليمي، فقد حافظت الكويت بشكل مثير للإعجاب على علاقاتها مع دول مختلفة ولديها العديد من الشركاء بفضل نشاطها الدبلوماسي والإنساني.

وبفضل قدرتها على التحدث مع الجميع، تظل الكويت لاعبًا إقليميًا رئيسيًا، ولا يُنظر إلى القيادة الكويتية على أنها تتصرف بتهور مثل السعودية في عهد "محمد بن سلمان" مثلًا.

واكتسبت سمعة الكويت في مجال الوساطة اعترافًا إقليميًا، حيث توفر الكويت مكانًا محايدًا لانخراط المنظمات الدولية مثل الناتو والاتحاد الأوروبي، الذين لهم بعثات دبلوماسية هناك.

وعلاوة على ذلك، فإن موقف الكويت الحازم ضد التطبيع مع إسرائيل، يحظى أيضًا بشعبية إقليمية، حيث يُنظر إليه على أنه يمثل التزامًا أوسع بالتضامن العربي.

ثانيًا: للبرلمان الكويتي تاريخ في محاولة التأثير على السياسة الخارجية، ما يعني أن الرأي العام في قضايا السياسة الخارجية له أهمية في الكويت بطريقة غير موجودة في دول الخليج الأخرى.

على سبيل المثال، عندما كان الشيخ "ناصر محمد" رئيسًا للوزراء، قدم 3 نواب إسلاميين طلبًا لاستجوابه فيما يخص السماح لرجل دين شيعي بدخول البلاد، حيث أثيرت شكوك حول علاقة رئيس الوزراء مع إيران.

ومؤخرا، أصدرت مجموعة من 37 نائبا بيانا أكدوا فيه "دعمهم الصلب والثابت للشعب الفلسطيني" ودعت الحكومة إلى الصمود في وجه التطبيع مع إسرائيل.

وكما أشار أستاذ العلوم السياسية "شون يوم"؛ فيمكن للمخاوف الأيديولوجية أن تقيد السياسة الخارجية الكويتية في بعض الحالات، حيث إن السماح بالحريات السياسية المحلية من خلال البرلمان قد فتح بالفعل الباب للمخاوف الأيديولوجية لتصبح جزءًا من اعتبارات السياسة الخارجية. وبهذه الطريقة، تختلف الكويت تمامًا عن جيرانها.

ثالثًا: نجحت الكويت في الاستقلال عن جيرانها باتباع سياسة خارجية محايدة ومعتدلة، وتم بناء هذه السياسة على مدى عقود، وسيكون من شبه المستحيل - ناهيك عن عدم الحكمة من الناحية الاستراتيجية - تفكيك ذلك.

وفي الوقت الذي تغيرت فيه اتجاهات السياسة الخارجية في الدول المجاورة بسرعة، خاصة مع وصول الأجيال الجديدة إلى السلطة، فإن المؤسسات مهمة في الكويت، وبالتالي فإن تغيير اتجاه السياسة الخارجية سيكون صعبًا.

التأثير على مجلس التعاون

أما بالنسبة لما تعنيه الخلافة لمجلس التعاون الخليجي كمؤسسة، فقد فقدت بالتأكيد داعمًا قويًا متمثلًا في الشيخ "صباح"، ومع ذلك، فمن المرجح أن تستمر الكويت في ظل حكم الشيخ "نواف" في لعب دور التوازن والتوسط الذي كانت تقوم به في عهد الشيخ "صباح"، أو على الأقل بقدر ما يسمح مجلس التعاون الخليجي كمؤسسة بهذا الدور.

فمع دخول أزمة مجلس التعاون الخليجي عامها الرابع، أصبحت المؤسسة أضعف بلا شك، وليس من الواضح اليوم ما هي استراتيجيات الوساطة الجديدة التي قد تنجح، خاصة بعد سنوات من قلة التواصل بين الأطراف المتنازعة.

ونتيجة لذلك، فمن غير المحتمل أن يكون للخلافة تأثير كبير على أزمة مجلس التعاون الخليجي، وذلك لأن وفاة الشيخ "صباح" لن يكون لها تأثير كبير على السياسة الخارجية الكويتية بشكل عام.

ولا تزال الكويت وقطر حليفتين، وقد وصل أمير قطر الشيخ "تميم بن حمد آل ثاني" إلى الكويت من أجل جنازة الشيخ "صباح".

ومن غير المرجح أن ينهار هذا التحالف مع التغيير في القيادة الكويتية، بل قد يحفز جهودًا إضافية للتوسط لإنهاء الخلاف.

المصدر | كورتني فرير | مركز دراسات الخليج - ترجمة وتحرير الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

وفاة أمير الكويت مجلس التعاون الخليجي الأزمة الخليجية حصار قطر

نواف الأحمد يؤدي اليمين الدستورية أميرا للكويت

رسالة من أمير قطر إلى نظيره الكويتي لتوطيد العلاقات

رغم حصارها.. قطر تشارك في اجتماع لغرف التجارة بالتعاون الخليجي

حصري.. إعلان مرتقب للمصالحة الخليجية خلال أيام